حقق الكتاب فى إصداره الحديث ل«المصرية اللبنانية» إضافة قوية، بتقديمه شرحا للمفردات الصعبة والعبارات غير المفهومة، مخصصا أكثر من 90 صفحة لعرض الطبعة الجديدة، فكتب الدكتور صلاح فضل مقدمة قصيرة تضمنت مبررات إعادة نشر الكلاسيكيات، عارضا مسيرة محمد حسين هيكل الكتابية فى كافة المجالات، منها الإسلاميات والتاريخ، وعن سيرة هيكل أديبا ورجل سياسة، وهناك تقديم فى الكتاب كتبه فى الإصدار الأول الشيخ مصطفى المراغى، شيخ الأزهر آنذاك، ثم مقدمة ل«هيكل» يوضح فيها منهجه فى هذا الكتاب، ثم مقدمة الطبعة الثانية بقلمه أيضا، وتضمنت ردودا فند فيها وجهات نظر بعض المستشرقين، كما تضمنت الإشارة لدقة مصحف عثمان، وعن المصادر التى استعان بها فى كتابه ثم مقدمة قصيرة ثالثة عن ردود الفعل الواسعة التى حظى بها الكتاب. ويعد كتاب «حياة محمد» أوفى دراسة علمية مجردة لسيرة الرسول الكريم، اعتمد فيها الكاتب على القرآن الكريم، وما ورد فى كتب الثقات من المؤرخين، وقد صورها المؤلف تصويرا نزيها فى سياقها الاجتماعى، والحضارى، والسياسى، والعقائدى للجزيرة العربية فى زمن الرسول. كما تناول بالمجادلة المنطقية آراء الكتاب الغربيين والمستشرقين، ومن يضمرون نظرة عدائية ضد الإسلام ورسوله، ورد عليها «هيكل» بالحجة، وتناول بالنقد والتمحيص ما كتبه هؤلاء المستشرقون والكتاب الغربيون الحاقدون على الإسلام ونبيه، وفند آراءهم المزعومة للوصول للحقيقة العلمية وحدها غير مشوبة بشائبة، شأنه فى ذلك شأن الباحث المحقق المدقق. ويعد الكتاب مرجعا مهما يحرص المثقفون على اقتنائه، فحياة محمد إنسانية بلغت من السمو غاية ما يستطيع أى إنسان أن يبلغ، فكان قبل الرسالة مضرب المثل فى الصدق والأمانة، كما كانت حياته بعد الرسالة كلها تضحية فى سبيل الله وفى سبيل دعوة الحق التى بعثه الله بها. ويظل «حياة محمد» من أبرز ما كُتب فى العصر الحديث حول هذه الشخصية التاريخية والدينية العظيمة؛ ففى هذا الكتاب يستعرض «هيكل» تلك الفترة المفصليَّة من التاريخ البشرى، بأسلوب علمى راقٍ خالٍ من التعصُّب والتحزُّب، كما يحرص على عدم مجاراة السرديات التاريخية السائدة فى عصره والمتمثِّلة فى اجترار مناهج القدماء، محاولا تغيير منطلقاته المنهجية ليعتمد على أساليب البحث التاريخى الحديثة للاقتراب من الحقيقة التاريخية أكثر؛ حيث أسَّس رؤيته انطلاقًا من الاستقراء والتجريب والملاحظة، مستعملا العقل إلى جانب النقل.
