طالب فرنسي يهاجم معلمته والدوافع مجهولة    حمدي فتحي: كولر لم يوافق على رحيلي.. وظُلمنا في نهائي دوري الأبطال 2022    أبرزها تطوير منظومة الدعم، أهم تصريحات رئيس الوزراء من الإسكندرية أمس (إنفوجراف)    خبير مجوهرات يكشف عن توقعاته لأسعار الذهب الفترة المقبلة    متحدث الحكومة: رئيس الوزراء يحرص خلال زيارته على مناقشة طلبات توسع المشروعات    وزير التجارة والصناعة: الدولة تستمع لمشاكل وطلبات القطاع الخاص بصفة مستمرة    الحكومة: الدولة تسعى لرفع الدعم تدريجيا عن بعض السلع لاستمرار توفيرها للمواطن    الكنيسة السريانية الأرثوذكسية تستعد لإقامة احتفالية بمناسبة عيد دخول السيد المسيح أرض الكنانة    بطلب من الجزائر.. مصادر: اجتماع طارئ لمجلس الأمن لبحث الأوضاع في رفح اليوم    وزراء خارجية الاتحاد الأوروبى يناقشون العقوبات ضد إسرائيل    إدارة المقطم التعليمية تستقبل وفدا من مؤسسة "حياة كريمة"    لاعب الزمالك صاحب تهنئة إمام عاشور: "اللى حصل طبيعى.. وجوميز طلب تصعيدى"    جمهور الزمالك يحتفل بأغنية "ساعات ساعات" بعد الفوز على الاتحاد السكندري (فيديو)    مصطفى شوبير يتحدث عن: المباراة الأصعب.. وكواليس التعاقد مع بديل الشناوي    عدد أيام إجازة عيد الأضحى المبارك 2024    حريق يلتهم مخزن أجهزة كهربائية في ميت غمر بالدقهلية    طقس الثلاثاء.. انخفاض بالحرارة ونشاط رياح وفرص أمطار خفيفة    رجع لحضن أسرته جثة، العثور على غريق ترعة الإسماعيلية بالشرقية (صور)    العثور على الغريق السادس آخر ضحايا حادث الغرق بجمصة في الدقهلية    اتصالات النواب تكشف مفاجأة بشأن رابط شوف صورتك بعد سنوات    4 أعراض للإصابة بمرض الربو، تعرف عليها    فوائد مذهلة لتجميد الخبز قبل أكله    الحق في الدواء: 90% من المواد الخام تستورد من الخارج ونعاني من نقص الأدوية    ياسمين رئيس أنيقة بالأسود وفنانة تحتفل بعيد ميلاد ابنة شقيقتها.. 10 لقطات لنجوم الفن خلال 24 ساعة    فوز الطالب أحمد حنفي بلقب بطل تحدي القراءة العربي في دورته الثامنة    الأمانة الفنية للحوار الوطني: إجماع على أن الأمن القومي المصري خط أحمر    لجنة تسويق السياحة الثقافية بالأقصر تستضيف نجوم فيلم «رفعت عينى للسما»    اليوم.. الإعلان رسميًا عن الفائزين بجوائز الدولة لعام 2024    عبد الرحمن الأبنودي أول شاعر عامية يحصل على جائزة الدولة التقديرية    هجمات صاروخية وصفارات الإنذار تدوي في إيلات على البحر الأحمر "فيديو"    "قلوبنا موجوعة".. هيفاء وهبي تعلق على مجزرة رفح الفلسطينية    رئيس اتحاد الجمعيات الأهلية يكشف لمصراوي أبرز تحديات العمل الأهلي في مصر    هل وصل متحور كورونا الجديد إلى مصر؟.. رئيس اللجنة العلمية يوضح    «صحة القليوبية»: رفع درجة الاستعداد لاستقبال عيد الأضحى المبارك    الألومنيوم يعلن انسحابه من كأس مصر حال تأجيل مباراة الأهلي    اليابان تدعو لتوخى الحذر بعد أنباء عن إطلاق كوريا الشمالية صاروخ    وزير المالية: تنمية الموارد وترشيد الإنفاق عنصران أساسيان لتكون الموارد بقدر المصروفات    رئيس جامعة المنيا يشهد ختام فعاليات المُلتقى السنوي الخامس للمراكز الجامعية للتطوير المهني    أحمد ناجي قمحة: الصدامات بالداخل الإسرائيلي سبب تصاعد العمليات العسكرية بغزة    حظك اليوم برج الحوت الثلاثاء 28-5-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    سنتكوم: قواتنا دمرت مسيرة حوثية فوق البحر الأحمر    تعرف على موعد عيد الأضحى في الدول الإسلامية    الأمن العام يشارك ضمن معرض وزارة الداخلية المتنقل ‫    عاجل.. حمدي فتحي يحسم موقفه من العودة إلى الأهلي    إبراهيم حسن: منتخب مصر للجميع..وهدفنا التأهل لكأس العالم    المندوه: الزمالك حصل على جزء من مكافأة الفوز بالكونفدرالية.. ونحاول حل أزمة القيد    أخبار 24 ساعة.. وزير الأوقاف: إجمالى المساجد المجددة منذ تولى الرئيس السيسي 12 ألفا    مصادر: ستيلانتس تعتزم إنتاج سيارتين جديدتين في إيطاليا    وزير التعليم يشهد فعاليات الحفل الختامي للدورة الثامنة بمسابقة "تحدي القراءة العربي".. ويكرم الفائزين    تعرف على فضل وحكم صيام العشر الأوائل من ذي الحجة    فرص للطلاب الفلسطينيين في الجامعات المصرية    الإفتاء: الفقهاء وافقوا على تأخير الدورة الشهرية للصيام والحج    المؤتمر: مجلس أمناء الحوار الوطني يحرص على التفاعل السريع مع القضايا الوطنية    هل يجوز تعجيل الولادة من أجل السفر لأداء الحج؟.. أمينة الفتوى بدار الإفتاء تجيب    أحكام العمرة وفضلها وشروطها.. 5 معلومات مهمة يوضحها علي جمعة    جامعة الزقازيق تحقق مراكز متقدمة في مسابقة «إبداع 12»    «الشيوخ» يناقش سياسة الحكومة بشأن حفظ مال الوقف وتنميته    قرارات جديدة بكلية الحقوق جامعة عين شمس 2024    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبدالحكيم الأسوانى.. ابن أسوان «البار» الذى أصبح رائدًا فى الصحافة المصرية (ملف خاص)
نشر في المصري اليوم يوم 01 - 02 - 2022

داخل ميكروباص يعجّ بالراكبين، متجهًا من قرية الطوناب بأسوان إلى مركز إدفو، نعم المركز، حيثُ الزحام والضجيج بعيدًا عن القرية الهادئة. كان يجلس «عبدالحكيم» فى زاوية بعيدة، شابٌ نحيل وأسمر، يُشبه جذع النخل، ثابت وأصيل يعرف ماذا يريد، فهو الذى حصل لتوه على أكبر مجموع فى الثانوية العامة، إذ أصبح الأول على الجمهورية. وخلال رحلة الميكروباص، إذا ب«عبدالحكيم» يسمع الراكبين يتحدثون عن معجزة حدثت داخل القرية، إذ حصل أحد أبنائها على أكبر مجموع فى الثانوية، قال أحدهم: «معقول ده من البلد؟»، ليُجيبه آخر «نعم»، ليتدخل هو بابتسامة هادئة: «أيوه أنا عبدالحكيم الأسوانى.. أول الثانوية العامة من قرية طوناب».
كان يؤمن «عبدالحكيم» بأن «بكرة جايب نهار يستاهل مشوار»، درس فى مدرسة إدفو الثانوية العسكرية، وعندما حصل على «أكبر مجموع»، قرر أن يحمل أحلامه ويذهب إلى القاهرة، ليحقق حلمه بدخول كلية الإعلام، وبالفعل التحق بإعلام القاهرة، ليصبح أبرز أفراد دفعة 1986، دفعة الإعلام الذهبيّة فى مصر.
فى بداية حياته، عمل «الأسوانى» فى جريدة الأهرام، ثم محطات كثيرة من ضمنها العمل فى جريدة «الراى»، إلى أن انتقل للعمل فى مؤسسة «المصرى اليوم» وساهم فى تأسيسها وأشرف على قسم المحافظات، كما عمل فى بداية حياته فى جريدة الحياة اللندنية، إذ كان مشرفًا على القسم الاقتصادى.
أسس «الأسوانى» قسم المحافظات فى «المصرى اليوم»، وتولى مهام رئاسته لفترة كبيرة، قبل أن يتركه ويتفرغ لمهام منصب مدير التحرير بالجريدة، وراهن الزميل الراحل على قارئ مختلف ومستنير، وتميزت «المصرى اليوم» بوجوده بين صفوف متابعيها، وهم كثر، فكتب، فى يونيو من عام 2014، وبمناسبة مرور 10 سنوات على انطلاق الجريدة، تحت عنوان: «أستاذى القارئ.. شكرًا»، قائلًا: «قررنا تغطية شؤون المحافظات التى توليت مهمة الإشراف عليها فى كل صفحات الجريدة من الأولى حتى الأخيرة، وكان المعيار الرئيسى الذى يحكمنا هو القيمة الخبرية وأهمية الحدث دون تفرقة، وتعميقًا لمبدأ المواطنة».
كما شارك برفقة آخرين فى تأسيس جمعية الصحفيين الاقتصاديين فى نقابة الصحفيين، كما انتخب عضو مجلس إدارة صندوق الخدمات بنقابة الصحفيين، وعضوًا لمجلس إدارة نادى الصحفيين، وشارك أيضًا فى لجان تحكيم جوائز نقابة الصحفيين وجائزة دبى للصحافة العربية.
كأن «رياح يناير» تأبى أن ترحل إلا بوداع واحد من أبرز الكُتاب الصحفيين فى بلاط صاحبة الجلالة، عبدالحكيم الأسوانى، مدير تحرير «المصرى اليوم».
توفى «الأسوانى» بعد معاناة مع المرض، ليودعه الأهل والأصدقاء والزملاء من مسجد صلاح الدين بمنطقة المنيل بالجيزة.
من جانبه، نعى المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام الكاتب الصحفى عبدالحكيم الأسوانى، وتقدم المجلس بخالص العزاء إلى أسرة الفقيد، والأسرة الصحفية، والزملاء بجريدة «المصرى اليوم»، داعيًا الله أن يتغمده بواسع رحمته ويلهم أهله الصبر والسلوان.
جاءت فاجعة رحيل «الأسوانى» بعد أيام من وفاة ابن دفعته، زميله، الكاتب الصحفى ياسر رزق.
«الأسوانى»، المولود عام 1964، فى قرية الطوناب بإدفو، التابعة لأسوان، هو اسمٌ على مسمى، أحد خريجى كلية الإعلام بجامعة القاهرة عام 1986، والتى ضمت مجموعة من أبرز الإعلاميين، مثل الراحل ياسر رزق، ومجدى الجلاد وحمدى رزق ويسرى فودة ومحمد على خير ومجدى شندى وجميلة إسماعيل وعادل السنهورى، وغيرهم ممن يتصدرون المشهد على شاشات التليفزيون وصفحات الجرائد والمجلات وميكروفونات الإذاعة.
عن تميز دفعة «إعلام 86»، قال «الأسوانى»، فى حديث سابق: «عن التقارب بين أبناء الدفعة وأسبابه، كنا فى الثمانينيات، وكان التيار الدينى المتشدد ينتشر فى الجامعة، وكان لدينا الدكتورة عواطف عبدالرحمن، التى كانت تصر على تكوين مجموعات بحثية مختلطة من الأولاد والبنات لمواجهة التيار الدينى المتشدد.. كانت سيدة ليبرالية تتنفس حرية، وكنا نعتز بها كثيرًا، وقد تسببت الأجواء التى خلقتها فى تعزيز جو الألفة فيما بيننا».
يسرا عصمت: «بنتى الغالية».. كان ينادينى
«بنتى الغالية».. هكذا كان ينادينى الأب أولًا، ثم الأستاذ.. بعد وفاة أبى بدأ ينادينى ب«بنتى»، ومع مرور الأيام أضاف «الغالية»، وعندما سألته عن سبب مناداتى بالغالية قالى لى: «عشان أنا بعزك جدًا زى بنتى». وكان حريصًا على أن يسألنى كل يوم إن كنت أحتاج شيئًا يستطيع أن يقدمه لى، وكان دائمًا ردى عليه: «كفاية سؤال حضرتك علىَّ يا ريس».
كان الأستاذ حكيم حكيمًا ومقاتلًا وعنيدًا فى عمله حتى آخر يوم.. تصدى لأصعب المعارك دون تردد.. كان قناصًا لأدق الأخطاء فى الجريدة.. كان نعم المعلم والأب والحكيم دائمًا.
ميلاد حنا:
مؤكد أن تلك الكلمات البسيطة لا تفى أو تظهر حقيقة ما كان يفعله الأستاذ عبدالحكيم الأسوانى، رحمه الله، بشكل يومى فى صالة التحرير مع الزملاء فى «المصرى اليوم»، فهو كان بمثابة حارس التحرير الحكيم فى كل الأمور المتعلقة بالصحيفة، فقد اعتاد أن يحافظ على الأسس المهنية التى تأسست عليها المؤسسة، وأذكر أنه كان دائم الجدال مع الزملاء فى التنفيذ بسبب إعادة تخطيط الصفحات أكثر من مرة لإصراره على خروج الصحيفة مواكبة لكل الأحداث بشكل مهنى متميز، ولا أنسى إصراره أيضًا على تنصيص الاقتباس «quotation» من المقالات وقوله دائما «ده استايل الصحيفة اللى تأسست عليه» وأمزح معه دائمًا بعدم الالتزام بالتنصيص إلا فى يوم وجوده مسؤولًا عن العدد.
وعلى الجانب الإنسانى كان قريبًا لعدد كبير من الزملاء، فكان الأخ والأب لكثيرين يرجعون له لأخذ المشورة، وأنا شخصيًا كنت أعتبره كنز معلومات فى بلاط صاحبة الجلالة، وكنت ألجأ إليه دائمًا بحكم عملى مشرف قسم الرأى ب«المصرى اليوم»، وكنا فى بعض الأحيان على جدال مهنى صحى للاستقرار على اتفاق فيما يخص الرأى فى بعض المقالات.
رحمه الله كان حريصًا على التواصل والسؤال عن جميع الزملاء والوقوف بجانبهم فى كل الأمور الشخصية.
يوسف العومى: ثم ذهب إلى ربه وأيقنت أن النعمة لا تدوم
جئت من عالم بعيد، أحمل أحزانى وهمومى وأوجاعى، كانت الدنيا قد أغلقت أبواب رحمتها فى وجهى، فسعيت فى مناكبها أتحسس باب رزق جديد، فألقت فى وجهى ابتسامة لكنها تلاشت بعد سويعات قلائل، وعادت جبال الضيق والحزن والهم تجثم على صدرى من جديد، فتوجهت إلى الله داعيًا ومتسائلًا: لماذا يا ربى لا ترسل لى أحد عبادك الصالحين يأخذ بيدى ويحنو علىَّ؟
فاختاره الله ليكون معينى ومساعدى ومسعف آلامى، نعم لقد أرسلت العناية الإلهية لى عبدًا من عباد الله الصالحين، هو عبدالحكيم الأسوانى، الذى جفف دموعى وأدخل السعادة لقلبى، وكان نور طريقى ومصوب خطئى، وعلى مدى رحلتى إلى يوم رحيله المؤلم، جالت فى خاطرى كثيرًا مواقفه معى، فكنت أقول: هل هذا الرجل مسخر لى من قبل الله أم أن هذه طبيعته؟
وأيًا كانت الإجابة، فحكيم كان شجرة مثمرة أكل من حلوها كثير من زملائى، فأسأل الله أن يجازيه عنى وعن أهلى وعن كل ما قدمه لى من خير فى ميزان حسناته، اللهم بارك له فى ذريته واجعل قبره مد بصره.
محمد عبد الخالق مساهل: حكيم الصحافة
أتذكر أول لقاء بيننا منذ بدايات صدور «المصرى اليوم» صيف 2004، وكنا نتحدث عن خبايا أحد اجتماعات الأزمة فى نقابتنا العزيزة، والتى كان يكتنفها الانقسام فى الرأى والمعتقد ما بين تيارات سياسية متعارضة إلى حد التنافر. أثمر نقاشنا عن نواة لقصة خبرية شيقة متكاملة الأطراف والجوانب، كان نشرها محركًا لمياه راكدة فى قاع العمل النقابى، فى وقت سيطر فيه الملل والسأم على ساحة الحياة العامة حينئذ.
عرفت الأستاذ حكيم وقت توليه رئاسة قسم المحافظات وكانت نغمة تليفونه المميزة متسيدة على المكان، وهو لا يكلّ ولا يملّ من الرد على الزملاء بقسمه تلقيًا للمعلومات أو مستوضحًا ملامح خبر جديد قد يعتريه تفاصيل باهتة، أو متابعة لحدث عاجل، وما بين هذا وذاك نسمع صوته مشيدًا مشجعًا أو لائمًا موجهًا، وكان وسط كل ذلك إنسانًا قبل وفوق كل شىء.
نجح الأستاذ حكيم باقتدار فى تنفيذ السياسة التحريرية منذ البداية، مع حرصه على التجديد والابتكار، وكان الأول الذى تمكن من كسر احتكار العاصمة لمحتوى الأخبار.
لكل إنسان من اسمه نصيب، وكان الأستاذ حكيم اسمًا على مسمى، كان يخفى وراء ملامحه التى تعلوها ابتسامته الصافية الرائقة أوجاعًا لا تطاق، والتى فضّل أن يدفنها فى صدره وحده.. تغمدك الله يا أستاذنا بواسع الرحمة والمغفرة.. وإنا لله وإنا إليه راجعون.
سحر المليجى: رثاء عزيز
تتعثر الكلمات كثيرًا مع رثاء عزيز لدينا، فعندما نفقد أخًا كبيرًا وأستاذًا، نخاف من ألا نعطيه ما يستحقه.
رحل عنا الأستاذ عبدالحكيم الأسوانى، بعد عشرة دامت 15 عامًا، التقيناه فيها يوميًا عدا أيام مرضه أو سفره، أو غيابنا عن مستقرنا «المصرى اليوم».
فى حجرة صغيرة كان يرأس فيها قسم محافظات «المصرى اليوم» فى مبناها القديم، كان أول لقائنا به، جالسًا منكبًا على جهازه يتلقى أخبار مراسلى المحافظات، يعلو صوته مع كل خبر مناديًا بأعلى صوته على كاتبه، فنهمس ضاحكين، وهو ينادى صحفيًا فى أسوان أو صحفية فى الإسكندرية ب«يا بنتى أو ابنى»، بأن صوته سيصل إليهم دون الحاجة إلى التليفون.
مرت الأيام والسنون وخفت الصوت، واحتفظ «الأسوانى» بسمرة أهل بلاده وطيبتهم، قد يعلو صوت الخلافات لكن سرعان ما ينطفئ وكأن الخلافات لم تكن، وها هو يغيب فى لمح البصر، تحمّل فيها الكثير من معاناة الألم، فى كل مرة كان يعود فيها أقوى وأكثر صلابة من سابقتها، إلا أن نوبة مرضه هذه المرة انتصرت على صلابة عوده ليستسلم أمامها.
على «ترابيزة» التحرير لم يكن هناك من يجلس مكانه طوال فترة غيابه لمرضه، ولا نتخيل أن يسكنها أحد، فروحه ستظل موجودة ساكنة فى قلوبنا جميعًا.. ندعو له بالرحمة والمغفرة.
أيمن أبوزيد:
«الصحافة الباقية هى التى تخدم الناس».. هذه المقولة قالها أستاذى عبدالحكيم الأسوانى، مدير تحرير المصرى اليوم، وأول من أسس قسم محافظات يرصد مشاكل وهموم الناس فى كل ربوع مصر، وكان المراسلون يعملون جنبًا إلى جنب محررى الأخبار بقلب جريدة «المصرى اليوم» بالقاهرة. هذه المقولة لأستاذى ومعلمى الأستاذ عبد الحكيم الاسوانى أثرت فى حياتى كلما نويت ترك صاحبة الجلالة أتذكر أننى حملت أمانة الكلمة لخدمة الناس مهما واجهت من صعوبات ومشاكل وفتن.
الأستاذ عبد الحكيم الأسوانى منذ أكثر من 17 سنة منحنى الثقة بأن أخبارى تنشر باسمى قبل أن أقابله بل إنه قال لى: «نحن نراهن عليك بجنوب سيناء» علمنى أن أنتقد المسؤول من أجل المواطن، علمنى معنى الانفراد. كان يكفى أن أنتمى لأول جريدة يومية مستقله انحازت للمواطن وخلقت مدرسة جديدة للصحافة المصرية تضم أقوى مراسلين على مستوى مصر.
محسن عبدالرازق: وداعًا.. «حكيم المكان»
التقيته أول مرة فى القاهرة بصحبة شقيقى الأكبر أحمد عبد الرازق، صديقه الصدوق وزميل دفعته فى كلية الإعلام. كنت مستجدًا وقتها على العيش فى عاصمة المعز عقب تخرجى وقدومى من الصعيد قبل عشرين عامًا للعمل فى الصحافة. كان يبحث معنا وقتها فى منطقة بين السرايات بالجيزة عن سكن ملائم لى لأقيم فيه، خاصة أنى كنت لا أرغب وقتها فى الإقامة وحيدًا فى إحدى شقق أشقائى الكبار بالقاهرة، ومرت سنوات قليلة ووجدتنى أعمل معه فى نفس المكان- المصرى اليوم- عندما طلبوا منى وقتها أن أكون ضمن فريق عمل الاقتصاد، وكان هو أحد أعمدته منذ تأسيسه منتصف 2004، حتى فارقنا إلى دار البقاء منذ يومين.
طيلة 18 عامًا عملت خلالها فى «المصرى اليوم» منذ إطلاقها، مع عبدالحكيم الأسوانى، كان بالنسبة لى إنسانًا نبيلًا، زميلًا عزيزًا، أستاذًا ومعلمًا، وصديقًا وفيًّا رغم فارق السن، أحكى معه بأريحية، ذكريات كثيرة جمعتنا فى تفاصيل شتى دقيقة، كان نعم الرجل والداعم والناصح الأمين، بل أستطيع القول إنه كان له من اسمه نصيب، حيث كان يتمتع بالحكمة والهدوء فى إدارته جميع الأزمات بل اليوميات أيضًا.
كل مرة كان يغيب عنا لإجراء فحوصات أو تحاليل طبية ويعود، إلا أن هذه المرة غادرنا دون وداع، لم أتمكن من زيارته هذه المرة لظروف مرضى مرة وسفرى لخارج القاهرة سواء فى مأموريات عمل أو لزيارة الأهل فى الصعيد، لكن تهاتفنا عدة مرات، قبل أن تنقطع اتصالاتنا التليفونية لتطور حالته الصحية وانتقاله إلى مستشفى آخر. أعلم أن الغياب سيطول إلى الأبد هذه المرة ولن أراك ثانية فى العمل أو أى مناسبات أخرى.
تتلعثم الكلمات فى فمى، ويجف ريقى، ولا أجد ما أعبر به عن فاجعتى برحيلك الموجع يا صديقى «حكيم المكان»
نعزى أنفسنا وزوجتك وأولادك.. إلى الملتقى
شريف الدواخلى: وداعًا عمدة صحفيى الجنوب
فقدت الصحافة المصرية والعربية واحدًا من أبناء الجنوب البارين.. الكاتب الصحفى عبدالحكيم الأسوانى، الذى توفى عن عمر 57 عامًا، إثر تعرضه لوعكة صحية استمرت عدة أشهر.. شارك الفقيد فى تجربة تأسيس جريدة «المصرى اليوم» حتى أصبح مديرًا للتحرير..
وهو اسم على مسمى، ابن محافظة أسوان، وأحد أبناء دفعة التميز «إعلام 86» التى ضمّت أبرز الإعلاميين المصريين مثل الراحل ياسر رزق، ورموز معروفة لدى الكثيرين مثل عمرو أديب ومجدى الجلاد.
تولى الفقيد مسؤولية قسم المحافظات، وكان له دور كبير فى تصدر أخبار الأقاليم واجهة الصحف، كما أشرف على ملحق «الإسكندرية» الذى أصدرته الجريدة، ناهيك عن دوره النقابى الكبير، ودعمه قضايا المهنة على مدار تاريخه.
عمر الشيخ: مواقف غيرت حياتى
وجدت اتصالا من الأستاذ عبدالحكيم الأسوانى يقول لى «مبروك إنت هتخش اللجنة التى قررتها المصرى اليوم للاختيار لتعيينك فى المؤسسة»، فارتديت بذلة جديدة وذهبت إلى مقر الجريدة ونادوا على الأسماء ودخلت بمفردى أمام اللجنة التى كان فيها الأستاذ عبدالحكيم، والأستاذ مجدى الجلاد رئيس التحرير فى ذلك الوقت والأستاذ محمد سمير، وفوجئت بالأستاذ عبدالحكيم يقول للجنة «إحنا مش هنسال عمر لأنه اتاخر معانا فى التعيين»، بس هسأله سؤال لون البدلة اللى لبسها إيه وضحك الجميع وباركوا لى على التعيين.
فوجئت باتصال من الأستاذ عبدالحكيم الأسوانى يقول لى يا عمر انت باعت خبر إن المرشحين للمحليات عليهم قضايا مخدرات وسرقة بالإكراه.. وكان ذلك فى عام 2006، الخبر ده نازل صفحة أولى فى «المصرى اليوم»، هل معك تسجيل لما قاله المحافظ؟، رديت قلت آه، وفوجئت باتصال آخر من الأستاذ عبدالحكيم يقول لى رئيس التحرير هيكلمك. وتحدث معى رئيس التحرير قائلا الخبر ده على مسؤوليتك إنت والأستاذ عبدالحكيم رئيس القسم، فرديت قلت له ماشى يا ريس، وفى اليوم الثانى قرر الأستاذ عبدالحكيم مكافأتى لأن الخبر نزل ولم يحدث تكذيب له.
وفى واقعة أخرى اتصل بى الأستاذ عبدالحكيم وطلب منى تغطية حادث انقلاب قطار فى عهد الإخوان، وكان رئيس التحرير وقتها المرحوم ياسر رزق، وقلت له إن القطار مقلوب فى محافظة الجيزة، فرد على وقال: أنا اختارتك تنزل تغطى الحادث الآن.. وفعلا ذهبت لتغطية الحادث وتصادف وجود رئيس الوزراء فى ذلك الوقت وانفرد الموقع وقتها بالخبر، وكان الأستاذ عبدالحكيم متابع معى من الواحدة صباحا حتى الساعات الأولى ليطمئن علىّ وعلى وصولى لموقع الحادث وعودتى لبنى سويف محافظتى.
رحم الله الفقيد وألهم أسرته الصبر والسلوان
محمد هلباوى: إليك.. عفوًا إلى روحك
إليك.. عفوًا إلى روحك.. تدرك أن قلبى لم يبق به مكان لطعنة جديدة.. ورغم ذلك أوجعتنى.. فارقتنى.. وتركتنى ممزقًا على ناصية حياة هى الموت دونك.. أستاذ عبدالحكيم الأسوانى.. لله درك.. ولقلوب أحبتك الصبر.. ولروحك النقية عناق يليق بنبل روحك، ونزف قلبى.. سامحك الله الذى أودع محبتك فى قلوب أوجعها رحيلك.. كم هى قاسية الحياة دونك.. وكم هى موجعة أيام لا تغمرها بابتسامتك أو تعطرها بروحك النبيلة.. وليبق قلبى وقلوب أحبتك تعانق حزنًا بامتداد الوجع.. ولنبق وأحزاننا مثل شجرتين كلما تآمرت عليهما رياح رحيلك.. ازدادتا عناقًا.. فيا لنزف قلبى.
محمود عجاج: الغائب الحاضر
عليك رحمة الله ورضوانه.. ستظل دائما عمنا عبدالحكيم الأسوانى بروحك وذكراك وكلماتك الجميلة، لن أنساها، خاصة جملة «أنت تتفانى فى خدمة القراء يا عم محمود».. كنت مثالا للالتزام والإخلاص فى عملك ومع أصدقائك.. أتذكرك وأنت تبحث عن الصفحات وتتابع موضوعاتها وتتمم على كل شىء، معروف عنك الاجتهاد والمثابرة والتحمل، فقد تحملت مرضا شديدا، وكنت تعمل فى أشد حالات الألم التى لازمتك منذ فترة ليست قصيرة.
لن ننسى خفة دمك وجدعنتك وإنسانيتك يا حكيم زمانك، لن ننسى خوفك علينا جميعا وحرصك على أداء الواجبات الاجتماعية فى أى مكان كنت قريبا من الجميع وأحبك الجميع لنقاء روحك وطيبة قلبك وابتسامتك الرقيقة الهادئة وعاداتك ومبادئك الصعيدية التى لم تتخل عنها حتى فارقت الحياة.. حزننا عليك ليس له حدود، ولكن تركت لنا ذكريات جميلة وماضيا مضيئا.. سنتذكرك دائما.
مجدى أبوالعينين:
سنة 2002 فوجئت باتصال على التليفون الأرضى بمنزلى من الأستاذ عبدالحكيم الأسوانى، رحمه الله، عرفنى بنفسه وطالبنى بالعمل معه بجريدة «المصرى اليوم»، وكنت وقتها أعمل مديرًا لمكتب جريدة الأحرار لمحافظة كفرالشيخ، وقال لى إننا نقوم حاليا بالإعداد لعمل جريدة اسمها المصرى اليوم، وستكون إن شاء الله أفضل جريدة فى الشرق الأوسط، وقال إننا ندقق فى اختيار مراسلينا والصحفيين بالجريدة، وأعطانى الإيميل الخاص به لإرسال الشغل.
كما أعطانى عنوان الجريدة، وعلى الفور بادرت بإرسال موضوعاتى للأستاذ حكيم ورحب بها ترحيبًا كبيرًا، وفوجئت به يقوم بعمل مكافأة شهرية لى قدرها 375 جنيهًا، وكان هذا المبلغ يومها له شأنه وهو ثلاثة أضعاف ما كنت أحصل عليه فى الأحرار، وتوطدت علاقتى به حينما التقيت به فى مقر الجريدة وكان بمثابة أخ فاضل حبيب، وكنت أناقشه فى مشاكلى شديدة الخصوصية وأجد منه النصيحة الصائبة، وتوطدت العلاقة به أكثر، حتى التقيته أكثر من مرة بمنزله أثناء مرضه. الأستاذ حكيم لم يبخل علىّ يومًا بنصائحه.
ماهر حسن: العسل والفطير فى انتظارك
عبد الحكيم الأسوانى، افتقدناك كثيرًا، وافتقدنا صخبك ومشاغباتك اللذيذة التى مثلت مذاقًا للحميمية والأسرية فى المكان، لم يكن هناك واجب إنسانى إلا وشاركت فيه؛ فكنت إلى جوار المريض وفى وداع الراحلين وفى ظهر الضعفاء الذين احتاجوا دعمك. كنا نسمع صوتك العالى وأنت تطلب موضوعًا من هذا الزميل أو تلك الزميلة فنشعر وكأننا فى دوار العمدة، كما افتقدنا جلستنا الجماعية الحميمية فى لقمة نأكلها معًا، وما زال «العسل والطحينة والجبنة القديمة والفطير» فى درج الزميل خليفة جاب الله التى كنا قد اتفقنا أن نأكلها معًا لكنك رحلت فجأة والطعام ما زال فى انتظارك.. كم سنفتقدك!. رحمك الله.
أحمد البحيرى: وداعًا الأخ الأكبر
روحه الجميلة المرحة المحبة للجميع حاضرة ولم تغب رغم غياب الجسد، فهو الأخ الكبير المحبوب من الجميع دون استثناء الذى دائمًا نستمع لنصائحه وتوجيهاته فهو «حكيم الصحافة المصرية».
الأستاذ عبدالحكيم الأسوانى أحد أعمدة «المصرى اليوم» الذى جاء إلى القاهرة من جنوب الصعيد يحمل معه آحلامًا وآمالًا كغيره من الشباب وكان رئيسًا لقسم المحافظات مع بداية «المصرى اليوم» وكنا جميعًا فى مكان واحد بالمقر الأول للجريدة بجاردن سيتى وكثيرًا ما كنا نجلس معه نتبادل الحوار ويستمع الجميع لنصائحه، فقد كان بحق الأخ الكبير لنا، الذى يشتهر بروحه الطيبة الجميلة المرحة صاحب الواجب دائمًا والحريص على أدائه، فقد رحل عن دنيانا بجسده وبقيت ذكراه وأفعاله الطيبة مع الجميع، فاللهم اغفر له وارحمه رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناتك وألهم أسرته وأهله ومحبيه الصبر والسلوان.
تلميذك محمود ملا: لن ننساك
شهادتى ستكون مجروحة عندما أتحدث عن أحد أبناء محافظتى، ابن قرية الطوناب، مركز إدفو محافظة أسوان، أستاذى ومعلمى الراحل عبدالحكيم الأسوانى، فقد عهدته هادئ الطباع قليل الانفعال، ناصحًا محبًا لعمله، فعندما كنت أتواصل مع شقيقه الدكتور محمد الأسوانى للسؤال عن حالته الصحية كان دائمًا ما يقول لى: «هو مش عايز يرحم نفسه من الشغل»، فالراحل له مكانة خاصة لدىَّ، فقد كان أول من بشرنى بحصولى على تأشيرة الحج فى عام 2018، وطلب منى الدعاء له وأن أحضر له ماء زمزم عند عودتى من أداء مناسك الحج.
وعندما كنت أزور الجريدة على فترات، كان يأخذنى من يدى ويصطحبنى إلى كافتيريا الجريدة لنجلس معا ونتبادل أطراف الحديث، ويطمئن على أبناء بلدته فى أسوان التى كان ينتمى إليها فقيد الصحافة، وكان مهمومًا دائمًا بقضاء حوائج أبناء بلدته، كان صحفيًا مهنيًا لا يشغله السبق بقدر ما تشغله المصداقية والدقة فى نقل الأحداث، وهى سياسة اتبعتها «المصرى اليوم» منذ نشأتها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.