يحتفل المصريون فى 15 أغسطس كل عام بعيد وفاء النيل، ومن المعروف أنه على مرِّ التاريخ لعب النيل دوراً كبيراً فى حياة المصريين. فى مصر القديمة قدَّس المصريون النيل باعتباره مصدر الحياة والخير فى مصر، ورمز المصريون القدامى للنيل ب«الإله حابى»، وأحياناً شبَّهوه ب«الإله أوزوريس»، وكانوا يعتقدون أن فيضان النيل على أرض مصر كل سنة ينبت الزرع الأخضر، كما أن زواج الإله أوزوريس من إيزيس أثمر حورس. ولما كان الإله حابى مزاجه متقلب، مرَّة يرضى فيكون فيضانه بمنسوب مناسب، ومرَّة يغضب فيرسل فيضاناً عالياً يهدد بإغراق الأراضى أو فيضان منخفض فيهدد الناس بالمجاعة، كان لابد من إرضائه بالذبائح والهدايا والأعياد للاحتفال بوفائه، ومن هنا ظهرت أسطورة «عروس النيل» التى اقتبست منها السينما المصرية الفيلم الشهير «عروس النيل»، بطولة رشدى أباظة ولبنى عبدالعزيز، إذ جسدت فيه شخصية «هاميس» آخر عروس للنيل. وحتى وقتنا هذا لا توجد أدلة تاريخية أو أثرية تشير إلى أن المصريين القدماء كانوا يلقون إحدى بناتهم فى النيل خلال عيد وفاء النيل، وهو العيد الذى احتفل به أجدادنا منذ عام 4241 ق م. وروى المؤرخ اليونانى بلوتارك أن الملك المصرى أيجيبتوس ملك مصر أراد اتقاء كوارث نزلت بالبلاد فأشار إليه الكهنة بإلقاء ابنته فى النيل، فلما ألقاها حدث له حزن شديد فألقى بنفسه فى النيل وهلك مثلها. وفى العصر الإسلامى زعم بعض المؤرخين العرب أن المصريين القدماء كانوا يقدمون كل عام عروساً للنيل يوم وفائه، ومما قاله المؤرخ العربى ابن عبدالحكم فى ذلك أن عمرو بن العاص حينما فتح مصر جاء إليه أهلها فى شهر بؤونة، وقالوا إن للنيل سُنَّة لا يجرى إلا لها، وهى أن تقدم إليه فى منتصف الشهر فتاة «بِكْر» مزدانة بالحلى والثياب، فقال لهم عمرو إن ذلك لا يكون فى الإسلام. من جانبه قال فرنسيس أمين، الباحث الأثرى، إن المؤرخ الإغريقى الكبير هيرودوت أكد أن المصريين لم يعرفوا الأضاحى البشرية، وأنه لا صحة لما يتردد عن عروس النيل، لافتاً إلى أنه لا يوجد أى سند تاريخى يؤكد هذه الظاهرة. وتابع: اعتاد القدماء المصريون فى احتفالاتهم بالفيضان إلقاء قطع خشبية تأخذ شكل تماثيل وربما بقيت فى الذاكرة البشرية قصة إلقاء هذه التماثيل.
