رغم أن الجلطات الوريدية من أكثر أمراض الدم الشائعة، فإنها فى الوقت نفسه تعد من الأمراض المجهولة للكثيرين، من حيث الأعراض والأسباب وكيفية الوقاية منها، وتتمثل خطورة تلك الجلطات فى مضاعفاتها الخطيرة حال تجاهلها، والتى قد تودى بحياة المريض. يقول الدكتور علاء خضر، استشارى جراحة الأوعية الدموية، ل«صحتك بالدنيا»، إن الجلطات الوريدية تعد من الأمراض التى تسبب مضاعفات كثيرة قد تؤدى إلى الوفاة، أو فقدان طرف أو قرح مزمنة، يصعب علاجها، وهى عبارة عن تجمع من الخلايا الدموية، تتغير فى شكلها من السائل الطبيعى إلى الهلامى، ويعتبر تجلط الدم من الأشياء الضرورية التى تحدث فى جسم الإنسان عند تعرضه إلى نزيف بالدم، ولكن عندما تتكون الجلطة فى الأوعية الدموية يكون من الصعب العودة إلى الحالة السائلة مرة أخرى، مما يهدد حياة المريض، وقد تصل إلى القلب والرئتين، مما قد يودى بحياته، ولذا من المهم التدخل الطبى السريع. ويضيف خضر: «تعد الجلطة الوريدية ثالث أكثر أمراض الأوعية الدموية شيوعًا وتسببًا فى الوفاة، وترجع معظم الوفيات منها إلى الإصابة بالانسداد الرئوى»، موضحًا أن الجلطة الدموية تقوم بإعاقة سريان الدم فى الشريان، الذى يغذى القلب أو المخ، وتكون النتيجة المباشرة هى الإصابة بالنوبة القلبية أو السكتة الدماغية، ومنها جلطة (الأوردة العميقة)، التى عادة ما تحدث فى الساقين، ولكن قد تحدث فى الذراع أو الأوردة الأخرى فى بعض الأحيان، وتكمن خطورتها فى حالة تفتت جزء من الجلطة وانتقالها إلى الرئتين». وأشار «خضر» إلى أن أهم الأسباب الشائعة لحدوث الجلطات الوريدية جلطات ما بعد العمليات الجراحية، وخاصة العمليات الكبرى التى تستغرق وقتًا طويلًا، والعمليات المعقدة وجراحات الأورام، وعمليات السمنة المفرطة، فحدوث وفاة مفاجئة ما بعد هذه العمليات يكون غالبًا بسبب حدوث جلطات وامتدادها للرئة، فتجلط شرايين الرئتين يحدث تلفًا للجهاز التنفسى ونقص الأكسجين وتوقف عضلة القلب. وقال: «الإصابة بالأورام تعد سببًا ثانيًا لحدوث الجلطات، حيث تسبب الخلايا السرطانية زيادة تجلط فى الدم، مما يسبب حدوث جلطات وريدية، فضلًا عن أن الإصابة المباشرة للأوردة أثناء الجراحة أو تعرضها للضغط بأى شكل، تعتبر سببًا لحدوث جلطات بها، وقد تحدث جلطات أثناء الحمل أو بعد الولادة، نظرا لضغط الجنين والرحم على أوردة الحوض المركزية، مما يسبب جلطات فى أوردة الساقين»، لافتًا إلى أنه من الأسباب المهمة التى لا يلتفت إليها الكثيرون وتتسبب فى حدوث الجلطات الوريدية، «الجفاف»، الذى يعتبر من الأسباب الشائعة لحدوث جلطات فى الأوردة، وذلك إما بسبب قلة السوائل أو فقدان سوائل الجسم، مثل القىء أو الإسهال لفترات طويلة، دون تلقى علاج خاصة مع كبار السن الملازمين للفراش لأى سبب مثل جلطات المخ أو الشلل. وأكد استشارى جراحة الأوعية الدموية أن الوراثة تلعب دورا مهما فى حدوث الجلطات الوريدية، لأسباب جينية، مثل نقص بروتين«S» و«C» وهو أكثر شيوعا فى النساء عن الرجال، بسبب هرمون الحمل وضغط الرحم على كل أوردة الحوض والبطن، فضلًا عن استخدام حبوب منع الحمل، حيث تشكل خطورة فى بعض السيدات، اللاتى لديهن مشكلة فى تجلط الدم مثل نقص بروتين «C»، أو اللاتى يعانين من سمنة مفرطة أو أمراض مزمنة، مشيرا إلى أن هناك أسبابًا أخرى، كالأمراض المناعية مثل الروماتويد والذئبة الحمراء، حيث تسبب مشاكل فى تجلط الدم وتؤدى لحدوث جلطات، وكذلك النوم لفترات طويلة، من الأسباب المهمة التى يجب تفاديها. وأوضح علاء خضر أن الأعراض الشائعة عن هذه الجلطات هى الألم فى القدم أو الذراع أو الساق، والتورم، وارتفاع درجة الحرارة، والإجهاد العام، ناصحًا بضرورة التوجه فور حدوث أى من تلك الأعراض، إلى طبيب جراحة أوعية دموية، وليس تخصصًا آخر، وذلك تفاديًا لحدوث مضاعفات أخطر، قد تحدث أثناء التجاهل، أو فى دائرة التنقل ما بين تخصص إلى آخر، لأنه فى بعض الجلطات مثل التى تحدث بالأوردة المركزية فى الحوض، يمكن أن تؤدى إلى مضاعفات فقدان الطرف موضع الإصابة، وذلك لعدم قدرة العضو على تصريف الدم، فتؤدى لحدوث غرغرينا بالساق أو بالذراع، ويحدث ذلك فى 5% من الجلطات. وبالرغم من خطورة الجلطات الوريدية فإنه يمكن الوقاية منها، وفقًا للدكتور خضر، وقال: «يعد شرب السوائل بكثرة والحركة باستمرار خاصة بعد إجراء أى عمليات جراحية، من الخطوات المهمة جدا، إضافة إلى ضرورة استخدام أدوية السيولة المناسبة، للمرضى الأكثر خطورة وقابلية لحدوث جلطات قبل وبعد إجراء الجراحة، حسبما يرى الطبيب المعالج، ويعتبر تقليل الوزن وممارسة الرياضة والأكل الصحى، من أهم طرق الوقاية من الجلطات والأمراض المزمنة بشكل عام، مع ضرورة منع التدخين، الذى يعد سببًا رئيسيًا فى حدوث جلطات الشرايين والأوردة، مما يسبب انسدادها وحدوث غرغرينا بالقدم».
