أعلنت محافظة الدقهلية عن مشروع لتطوير حديقة «هابى لاند»، آخر متنزهات الخديو إسماعيل، التي كانت مُلحقة بقصر إسماعيل باشا المفتش، وزير المالية الأسبق، وأشرف بنفسه على إنشائه في عام 1863 ليكون نُزلًا لائقًا به، وذلك في إطار مخطط لتطوير حدائق المنصورة. وتقع الحديقة في منتصف مدينة المنصورة على مساحة 8 آلاف متر، وعلى بعد 500 متر من مبنى ديوان عام المحافظة، و200 متر من المرسى التابع للقصر على النيل. وحصلت «المصري اليوم» على نسخة من تفاصيل المشروع الذي تقدم به الدكتور كمال جاد شاروبيم، محافظ الدقهلية، لرئيس مجلس الوزراء، وفى انتظار الموافقة عليه. ويتضمن المشروع إنشاء فندق على مساحة كبيرة من الحديقة، به دور أرضى، وأول خدمات وترفيهى، و8 أدوار متكررة تحتوى على 120 غرفة فندقية متوسطة، مساحة الغرفة الواحدة 80 مترًا مربعًا، فضلًا عن محال تجارية على مساحة 2800 متر، إلى جانب ربطها بحديقة «صباح الخير يا مصر» على النيل بكوبرى دائرى بطول 1060 مترًا، وإنشاء مطاعم عائمة على شكل جناحين عبارة عن 3 أدوار على مساحة 2100 متر، وكذلك مركز للمؤتمرات بمساحة 900 متر، وجراجين على مساحة 5750 مترًا، (أحدهما أسفل حديقة الهابي لاند بمساحة 5300 والثاني أسفل حديقة صباح الخير يا مصر بمساحة 450 مترًا)، مع ترك مساحات مفتوحة وبينية ب«الهابى لاند»، قدرها 4700 متر. وكشفت المستندات أن تكلفة إنشاء المشروع تقدر ب 438 مليون جنيه، شاملة إنشاءات الفندق والمطاعم والمحلات والكوبرى والجراجات. كما حصلت «المصرى اليوم» على نسخة من المشروع الذي سبق ووافق عليه الدكتور أحمد الشعراوى محافظ الدقهلية السابق في منتصف عام 2018 والذى لم يتضمن إنشاء الفندق حيث رفض المحافظ السابق المساس بالمساحات الخضراء بالحديقة واكتفى بإنشاء المطاعم والمحلات والكوبرى وقاعة المؤتمرات بتكلفة اجمالية 120 مليون جنيه فقط، وحصل «الشعراوى» على موافقة رئيس الوزراء آنذاك، بينما قام محافظ الدقهلية الحالى بإضافة الفندق على مشروع التطوير لمزيد من الإستثمارات وتوفير دخل للمحافظة على حد تعبيره. وأشارت مصادر بمحافظة الدقهلية، إلى أن المحافظة تدرس حاليًا المفاضلة ما بين طريقتين للاستثمار بالمشروع: الأولى أن يتم طرحه للاستثمار بنظام ال «BOT»، الذي يعتمد على إسناد عملية البناء والتشييد للقطاع الخاص، على أن يقوم بتشغيله وإدارته بعد الانتهاء منه لمدة امتياز معينة تتراوح ما بين 30 و40 سنة، وبعد إنتهاء مدة الإمتياز يتم نقل المشروع بعناصره إلى الدولة، والطريقة الثانية هي قيام المحافظة بإنشاء الفندق والخدمات بالحديقة على أن تؤجر المنشآت للمستثمرين مقابل إيجار سنوى وذلك من خلال مزايدة علنية. وعقد محافظ الدقهلية عدة اجتماعات مع لجنة التطوير برئاسة المهندس مختار الخولى السكرتير العام بالمحافظة ورفض حضور الصحفيين أو النواب أو متخصصين من كلية الهندسة بجامعة المنصورة . من جانبه، قال «شاروبيم»، ل«المصرى اليوم»، إن المحافظة تقدمت بمشروع التطوير الذي يضم الفندق إلى الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس الوزراء، بتاريخ 17 يناير الماضى، وتنتظر موافقته عليه للبدء في التنفيذ، وطريقة الإستثمار فيه، حيث قام رئيس الوزراء بإحالته للتنسيق الحضارى لدراسته. وتابع: «وضع حديقة الهابى لاند يرثى له وظلت تعانى من الإهمال على مدار سنوات والمشروع الحالى يحقق أقصى استفادة ممكنة وسيتم وضع المواطن محدود الدخل في الإعتبار خاصة في دخول الحديقة بعد تطويرها». وعلى الصعيد نفسه، رفضت العديد من منظمات المجتمع المدنى بالدقهلية والمهتمة بالبيئة والتراث المشروع، مشددين على ضرورة الحفاظ على كامل الحديقة كمتنزه للمواطنين، مع تطويره وادخال الخدمات الترفيهية به دون المساس بالغرض الأساسى منه كحديقة عامة. وقال الدكتور مهند فودة، أستاذ بكلية الهندسة جامعة المنصورة ومؤسس حملة «أنقذوا المنصورة» المهتمة بالمنشآت التاريخية والتراثية: «أعارض تماما إنشاء فندق على حديقة الهابي لاند لعدة أسباب، أولها ان الحديقة تاريخيا هي الجزء الوحيد المتبقي من متنزهات قصر الخديوي اسماعيل الذي تم انشاؤه في الستينيات من القرن التاسع عشر وهو المعروف حاليا بمبنى نيابة المنصورة بالمختلط ضمن عدة مبانى للقصر والتى تحولت للمحكمة الابتدائية ومبنى الحزب الوطني المحترق والذي كان مرساة القصر حيث ترسو السفن الخديوية حين وصولها للمنصورة، وكان يحيط بالقصر حدائق غناء من كل جانب، وتحولت معظمها أيضا لكن تم انشاء حي المختلط على تلك الحدائق في العشرينيات من القرن العشرين ولم يتبقى من المتنزهات سوى مساحة حديقة الهابي لاند الحالية، وقد حاول المحافظون السابقون إستغلالها وعندما كان الإطار يتحول إلى استثمار كانوا يصطدمون بالرفض الشعبي، لقيمتها التاريخية. وأضاف: «ثانيا هناك بعد اجتماعى للرفض فلم يعد لمحدودي ومعدومي الدخل متنزهات وحدائق بالمنصورة بعد استقطاع أجزاء كبيرة من حديقة شجرة الدر لصالح احد النوادي الخاصة وتحويل حديقة حيوان المنصورة لمشروع استثماري محلات وخلافه وجاء الدور على الهابي لاند، والسبب الثالث بيئي، حيث تصنف الدراسات البيئية المنصورة على أنها من أكبر المدن التي تعاني من تلوث الهواء على مستوى مصر ويرجع ذلك لعوادم مصنع السماد ومصانع الطوب وعوادم السيارات، فبدلا من أن يجتهد المسؤولون في زيادة الرقعة الخضراء بالمدينة لتقليل نسب التلوث، يتم القضاء على المسطحات الخضراء لصالح المشاريع الإستثمارية . وطالب «فودة» بضرورة إجراء مناقشة مجتمعية للمشروع قبل الموافقة عليه لأن مثل تلك المشروعات الكبرى تحتاج لتوافق مجتمعى ولابد أن يراعى المشروع الحفاظ على تاريخ الحديقة وعلى الغرض من إنشائها وهى متنزه عام.