اليوم.. 3 طلبات إحاطة على طاولة «محلية النواب»    الجمعة.. قافلة دعوية كبرى في مساجد الحسنة بشمال سيناء    الخروف ب15 ألف جنيه.. تعرف على أسعار الأضاحي في أسواق الأقصر    جديد أسعار اللحوم اليوم 12 يونيو بمحال الجزارة ومنافذ الحكومة    أسعار النفط ترتفع وبرنت يسجل 82.04 دولارا للبرميل    مفاجأة أسعار الحديد والأسمنت اليوم 12 يونيو.. عز يقفز مجددًا    ارتفاع أسعار الجملة في اليابان بنسبة 0.7% خلال الشهر الماضي    حزب الله يعلن مقتل قيادي و3 من عناصره خلال المواجهات مع إسرائيل    مسئول أمريكي: رد حماس على مقترح وقف إطلاق النار يحمل استفسارات    وكالة الأنباء الفلسطينية: مقتل 8 فلسطينيين وإصابة عدد آخر في قصف إسرائيلي على مناطق في رفح والشجاعية في قطاع غزة    عاجل - "واشنطن بوست" تفتح النار على إسرائيل بشأن حماية المدنيين في حربها على غزة    موعد مباراة الأهلي ضد فاركو في الدوري الممتاز.. والقنوات الناقلة    موعد مباراة سبورتنج والترسانة في دورة الترقي للممتاز والقنوات الناقلة    بدء امتحان الاقتصاد لطلاب الثانوية العامة 2024    عرض شقيق "كهربا" على الطب الشرعي في واقعة تشاجره مع رضا البحراوي    حجاج بيت الله الحرام يتوجهون إلى "مشعر منى" الجمعة لبدء مناسكهم    الرقابة على المصنفات الفنية تجيز عرض فيلم أهل الكهف بهذا التصنيف العمري (خاص)    أفلام عيد الأضحى تنطلق الليلة في دور العرض (تفاصيل كاملة)    أفضل الأدعية والأعمال المستحبة في يوم عرفة    مات كما يتمنى.. وفاة ثلاثيني بكفر الشيخ أثناء أداء مناسك الحج    45 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات على خط «طنطا - دمياط».. الأربعاء 112 يونيو 2024    طقس اليوم 12 يونيو.. اعرف مستجدات الموجة شديدة الحرارة    نقيب الصحفيين الفلسطينيين: موقف السيسي التاريخي من العدوان على غزة أفشل مخطط التهجير    هل يشترط صيام يوم عرفة بصوم ما قبله من أيام.. الإفتاء توضح    ماذا يحدث داخل للجسم عند تناول كمية كبيرة من الكافيين ؟    دون إصابات.. إخماد حريق عقار سكني بالعياط    اتحاد الكرة يحسم مشاركة محمد صلاح في أولمبياد باريس 2024    شولتس ينتقد مقاطعة البديل وتحالف سارا فاجنكنشت لكلمة زيلينسكي في البرلمان    تتخطى ال 12%، الإحصاء يكشف حجم نمو مبيعات السيارات التي تعمل بالغاز الطبيعي    «مشكلتنا إننا شعب بزرميط».. مصطفى الفقي يعلق على «نقاء العنصر المصري»    هيئة الدواء: هناك أدوية ستشهد انخفاضا في الأسعار خلال الفترة المقبلة    تأثير التوتر والاكتئاب على قلوب النساء    عاجل.. تريزيجيه يكشف كواليس حديثه مع ساديو ماني في نهائي كأس الأمم الإفريقية 2021    رئيس الأساقفة جاستين بادي نشكر مصر بلد الحضارة والتاريخ على استضافتها    أوروبا تعتزم تأجيل تطبيق أجزاء من القواعد الدولية الجديدة لرسملة البنوك    رئيس لجنة المنشطات يفجر مفاجأة صادمة عن رمضان صبحي    زواج شيرين من رجل أعمال خارج الوسط الفني    فيديو صام.. عريس يسحل عروسته في حفل زفافهما بالشرقية    هذا ما يحدث لجسمك عند تناول طبق من الفول بالطماطم    والد طالب الثانوية العامة المنتحر يروي تفاصيل الواقعة: نظرات الناس قاتلة    رسميًا.. تنسيق الثانوية العامة 2024 في 5 محافظات    الفرق بين الأضحية والعقيقة والهدي.. ومتى لا يجوز الأكل منها؟    هل الأضحية فرض أم سنة؟ دار الإفتاء تحسم الأمر    خلال 3 أشهر.. إجراء عاجل ينتظر المنصات التي تعمل بدون ترخيص    الرئيس السيسي يهنئ مسلمي مصر بالخارج ب عيد الأضحى: كل عام وأنتم بخير    الكويت: ملتزمون بتعزيز وحماية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وتنفيذ الدمج الشامل لتمكينهم في المجتمع    ظهور حيوانات نافقة بمحمية "أبو نحاس" : تهدد بقروش مفترسة بالغردقة والبحر الأحمر    رئيس جامعة الأقصر يشارك لجنة اختيار القيادات الجامعية ب«جنوب الوادي»    تفاصيل اصابة 8 اشخاص في حادث علي طريق بالدقهلية    عاجل.. محمود تريزيجيه: لا تفرق معي النجومية ولا أهتم بعدم اهتمام الإعلام بي    تريزيجيه: حسام حسن مدرب كبير.. والأجواء أمام غينيا بيساو كانت صعبة    حازم إمام: نسخة إمام عاشور فى الزمالك أفضل من الأهلي.. وزيزو أفيد للفريق    برلماني: مطالب الرئيس ال4 بمؤتمر غزة وضعت العالم أمام مسؤولياته    بالفيديو.. عمرو دياب يطرح برومو أغنيته الجديدة "الطعامة" (فيديو)    نقيب الصحفيين الفلسطينيين ل قصواء الخلالى: موقف الرئيس السيسي تاريخى    عصام السيد يروى ل"الشاهد" كواليس مسيرة المثقفين ب"القباقيب" ضد الإخوان    حظك اليوم| الاربعاء 12 يونيو لمواليد برج الميزان    اليوم.. «صحة المنيا» تنظم قافلة طبية بقرية بلة المستجدة ببني مزار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السياسة الدينية والدين السياسي
نشر في المصري اليوم يوم 13 - 05 - 2011

السياسة الدينية أو تسييس الدين، والدين السياسي أو تديين السياسة، مصطلحات غفل عن معناها ومضمونها كثير ممن يدافعون عنها أو يهاجمونها وما ذلك إلا لأن البعض -من كارهي الدين أو الجاهلين به أو الظانين أنه غير تام أو متكامل أو متوافق مع متطلبات العصر الحديث أو الذين يحصرون الدين في مسألة تطبيق الحدودويخشون منها- يزعمون أن كل علاقة بين الدين والسياسة إنما هي علاقة إقحامٍ أو علاق التقاء متنافرين لا يجتمعان، وتلك هي الصورة التي يبثها أولائك في أسماع وأذهان العوام، فهم يحسبون أن الشرعية والصواب يكتسب من عامة الناس كما تزعم الديمقراطية فيسيطرون على عقول هؤلاء ليصلوا إلى ما يريدون مهما كانت الوسيلة من كذبٍ وتدليسٍ وادِّعاءٍ بالباطل، المهم أن يصلوا إلى مبتغاهم، وهذا ليس بغريب على أناس يريدون تحييز الدين وتحييده بزعمهم حتى يتسنى لهم استيراد أنظمة وقوانين ما أنزل الله بها من سلطان بل وتتضارب مع أوامره ونواهيه وشرعه، وكأن الدين سيظلم الناس أو يبخسهم حقوقهم.
ولو أردنا توضيح الفرق بين المصطلحين لقلنا أنهما يعتمدان على الإضافة اللغوية، فالمصطلح الأول "السياسة الدينية" يعني السياسة التي هي من الدين أو منهج الدين في السياسة فهي مشتقة من الدين لا تخرج عنه والتي يدلل عليها الدين ويشرعها فهي مضافة إليه لا مضافا إليها فهو الأصل وهي فرع منه، وقد ألف شيخ الإسلام ابن تيمية كتابا أسماه "السياسة الشرعية" يناقش هذا الأمر، وتسييس الدين أي جعله مصدر السياسة واستقاء السياسة العامة والخاصة والداخلية والخارجية منه ومن تشريعاته، أما المصطلح الثاني "الدين السياسي" أو تديين السياسة فهو استغلال الدين في تعزيز الاتجاهات السياسية الخارجة عنه، وهذا أينما وجد وجد علماء السوء الذين يزورون ويدلسون ويبدلون كلام الله تعالى ومعانيه ومفاهيمه ودلالاته ليدللوا به على صحة سياستهم وسياسة ملوكهم، وهذا النوع استخدمه ملوك أوروبا قيدما فاستعانوا بالكنيسة ورهبانها في كبت شعوبهم واستعبادهم وإضفاء الشرعية الدينية على قراراتهم وأوامرهم، وهذا هو الذي أنشأ العلمانية والثورات التي هاجمت تحكم وتجبر الملوك والحكام وهاجمت الكنيسة ورهبان السوء الذين كان همهم إرضاء ملوكهم، وجدت تلك الثورات من يؤججها وينحرف بها عن مسارها فلم تكن هذه الثورات ضد فساد رجال الدين بل كانت ضد الدين نفسه والكنيسة نفسها ولم يفرقوا بين الدين والخبثاء المنتمين إليه، وهذه الطريق استخدمه ولا زال يستخدمه بعض الحكام كما استخدمه رئيس مصر السابقعندما اختزل الأزهر في صورة أشخاص منه يظهرون على الشاشات ويقتحمون مجالس الشعب والشورى لِيَهِمَ الشعب أنه يتمتع بالشرعية الدينية وباعتراف أكبر مؤسسة دينية في البلاد، وهو الطري قالذي جنة على الدين لمَّا لم يفطن الناس إلى الفرق بين المصطلحين، ولما لم يكن لديهم العلم الكافي ليعرفوا ما الذي من الدين وما الذي ينسب إليه وهو خارج عنه.
وحتى نبين موقف الدين من السياسة وموضع السياسة من الدين ينبغي علينا أن نطرح على أنفسنا أسئلة مهمة عليها مدار الحياة وهي، لِمَ خُلِقنا؟، وكيف نعيش؟، وماذا نريد؟، ولأننا نؤمن بكتاب الله فإنما يكون جوابنا منه، أما جواب السؤال الأول فيقول الله تبارك وتعالى {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56]، وأما جواب السؤال الثاني فيقول سبحانه {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} [الأنعام: 162، 163]، وأما جواب السؤال الثالث فيقول سبحانه {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [البقرة: 82]، ويقول {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ} [آل عمران: 185]، ويقول {وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [البقرة: 201]، فالمسلم لا يعيش لمجرد تحصيل الدنيا ومنافعها ولذاتها بل إن كل مكاسبه من الدنيا إنما يستعين بها على إقامة دين الله وتطبيقه في نفسه ومجتمعه والدعوة إليه، فالنوم واليقظة والأكل والشرب والقول والفعل والحركة والسكون كلها وسائل ينبغي على المسلم الاستعانة بها على ذلك، وعليه فإن الدين داخل في كل شئون الحياة، فليس ثمَّةَ حياة دينية وحياة مدنية أو حياة عامة بين الإنسان والمجتمع وحياة خاصة بين الإنسان وربّه، بل الدين منهج إلهي متكامل تنبثق عنه تشريعات تنظم حياة الإنسان في كل شئونه عبادات كانت أو معاملات، بل أن المعاملات نفسها منها ما هو عبادات أصلا ومنا ما تحوله النية إلى عبادة.
والعبادات منها ما هو متعلق بالآخر فهي ليست بين العبد وربّه فقط كالصدقة والزكاة والسلام والزواج والجهاد ونصرة المسلم وغيرها من العبادات التي يتعامل فيها الإنسان مع أخيه مبتغيا بذلك رضى الله، فاملعاملات داخلة في العبادات، بل إن معاملة المسلم مع غير المسلم وما شرعه الله فيها داخلة في العبادات، فمن قال أن الدين بين العبد وربه فقد قال كلمة حق أريد بها باطل، فالدين بين العبد وربه من جهة النية والإيمان الذي في القلب لكن هذا الإيمان يستلزم القول والعمل بما شرعه الله، فقائلوا هذه الكلمة الآن إنما يريدون بها إخفاء الدين وشعائره ومعالمه من الحياة العامة وحصره في العبادات التي تكون بين العبد وربه فقط كالصلاة والصيام، فلا جهاد ولا أمر بمعروف ولا نهي عن منكر ولا امتثال لشرع الله فيما يتعلق بالزواج أو الطلاق أو العقود أو الحدود وغيرها من المعاملات التي بين الله أصولها وآدابها في شرعه.
وإذا رجعنا إلى كلمة السياسة نبحث عن معناها الذي يقصده الناس الآن لوجدنا تعريفها كما جاء في موسوعة الويكيبيديا أن
السياسة لغويا من ساس يسوس بمعنى قاد رأس، واصطلاحا تعني رعاية شؤون الدولة الداخلية والخارجية، وتعرف إجرائيا حسب هارولد لازول بأنها دراسة السلطة التي تحدد من يحصل على ماذا (المصادر المحدودة) متى وكيف. أي دراسة تقسيم الموارد في المجتمع عن طريق السلطة (ديفيد إيستون). وعرفها الشيوعيون بانها دراسة العلاقات بين الطبقات، وعرف الواقعيون السياسة بأنها فن الممكن أي دراسة وتغيير الواقع السياسي موضوعيا وليس الخطأ الشائع وهو أن فن الممكن هو الخضوع للواقع السياسي وعدم تغييره بناء على حسابات القوة والمصلحة.
إذن فالسياسة بمعناها العام هي رعاية شؤون البلاد الداخلية والخارجية وتحديد من يحصل على ماذا ومتي يحصل عليه وكيف يحصل عليه وتقسيم الموارد في المجتمع ودراسة العلاقة بين الطبقات، وهذا التعريف بكل ما اشتمله من إجمال وتفصيل ليس بغريب عن الدين ولا هو مناقض له ولا هو مبتدع فيه ولا هو جديد عليه، بل الدين ينظم كل هذه الجوانب وأكثر منها ويجعل لها أحكاما وآدابا تهدق إلى الارتقاء بالمجتمع وجعل حياة الإنسان كريمة، والأمثلة على تشريع الله فيما يتعلق بالسياسة الداخلية كثير فكل أحكام الإسلام التي تنظم تعاملات المسلمين مع بعضهم البعض ومعاملاتهم مع الذميين داخلة في هذا الباب وأما ما يتعلق بالسياسة الخارجية فأحكام الإسلام المتعلقة بالمعاهدين من الأعداء والمحاربين منهم ليست خافية، وكذا التعامل داخل المجتمع بين المسلم والمسلم وبين المسلم والذمّي وبين المسلم والمستأمن، بل وتعامل المسلم المجاهد مع العدو المحارب إذا انتصر عليه والتعامل مع الأسرى، والرفق بالإنسان والحيوان بل والرفق بالنبات، كل هذه آداب وتشريعات أتى بها الدين ولعلنا نبسط في ذكر أدلتها في موضع آخر حتى لا نطيل، ومن شاء أن يعرف ممن لا يعرفون هذه الحقائق فعليه بالقرآن الكريم وتفاسيره وكتب السة وشروحها، وكتب المعاملات وآدابها التي بينت أن كل هذه الجوانب هي من الدين وداخلة فيه، نسأل الله لنا ولكم الهداية والتوفيق.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.