«اختر وظيفتك التى لا تصيبك بالخرف».. تَوجُّه ألمحت إليه دراسة بريطانية حديثة، حيث كشفت أنه قد يكون هناك علاقة بين وظائف الأشخاص والإصابة ب«الخرف»، فقد استنتجت أن أصحاب الوظائف ذات التحفيز العقلى معرضون لمخاطر أقل للإصابة ب«الخرف» فى وقت لاحق من الحياة، وأنه مع زيادة «وقت الفراغ» لا تكون هناك حماية من المرض. تلك النتائج التى جاءت من دراسة حديثة نشرتها مجلة BMJ الطبية البريطانية، أظهرت ارتباطًا بين التحفيز المعرفى للوظائف وانخفاض مستويات بروتينات معينة فى الدم يمكن أن تزيد من خطر الإصابة بالخرف، ويعتقد الباحثون أن هذا الارتباط قد يشير إلى وجود آلية بيولوجية أساسية تفسر الارتباط بين وظائف التحفيز الذهنى وانخفاض مخاطر الإصابة بالخرف. بحسب الدراسة البحثية، فإن الخرف هو مصطلح يصف مجموعة متنوعة من الأعراض التى تؤثر على الأداء الإدراكى للشخص، بما فى ذلك قدرته على التفكير والتذكر والوظائف العقلية، التى مع الوقت تزداد سوءًا. وفقًا لتقرير نشرته منظمة الصحة العالمية العام الماضى حول الوقاية من الخرف، فإن عوامل خطر الإصابة بالخرف تشمل: السمنة، ارتفاع ضغط الدم، تعاطى الكحول، فقدان السمع، الاكتئاب، الخمول البدنى، داء السكرى، لينضم إليها وفقا للدراسة الجديدة «مستويات التحفيز المعرفى»، فقد وجد الباحثون دليلًا على أن تدخلات التحفيز المعرفى قد تحسن الإدراك لدى الأشخاص المصابين بالخرف. كان الباحثون مهتمين أيضًا بفهم ما إذا كان التحفيز المعرفى طوال الحياة قد يحمى من الخرف أم لا، ولاحظ مؤلفو دراسة المجلة الطبية البريطانية، أن الدراسات التى بحثت فى هذا كانت صغيرة بشكل عام وغير قادرة على حساب العوامل المحتملة، فضلا عن أنهم لم يعثروا على دليل على أى تأثير وقائى ضد الخرف أثناء «وقت الفراغ»، وبالتالى أرادوا إنتاج دراسة شاملة تبحث فى التحفيز المعرفى المرتبط ب«وظائف الأشخاص». استند هذا النهج إلى حقيقة أن تعرّض الأشخاص للتحفيز المعرفى فى العمل يصل إلى عشرات الآلاف من الساعات على مدار سنوات عديدة ويستمر «لفترة أطول بكثير» من التدخلات المعرفية أو تحفيز الهوايات المعرفية، قاد هذا الفريق إلى استكشاف هذه العلاقة لمعرفة ما إذا كان التحفيز المعرفى يمكن أن يكون وقائيًا من الخرف. اعتمد الباحثون فى الدراسة على مشاركة 10 آلاف شخص، وعلى بيانات من اتحاد IPD-Work، الذى تم تأسيسه عام 2008. ويجمع هذا المشروع البحثى 13 دراسة جماعية تبحث فى العلاقة بين العمل وصحة الأفراد، كان لدى 7 منها بيانات يمكن للباحثين استخدامها لاستكشاف العلاقة بين التحفيز المعرفى فى العمل وخطر الإصابة بالخرف، وهنا استخدم الباحثون بيانات من المشاركين الذين وصل عددهم إلى 107 آلاف شخص، وهى أكبر عينة متعددة الفترات حتى الآن - تم تتبعهم لمدة تراوحت بين 13 و30 عامًا، اعتمادًا على ظروف كل مجموعة.. لتحديد ما إذا كانت وظيفة المشارك محفزة معرفيًا، نظر الباحثون فى مستويات المهنة وما تضمنته من ضغوط، وقسّم الباحثون الوظائف إلى: وظائف تتطلب جهدا نفسيا وتمنح الموظف تحكمًا كبيرًا لتحفيز معرفته، والوظائف «السلبية» ذات الطلب المنخفض والتى لا تقدم أى دعم، والتى وصفوها بأنها غير محفزة معرفيًا. ومع ذلك، وصف الفريق الوظائف ذات المتطلبات المعرفية التى لا تمنح الفرد أى سيطرة أو دعم بأنها عمل مرهق أو ذات إجهاد وظيفى، وهو عامل خطر محتمل للخرف، ووجدوا أن الأشخاص الذين لديهم وظائف تحفيزية معرفية لديهم مخاطر أقل بنسبة 23% للإصابة بالخرف مقارنة بالأشخاص الذين كانت وظائفهم غير محفزة. وفى الوقت نفسه، كان معدل الإصابة بالخرف 4.8 لكل 10 آلاف شخص فى المجموعة التى لديها وظائف عالية التحفيز الذهنى، و7.3 لكل 10 آلاف شخص فى الوظائف ذات التحفيز العقلى المنخفض. ووجد الباحثون أيضًا ارتباطًا بين وظائف التحفيز المعرفى والبروتينات المحددة فى بلازما الدم التى يعتقد العلماء أنها تلعب دورًا فى خطر الإصابة بالخرف. وفى افتتاحية BMJ، يقول الدكتور سيرهى ديختيار، من مركز أبحاث الشيخوخة، إن المخاطر الإجمالية المتزايدة المنسوبة إلى العمل الذى لا يحفز معرفيًا أقل من بعض عوامل الخطر الأخرى، مثل مستوى التعليم، ولكنه أكد أن الحد من مخاطر القيام بعمل تحفيزى معرفى لا يزال جوهريًا، ولا سيما مع وجود مستوى تعليمى أعلى. فيما اعتبر رئيس معهد أبحاث الخرف فى المملكة المتحدة فى إمبريال كوليدج لندن، البروفيسور بول ماثيوز، أن الدراسة غير قابلة للتعميم على منطقة جغرافية أوسع، وأنها تبحث فقط فيما يحدث فى مكان العمل ولا تستكشف التحفيز المعرفى خارج هذا السياق. وأضاف: «لا يمكنها أيضًا التمييز بين التأثيرات المحتملة للعديد من العوامل المرتبطة بتحفيز التوظيف المعرفى بشكل أكبر، بما فى ذلك مستويات التوتر والصحة العقلية والتغذية». ووفقا لمنظمة الصحة العالمية، فإن الخرف لا يرتبط بالسن المتقدمة، ولكن النسبة الأكبر من الإصابة به يبدأ من عمر 65 عاما، ويتم تقسيمه إلى 3 مراحل: الأولية وأشهر أعراضها النسيان وفقدان القدرة على إدراك الوقت. والمرحلة الوسطى تشمل نسيان الأحداث الجديدة وأسماء الناس وصعوبة متزايدة فى التواصل مع الغير. وأخيرًا المرحلة المتقدمة التى تشمل صعوبة المشى أو التعرف على الأقرباء والأصدقاء والسلوك العدوانى.
