كرة القدم أكثر مجرد من لعبة، تثبت يوماً تلو الآخر أنها ليست مخدراً للوعي، كما وصفها القادة الاشتراكيون في الأرجنتين بعد ظهور فريق «جونيورز»: «الكرة مؤامرة إمبريالية للإبقاء على الشعوب المقهورة في طور الطفولة»، وفق ما ذكره إدوارد غاليانو، في كتابه «كرة القدم بين الشمس والظل». دوماً ما تنتصر الكرة التي وصفها الماركسي الإيطالي أنطونيو غرامشي ب«مملكة الوفاء البشري»، للقضايا الإنسانية الكبرى. مثلما تعاطف اللاعبون والمشجعون مع قضية اللاجئين، انتصروا في الخمس الأيام الماضية لفلسطين، واحتجوا بطريقتهم على قرار الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بإعلان القدس عاصمة لإسرائيل. في تركيا، بدلاً من أن تنفخ جماهير نادي باشاك شهير التركي رياح الحماسة في لاعبيها في مباراة براغا البرتغالي بمسابقة الدوري الأوروبي، الخميس، تضامنت مع الفلسطينيين، بلافتة كُتب عليها: «نحن معكم 90 دقيقة.. ومع القدس إلى الأبد». كان الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، أعلن الأربعاء الماضي، اعتراف بلاده رسمياً بالقدس عاصمة لإسرائيل«، ونقل سفارة بلاده من تل أبيب إلى المدينة المقدسة المحتلة. من كتالونيا، أعلن التركي أردا توران، لاعب برشلونة الإسباني، دعمه لفلسطين، حينما نشر صورة عبر حسابه بموقع «إنستجرام» لسيدة من القدس أمام جندي إسرائيلي وعلّق عليها: «القدس ستكون دائما عاصمة السلام الإنسانية. اسحب الأسلحة الخاصة بك من وجه الناس الأبرياء». Kudüs hep barışın ve insanlığın başkenti olacak. Silahlarınızı masum insanların üzerinden çekin! Jerusalem will always remain as the capital of peace and humanity.!Put your guns away!!! #jerusalem A post shared by Arda Turan (@ardaturan) on Dec 8، 2017 at 6:43am PST في الملاعب العربية، وعلى خطى لاعب منتخب مصر السابق، محمد أبوتريكة، احتفل لاعب مولودية الجزائر، عبدالرحمن حشود، بهدفه في شباك اتحاد الحراش، بالدوري الجزائري، بقميص كُتب عليه: «القدس عاصمة فلسطين الأبدية». كما حَمل المشجعون، الرايات الفلسطينية، في مباريات الدوري الجزائري. كان أبوتريكة كَتب على قميصه الداخلي في بطولة الأمم الأفريقية عام 2008: «تعاطفاً مع غزة»، وأظهره حينما أحرز هدفاً في مرمى منتخب السودان، بالتزامن مع الحصار الإسرائيلي الذي فُرض على قطاع غزة. مشجعو الكرة المَحرومين من المدرجات منذ سنوات في مصر، كانوا حاضرين لنصرة القضية الفلسطينية، إذ اعتادات روابط الألتراس إعلان التضامن مع القدس في الأزمات المختلفة، وكثيراً ما رفعوا علم فلسطين مُكتوب عليه: «الحدود تراب.. والنضال واحد». قبل ذلك بنحو عامين، تفوقت الجماهير التي يصفها سياسيون ب«الغوغاء» على من يهاجمها، وانتصرت لقضية اللاجئين. في ألمانيا رفعت جماهير فريقي بروسيا دورتموند، وفولفسبورغ، لافتات ترحب باللاجئين السوريين القادمين إلى برلين، بعد أن ضاقت بهم الأرض في سوريا. فيما أعاد أسطورة مانشستر يونايتد الإنجليزي، إيريك كانتونا، للأذهان مناصرة البرازيلي «سقراط» للديمقراطية، بتصريحات لصحيفة «لوباريزيان» الفرنسية، هاجم فيها الدول الغربية، وأعلن استعداده لاستقبال ضحايا «الربيع العربي». وقال «كانتونا»: «الدول الغربية دمرت بلدانًا عربية لاستنزاف خيراتها، ثم صارت تتآفف من هجرة المضطهدين إلى أراضيها، الرئيس الفرنسي السابق ساركوزي استضاف معمر القذافي، وبعد عامين شن الحرب على بلده، لماذا فعل ذلك؟، لماذا شن حربًا على ليبيا باسمنا نحن الفرنسيين؟». وأضاف: «أنا مستعد لجعل بيتي مأوى لضحايا الربيع العربي».
