تسابق «دبى» فى دولة الإمارات العربية الزمن لوضع اللمسات الأخيرة على معرض إكسبو 2020، الذى يعتبر أضخم حدث دولى تشهده منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا، والذى سيفتح أبوابه للعالم اعتبارا من شهر أكتوبر المقبل ليستمر ستة أشهر كاملة، ويأتى المعرض تحت شعار «تواصل العقول وصنع المستقبل» لإبراز القيم الأساسية التى تتبناها معارض إكسبو الدولية، بينما تمثل المواضيع الفرعية الثلاثة: الفرص والتنقل والاستدامة، محركات التقدم الرئيسية للبشرية. المعرض سيوفر لملايين الزوار الفرصة لإقامة الروابط وتجديدها والاستمتاع بالعديد من البرامج والفعاليات المميزة. وتعتبر معارض إكسبو من أكبر وأهم الأحداث الدولية، حيث يقام المعرض كل خمس سنوات وذلك منذ انطلاق أول معرض عام 1851 فى لندن، والذى عُرف باسم «المعرض العظيم»، وفازت دبى بشرف تنظيمه فى التصويت الذى جرى بالعاصمة الفرنسية باريس على ثلاث جولات، حيث حصلت دبى فى الجولة الأخيرة على 126 صوتا مقابل 47 لمنافستها مدينة إيكاترينبرج الروسية. وقبل عام من افتتاح المعرض رسميا، نظمت الإمارات حدثا كبيرا بعنوان «سنة لننطلق» لبدء العد التنازلى ل«الحدث الأروع فى العالم» كما أطلقت عليه دبى، حيث أحيا الحفل الفنان الإماراتى حسين الجسمى، والمغنية العالمية ماريا كارى، بالإضافة إلى ظهور خاص لعدد من كبار الفنانين العالميين، وخلال تلك الفترة حظيت «المصرى اليوم» بفرصة زيارة موقع إكسبو 2020 ورؤية الاستعدادات الأخيرة على الطبيعة حيث يواصل آلاف العاملين الليل بالنهار لإكمال إنجاز المبانى وفق المخطط الزمنى ليكون كل شىء جاهزا فى الموعد المحدد. ووفق الأرقام الرسمية يوجد حاليا حوالى 32 ألف عامل فى الموقع من 71 جنسية مختلفة، استطاعوا إنجاز أكثر من 130 مليون ساعة عمل فى موقع المعرض. يضم المخطط الرئيسى للمعرض «قبة الوصل» وهى المركز الرئيس، والوصل هو الاسم القديم لدبى، بالإضافة إلى ثلاثة أجنحة مختلفة تعبر عن ثلاثة موضوعات رئيسية: الفرص، التنقل، الاستدامة. ويتم الانتهاء حاليا من أغلبية أعمال البناء، فى الوقت الذى يهتم فيه مسؤولو المعرض بتجهيز موقع مخصص لوسائل الإعلام لتغطية الفعاليات بسهولة ويسر من خلال مبنى كامل من تسعة طوابق مجهز بكل وسائل الاتصال والتواصل، وهو المبنى الذى انتهى العمل فيه تقريبا حيث قمنا بالتجول داخله خلال زيارة موقع «إكسبو 2020». المساحة التى تم تخصيصها لمعرض إكسبو 2020 تبلغ 4.38 كيلومتر مربع، وهو ما يعادل مساحة إمارة موناكو، وساحة الوصل هى المعلم الرئيسى فى الموقع حيث تقع فى القلب من موقع إكسبو 2020، وستستضيف عددا من الفعاليات والاحتفالات الضخمة خلال فترة انعقاد الحدث الدولى. وستكون قبة الساحة الدائرية شاشة عملاقة توفر تجربة عرض غامرة بنطاق 360 درجة يمكن مشاهدتها من الداخل والخارج، وقد انتهت غالبية الأعمال فى القبة، حيث يتم حاليا تركيب قطع الشاشات الخارجية والداخلية التى سيتم استخدامها فى العروض المختلفة. وتعتبر قبة ساحة الوصل أبرز معالم إكسبو 2020 ودرة تاج الحدث، وتمثل شعار إكسبو المستوحى من خاتم عُثر عليه فى موقع ساروق الحديد الأثرى فى إمارة دبى، وتضم مجموعة من الأرقام المدهشة أبرزها قُطر القبة الذى يصل إلى 130 مترا وهى المساحة التى تتسع لطائرتين من طراز إيرباص A380، بينما يبلغ ارتفاعها 67.5 متر وهو ما يتجاوز طول برج بيزا المائل، بينما يبلغ وزنها 2544 طنا، ويبلغ طول الحديد المستخدم فى إنشاءاتها 13.6 كيلومتر. وبالإضافة إلى الأجنحة الثلاثة الأساسية سيضم إكسبو متنزهين، هما حديقة الفرسان وحديقة اليوبيل، كما سيضم مركز دبى للمعارض DEC الذى تبلغ مساحته 45 ألف متر مربع، كما سيضم مشتلاً لتنمية ورعاية المساحات الخضراء. يضم نحو 400 ألف شجيرة و13 ألف شجرة. ويتوقع أيضا تسليم 500 ألف شجيرة وغطاء أرضى أخضر و4 آلاف شجرة فى الفترة التى تسبق انطلاق إكسبو 2020. بالإضافة إلى 45 سبيلا لمياه الشرب صممها مبدعون من دولة الإمارات والمنطقة عبر مسابقة أقيمت هذا العام. وحتى تتوافق مفاهيم المعرض فى الاحتفاء بالحياة والتطور الإنسانى، تمت مراعاة أن يتم إنشاء أكثر من 90 مبنى من مبانى المعرض وفقا لمعايير «لييد البلاتينية» أو «الذهبية» للمبانى المستدامة، وهى أعلى معايير المبانى الخضراء الدولية، ويقول المسؤولون إن هناك 80% من مبانى المعرض ستظل باقية فى أماكنها بعد انتهاء الفعاليات لتكون مرحلة «الإرث» أو مرحلة الشواهد التاريخية على هذا الحدث الكبير، بينما سيتحول الموقع إلى مجتمع متكامل بأعلى المعايير العالمية تحت اسم «دستركت 2020». وفيما يتعلق بمفاهيم الاستدامة والطاقة النظيفة، يهدف إكسبو 2020 إلى فصل 85% من النفايات (بما فيها النفايات الصلبة والنفايات الناتجة عن العمليات الإنشائية وغيرهما) لمعالجتها وتحويلها عن مكبات النفايات، كما أن جناح الاستدامة سوف يستخدم موارد متجددة لتوليد ما يصل إلى 4 جيجاوات/ساعة من الطاقة كل عام، وهو ما يكفى لشحن 900 ألف هاتف محمول. ويتوقع مسؤولو المعرض أن يتم استقبال 25 مليون زائر (ما يعادل عدد سكان قارة أستراليا) خلال فترة المعرض، 70% منهم من خارج دولة الإمارات العربية، وسيكون «إكسبو 2020» قادرا على استضافة 300 ألف شخص يوميا، بما يتجاوز ثلاثة أضعاف الطاقة الاستيعابية لاستاد ويمبلى فى لندن، وذلك بمساعدة أكثر من 30 ألف متطوع من مواطنى الإمارات والمقيمين فيها للعمل على تنظيم دورة استثنائية. وفى لقاء مع الصحفيين، أكدت ريم الهاشمى، وزيرة الدولة لشؤون التعاون الدولى الإماراتية: «يشكل معرض إكسبو 2020 فرصة لشبابنا كى يتفاعل مع العالم، كما أنه فرصة كى نضع منجزاتنا وثقافتنا وتراثنا، وطموحاتنا وأحلامنا أمام العالم كله»، وأن المعرض يمثل فرصة لمنطقة الشرق الأوسط وإفريقيا وجنوب آسيا كى تترك بصمتها فى المستقبل، لافتة إلى أن المعرض العالمى سيشهد تبادلاً للأفكار والخبرات، وتوفيراً للوظائف وفرصاً جديدة لإقامة الأعمال. ولفتت الهاشمى إلى أنه وبعد ختام فعاليات «إكسبو 2020» فى إبريل 2021، سيترك المعرض العالمى إرثاً مستمراً، بينما تواصل دولة الإمارات تقدمها نحو اقتصاد قوامه الطاقات البشرية، بعد أن قدمت للعالم منبراً حيوياً للإبداع والعمل المشترك والطموح لتحقيق المزيد. يشارك فى المعرض 192 دولة مختلفة تستعرض ثقافتها وفنونها وملامح التطور المختلفة التى تشهدها، كما يشهد ستة احتفالات كبرى بما فى ذلك رأس السنة الميلادية، ورأس السنة الصينية، ومن المتوقع أن تشهد أيام المعرض أكثر من 60 فعالية مختلفة يوميا، كما أن موقع إكسبو سيكون أول موقع تجارى يوفر تقنيات الجيل الخامس 5G فى الاتصالات فى منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا وجنوب آسيا. وبالإضافة إلى الفعاليات والتواصل الثقافى والاجتماعى خلال فترة المعرض، من المتوقع أن يكون هذا الحدث مؤثرا بشكل كبير على العديد من النواحى الاقتصادية فى دولة الإمارات العربية، ووفقا لتقرير حديث أصدرته شركة «إرنست آند يونج» فإنه من المتوقع أن تصل مساهمة إكسبو فى اقتصاد الإمارات بين عامى 2013- 2031 إلى 122.6 مليار درهم، كما يساهم بنسبة 1.5% من الناتج المحلى الإجمالى السنوى خلال مدة الحدث، كما سيتم تخصيص 100 مليون دولار كميزانية لدعم الابتكارات التى تتصدى للتحديات التى تواجه العالم ضمن برنامج «إكسبو لايف»، وأكدت الشركة صدور 5 آلاف منتج مرخص رسميا للبيع من خلال برنامج إكسبو 2020 للمنتجات والتراخيص. وسوف تشارك مصر فى فعاليات «إكسبو 2020» من خلال جناح مقام على مساحة 3 آلاف متر مربع وهى أكبر مساحة تحصل عليها مصر فى تاريخ مشاركاتها السابقة فى هذه المعارض، ويشمل الجناح 9 قطاعات رئيسية حيث يقام فى جناح «الفرص» داخل المعرض. وقال الدكتور عبدالعزيز الشريف، الرئيس التنفيذى لهيئة تنمية الصادرات، فى تصريحات صحفية، إنه تم عقد اجتماع مؤخرا لاستعراض تطور العمل بالجناح المصرى والخطة المستقبلية للانتهاء من تجهيزه وتسليمه فى الوقت المحدد، مشيراً إلى أن الجناح المصرى يقع فى موقع متميز بجوار الجناح الإماراتى ويعكس تصميمه الخارجى الحضارة المصرية العريقة والفرص الاستثمارية المتاحة بالسوق المصرية، كما سيتم تجهيز الجناح من الداخل بأحدث الأجهزة والمعدات والتقنيات الحديثة لتوفير كافة الإمكانيات والخدمات للزوار. وأضاف أن الجناح المصرى سيظل متواجدا بالإمارات بمدينة الإكسبو لسنوات طويلة، وستتم الاستفادة منه فى الترويج لمصر فى كافة القطاعات الاستثمارية والتجارية والخدمية.
