قال الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، إن العالم اليوم فى أمس الحاجة إلى الأمن بكل مفرداته، ولا سيما الأمن المجتمعى والنفسى، إذ لا تنمية ولا اقتصاد ولا تقدم ولا ازدهار بلا أمن، ولا أمن مع الإرهاب ولا قضاء على الإرهاب دون حماية شبابنا من التطرف. وأضاف «جمعة»- فى كلمته أمس خلال الجلسة الافتتاحية لمؤتمر «تحصين الشباب من الفكر المتطرف والعنف»، الذى تنظمه رابطة العالم الإسلامى تحت رعاية الدكتور محمد عبدالكريم العيسى، أمين عام الرابطة بمقر الأممالمتحدة فى جنيف- أن تعرية الإرهاب والإرهابيين من التستر بأى غطاءات دينية هى واجب المؤسسات الدينية ومن أهم سبل مواجهة الإرهاب، لذا نحن هنا فى أعرق مؤسسة دولية فى الأممالمتحدة لنؤكد أننا دعاة أمن وسلام، وأننا جئنا إلى هنا دعمًا للسلام ولنقف صفًا واحدًا فى مواجهة التطرف والإرهاب. وتابع: «نؤمن بحرية المعتقد وبحق التنوع والاختلاف، ونعمل بما أوتينا من قوة على ترسيخ أسس التعايش السلمى بين البشر جميعًا واحترام آدمية الإنسان وإنسانيته دون تمييز على أساس الدين أو اللون أو الجنس أو العرق، كما نؤمن بحق الإنسان فى مقومات الحياة الأخرى التى لا تستقم حياته إلا بها، من صحة وتعليم ومسكن آدمى، مع إيماننا بما يتطلبه ذلك من حماية اجتماعية وتكافل إنسانى حقيقى يعلى من قيمته كإنسان، فَإذا أنفقت البشرية على التنمية فى المناطق المحرومة والدول الأكثر فقرًا معشار ما تنفق على الحروب، لتغير وجه العالم الذى نعيشه». وأردف وزير الأوقاف: «إننا حين ندعو للتسامح ونحن هنا لأجله ونعمل على تعزيزه وتحصين شبابنا من التطرف، فإنه يجب علينا انتشال الطبقات الفقيرة ولو إلى أدنى درجات العيش الآمن بكرامة»، لافتًا إلى أن الطبقات المحرومة والمهمشة أكثر عرضة للانفجار، كما تعمل يد الإرهاب الغاشم على خطف بعض أبنائها المحبطين. وأشار إلى أنه لا يظن أحد أنه قادر على أن يعيش طويلًا آمنًا وحده أو بمعزل عن أمن الآخرين واستقرارهم، فى وقت صار فيه العالم كله أشبه بقرية صغيرة، حيث إن ما يحدث فى شرقه سرعان ما نجد صداه فى غربه، وكذلك الحال فى شماله وجنوبه، كما أصبح الإرهاب فيه إلكترونيًا ومسلحًا، عابرًا للحدود والقارات، وهو أكثر تسللًا وأسرع انتشارًا من الفيروسات المدمرة. وفى سياق متصل، نظمت البعثة المصرية الدائمة لدى مكتب الأممالمتحدة فى جنيف حلقة نقاش رفيعة المستوى بعنوان «المشتركات الإنسانية فى الشرائع السماوية»، بمشاركة وزير الأوقاف، والدكتور شوقى علام مفتى الديار المصرية، والدكتور أسامة العبد رئيس لجنة الشؤون الدينية والأوقاف بمجلس النواب، وممثلين عن مجلس الكنائس العالمى والفاتيكان والاتحاد البرلمانى الدولى. وقال علاء يوسف، مندوب مصر الدائم لدى الأممالمتحدة، إن جميع الأديان تدعو لتعزيز السلام، وتتفق على مبادئ وقيم إنسانية مشتركة فى إطار من الاحترام الكامل، وبما يسهم فى بناء مجتمعات تتمتع بالتماسك والسلام، منوهًا بالدور المهم الذى يمكن أن يلعبه الزعماء الدينيون والبرلمانيون ومنظمات المجتمع المدنى فى دعم جهود الدول فى مكافحة التحريض على الكراهية والعنف، من خلال تصحيح الخطاب الدينى، وسن التشريعات التى تُعزز التسامح وضمان التعايش السلمى بين المجتمعات المختلفة. وأبرز وزير الأوقاف معالم التجربة المصرية الناجحة فى تجاوز مصطلح الأقلية إلى مفهوم المواطنة والمساواة بين المواطنين جميعًا دون أى تمييز، مؤكدًا فى الوقت نفسه أن التطرف والتشدد ليس من الدين فى شىء، وأن التسامح وقبول الآخر هو حقيقة الدين، لافتًا إلى حماية الكنائس فى الإسلام وحرية بناء دور العبادة، والجهود الحكومية المستمرة منذ 3 أعوام لتقنين أوضاع الكنائس والمبانى الخدمية الملحقة بها فى مصر. وقال روبرت فيتيو، ممثل الفاتيكان وسكرتير عام اللجنة الكاثوليكية الدولية للهجرة، إن موضوع الجلسة نادرًا ما يتم تسليط الضوء عليه داخل أروقة الأممالمتحدة، بالرغم من الاعتراف الدولى بأهمية الزعماء والمجتمعات الدينية فى تعزيز السلام والوئام فى العالم، مؤكدًا أن الحوار بين الأديان والثقافات قدم إسهامات كبيرة فى تحقيق التفاهم المتبادل والتسامح والاحترام. وأشاد الدكتور أسامة العبد باهتمام الدولة ببناء الكنائس وتقنين أوضاعها، وإزكاء مشاعر التعايش السلمى دون تمييز على أساس الدين.