«غسلتها بإيدي».. لطيفة تتحدث للمرة الأولى عن وفاة والدتها (فيديو)    وفاة نائب رئيس حي ثان المحلة الكبرى بالغربية حزناً على والدته    رابطة التجار تعلن زيادة مؤكدة في أسعار السيارات خلال الفترة القادمة    لماذا تأخر قانون الأحوال الشخصية الجديد؟| تفاصيل مُثيرة    نصائح للحجاج في يوم عرفة.. لتجنب مخاطر الطقس الحار    انتخاب سيريل رامافوزا رئيسًا لجنوب إفريقيا لولاية ثانية    الرصيف العائم قبالة غزة قد ينهار بسبب الأحوال الجوية    الجيش الإسرائيلي يستعد لهجوم واسع النطاق على لبنان    بعد فوز الأهلي والزمالك.. تعرف على جدول ترتيب الدوري المصري    وزير النقل السعودي: 46 ألف موظف مهمتهم خدمة حجاج بيت الله الحرام    تعرف على مساجد وساحات صلاة عيد الأضحى 2024    وزير الداخلية السعودي يؤكد اعتزاز المملكة بخدمة ضيوف الرحمن    إصابة 3 اشخاص في مشاجرة ثأرية بين عائلتين بقرية كحك بالفيوم    ب التوقيت المحلي.. موعد صلاة عيد الأضحى المبارك 2024 في جميع مدن ومحافظات مصر    مصطفى بكري: وزير التموين هيمشي بغض النظر عن أي حديث يتقال    ضرب وشتائم وإصابات بين محمود العسيلي ومؤدي المهرجانات مسلم، والسبب صادم (فيديو)    «معلق فاشل».. شوبير يرد على هجوم أحمد الطيب    أفضل دعاء يوم عرفة    ما هو يوم عرفة؟    عاجل - الجيش الأمريكي يقرر إزالة الرصيف العائم في غزة.. اعرف السبب    بسبب جلسة شعرية محبطة.. صلاح عبد الله يروي سر ابتعاده عن كتابة الأغاني للمطربين    أحمد شوبير: فخور بالأهلي.. والزمالك لازم يظبط نفسه    مدرب إسكتلندا بعد الخسارة القاسية: لم يمنحنا الألمان أي فرصة    هبوط اضطراري لطائرة تقل وزير الدفاع الإيطالي بعد عطل طارئ    أحب الأعمال في يوم عرفة.. يوم التقرب من الله    12 سيارة إطفاء تسيطر على حريق مخزن الطوابق بالجيزة| صور    معهد التغذية يحذر: اللحوم المشوية على الفحم تسبب السرطان    أبرزهم «أفشة»| الزمالك يراقب خماسي الأهلي حالٍ رحيلهم عن القلعة الحمراء    مقرر المحور الاقتصادي بالحوار الوطني: صفقة رأس الحكمة فرصة لإعادة النظر في السياسات الاقتصادية    مش مكتوبة ليهم.. الداخلية السعودية تعيد أكثر من ربع مليون حاجا    بطولة عصام عمر وطه الدسوقي.. بدء تصوير فيلم «سيكو سيكو»    «مرحلة ما يعلم بيها إلا ربنا».. لطيفة تكشف سبب اختفائها    لمنع الإصابة بسرطان الجلد.. طبيب يحذر من التعرض لأشعة الشمس    محمد علي السيد يكتب: دروب الحج ..سيدي أبوالحسن الشاذلي 93    موسيالا أفضل لاعب في مباراة ألمانيا ضد اسكتلندا بافتتاح يورو 2024    بيسكوف: مقترح بوتين للتسوية غير محدد زمنيا لكن الوضع فى الجبهة يتغير    وزير المالية الأسبق: أؤيد تدخل الدولة لضبط الأسعار وحماية المستهلك من جشع التجار    مقرر المحور الاقتصادي بالحوار الوطني: ميزانية الصحة والتعليم اختيار وليس قلة موارد    «العلاج الطبيعي»: غلق 45 أكاديمية وهمية خلال الفترة الماضية    مصرع طالبين غرقا في نهر النيل بقرية الديسمي في الصف بالجيزة    يورو 2024 - ناجلسمان: من المهم ألا يقتصر التسجيل على لاعب واحد.. ولهذا سعيد ل موسيالا    كرة سلة - سيف سمير يكشف حقيقة عدم مصافحته لمصيلحي    بعد تدخل المحامي السويسري.. فيفا ينصف الإسماعيلي في قضية سعدو    أعراض التهاب مفاصل الركبة وطرق علاجها المختلفة    طريقة عمل لحمة الرأس مثل الجاهزة.. اعرف أسرار المطاعم    يوم عرفة 2024.. أفضل الأعمال المستحبة وخير الدعاء المستجاب وكيفية اغتنامه    «البحوث الإسلامية» يوضح أفضل كلمات دعاء فجر يوم عرفة: احرص عليها    سعر طن الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء في بداية الأسبوع السبت 15 يونيو 2024    حظك اليوم برج الأسد السبت 15-6-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    «زي النهارده».. وفاة وزير الداخلية الأسبق النبوي إسماعيل 15 يونيو 2009    عيار 21 يعود لسابق عهده في وقفة عرفات.. أسعار الذهب اليوم بالصاغة بعد الارتفاع الكبير    مصرع طفلتين شقيقتين سقطتا من طابق علوي بالعاشر من رمضان    «كاف» يعتمد دورات تدريبية في مصر لرخص المدربين بينها «المسار السريع»    محافظ الغربية يواصل متابعة الاستعدادات لعيد الأضحى المبارك    دي لا فوينتي: الأمر يبدو أن من لا يفوز فهو فاشل.. وهذا هدفنا في يورو 2024    توجيه عاجل من رئيس جامعة الأزهر لعمداء الكليات بشأن نتائج الفرق النهائية    نقيب الإعلاميين يهنئ السيسي بحلول عيد الأضحى    «التنسيقية».. مصنع السياسة الوطنية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدكتور جابر عصفور وزير الثقافة الأسبق فى حوار ل «المصري اليوم»: مصر تعيش مرحلة «انتقالية» صعبة وثقيلة لاشبيه لها
نشر في المصري اليوم يوم 05 - 04 - 2018

قال الدكتور جابر عصفور، وزير الثقافة الأسبق، إن قبوله حقيبة وزارة الثقافة قبل رحيل الرئيس الأسبق حسنى مبارك كان خطأ شديداً، وإن الفريق أحمد شفيق، رئيس مجلس الوزراء- وقتها- خدعه، وضلله بمقولة «هل لديك مانع فى المشاركة فى إنقاذ مصر؟»، مشيرا إلى أن أنس الفقى، وزير الإعلام- وقتها- قال له أثناء مشادة فى أول اجتماع لمجلس الوزراء: «دى حكومة الحزب الوطنى!».
وأضاف- فى حواره ل«المصرى اليوم»- أنه وافق على تولى حقيبة الوزارة فى يونيو 2014، بعد مقابلة الرئيس عبدالفتاح السيسى، ولم يكن سعيدا بالتجربة الثانية فى الوزارة، لأنه لم يمنح الفرصة بالكامل، ليحقق ما وعد به أو اتفق عليه، لافتا إلى أن الأزهر والسلفيين كانوا الأسعد والأكثر فرحا برحيله.
وتابع «عصفور» أنه لم يقصد إهانة المنظومة القضائية بتعليقه على مرافعة وكيل النيابة، عقب الإدلاء بشهادته فى جلسة تناقش رواية «استخدام الحياة» للكاتب أحمد ناجى، باعتبارها خادشة للحياء، وكان يتحدث عن حالة واحدة وفرد داخل منظومة، لكن إحدى الصحف شوهت كلامه، موضحا أنه أحد الذين يعتزون بالقضاء والدستور، ويراهما الضمانة الوحيدة لأمن وسلامة المواطن المصرى، لافتاً إلى أنه سيطعن على الحكم قريبا.. وإلى نص الحوار:
■ بداية، كنت تعيش أزمة اتهامك بإهانة القضاء.. كيف كانت هذه الفترة من حياتك؟
- كانت فترة عادية، والحكاية بدأت مع أزمة رواية «استخدام الحياة» للكاتب أحمد ناجى، إذ طلبت المحكمة منى والكاتب الكبير محمد سلماوى، والروائى الكبير صنع الله إبراهيم- قراءة الرواية جيدا لتقديم شهادتنا حول ما إذا كانت الرواية خادشة للحياء وتحث على الفجور أم لا، وبالفعل ذهبنا للمحكمة، وبدأ وكيل النيابة مرافعته، وكان رأيى- ولا يزال كذلك- أن وكيل النيابة فى مرافعته كان شديد التحفظ وأشد تطرفا من أصحاب الفكر «الداعشى»، ورأيته سلفيا إلى درجة مزعجة لى شخصيا، ولم أكن أتصور أن أحد أفراد النيابة العامة بهذا الفكر، وبعد فترة، وخلال ندوة تحت إشراف الكاتب الصحفى حلمى النمنم، وزير الثقافة السابق، قلت نفس الكلام مجددا، ووجدت إحدى الصحف شوهت الكلام تماما، وكتبت: «عصفور يتهم النيابة بأنها أشد تطرفا من داعش».
أنا لم أقل هذا الكلام بالطبع، بل كنت أقصد حالة بعينها، وفردا ضمن منظومة، لكن بفضل الجريدة اتهمت بإهانة القضاء بشكل كامل، ومن المعروف عنى ومن كتاباتى أنى أحد الذين يعتزون بالقضاء المصرى والدستور، وأراهما الضمانة الوحيدة لأمن وسلامة المواطن المصرى، وفوجئت بالحكم وليس لى أى تعليق إلا بالطعن عليه، مع تقديرى للقضاء واحترامى له.
والقضاء نفسه أعطانى حق التظلم أو رفض الأحكام من خلال المنظومة القضائية نفسها، ولا أملك إلا تسجيل احترامى وفخرى بالقضاء المصرى.
■ هل تفاعل الوسط الثقافى مع أزمتك كان مرضياً؟
- كان مرضيا للغاية، وما تلقيته من مكالمات تليفونية وآراء من الأصدقاء أسعدنى كثيرا.
■ توليت حقيبة «الثقافة» عقب 25 يناير، وقبل تنحى «مبارك»، وقدمت استقالتك بعد 9 أيام تقريبا.. فلماذا؟!
- قبولى المنصب فى هذا الوقت خطأ شديدا لا أنكره، وأوقعنى فيه الفريق أحمد شفيق، رئيس مجلس الوزراء وقتها، إذ جرت بيننا مكالمة هاتفية فى أواخر زمن مبارك، وقال لى: «هل لديك مانع فى المشاركة فى إنقاذ مصر»، وقلت له بشكل تلقائى: «بالطبع لا، وكلنا فداء للبلد»، وقبلت المنصب على هذا الأساس، وبنية معلنة من «شفيق» تتلخص فى الإسهام فى إنقاذ مصر، لكن لم أجد هذا الأمر على الإطلاق، ورأيت الوزارة عادية مثل باقى الوزارات، لكن فكرت قليلا، وأجلت كل تساؤلاتى لأول اجتماع مجلس وزراء.
بدأت الاجتماع بمجموعة من النقاط، كان أهمها أنه لا يمكن إنقاذ الوطن إلا بالإيمان المطلق بضرورة إيجاد ائتلاف وطنى حقيقى، وأن تكون وزارة الثقافة تعبيرا حقيقيا عن كل القوى الوطنية فى مصر، وعبرت لأعضاء الحكومة، وقتها، عن صدمتى وغضبى بسبب عدد الوفيات والإصابات بين الشباب أثناء المظاهرات.
واصطدمت مع أنس الفقى، وزير الإعلام، وقتها، ورد علىّ بعنف، وقال لى إن وزارة الثقافة ضمن حكومة تابعة للحزب الوطنى، وإنى جئت للوزارة خبيرا، لا سياسيا، وانتهى الأمر ب«خناقة»، وقلت له لن تنقذ مصر إلا بائتلاف حقيقى يجمع كل القوى الوطنية، وأكدت أمام الجميع أن الاعتماد على الحزب الوطنى وحده يقود البلد لكارثة حقيقية، خاصة أن مصر فى الأزمات تحتاج للتكاتف من أجل العبور وليس انفراد حزب بعينه بادعاء أنه يملك كل الحلول السحرية، وبعد نهاية الاجتماع ذهبت لمكتبى، وكتبت استقالتى، ورحلت فورا.
■ هل معنى ذلك أن «شفيق» خدعك؟
- بالطبع، «شفيق» خدعنى وضللنى، فالرجل لم يكن جادا فى الحقيقة، ولم يكن بينهم من ينتبه لخطورة المرحلة، ويمتلك الشجاعة الكافية ليقول أمام الجميع إن الاعتماد على حزب وحيد أوحد وصوت حزبى واحد أمر كارثى، وبالفعل بعد 11 يوما تقريبا تنحى «مبارك».
■ فى يونيو 2014 توليت الوزارة ثانية.. فلماذا قبلت رغم أنك عبتَ على الدكتور صابر عرب، وزير الثقافة الأسبق، تولى الوزارة 3 مرات متتالية؟
- لم أكن سعيدا فى هذه المرة أيضا، وأظن أن تجربتى الثانية فى الوزارة لم تكن سببا فى إسعاد رئيس الدولة وعدد كبير من المثقفين، لأنى لم أعطَ الفرصة بالكامل، لأحقق ما وعدت به، واتفقت عليه.
الحكاية تبدأ من لقاء غير مرتب مع الرئيس عبدالفتاح السيسى، قبل انتخابه لرئاسة الجمهورية، وعرضت عليه وقتها حلا للمأساة الثقافية التى تعيشها مصر، من خلال مشروعى الخاص «نحو منظومة ثقافية جديدة»، ويعتمد المشروع على تكوين منظومة ثقافية حديثة تتعاون فيها كل الوزارات المرتبطة بتثقيف العقل المصرى، وأبرزها التربية التعليم والثقافة والأوقاف، لإنشاء منظومة ثقافية جديدة.
ولما قبلت بالمنصب كان هدفى الأول والأخير إقامة المنظومة كما وعدت نفسى والرئيس، وبالفعل وقعنا 12 بروتوكولا مع وزارات مختلفة، لكن مع أول أيام عملى وجدت فسادا كارثيا وهائلا بالوزارة، وضاع وقتى فى مصارعته.
ووجدت عدم استجابة من الحكومة لدعم للثقافة، من خلال الإعلام والتعليم والأوقاف، وكل نقاط المشروع التى قدمتها للرئيس لم تحقق، وكان من الطبيعى جدا أن أتململ من هذه الطريقة فى العمل.
وإلى الآن لا أظن الحكومة ورئيس الدولة قدما شيئا للثقافة المصرية، وأنا أيضا فشلت فى تقديم ما وعدت به.
■ وما تفسيرك لموقف الدولة من الثقافة المصرية؟
- بالرجوع لكشف الحساب الذى قدمه الرئيس عبدالفتاح السيسى، لن تجد كلمة واحدة فيما يخص الإنجازات الحقيقية للثقافة المصرية، فالرئيس تحدث عن تريليونات الجنيهات أنفقت على الجوانب الصناعية والاقتصادية، لكن ما الذى أنفقه على الثقافة المصرية؟! سواء على مستوى التعليم أو الثقافة أو باقى الوزارات ذات الأهمية المطلقة وأهميتها لا تقل عن احتياج الدولة للسلاح الذى نحارب به الأعداء والإرهاب.
أعتقد أن السلاح الذى نحارب به الإرهاب لا يقل أهمية عن السلاح الفكرى الذى ينبغى أن تحارب به العقول المتطرفة، فالعقل الذى يولد الفكر الإرهابى ماذا فعلت الدولة لمقاومته؟ أظن أننا مقصرون فى هذا الجانب إلى أبعد حد.
■ بخلاف مشروع المنظومة الجديدة.. ما الأسباب الأخرى وراء قبولك المنصب؟
- كان لدى أمل، وما زال، وأشعر بنفس الإحساس الآن، وأثق بأن السيسى سيتمكن من تغيير الموقف، فالرجل حقق إنجازات حقيقية ينبغى أن نقدم له التحية عليها، وهناك تقصير شديد فى عدة جوانب أخرى، فالرئيس وعد أن تكون مصر «قد الدنيا»، ولذا أسئله كيف؟ خاصة أنه يلزمنا أداء خاص وجديد لتكتمل معادلة التنمية، فتنمية مصر ليست فقط من خلال المصانع ودعم الاقتصاد، بل ينبغى تنمية وتطوير عقول الناس.
■ هل طلب منك فى المرة الثانية تنفيذ رؤية محددة للدولة؟
- لا، فقط قدمت مذكرة مشروع «المنظومة الثقافية الجديدة»، وتبنته الدولة، وبدأت أنفذه، لكن اصطدمت بالأزهر والسلفيين، وكانوا الأسعد والأكثر فرحا برحيلى من الوزارة.
■ هل ندمت على قبولك المنصب؟
- لا، كنت بدأت مشروعا كبيرا، ولا يزال فى درج الرئيس وفى الوزارة، وأعتقد أنه لو نفذ كما رسمته ستتقدم مصر ثقافيا بشكل كبير للغاية.
■ حدثنا عن ملامح هذا المشروع.
- سأضرب لك مثلا، خرج الشعب فى الثورة حاملا شعارات كثيرة، ومن خلال المشروع نحول هذه الشعارات لمنظومة ثقافية متكاملة، ولوزارات التربية والتعليم والثقافة والشباب والرياضة والأوقاف دور فى تحقيقها، يقابله تعاون بين الدولة والمجتمع المدنى.
تخيل عدد دور العرض فى مصر أقل من 100 سينما، وبلد عربى يؤسس الآن لأكثر من 2000 دور عرض، والسؤال هنا: كيف نكون دول رائدة و«قد الدنيا» ومصر لا تمتلك إلا 100 سينما؟.. كان يجب أن يكون لدينا هذا المشروع، أو على الأقل مشروع مماثل له، نحتاج أن يذهب الطلاب لمعارض الفنون، والشعب البسيط يشاهد أفلاما تخاطب وعيه بكل الأدوات الثقافية الممكنة.
أرى أن الثقافة الجماهيرية أهم مشروع فى الوزارة، وبدأنا فى توقيع البروتوكولات 12، وكان ينقصنا دخول مرحلة التنفيذ من خلال الدعم المادى وتعميم الاتفاقيات، لتكون ملزمة لكل الوزارات، لكن يجب أولا أن تقتنع الدولة بأهمية الثقافة، وأنها لا تقل أهمية عن شراء السلاح، وينبغى على الرئيس أن يؤمن بهذا أيضا.
■ لمن كان صوتك فى الانتخابات الرئاسية؟
- للسيسى، لكن كلى أمل أن أجد فى كشف الحساب المقبل تريليونات الجنيهات أنفقت بشكل حقيقى على التعليم والثقافة وكل وزارة تتصل بتكوين العقل المصرى. وأقول للرئيس: نريد منك التركيز على الثقافة وما وعدت به من تحقيق عدالة اجتماعية وحرية ومساواة.
■ هل عرض عليك المنصب فى عهد الرئيس الأسبق محمد مرسى؟
- لا طبعا، ولو عرض ما قبلت. ولا أتخيل إمكانية التعامل مع الإخوان أو أى حزب له أساس دينى، لأنى أؤمن بالدستور الذى لا يسمح بقيام أحزاب سياسية على أساس دينى، وهذة المادة غير مفعلة إلى الآن، ولدينا أحزاب سياسية قائمة على أساس دينى، وهذا تناقض فى دولة تحترم الدستور، وأرى أن السلفيين يطمعون فى حكم مصر.
■ برأيك.. لماذا فشل وزراء الثقافة بعد 25 يناير فى إحداث ثورة ثقافية فى مصر؟
- «العيب مش فى الوزراء، العيب فى الدولة».. لأنها لم تكن تعرف ماذا تريد منهم بالضبط، وذلك لأكثر من عامل، من بينها عدم امتلاك الأدوات والرؤى والتصورات الحقيقية والفعالة.
يجب أن يكون وزير الثقافة مدعوما بالدرجة الأولى من رئيس الدولة.
ويجب أن يكون هناك تواصل واتفاق وتجانس فكرى بينهم.
وهناك مثال شهير حدث فى فرنسا خلال ستينيات القرن الماضى، إذ كان هناك تطابق فكرى بين الرئيس الفرنسى شارل ديجول، وأندريه مالرو، وزير الثقافة فى عهده، وأظن أن لو حدث الأمر نفسه فى مصر، المسألة ستختلف اختلافا جذريا.
■ هل ترى أن الرئيس الراحل جمال عبدالناصر نجح فى خلق هذه الحالة؟
- بالطبع، ولحسن الحظ كان لديه رجل عظيم اسمه ثروت عكاشة، وكان بين «عبدالناصر»، وثروت عكاشة، وزير الثقافة الأسبق، اتفاق فكرى كبير، وحالتهما كانت قريبة للغاية من «ديجول ومالرو»، وأرى أن مصر تعيش على جملة «ما يرى الرئيس وما يشير إليه الرئيس»، عكس ما يقوله السيسى فى كل خطبه: «إحنا بلد مدنى ديمقراطى حديث».. لا للأسف لسنا بلدا ديمقراطيا ولا حديثا، وحتى الآن مصر بلد شبه حديث وشبه ديمقراطى.
■ كيف ترى وصول الدكتورة إيناس عبدالدايم لكرسى الوزارة؟
- وصولها للمنصب رد اعتبار لها، لأنها رشحت من قبل وأثناء ذهابها لحلف اليمين، طلب منها الرجوع، وكان موقفا مهينا وخطأ كارثيا، لكن كان غير مقصود.
■ بماذا تنصحها لكى تنجح فى تنفيذ مهامها؟
- أقول لها لديك مشروع اسمه «نحو منظومة ثقافية جديدة»، وأرجو منك البدء فى تفعيله، والغريب أن المشروع فى الوزارة منذ رحيلى، لكن كل الوزراء بعدى تجاهلوا المشروع.
■ أين مصدر الفساد فى وزارة الثقافة؟
- الفساد فى كل مكان بالوزارة، وأرى أنها تحتاج لإعادة هيكلة قوية، وتغير قيادات عديدة لتصبح فعالة أكثر.
■ برأيك أى مقاومة تحاول إجهاض عملية تجديد الخطاب الدينى؟
- فى البداية لابد أن نعترف وبصدق أن مسؤولية تجديد الخطاب الدينى ليست مسؤولية الأزهر فقط،، بل مسؤولية جماعية تقع على عاتق عدة جهات ووزارات تتصل بالمنظومة الثقافية، من بينها الأزهر والثقافة والتعليم والأوقاف.
وأرى أن تجديد الخطاب الدينى جزء من تجديد الخطاب الفكرى والاجتماعى، وللأسف كلنا يظن خطأ أن هذه مسؤولية الأزهر بمفرده، لكن فى الحقيقة المسؤولية واقعة على كل البنية فى مصر.
■ ماذا عن دور الأزهر؟
- دعنا نتحدث بصراحة، الأزهر يخضع لعدة تقاليد تمتد لمئات السنين، ويعيش على مجموعة من المأثورات، وللأسف ليس لدينا حركة تأويلية نشطة فى إعادة النظرة فى هذه الأشياء كلها.
■ كيف ترى الحريات فى مصر؟
- فى خطر شديد، وحقوق الإنسان أيضا، ونطلب من الرئيس أن يراعى ويعالج كل هذه الأشياء مستقبلا، وينبغى إعادة النظر فى قانون التظاهر، وحريات الكتاب وأجهزة الإعلام، ووضع المرأة، لأن هناك أشياء غير متوازنة بخصوص ملف المرأة على وجه التحديد، إذ لدينا 6 سيدات فى الحكومة، وهذا أمر عظيم للغاية، لكن ينقصنا الحقوق المساوية لهذه الخطوة على مستوى المجتمع، فالمرأة فى وضع سيئ للغاية، وهذه قضية ثقافية بالأساس، إذا ينبغى أن يعى المجتمع أنه لا فرق بين عقل الرجل والمرأة، وأن ننسى تماما أمر التفرقة بين الرجل والمرأة.
■ برأيك أى الأنظمة تصلح للتطبيق فى مصر؟
- يجب على الدولة تطبيق العلمانية، ففى ظل الدستور الجديد وتحت مظلته، نحن بلد علمانى، لأن لدينا فصلا بين الدين والدولة، وهذا هو مفهوم العلمانية.
«العلمانية مش كفر وإلحاد» كما يروج عنها المخرفون ومن يريدون تكفير الدنيا، وفى مصر لدينا دولة مدنية ولدينا رجال دين، وهم لا يحكمون، ومن يحكم الدولة، والدولة لا دين لها، فقط هى جهاز ضخم لا علاقة له بالدين.
■ ماذا عن المعارضة؟
- صوتها شاحب إلى أبعد حد، ويتضح أمامى الآن أن الدولة لا تريد معارضة قوية، رغم أن قوة الحكومة فى قوة المعارضة.
■ هل حقق النظام عدالة اجتماعية ومساواة؟
- «مش موجود»، النظام يحاول، لكن نقدر له هذه المحاولات. وليس دفاعا عنه، أرى أن النظام ورث تركة مثقلة بكل المشكلات والتعقيدات ويقود حربا نعترف بها لحمايتنا والحفاظ على الأمن القومى المصرى، والجميع يعلم أن هناك دولا عدة تضخ أموالا هائلة للقضاء على مصر باعتبارها الدولة صاحبة أقوى جيش يمكنه أن يعيد استقرار المنطقة.
مصر تعيش مرحلة انتقالية صعبة وثقيلة لا شبيه لها، وينبغى أن نتكاتف كمصريين إلى أبعد حد، ونتحمل، لأنه هذا الأمر مفروض علينا.
■ بمناسبة الحرب على الإرهاب ماذا تحتاج الدولة بالإضافة إلى الحل العسكرى؟
- أرى أن الحل العسكرى لا يجدى بمفرده إطلاقا باعتباره حلا وحيدا، ونحتاج معارك أخرى يجب على الدولة أن تخوضها، وأقصد هنا معارك ثقافية واجتماعية وسياسية.
■ كيف ترى المصادرة وملاحقة الكتاب بعد ثورتين؟
- أرفضها تماما، وليس من حق أحد أن يصادر كتابا، ويجب أن نترك الأمر برمته للقضاء والدستور، فلدينا قضاء نزيه يشرف بلده.
■ برأيك ما أبرز مهام الكاتب تجاه السلطة؟
- أن يكون له موقف متميز ومنفرد ومنفصل إلى أبعد حد، بحيث يستطيع أن يقول لا إذا كان هناك أوان للنطق بها.
■ لماذا لم نجد معارضة قوية من الكتاب؟
- الكاتب وريث فترات من الاستبداد طويلة للغاية، ومنذ ثورة يوليو 1952 محكوم على الكتاب بضغط استبدادى لم يتخلصوا منه، ويحتاج الكاتب مناخا من الديمقراطية وتضحيات من أجل معارضة حقيقية.
■ لكن كتابا كبار قدموا تضحيات فى عهدى «ناصر والسادات» لم يتخلوا عن المعارضة والمسؤولية أمام الاستبداد والضغط؟
- بالطبع قدموا الكثير من التضحيات، لكن نعيش فى مرحلة استثنائية لم نرها فى عصور ناصر والسادات ومبارك، ونواجه خزائن تصب دولارات لدعم الإرهاب الذى يحارب الوطن من كل الجهات، ونحن نعيش مرحلة لم تر مصر مثلها من المخاطر، ولذا يفكر الكاتب فى ماذا عليه أن يفعل أولا، وفى عامل الوقت، وكيف يعارض، وفى وجه من يقف.
■ متى ستنتهى مناوشات قطر وتركيا وإيران برأيك؟
- لن يتوقف هذا المثلث الجهنمى ومن يقف خلفه ويدعمه، إلا إذا استطعنا أن نوقف مشروع تفتيت الدول العربية للاستحواذ على الثروات العربية، ووقتها ستتوقف تركيا وإيران وغيرهما عن العمل ضدنا.
■ ماذا عن الوجه الآخر لحياتك خاصة بعيدا عن المكتبة والكتاب؟
- أذهب لعوالم الموسيقى إذا أصابتنى حالة ملل بسبب العمل، وأحب الموسيقى الكلاسيكية، وأعشق أصوات محمد عبدالوهاب وأم كلثوم، ولدى عالمى الخاص مع أحفادى، وبالمناسبة كانوا وآباؤهم أصحاب الفضل فى معرفتى بلاعب كرة القدم المصرى محمد صلاح، وأنا دائما أتابع نجاحه وأشاهده بعيونهم، وأشعر بفرحة كبيرة لما حققه هذا الشباب من نجاح وعالمية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.