رئيس جامعة المنوفية يهنئ الأقباط بعيد الميلاد المجيد    جامعة المنيا تحقق معدلات مُرتفعة في سرعة حسم الشكاوى    سعر الجنيه الإسترلينى فى بنك CIB ب مقابل الجنيه المصري    زراعة الإسكندرية: جار تشكيل لجان مرور لحصر أي مخالفين بزراعة الأرز    سكرتير عام مساعد البحيرة يتابع تنفيذ مشروعات مياه الشرب والصرف الصحي    وزير الري: نعمل على توفير حياة كريمة للمواطنين بالصعيد    الدكتورة رانيا المشاط وزيرة التعاون الدولي تُناقش آفاق التعاون مع وكالة تمويل الصادرات البريطانية    تفاصيل مشروعات الطرق والمرافق بتوسعات مدينتي سفنكس والشروق    رفع أطنان من المخلفات وصيانة أعمدة الإنارة في كفر الشيخ    مصادر العربية: وفد قطري يتوجه إلى القاهرة للمشاركة في مفاوضات اتفاق الهدنة بغزة    اندلاع نيران في خاركيف بأوكرانيا جراء هجمات روسية بعد منتصف الليل    عاجل| السيسي يعزي رئيس مجلس السيادة السوداني في وفاة نجله    كوريا الجنوبية: ارتفاع عدد الهاربين للبلاد من الشمال لأكثر من 34 ألفا    موعد بيرنلي أمام نيوكاسل يونايتد في الدوري الإنجليزي والقنوات الناقلة    الداخلية: ضبط عصابتين و171 سلاحا ناريا و298 كيلو مخدرات خلال يوم    عاجل.. حملات للمديريات التموين على الأسواق لتشديد الرقابة على المخابز والأسواق    إصابة 3 أفراد شرطة فى حادث تصادم سيارة "بوكس" بالدقهلية    شذوذ جنسي وشرب الحشيش.. ننشر اعترافات المتهم بذبح طفل شبرا الخيمة    التصريح بدفن طالبة سقطت من البلكونة أثناء نشر الغسيل بالجيزة    مستشار الرئيس: مصر في الطريق للقضاء على مسببات الإصابة بسرطان الكبد    الصحة السعودية تؤكد عدم تسجيل إصابات جديدة بالتسمم الغذائي    صافرة كينية تدير مواجهة نهضة بركان والزمالك في نهائي الكونفدرالية    عفروتو يرد على انتقادات «التقصير والكسل»    حملات لرفع الإشغالات وتكثيف صيانة المزروعات بالشروق    «الرعاية الصحية» تعلن خطة التأمين الطبي لاحتفالات عيد القيامة وشم النسيم    «الإسكان»: دفع العمل بالطرق والمرافق بالأراضي المضافة حديثاً لمدينتي سفنكس والشروق    عاجل| مصر تكثف أعمال الإسقاط الجوي اليومي للمساعدات الإنسانية والإغاثية على غزة    إندونيسيا: 106 زلازل ضربت إقليم "جاوة الغربية" الشهر الماضي    «أتوبيسات لنقل الركاب».. إيقاف حركة القطارات ببعض محطات مطروح بشكل مؤقت (تفاصيل)    "دفنوه على عتبة بيتهم".. أبوان يقيدان ابنهما ويعذبانه حتى الموت بالبحيرة    "تطبيق قانون المرور الجديد" زيادة أسعار اللوحات المعدنية وتعديلات أخرى    5 ملايين جنيه إيرادات أفلام موسم عيد الفطر أمس.. السرب في الصدارة    تامر حسني يوجه رسالة لأيتن عامر بعد غنائها معه في حفله الأخير: أجمل إحساس    طرح البوستر الرسمي لفيلم «بنقدر ظروفك» وعرضه بالسينمات 22 مايو    برج «الحوت» تتضاعف حظوظه.. بشارات ل 5 أبراج فلكية اليوم السبت 4 مايو 2024    ما حكم الإحتفال بشم النسيم والتنزه في هذا اليوم؟.. «الإفتاء» تُجيب    إيرادات فيلم السرب على مدار 3 أيام عرض بالسينما 6 ملايين جنيه ( صور)    «القومي للمرأة» يشيد بترجمة أعمال درامية للغة الإشارة في موسم رمضان 2024    هل بها شبهة ربا؟.. الإفتاء توضح حكم شراء سيارة بالتقسيط من البنك    مصرع 14 شخصا إثر وقوع فيضان وانهيار أرضي بجزيرة سولاويسي الإندونيسية    محافظ الوادي الجديد يهنئ الأقباط بمناسبة عيد القيامة المجيد    الصحة توجه نصائح هامة لحماية المواطنين من الممارسات الغذائية الضارة    رئيس هيئة الدواء يشارك في اجتماع «الأطر التنظيمية بإفريقيا» بأمريكا    بايدن يتلقى رسالة من 86 نائبا أمريكيا بشأن غزة.. ماذا جاء فيها؟    محمود بسيوني حكما لمباراة الأهلي والجونة في الدوري    عمرو وردة يفسخ تعاقده مع بانسيرايكوس اليوناني    تشكيل أرسنال المتوقع أمام بورنموث| تروسارد يقود الهجوم    المطرب هيثم نبيل يكشف كواليس فيلم عيسى    إسماعيل يوسف: «كولر يستفز كهربا علشان يعمل مشكلة»    حفل ختام الانشطة بحضور قيادات التعليم ونقابة المعلمين في بني سويف    سبت النور.. طقوس الاحتفال بآخر أيام أسبوع الآلام    هبة عبدالحفيظ تكتب: واقعة الدكتور حسام موافي.. هل "الجنيه غلب الكارنيه"؟    عضو «تعليم النواب»: ملف التعليم المفتوح مهم ويتم مناقشته حاليا بمجلس النواب    دينا عمرو: فوز الأهلي بكأس السلة دافع قوي للتتويج بدوري السوبر    دعاء الفجر مكتوب مستجاب.. 9 أدعية تزيل الهموم وتجلب الخير    دعاء الستر وراحة البال .. اقرأ هذه الأدعية والسور    طبيب يكشف سبب الشعور بالرغبة في النوم أثناء العمل.. عادة خاطئة لا تفعلها    المفتي: تهنئة شركاء الوطن في أعيادهم ومناسباتهم من قبيل السلام والمحبة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صالح ميخائيل وكتابه: العدالة الاجتماعية
نشر في المصري اليوم يوم 10 - 01 - 2021

تحقيق العدالة الاجتماعية مطلب وطنى قديم فى مصر، يصعب أن تجد حكومة لم تعمل على تحقيقه ولم تؤكد على أنه هدف من أهدافها، بل على رأس تلك الأهداف، حكومات ما قبل ثورة يوليو 52 أو ما بعدها، تحديدا منذ أن استحدثت الحكومة المصرية كوبونات الكيروسين (المدعم)، أثناء الحرب العالمية الثانية وحتى يومنا هذا، بل إن استحداث وزارتى التموين والشؤون الاجتماعية، سنوات الحرب العالمية الثانية، كان بغرض تحقيق العدالة الاجتماعية.
ويصعب كذلك أن نجد فريقا من المعارضة تنكر لهذا المطلب، حتى لو كان من غلاة الراسماليين، إذ إن حرية رأس المال فى العمل، سوف تؤدى برأيهم إلى توفير فرص عمل وتشغيل أمام العاطلين، ناهيك عن أن هناك مجموعات سياسية عاشت سنوات وأجيالا، فى دفاع ونضال من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية.
وقبل أكثر من عشر سنوات جرى نقاش علمى حول، نشأة وظهور مصطلح العدالة الاجتماعية فى حياتنا الثقافية والسياسية، ذهبت معظم الآراء إلى نسبة هذا المصطلح إلى الناقد والكاتب سيد قطب من خلال كتابه الصادر سنة 1948«العدالة الاجتماعية فى الإسلام»، والذى جعل جماعة الإخوان تحاول اعتماده واجتذابه إلى صفوفها وهو ما تحقق بالفعل سنة 1953، بعد إحباطات وإخفاقات عديدة عاناها قطب مع ضباط يوليو، رغم أنه كال المديح لهم وأفاض فيه.
وفى النقاش عبر عدد من كبار اليساريين عن أن قطب وقت أن كتب ذلك الكتاب، قبل سفره مباشرة إلى الولايات المتحدة الأمريكية، كان وثيق الصلة بإحدى الجماعات اليسارية وأنه تأثر بأفكار اليسار فى ذلك الكتاب وصك هذا المصطلح.
لم تعجب تلك الآراء بعض الإسلاميين وحاولوا نفيها بشدة، وسحب السبق المتخيل من قطب بالتوقف عند كتاب الشيخ محمد الغزالى «الإسلام والمناهج الاشتراكية»، الصادر سنة1947، كان الشيخ الغزالى من علماء الأزهر الشريف وانضم إلى جماعة الإخوان، اعتبر هؤلاء أن السبق يعود إلى كتاب الغزالى، حيث لا مؤثرات يسارية.
كان النقاش فى جوهره محاولة من المتأسلمين لنفى الاتهامات الموجهة إليهم بأنهم لا يمتلكون برنامجا ولا اهتماما بالقضية الاجتماعية، وأنهم يتاجرون بقضايا الفقراء، ويكتفون فقط بشراء الولاء مقابل كيس سكر وزجاجة زيت.
بغض النظر عن تلك الاعتبارات وقتها والمناخ السياسى الذى كان قائما، فإن كتاب سيد قطب «العدالة الاجتماعية فى الإسلام» خلا تماما من أى تعريف أو تصور محدد لمفهوم ومعنى العدالة الاجتماعية ولماذا اختاره هو بالذات. فى معظم كتبه لم يكن سيد قطب، يهتم بتأصيل المصطلحات التى يعتمدها ولا كان معنيا كثيرا بالإشارة إلى مصادره ولا إلى الدراسات السابقة عليه، ما نطلق عليه «الأمانة العلمية» أو حقوق الملكية الفكرية، لم يكن لديه أى اعتبار عنده، ولذا وجدناه ينتحل الكثير من أفكار الباكستانى أبو الأعلى المودودى فى العديد من كتبه وينسبها إلى نفسه، بل وجدناه ينقل فقرات كاملة من بعض المراجع دون أى إشارة أو تنبيه، فعل ذلك كثيرا بضمير مستريح وبلا غضاضة وصفق له أتباعه ومازالوا يصفقون إلى اليوم.
أول استعمال لمصطلح العدالة الاجتماعية، على هذا النحو، كان سنة 1946، على يد كاتب مجهول لنا الآن هو «صالح ميخائيل»، حيث أصدر كتاب (العدالة الاجتماعية)، أسفل هذا العنوان، كلمتان للتوضيح هنا «القومية والدولية»، قامت بنشره: مكتبة النهضة المصرية، فى شارع عدلى، وسط القاهرة، وهى واحدة من دور النشر المهمة، والتى ظلت تعمل حتى خمس سنوات مضت، حيث انشغل الورثة وتفرقوا فأغلقت المكتبة التى نشرت معظم أعمال د.عبد الرحمن بدوى، حتى مغادرته مصر سنة 69، ومن قبله أعمال أحمد أمين وشفيق غربال ومحمد عوض محمد والعقاد، فضلا عن بعض أعمال د.محمد حسين هيكل وعشرات الأسماء الكبار فى الثقافة العربية المعاصرة.
طبع الكتاب فى مطابع لجنة التأليف والترجمة والنشر، وذلك مدون على الغلاف أيضا، صدر المؤلف كتابه بعبارة قالها الملك فاروق فى أكتوبر 1945، جاء فيها «كل جهد يهدف لصالح الوطن مشكور مهما قل».
صالح ميخائيل طبقًا لصفحة الغلاف، خريج كلية لندن للاقتصاد والسياسة، درس بها بين عامى 1921 و1925، وكان وكيلا لمصلحة التجارة بوزارة التجارة والصناعة وهو موقع مهم وقتها، وقد أصدر عدة كتب، أولها عن فلسفة سقراط، يناقش فيه القضايا والقيم الأخلاقية، بعد أن هاله انهيار الأخلاق أثناء الحرب العالمية، وبروز اغنياء الحرب، وقد حاولوا أن يصبغوا المجتمع بصبغتهم، التى تقوم على أن الجنيه هو كل شىء فى هذا العالم، ثم أعقبه بكتابه، الذى بين أيدينا «العدالة الاجتماعية»، تلاه كتاب عن النقد الأجنبى وعلاقته بالحالة الاقتصادية وبتجارة مصر الخارجية، وفى سنة 48، أصدر كتاب «السياسات القومية والدولية بين الشيوعية والاشتراكية وحرية التبادل»، كل كتبه صدرت عن «مكتبة النهضة المصرية».
هذه المؤلفات تعنى أننا بإزاء كاتب متخصص فى الشأن الاقتصادى والمالى، طبقا لدراسته وموقعه الوظيفى، فضلًا عن انشغاله بالشأن العام ومتابعته للمناخ السائد فى العالم وقتها، وإقدام دار نشر كبرى على نشر كل أعماله، يعنى أنها حققت قدرا من القبول والنجاح الجماهيرى، باختصار لسنا أمام كاتب مبتدئ ولا كاتب نكرة.
كتاب (العدالة الاجتماعية) مودع فى دار الكتب المصرية، وهو من الكتب التى تمت رقمنتها، ضمن مشروع الدار لرقمنة كل ما لديها من كتب، حتى يسهل الاطلاع عليها، بدأ المشروع منذ سنوات، وكانت البداية بالعناوين الأقدم فى الطباعة.
أرجو أن لا يشعر القارئ بالملل من هذه التفاصيل، ذلك أننى حاولت البحث عن معلومات حول «صالح ميخائيل»، على شبكة المعلومات، فلم أجد شيئا يستحق عنه، مع خلط اسمه بأسماء شبيهة، وهذا متوقع مع عدم البحث وغياب التدقيق فى تزويد المواقع بالمعلومات، لكن غير المتوقع أن ينسب كتاب العدالة الاجتماعية إلى المكتبة الوطنية فى إسرائيل، وينشر بعض المواقع صفحة الغلاف الداخلى للكتاب وعليه خاتم وشعار مكتبة إسرائيل، رغم أن الكتاب صدر قبل إعلان قيام إسرائيل بعامين، أى أنه أقدم عمرًا من دولة إسرائيل، وربما كانت بعض نسخ الكتاب موجودة فى مكتبات المدن الفلسطينية، كانت هذه المدن خاصة حيفا ويافا بها العديد من المكتبات وحركة أدبية نشطة وكانت العلاقات الثقافية قوية بين القاهرة وهذه المدن الفلسطينية، الباقى نعرفه فقد آلت هذه المكتبات وما بها من كتب، بعد 48 إلى إسرائيل، لكن الملكية الفكرية والأدبية تبقى للمؤلف ولدار النشر وفى النهاية دار الكتب المصرية.
قد يتصور البعض أننا بإزاء قضية هامشية، لكنها لا يجب أن تكون كذلك، لأن ترويج الكتاب على هذا النحو قد يعطى انطباعا لدى القارئ المتعجل أو أؤلئك الذين يكتفون من الكتاب بقراءة العنوان بأننا إزاء كتاب وكاتب إسرائيلى وهذا غير صحيح، الكاتب مصرى تماما، مقدمة الكتاب تكشف ذلك بوضوح تام، وقد يتصور البعض الآخر أن تراثنا الفكرى والأدبى آل إلى إسرائيل، وأخشى أن يترسخ هذا التصور أو الانطباع الخاطئ لدى البعض، مع اتساع نطاق الاعتماد على شبكة المعلومات الإلكترونية دون اللجوء إلى النسخ الورقية.
من العادى أن تحرص المكتبة الوطنية فى أى دولة على اقتناء أفضل العناوين والكتب التى تصدر فى الخارج، بحيث تكون متاحة أمام القارئ أو الباحث الذى يتردد عليها، ويجب القول إن توفير تلك الكتب جزء من الخدمة الثقافية التى يجب أن توفرها الدولة والمؤسسات المختصة للمواطن، دار الكتب المصرية تقوم بذلك، الكتب الأجنبية فى مكتبة الإسكندرية ربما تفوق فى عددها الكتب العربية، الأمر نفسه ينطبق على المكتبات المركزية فى جامعاتنا، بل فى عدد من المكتبات العامة مثل مكتبة القاهرة ومكتبات مصر العامة.
مكتبة الكونجرس فى الولايات المتحدة تقتنى معظم، إن لم يكن كل، الكتب التى تصدر فى مصر، نسخ الاطلاع أمام القراء والباحثين شىء ونسبة هذه الكتب علميا إليها شىء آخر، سواء فعلت ذلك المكتبة بنفسها أو كان من فعل القائمين على المواقع الإلكترونية والشبكات المعلوماتية، فى كل الأحوال هناك سطو علمى على جهد وعقل مصرى.
ونكمل الأسبوع القادم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.