كان توفيق دياب قطباً من الأقطاب فى بلاط صاحبة الجلالة، فى واحدة من أكثر مراحلها حرجاً وانتعاشاً أيضاً، وكان بين أنداد آخرين، مثل أحمد لطفى السيد الذى عمل معه فى جريدة «الجريدة»، التى كتب فيها واحداً من أشهر مقالاته المسلسلة، والذى بلغت حلقاته أربعاً وعشرين حلقة. كان ذلك فى أواخر عام 1910، وكان المقال بعنوان «المدنيتان». كما عمل فى صحيفة الأهرام، وكان صاحب أول عمود صحفى عرفته مصر فيها.. كما أسس صحفه الخاصة، وكان منها الضياء، ومن أبرزها صحيفة «الجهاد». ولعل من المفارقات القدرية تزامُن وفاة محمد توفيق دياب (13 نوفمبر 1967) مع يوم عيد الجهاد الذى ذهب فيه سعد زغلول ورفاقه فى 1918 ليقابلوا المندوب السامى البريطانى، يطالبونه باستقلال البلاد. كما أنه الاسم الذى اختاره لأقوى وأعرق صحفه التى أصدرها، وترأس تحريرها، وهى جريدة «الجهاد». ومن الغريب والمدهش أيضا ألا نجد سيرة وافية لهذا الرائد فى الصحافة الوطنية على أىٍ من المواقع الإلكترونية الشهيرة، رغم أن هناك كتابين عنه، أحدهما لشيخ المؤرخين، الدكتور يونان لبيب رزق، والآخر للصحفى محمود فوزى، وذلك غير المادة الغزيرة الموجودة على موقع «المصرى اليوم»، رغم مسيرته الصحفية والخطابية الزاخمة والثرية ورغم دوره الوطنى بين قامات وطنية فى تلك الفترة التى شهدت صحوة فكرية ووطنية. كما أنه كان إحدى قامات مجمع الخالدين ونجم الخطابة الوطنية الأبرز. ثم نصلُ بعد ذلك للمفارقة القدرية؛ حيث غيّبه الموت فى يوم 13 نوفمبر 1967 أيضا. ونحن هنا- إذ نُحيى ذكرى صحفىّ من أكثر الصحفيّين الذين تعرضوا لقمع السلطة ودفع ضريبة الرأى الوطنى الحر- فإنما ندلل بنموذج صحفى على تاريخ طويل من النضال الصحفىّ المصرىّ المشرّف فى سجل الصحافة المصريّة. «مرحبًا به في مجمع الخالدين».. طه حسين: مؤرخو الآداب لن يستطيعوا نسيان توفيق دياب دياب في مجمع الخالدين بين العقاد وتوفيق الحكيم فى الرابع عشر من نوفمبر عام 1967 خرجت صحيفة «الأهرام» وعلى صفحتها الأولى نقرأ عزاءً ينعى إلى مصر والعالم العربى والإسلامى رائد الصحافة الوطنية توفيق دياب يقول نصه: «توفى، أمس، الصحفى الكبير والخطيب المفوه محمد توفيق دياب عن 79 عامًا، ولقد لمع اسم توفيق دياب فى أواخر العشرينيات وطوال الثلاثينيات، واقترن اسمه بالجهاد الوطنى ومكافحة الطغيان الملكى والاستعمار البريطانى، ولا سيما منذ توليه رئاسة تحرير (الجهاد) التى تم تعطيلها مرات عديدة بسبب ضراوة افتتاحياتها».المزيد رسالة إلى توفيق دياب توفيق دياب مع مكرم عبيد وصبرى أبوعلم - صورة أرشيفية بداية، اسمح لى أن أُقبِّل يديك كما كنت أفعل كل صباح. إننى لن أوفيك أبداً حقك امتناناً وشكراً. عن إقامتك لأخلاقى. انتقائك لمثلى. توجيهك لوعيى. تقويمك لمسارى. إصلاحك لشطحاتى. منحى بوصلة أهتدى بها فى دروب الحياة. معنى أن يكون للإنسان رسالة على هذه الأرض.المزيد توفيق دياب يكتب: 13 نوفمبر سنة توفيق دياب - صورة أرشيفية 1918 لك الخلود والتقديس يا ذلك اليوم الساطع بين غيوم السنين، لقد جئت نفحة علوية من عند الله، كى تعلم اللاصقين بالأرض منا كيف يطمحون إلى السماء بالعقول والقلوب والهمم.المزيد
