فى قصيدته الرائعة «مصر تتحدث عن نفسها»، والتى غنتها أم كلثوم ولحنها السنباطى، قال شاعر النيل حافظ إبراهيم: «وَقَفَ الخَلقُ يَنظُرونَ جَميعاً.. كَيفَ أَبنى قَواعِدَ المَجدِ وَحدى.. وَبُناةُ الأَهرامِ فى سالِفِ الدَهرِ.. كَفَونى الكَلامَ عِندَ التَحَدّى.. أَنا تاجُ العَلاءِ فى مَفرِقِ الشَرقِ... وَدُرّاتُهُ فَرائِدُ عِقدى.. أَنا إِن قَدَّرَ الإِلَهُ مَماتى.. لا تَرى الشَرقَ يَرفَعُ الرَأسَ بَعدى». اسمه كاملًا هو محمد حافظ إبراهيم فهمى، وهو واحد من أبرز الشعراء المصريين فى العصر الحديث فى مدرسة الإحياء، وقد عاصر أحمد شوقى ونازعه إمارة الشعر، وقد تناول شعره أشكالًا مختلفة بين الإخوانيات والوطنيات والرثاء والعروبيات والإنسانيات، ولأنه مولود على مركب فى النيل، أو ربما لأن النيل ذاته ورد فى الكثير من قصائده الوطنية، وربما أيضًا لشدة حبه وتعاطفه مع مصر والمصريين، وللنزعة الوطنية الحاضرة فى كل نصوصه، فقد اكتسب لقب «شاعر النيل»، وهو مولود فى 24 فبراير عام 1872 بديروط بمحافظة أسيوط، وتوفي والده بعد عامين من ولادته، وانتقل إلى القاهرة مع والدته التى توفيت هى الأخرى، وتولى خاله تربيته وألحقه بالمدرسة. وفى المدرسة أقبل على قراءة الشعر وبدأ كتابته، ثم التحق بالمدرسة الحربية وتخرج فيها عام 1891 برتبة ملازم ثان، وسافر إلى السودان ليلتحق بالجيش المصرى هناك، وتم طرده بعد اتهامه هو ومجموعة من الضباط المصريين بتأليف جماعة سرية، ثم عين بوزارة الداخلية فى 1894، ثم صار رئيسًا للقسم الأدبى بدار الكتب المصرية عام 1911، ثم عمل محررًا بجريدة «الأهرام»، إلى أن توفي «زي النهارده» فى 21 يونيو 1932، ودفن فى مقابر السيدة نفيسة. وحين توفي كان رفيق دربه أحمد شوقى يصطاف بالإسكندرية، فلما بلغه نبأ وفاة حافظ صدم وسرعان ما كتب أول بيت فى قصيدة يرثيه فيها: «قد كنت أوثر أن تقول رثائى.. يا منصف الموتى من الأحياء»، ولحافظ ابراهيم -غير ديوانه الشعرى- ترجمة رواية «البؤساء» ل«فيكتور هوجو»، وليالى سطيع فى النقد الاجتماعي، وفى التربية الأولية (معرب عن الفرنسية) والموجز فى علم الاقتصاد (بالاشتراك مع خليل مطران)، وفضلًا عن جزالة وتميز شعره كان حافظ إبراهيم يتمتع بقوة الذاكرة، فضلًا عن تمتعه بروح الفكاهة والكرم، وقد شارك فى مبايعة أحمد شوقى أميرًا للشعراء فى دار الأوبرا القديمة بقصيدة رائعة.