إذا كانت الأزبكية هى منطقة السكن المفضلة للأمراء وبكوات المماليك على مدى 600 عام.. وإذا كانت جاردن سيتى قد أصبحت مقرًا للباشوات والبكوات بحكم قربها من مقر الحكم فى عابدين. فإن الزمالك أصبحت الحى المفضل للبرجوازية المصرية، مع بدايات القرن العشرين. بل أنشأ فيها الخديو إسماعيل واحدًا من أجمل قصوره هو قصر الجزيرة الذى شهد احتفالات افتتاح قناة السويس عام 1869، وكانت الزمالك قبل عصر إسماعيل مجرد مكان يلجأ إليه الشباب لقضاء أوقات طيبة لطيب هوائها.. وهى التى كانت مكانا لإقامة العشش من البوص إلى أن جاء إسماعيل وأنشأ قصر الجزيرة الذى أقامه على 60 فدانًا وتكلف 898691 جنيها مصريا، وجاء بالمهندسين من فرنسا وإيطاليا لإنشائه وتزيين حدائقه. وفيه أقامت الإمبراطورة أوجينى خلال حضورها حفلات افتتاح القناة. وبعد أن كانت جزيرة الروضة «المنيل» هى مصيف القاهرة أيام الأمويين ثم الأيوبيين، أصبحت الجيزة هى مصيف القاهرة فى نهاية القرن 18 واختارها شيخ البلد إبراهيم بك مصيفًا له.. ولم تصبح الزمالك جزيرة إلا فى الربع الأخير من القرن 19 بل لم يكن الفرع الغربى للنيل «الأعمى» موجودًا على الدوام بل كان يمتلئ بالماء أثناء الفيضان فقط. والزمالك كلمة أعجمية «تركية فارسية» معناها الأخصاص، أى العشش، وظهرت أول ما ظهرت عام 1372م كجزيرة شمال جزيرة أروى، عرفت بجزيرة حليمة. وسميت بالجزيرة الوسطى وهو اسم مازال موجودًا على أحد شوارع الزمالك حتى الآن، وأقبل الناس على إقامة العشش فيها، بالذات أرباب الخلاعة والفجور. ولما زادت هذه الأعمال أمر السلطان الكامل شعبان بن قلاوون بحرق هذه الأخصاص عام 1370م.. واتصلت الجزيرتان أروى وحليمة وأصبحتا جزيرة واحدة أطلق عليها الفرنسيون أيام بونابرت اسم جزيرة بولاق، أو جزيرة القرطية، أى البرسيم. وتلك هى التى أصبحت باسم الزمالك. ولما أنشأ الخديو إسماعيل قصر الجزيرة أقام معسكرًا لجنود الحراسة على شكل خيام من طراز «الزملك». أى أن كل أرض الزمالك قبل حفر البحر الأعمى كانت أرضًا متصلة بالعجوزة وإمبابة كما جاء فى تقويم النيل لمؤلفه أمين باشا سامى. وانتعشت جزيرة الزمالك بإنشاء عدد من الحدائق: الأندلس. الزهرية. الحرية، وأقيم أمام كوبرى قصر النيل المعرض الصناعى والزراعى لأول مرة 1938 وزاد تعميرها وضمت النادى الأهلى ونادى الجزيرة.. واستراحة للملك فاروق التى أصبحت مقرًا لمجلس قيادة الثورة.. وفى قصر الجزيرة أقيمت أفراح الأنجال ولما اشترت أسرة لطف الله- السورية- هذا القصر حتى تم فرض الحراسة عليه تلقفه د. محمد عبدالقادر حاتم وحوله إلى فندق باسم عمر الخيام.. وأقبل الدبلوماسيون على الإقامة فيه هم وسفاراتهم.. وتم توصيله بإنشاء كوبرى أبوالعلا عام 1912 وكوبرى الجلاء- كوبرى بديعة- عام 1914 مكان الكوبرى القديم الذى أنشئ عام 1873. ■ ■ وزاد الإقبال على الإقامة فى الزمالك بعد ثورة 23 يوليو لتصبح منطقة منافسة لجاردن سيتى للطبقة البرجوازية.
