بدأت كتلة جليدية ضخمة، يطلق عليها اسم «الوحش الجليدى»، فى التحرك بعد انفصالها، العام الماضى، عن جليد القارة القطبية الجنوبية «أنتاركتيكا»، وحذر خبراء التغير المناخى من أن إيقاف تلك الكتلة لن يكون أمرا سهلا، إذ يبلغ وزنها تريليون طن، ويضاهى حجمها 4 أضعاف العاصمة البريطانية، لندن، وتعد الكتلة الجليدية، التى بدأت التحرك والدوران غرب «أنتاركتيكا»، واحدة من أكبر الكتل الجليدية على الإطلاق، وحدث الشرخ العام الماضى، على حافة جرف «لارسن سى» الجليدى فى القارة القطبية الجنوبية. ونقلت صحيفة «مترو» البريطانية، عن البروفيسور مارك براندون، من الجامعة المفتوحة، قوله، أمس، إن الجبل الجليدى «لن يتم إيقافه بسهولة»، ووصفه بأنه «وحش جليدى»، وكتب براندون على مدونته على الإنترنت أن الجبل الجليدى A-68، انفصل عن جرف لارسن سى، بعد سنوات من الشقوق المنتشرة عبر الجليد، وظل عالقًا قرب الجرف الجليدى، إلا أنه أصبح يتحرك ناحية المحيط فى اتجاه عكس عقارب الساعة، وأوضح «براندون» أن سبب تحرك الكتلة الجليدية يعود إلى «تأزم الظروف المناخية واضطراب التيارات فى المحيطات»، وأضاف: «أظهرت صور الأقمار الصناعية فى 29 أغسطس الماضى أن الكتلة الجليدية الضخمة تتجه نحو الشمال»، مدفوعة بقوة الرياح وبسرعة أكبر مما كانت تتحرك فيه كتل جليدية أخرى انفصلت فى الماضى، وتوقع براندون اصطدام الكتلة بأحد الجبال الجليدية الأخرى فى طريقها، مرجحا وقوع بعض التصادمات المثيرة للاهتمام فى منطقة الجرف الجليدى فى الأشهر القليلة المقبلة. ويبلغ ارتفاع الجبل الجليدى حوالى 1100 قدم ويطفو على حافة غرب القارة القطبية الجنوبية، وتقدر مساحته بحوالى 6 آلاف كيلومتر مربع. وكان القمر الصناعى الأمريكى «أكوا» رصد انفصال الجبل، بينما كان القمر يمر فوق الجرف الجليدى، وتوقع العلماء انفصال الجبل، وتابعوا تطور واتساع الشرخ الجليدى الذى يكسو جرف «لارسن سى» منذ أكثر من 10 سنوات، لكن عمق الشرخ تزايد بشكل سريع منذ عام 2014، مما عزز من إمكانية انفصاله بعد أن بلغ سمكه 200 متر، ومما عزز فرص انفصال الجبل الجليدى أن مجسا للأشعة تحت الحمراء، كان مثبتا على القمر «أكوا»، رصد وجود مياه صافية وأكثر دفئا فى الشرخ الذى تكون بين الجرف والجبل الجليدى. وقال أدريان لوكمان من جامعة «سوانزى» البريطانية فى ويلز، إن «الشرخ أصبح واضحا مما يدل على أنه تمدد على طول الجبل الجليدى». وكانت دراسة جديدة شارك فيها 88 عالما وباحثا، ونُشرت فى مجلة «نيتشر» العلمية، فى يوليو الماضى، حذرت من أن معدل ذوبان الجليد فى «أنتاركتيكا» زاد بمقدار 3 أضعاف عما كان عليه فى الماضى، فى مؤشر ينذر بالمخاطر على المناخ، وقالت الدراسة إن حوالى 3 تريليونات طن من الجليد اختفت منذ 1992، وإنه فى ال25 عاما الأخيرة ذابت الصفيحة الجليدية فوق القارة الجنوبية، بمياه تكفى لإغراق ولاية تكساس بارتفاع 4 أمتار، وهو ما أدى إلى ارتفاع مستويات مياه المحيطات بحوالى 7.6 ملليمتر، وأوضحت الدراسة أنه خلال الفترة من 1992 إلى 2011، كانت القارة القطبية الجنوبية تفقد 84 مليار طن من الجليد سنويا، ومن عام 2012 إلى 2017 ارتفع معدل الذوبان أكثر من 241 مليار طن سنويا. وذكرت وكالة «بلومبرج» الأمريكية مؤخرا أن ذوبان الثلوج فى القطب الشمالى يتزايد بسبب ارتفاع درجات الحرارة، وهو ما أدى إلى انكماش قمم الثلوج التى كانت تمنع مرور السفن، واعتبرت أن تلك الظاهرة أمر مرعب لمن يحذرون من تفاقم ظاهرة الاحتباس الحرارى. وكانت الأممالمتحدة حذرت مؤخرا من أن دول العالم غير قادرة على الوفاء بالتزاماتها التى أخذتها على نفسها فى إطار اتفاق باريس للمناخ، لتخفيض درجة حرارة الأرض بمعدل درجتين، أعلى مما كانت عليه خلال الثورة الصناعية.
