دعوة لكل من بيده شيء يَخدم به هذا الوطن العظيم و هذا الشعب الذي عاش مقهوراً علي مدار العصور، دعوة للرحمة و الرأفة بالشعب الصبور الذي لا يريد أكثر من حياة كريمة خالية من الذل و إنتهاك الحريات. إذا قرأنا في صفحات التاريخ سنجد أن شعب مصر لم يعش عقداً واحداً علي مر الزمان بدون شبح الحرب أو شبح الفساد أو الشبحين مجتمعين معاً. و أخر ثلاثة عقود كانت أشبه بالظلام الحالك الذي خيم علي النفوس و علي العقول فضاعت كل الأحلام و تلاشت كل الطموحات و هان كل شيء عندما أُهدرت الكرامات و فُقدت الحريات. كانت ثلاثة عقود مات فيها الشعب المصري و لم يعش منها يوماً واحداً، و كأن العمر توقف و تصلبت عجلة الزمن أمام المصريين في نفس الوقت الذي خطت الكثير من الدول مسرعة لتحقق لشعوبها الرخاء و الحرية و الكرامة. من منا لا يتمني أن ترجع عجلة الزمن للخلف فيدخر الثلاثين عاماً الماضين ليعيشهم بعد ثورة 25 يناير؟ من منا لا يندم علي كل يوم عاشه محكوماً بالفساد و الظلم و إغتصاب الحقوق و كان يمكنه أن يعيش حياة كريمة طاهرة إذا لم يكن مقدراً لنا ما قُدر يوم تولت عائلة المخلوع أمور الشعب الذي صَبر و صَبر فما كان من هذه العائلة إلا أن ذاد طغيانها و أستبدادها. ما من مصيبة أو كارثة إدخرها أو منعها نظام المخلوع أن تصل للشعب، فإذا بدأنا بالحصر فلن ننتهي قبل أن ندرك أن شعب مصر هو أحق الشعوب الأرض في الحياة الكريمة و الحرية الكاملة بعد كل ما مر به من ويلات تقشعر لها الأبدان و تنفرُ منها العقول الحرة و النفوس العزيزة. و الأن و قد فاق الصبر كل الحدود و قام الشعب بثورة مجيدة تحدث عنها العالم كله بفخر و إعجاب، مازالت الفرحة مؤجلة و مازال الشعب ينتظر، مازالت العيون تترقب و القلوب تأمل و تحلم بفجر جديد و غد مشرق من بعد الظلمة الحالكة في عهد المخلوع. مازلنا ننتظر أن تتم الثورة و تصبح كاملة لتتحقق الأحلام في فجر عصر نقي كريم لا تلوثه أيدي الفساد. و هذا الفجر ليس بالكثير علي المصريين فهو فجر لن يُعيد عجلة الزمان فيمحو الثلاثين عاماً في حكم المخلوع و لن يعيد العمر الضائع من حياة من عاش في هذا العهد البائد، بل إنه سيأتي بالأمل في حياة كريمة ليس لنا و لكن فقط لأولادنا. الأمل في أن يعيشوا عمراً لم نعشه ويستمتعون فيه بكل ما حُرمنا نحن منه من حرية و عزة و كرامة. هذا هو كل ما يطلبه الشعب، فرحة للأجيال القادمة ... فهل هناك من يرحم هذا الشعب و يعمل فقط ليجعله يفرح لأول مرة منذ قديم الأذل. هل هناك من يحقق مطالب الثورة عن بكرة أبيها فيرسم لنا طريق النجاة؟ يا جيش مصر العظيم، الأمر بعد الله لك، و الحل بيديك فأتم ما بدأه الشعب و حقق له مبتغاه فلا شعب غير شعب مصر يستحق أن يعيش هذا الحلم الذي طال إنتظاره. عظيمة يا مصر. بقلم د. ياسر الدرشابي