«المركزي»: ارتفاع ودائع العملاء بالبنوك إلى 10,6 تريليون جنيه بنهاية فبراير    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء في القطاع إلى 37202 منذ بداية الحرب الإسرائيلية    الداخلية البحرينية: قوات الدفاع المدني تواصل إخماد حريق سوق المنامة القديم    بعد فوز السويس وسبورتنج.. تعرف علي ترتيب دورة الترقي للممتاز    "اليوم" يستعرض معايير انضمام شباب السياسيين لتنسيقية الأحزاب    فيفا يعلن جدول 103 مباريات فى كأس العالم 2026 وأماكن التدريب ب25 مدينة    مدارس بديلة للثانوية العامة لطلاب الإعدادية 2024 .. 35 مدرسة تقبل من 140 درجة    بقيادة رونالدو.. 5 نجوم يخوضون كأس أمم أوروبا لآخر مرة في يورو 2024    عقب تبادل إطلاق النار.. ضبط بؤرة إجرامية شديدة الخطورة بأسيوط ومصرع عنصريين إجراميين    الهروب من الحر إلى شواطئ مطروح قبل زحام العيد وارتفاع نسب الإشغال.. فيديو    استنونا.. نور إيهاب تروج ل مسرحية "ميمو"    بابا الشغلانة.. سعد الصغير يطرح أحدث أغانيه (فيديو)    نائب مدير فرع التأمين الصحي بالشرقية يتفقد عيادة ههيا    ابتعدوا عنه في عيد الأضحى.. 7 مخاطر لتناول هذا النوع من اللحوم    الكويت.. ارتفاع عدد ضحايا حريق الأحمدي إلى 49    موعد خضوع نجم الزمالك لجراحة الرباط الصليبي    أسعار فائدة شهادات البنك الأهلي اليوم الاربعاء الموافق 12 يونيو 2024 في كافة الفروع    أفضل الأدعية وتكبيرات العيد مكتوبة.. أدعية يوم عرفة 2024    خالد الجندي للمصريين: اغتنموا فضل ثواب يوم عرفة بهذه الأمور (فيديو)    أوكرانيا تصد هجمات جوية روسية شديدة على كييف    كشف غموض مقتل سيدة مسنة داخل شقتها بشبرا الخيمة    أبو الغيط يدعو إلى هدنة فورية في السودان خلال عيد الأضحى المبارك    بشأن «تصريح مزاولة المهنة للأجانب».. نقيب الأطباء يشارك في اجتماع «صحة الشيوخ» (تفاصيل)    لطلاب الثانوية العامة.. شروط الالتحاق بالكلية العسكرية التكنولوجية ونظام الدراسة    محافظ الغربية يستقبل الأنبا أغناطيوس أسقف المحلة للتهنئة بعيد الأضحى    الدنماركي بريسك يخلف سلوت في تدريب فينورد    استجابة ل«هويدا الجبالي».. إدراج صحة الطفل والإعاقات في نقابة الأطباء    72 عامًا من العطاء    صحة غزة: ارتفاع إجمالي الشهداء إلى 37 ألفًا و202 أشخاص    بلغت السن المحدد وخالية من العيوب.. الإفتاء توضح شروط أضحية العيد    بلينكن: نعمل مع شركائنا فى مصر وقطر للتوصل لاتفاق بشأن الصفقة الجديدة    اتحاد الكرة يرد على رئيس إنبى: المستندات تُعرض أثناء التحقيق على اللجان وليس فى الواتساب    محافظ المنيا يشدد على تكثيف المرور ومتابعة الوحدات الصحية    مبابي: أحلم بالكرة الذهبية مع ريال مدريد    القوات المسلحة توزع كميات كبيرة من الحصص الغذائية بنصف الثمن بمختلف محافظات    بالأسعار.. طرح سيارات XPENG الكهربائية لأول مرة رسميًا في مصر    الجلسة الثالثة من منتدى البنك الأول للتنمية تناقش جهود مصر لتصبح مركزا لوجيستيا عالميا    هيئة الدواء تعلن تشكل غرفة عمليات لمتابعة وضبط سوق المستحضرات الطبية في عيد الأضحى    مواعيد تشغيل القطار الكهربائي الخفيف ART خلال إجازة عيد الأضحى 2024    أسماء جلال تتألق بفستان «سماوي قصير» في العرض الخاص ل«ولاد رزق 3»    جامعة سوهاج: مكافأة 1000 جنيه بمناسبة عيد الأضحى لجميع العاملين بالجامعة    مساعد وزير الصحة لشئون الطب الوقائي يعقد اجتماعا موسعا بقيادات مطروح    عفو رئاسي عن بعض المحكوم عليهم بمناسبة عيد الأضحى 2024    وزير الإسكان يوجه بدفع العمل في مشروعات تنمية المدن الجديدة    إي اف چي هيرميس تنجح في إتمام خدماتها الاستشارية لصفقة الطرح المسوّق بالكامل لشركة «أرامكو» بقيمة 11 مليار دولار في سوق الأسهم السعودية    «الأوقاف» تحدد ضوابط صلاة عيد الأضحى وتشكل غرفة عمليات ولجنة بكل مديرية    رئيس جامعة أسيوط يفتتح صيدلية التأمين الصحي لمرضى أورام الأطفال    "مواجهة الأفكار الهدامة الدخيلة على المجتمع" ندوة بأكاديمية الشرطة    رئيس الحكومة يدعو كاتبات «صباح الخير» لزيارته الحلقة السابعة    «الخدمات البيطرية» توضح الشروط الواجب توافرها في الأضحية    "مقام إبراهيم"... آية بينة ومصلى للطائفين والعاكفين والركع السجود    اليونيسف: مقتل 6 أطفال فى الفاشر السودانية.. والآلاف محاصرون وسط القتال    حبس شقيق كهربا في واقعة التعدي علي رضا البحراوي    النمسا تجري الانتخابات البرلمانية في 29 سبتمبر المقبل    زواج شيرين من رجل أعمال خارج الوسط الفني    «اتحاد الكرة»: «محدش باع» حازم إمام وهو حزين لهذا السبب    نجم الأهلي السابق: مجموعة منتخب مصر في تصفيات كأس العالم سهلة    حظك اليوم برج القوس الأربعاء 12-6-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السفير عبد الرؤوف الريدى : السادات لم يفرط فى حقوقنا.. ورؤيته كانت أبعد (حوار)
نشر في المصري اليوم يوم 02 - 10 - 2021

السفير عبد الرؤوف الريدى، الرئيس الشرفى للمجلس المصرى للشؤون الخارجية، أحد أبرز رجال الدبلوماسية المصرية العريقة الذين شاركوا فى عدد من الأحداث الهامة التى غيرت تاريخ مصر الحديث، ومن أهم تلك الأحداث مشاركته ضمن وفد الخارجية المصرية الذى شارك فى مفاوضات السلام العربية الإسرائيلية فى كامب ديفيد بالولايات المتحدة الأمريكية.
«المصرى اليوم» أجرت حوارا مع الريدى، ليفتح فيه خزائن ذكرياته وشهادته عن تلك المفاوضات، وكيف أدار الرئيس السادات المفاوضات وصولا إلى الهدف الأساسى بتحرير كافة الأراضى المصرية من الاحتلال الإسرائيلى.
الريدى تحدث عن السادات واصفا إياه بأنه كان يسبق عصره، وتطرق لدوافع تحويل السياسة الخارجية لمصر من المعسكر الشرقى إلى إقامة علاقات قوية مع الولايات المتحدة الأمريكية، وموقف العرب من خطوة السادات الدخول فى مفاوضات سلام مع إسرائيل.. وإلى نص الحوار:
الرئيس الراحل محمد أنور السادات
■ بداية تمر علينا هذه الأيام ذكرى استشهاد الرئيس الراحل محمد أنور السادات، فهل تعتقد أن السادات كان يسبق عصره خاصة فيما يتعلق بملف السلام بين مصر وإسرائيل؟
- أنا أعتقد بصراحة أن الرئيس الراحل أنور السادات كان يسبق عصره بالفعل، والحقيقة أنا شخصيا أأمل فى قيام أحد الكتاب بتأليف كتاب عن الرئيس السادات لأن شخصيته غزيرة جدا وأثرت فى تاريخ مصر تأثيرا كبيرا جدا، فالأمر يحتاج مثلما قام الأديب الراحل عباس محمود العقاد بتأليف كتاب عن بعض الشخصيات التاريخية مثل سعد زغلول ومصطفى النحاس، وغيرهما، فالسادات على الساحة السياسية المصرية من أهم الشخصيات التى أثرت كثيرا فى الحياة السياسية لمصر، ولذلك نحتاج إلى شخص يدرس شخصية السادات ويحللها ويكشف عن كيف واجه السادات جميع التحديات التى واجهته. وأود أن أشير هنا، اتصالا بالسؤال الذى طرحته، إلى أن السادات كان يعمل دائما على أن تكون المبادرة فى يده، بمعنى أن يأخذ المبادرة والطرف الآخر فى الموقف الدفاعى ويقوم برد الفعل، وأكبر دليل على هذا الأمر حرب أكتوبر العظيمة، لأنه بعد فشل المحاولات السياسية فى الوصول إلى حل ورفض إسرائيل التعاون والانسحاب من شبه جزيرة سيناء، قرر السادات ضرورة قيام الحرب مع إسرائيل، ولذلك أخذ المبادرة وقرر أن تكون له الضربة الأولى، لأنه من المعروف طبقا للاستراتيجيات العسكرية والتاريخ العسكرى أن من يقوم بالضربة الأولى هو من يملك احتمالات النصر بشكل كبير جدا.
■ وهو ما قامت به إسرائيل فى 5 يونيو 1967؟
- نعم وأنا أعتقد أنه حينما سيكتب تاريخ حرب 1967 سيذكر على سبيل المثال أن المشير عبد الحكيم عامر كان يرغب فى توجيه الضربة الأولى لإسرائيل، إنما الرئيس عبد الناصر حذرته الدول الكبرى «الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتى»، وحذروه من القيام بالضربة الأولى، ولذلك قرر الرئيس الراحل جمال عبد الناصر أن مصر لن تقوم بالضربة الأولى، وأن يستوعب الضربة عندما توجه لمصر وسيقوم بعدها بالرد.
ولذلك السادات قرر أن تكون الضربة الأولى له، وأعود مرة أخرى لسؤالك، هل السادات يسبق عصره، وأرد على هذا السؤال «ربما يسبق عصره»، لأن السادات تولى الحكم فى مصر فى وقت كان يسود فيه الشعور العام فى مصر والعالم العربى بالرغبة فى الانتقام من إسرائيل، والسادات قام بالحرب التى أدت إلى السلام، بمعنى أنه حارب من أجل أن يصل إلى سلام، وفى كل مسارات الحرب كان رجلا سياسيا، فعندما وجد أن الولايات المتحدة الأمريكية أصبحت طرفا فى الحرب أخذ المبادرة وقبل بوقف إطلاق النار، وأرسل خطابا إلى الرئيس السورى، حيث كانت كل من مصر وسوريا تحاربان إسرائيل سويا، وقال له «قلبى يقطر دما لأننى قبلت بوقف إطلاق النار، لأننى دخلت هذه الحرب ضد إسرائيل وليس ضد الولايات المتحدة الأمريكية»، فقد كانت الأسلحة تأتى من مخازن حلف الناتو إلى مدينة العريش لإسرائيل سواء طائرات أو مدرعات ودبابات، فالجسر الجوى الذى أنشأته الولايات المتحدة لدعم إسرائيل كان رهيبا وجبارا، لذلك الرئيس الراحل أنور السادات قال إنه لن يستطيع وسيقف، لكنه هو الذى أخذ المبادرة بالضربة الأولى واستطاع الجيش المصرى فى 6 ساعات تحقيق العبور العظيم الجبار وإسقاط كافة نقاط خط بارليف، وإسرائيل طوال تاريخها لم تتعرض لمثل هذه الهزيمة العسكرية جراء المعارك التى شهدتها حرب أكتوبر.
والسادات كان يقوم بكل هذه الإنجازات ولكن عينه تنصب على تحقيق الهدف، وهو التوصل إلى سلام بشرط أن يحرر كافة الأراضى المصرية.
وجملة أن السادات كان يسبق عصره سمعتها من قبل من الفريق كمال حسن على.
■ وماذا كانت وجهة نظر الفريق كمال حسن على عندما ذكر هذه الجملة فى وصف الرئيس الراحل أنور السادات؟
- وجهة نظر الفريق كمال حسن على أن السادات كان قارئا جيدا للمستقبل، وأنا أتفق مع هذا فجملة سابق عصره معناها أنه قارئ جيد للمستقبل وللأحداث، وأنه رجل سياسى محنك، وهذا كله ينطبق على الرئيس الراحل السادات حيث كانت عينه وهدفه على استعادة الأراضى المصرية المحتلة، وهو استعادها بالفعل، فهو تولى الحكم وسيناء محتلة، وتوصل إلى اتفاقية معاهدة السلام رغم ما بها من انتقادات وجهها البعض إليها، ولكن الرئيس السادات كان هدفه هو أن يسترد أرض مصر.
■ وكيف انضممت إلى الفريق التفاوضى المصرى فى مفاوضات السلام؟
- أنا انضممت كجزء من الفريق التفاوضى المرافق لوزير الخارجية محمد إبراهيم كامل، حيث كان يضم الوفد الدكتور نبيل العربى وأحمد ماهر والدكتور أسامة الباز، الذى كان العنصر الأساسى الذى كان يتعامل معه الرئيس الراحل أنور السادات، فإلى جانب عمل الدكتور أسامة الباز وكيل أول وزارة الخارجية كان يشغل منصب المستشار السياسى للرئيس السادات، ولذلك كان دوره مهما جدا فى هذه الفترة.
■ لماذا كان دور الدكتور أسامة الباز مهما فى تلك الفترة؟
- الدكتور أسامة الباز كان مهنيا ويملك قدرات كبيرة جدا، سواء الصياغة أو الأمور القانونية، وكان الرئيس السادات يلجأ إليه حينما كان سيقابل الرئيس الأمريكى جيمى كارتر، فعلى سبيل المثال طلب الرئيس كارتر من مصر أن تقدم مشروعا لمعاهدة السلام، كان الدكتور أسامة الباز لديه القدرة أن يصيغ هذا المشروع، والباز كان قانونيا ومفاوضا بارعا، وفى الحقيقة كان شخصية استثنائية.
■ هل استقالة وزيرى الخارجية السابقين إسماعيل فهمى وإبراهيم كامل فى تلك الفترة أضعفت من قدرة المفاوض المصرى؟
- هناك فرق بين استقالة فهمى واستقالة كامل، فالوزير إسماعيل فهمى استقال لأنه لم يكن موافقا على مبادرة الرئيس السادات بزيارة القدس، وأن يلقى بيانا أمام الكنيست، فلم يكن الوزير إسماعيل فهمى موافقا على هذه الخطوة وهو وزير للخارجية ولذلك استقال.
واستقالة الوزير محمد إبراهيم كامل كانت وضعا آخر، فالوزير كامل منذ أن ذهبنا إلى كامب ديفيد كان غير سعيد بالطريقة التى كانت تدور بها المفاوضات، حيث كان يعتقد أن الأفضل هو أن نصلح علاقاتنا مع العالم العربى، وأنه العالم العربى سيعطينا قوة أكبر فى التفاوض، والرئيس السادات لم يكن هذا توجهه، حيث كان يعتقد أن الولايات المتحدة هى التى فى يدها الحل، ولذلك لم يكن مؤيدا لوجهة نظر الوزير محمد إبراهيم كامل.
وأشير هنا إلى أنه كان هناك اتفاق على عقد مؤتمر جنيف عقب حرب أكتوبر، كنا متفقين على أنه بعد الحرب سيعقد مؤتمر جنيف للسلام بمشاركة مصر وسوريا، وسوريا لم تشارك فى هذا المؤتمر، وهذا الأمر رسخ عند الرئيس السادات أنه إذا انتظر العرب فلن يتوصل إلى حل وسينتهى زخم الحرب، فهو كان يرغب فى أن تكون حرب أكتوبر آخر حرب، ويتم التوصل إلى السلام بين الطرفين لأنه كان يرى أن استمرار هذه الحروب استنزاف للموارد المصرية واستنزاف لمصر، وإسرائيل كانت تدعمها الولايات المتحدة التى كانت تمدها بالدعم والسلاح الذى تريده، ومصر لم يكن يدعمها أحد، والاتحاد السوفيتى لم يقدم الدعم المطلوب لمصر فى هذا الوقت، والسادات قرأ موقف الاتحاد السوفيتى، كما أن الاتحاد السوفيتى من الداخل كان يشهد حالة يمكن تسميتها ب «التخشب»، والقيادة السوفيتية نفسها كانت كبيرة فى السن وفاقده للحيوية، ومع تطورات الأحداث فى المستقبل تبين أن قراءة السادات لهذا الوضع كانت سليمة، فبعد هذا التاريخ بسنوات تفكك الاتحاد السوفيتى، فإذا كنت أنت طرحت فى سؤالك هل السادات كان يسبق عصره، ففى هذه النقطة تحديدا مؤشر على هذا، وأنه قد يكون رأى أن الاتحاد السوفيتى منذ السبعينات من الداخل ترهل وتخشب وفقد المرونة وأصبح فى حالة يمكن تسميتها ب «تصلب الشرايين»، فبعد وفاة بريجينيف كل من تولى الحكم فى الاتحاد السوفيتى لم يظل سوى أشهر قليلة، والسادات قرأ هذا وأن الاتحاد السوفيتى سيفقد دوره، وأن الرهان سيكون على الولايات المتحدة وأنها الوحيدة التى تستطيع التأثير على إسرائيل.
■ نسبت مقولة للرئيس الراحل السادات «أنكم فى الخارجية تنظرون للأشجار وإنما هو ينظر للغابة بأكملها».. هل هذه المقولة صحيحة؟
- أعتقد أن الرئيس الراحل ذكر هذه المقولة للدكتور نبيل العربى.
■ ولماذا انسحب وفد الخارجية من احتفالية التوقيع على اتفاقية السلام؟
- وفد الخارجية لم يكن فى الصورة بشكل كامل فيما يجرى فى المفاوضات حتى وزير الخارجية نفسه، الوحيد الذى كان إلى حد ما فى الصورة الدكتور أسامة الباز، وهذا ما ذكرته فى مذكراتى، حيث لم يكن هناك أى مشكلة فيما يخص مصر، كان موقفنا واضحا جدا فيما يتعلق بالجانب المصرى، إذا لم تنسحب إسرائيل وتزيل كل المستوطنات «لن ندخل فى الاتفاق.. الاتفاق مع إسرائيل يتطلب إزالة جميع المستوطنات فى سيناء»، نحن كان رأينا أن المستوطنات الإسرائيلية فى فلسطين يجب أن تجمد لفترة زمنية معينة ويمنح الفلسطينيون حكما ذاتيا، والإسرائيليون لم يسيروا فى هذا الخط، وأن المستوطنات الإسرائيلية فى فلسطين، الضفة الغربية وقطاع غزة ستبقى، وحتى الآن إسرائيل تنشئ المستوطنات، ونحن كوفد من الخارجية كنا نرى فى ذلك الوقت أن يحدث حظر للمستوطنات حتى يتم حل المشكلة الفلسطينية.
والرئيس السادات كان يرى أمرا آخر، حيث كان ما يهمه استرداد أرض مصر وهو ما قام به.
■ هل لو السادات وافق فى ذلك الوقت على ملاحظات وفد الخارجية كان من الممكن التوصل لاتفاق سلام بين العرب وإسرائيل؟
- كان هذا ممكنا لو كان العالم العربى كله لم يخالف السادات، يعنى العرب بدلا من قيامهم بتوجيه الانتقادات للسادات ينضمون إليه وبالتالى سيكون هناك زخم قوى فى مواجهة إسرائيل، وهذا لم يحدث، والعرب اختلفوا وأنشأوا وقتها ما يعرف بجبهة الرفض، ونقلوا الجامعة العربية من مصر وغيرها من الإجراءات المعروفة للجميع.
■ هل العرب أضاعوا فرصة التوصل لاتفاق سلام شامل مع إسرائيل، من خلاله تنسحب إسرائيل من جميع الأراضى العربية المحتلة؟
- لا نستطيع أن نقول هذا، نعم كانت هناك فرصة لكن ليس لدرجة أن العالم العربى أضاعها، لو أننا اتفقنا جميعنا كعرب، وأصبح لدينا موقف موحد وهذا الموقف الموحد كان سيكون له وزن كبير جدا «أن يكون كل العرب متفقين على رأى»، وهذا لم يحدث، وأول خلاف كان مع سوريا بعدم حضورها مؤتمر جنيف.
■ هل تأثرت علاقة الرئيس الراحل السادات بوفد الخارجية الذى شارك فى مفاوضات السلام نتيجة لمقاطعة الوفد مراسم التوقيع على اتفاقية السلام؟
-لا أبدا، الوفد كان يضم نبيل العربى وأحمد ماهر وأنا وأسامة الباز، والدكتور أسامة الباز شارك فى مراسم التوقيع على الاتفاقية، وأنا تم تعيينى سفيرا لمصر فى باكستان، والدكتور نبيل العربى ذهب إلى الأمم المتحدة بنيويورك، وأحمد ماهر السيد تم تعيينه مديرا لمكتب وزير الخارجية، والحقيقة السادات لم يمس أى أحد منا.
وفى وقت اغتيال السادات فى 6 أكتوبر 1981 كنت أشغل منصب مندوب مصر الدائم فى الأمم المتحدة بجنيف، وأؤكد من جديد لم يمسنا الرئيس السادات فى عملنا بوزارة الخارجية.
■ كان هناك هجوم شديد من بعض الدول العربية على السادات بسبب خطوة التوقيع على اتفاقية سلام مع إسرائيل، ومؤخرا قام عدد من الدول العربية بالتوقيع على اتفاقيات سلام مع إسرائيل.. فكيف ترى هذا الأمر؟
- دولة الإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين لم تقوما بأى هجوم على السادات، فالدول العربية التى تصدرت حملة الهجوم على السادات كانت سوريا وليبيا والى حد ما الجزائر، إنما دول الخليج كانت فى واقع الأمر ترى أن هذا هو الطريق السليم، وطالما مصر قامت بهذا إذن يؤيدونها، لكن الصوت العالى والهجوم فى الإعلام على الرئيس الراحل كان له تأثيره وهو الذى طغى.
■ لماذا اتخذ السادات خطوة تغيير السياسة الخارجية لمصر بالانتقال من المعسكر الشرقى إلى المعسكر الغربى الذى تمثله الولايات المتحدة الأمريكية؟
- السادات رأى أن الاتحاد السوفيتى لم يساند مصر كما يجب، وكما ذكرت لك فى السابق فإن قيادة الاتحاد السوفيتى كانت متخشبة والسادات كان يؤمن بأن الولايات المتحدة الامريكية هى الدولة القوية القادرة على التأثير ولها نفوذ فى الحل، كما كان يرغب فى إقامة علاقات قوية مع الولايات المتحدة، والسادات قرأ المشهد السياسى فى الاتحاد السوفيتى، السادات اغتيل عام 1981 والاتحاد السوفيتى تفكك فى عام 1989، وهو كان يرى هذا، وإذا عدنا إلى سؤالك الأول: هل كان السادات يسبق عصره؟، فى هذه النقطة نستطيع أن نقول إنه بقراءته لمشهد مستقبل الاتحاد السوفيتى، نعم كان السادات يسبق عصره.
■ لكن الرأى العام المصرى فى ذلك الوقت شهد حالة من الانقسام تجاه إقامة علاقات قوية مع الولايات المتحدة؟
- كان هناك حالة من الانقسام داخل الرأى العام المصرى فيما يتعلق بهذا الأمر، حيث كان الشيوعيون واليساريون يرفضون هذا الأمر، لكن كان هناك رأى عام قوى يؤيد الرئيس السادات.
■ هناك من يردد أنه بتوقيع الرئيس السادات على اتفاقية السلام خرجت مصر من أى مفاوضات متعلقة بعملية السلام الشامل والدائم فى المنطقة.. ما تعليقك على هذا الأمر؟
- السادات قام بمبادرة السلام مع إسرائيل لحل المشكلة كلها، المشكلة العربية الإسرائيلية.. الصراع العربى الإسرائيلى، وعندما ذهب السادات إلى الكنيست دافع عن كل المواقف العربية، كما دافع عن فكرة الحل الشامل، لكن أنت فى النهاية فى التفاوض تأخذ ما تستطيع أن تأخذه، والسادات بعد التوقيع على اتفاقية السلام مع إسرائيل انسحبت إسرائيل من سيناء وهدم المستوطنات الإسرائيلية واسترد آبار البترول، وهذا كله إنجاز مهم، إنما بلا جدال الموقف العربى المضاد للرئيس السادات أضعف السادات، لكن النقطة الجوهرية التى كان يصمم عليها السادات هى استرداد أرض مصر، وهو ما نجح فيه، حيث استرد أرض مصر كاملة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.