تحرير 10محاضر خلال حملة إشغالات مكبرة بأشمون    إيه هو مشروع فالي تاورز وليه سعره لُقطة.. فيديو    طائرات الاحتلال تشن غارة على أرض زراعية شمال مدينة خان يونس    إسبانيا تكتسح منتخب أندورا بخماسية قبل يورو 2024    حزب الله اللبناني يعلن استهداف موقع الرمثا في تلال "كفرشوبا" بالأسلحة الصاروخية    النمسا تعلن تخصص 300 مليون يورو لتعزيز التنمية ومشروعات البنية التحتية    وزيرا خارجية السعودية وبريطانيا ناقشا الجهود المبذولة تجاه الأوضاع الراهنة في غزة    الرئيس الروسي: الوضع في قطاع غزة لا يشبه الحرب.. بل هو إبادة كاملة للمدنيين    البنتاجون: إصلاح الرصيف البحري الأمريكي للمساعدات قبالة غزة بحلول مطلع الأسبوع    مسؤولون أمريكيون: بايدن أعلن مقترح غزة دون الحصول على موافقة نتنياهو    بمشاركة المثلوثي.. تونس تنجو بهدف أمام غينيا الاستوائية في تصفيات المونديال    مبابي يقود فرنسا لفوز كاسح استعدادا لليورو    تصفيات كأس العالم - موعد مباراة مصر وبوركينا فاسو.. القنوات الناقلة و3 معلقين    نائب رئيس الزمالك: حصلنا على توقيع هذا اللاعب.. وهوية المدرب الجديد لكرة اليد    وزير الشباب يدعم المنتخب الوطني قبل مواجهة بوركينا فاسو    شجع مصر بالفرنساوي.. اعرف أهم كلمات كرة القدم بالفرنسية    عبد الرحمن مجدي: الأهلي تراجع عن ضمى بسبب أزمة الأولمبياد    السفارة الأمريكية: إطلاق مبادرة جديدة للقضاء على العنف ضد النساء والفتيات    مهرجان جمعية الفيلم يعرض «شماريخ» للمخرج عمرو سلامة    ريهام عياد تتناول أشهر حالات الانتحار في "القصة وما فيها".. فيديو    باحثة سياسية: حكومة نتنياهو متطرفة تعيش فى ظلمات التاريخ وتريد إخراج كل الفلسطينيين    البابا تواضروس الثانى: سألنا مرسي ماذا يحدث في 30 يونيو فقال "عادي يوم وهيعدي"    5 أفلام جديدة.. القائمة الكاملة لأفلام عيد الأضحى 2024    أخبار × 24 ساعة.. هيئة الدواء: تسعير الأدوية جبرى وإجراءات ضد المخالفين    رئيس شعبة الدواء: لدينا 17 ألف صنف.. والأدوية المصرية نفس جودة الأجنبية    هربًا من حرارة الجو.. مصرع طالب غرقًا أثناء الاستحمام بنهر النيل بقنا    سيناريوهات زيادة أسعار الكهرباء الشهر المقبل.. ما مصير محدودي الدخل؟    عقب سيجاره يشعل النيران في أشجار النخيل بمركز ابشواي بالفيوم    شاب متهور يدهس عاملا بالتجمع الأول أثناء استعراضه بالسيارة في الشارع    أول رد من الأهلي بشأن عقوبة «أفشة»    محسن رزق يواصل اختبارات ورشة الإخراج المسرحي بمهرجان المسرح المصري    الحج 2024.. عضو ب"شركات السياحة": حملات لترحيل حاملي تأشيرات الزيارة من مكة    الملف ب 50 جنيها.. تفاصيل التقديم بالمدارس الرياضية للإعدادية والثانوية    قبل عيد الأضحى 2024.. محلول تنظيف سحري يعيد الثلاجة كالجديدة    ناجي الشهابي: الحكومة نفذت رؤية الرئيس وكانت خير معين لتنفيذ التوجيهات    رشاد عبده: الدعم النقدي الأفضل لكن في مصر العيني هو الأنسب    رئيس البعثة المصرية للحج: استقبلنا 2000 حالة في العيادات حتى الآن    بالفيديو.. خالد الجندي: هذا ما يجب فعله مع التراث    وزير العمل يشارك في الملتقى الدولي للتضامن مع عمال فلسطين والأراضى العربية المحتلة    أحمد فهمي يروج لفيلم عصابة الماكس: السكة لسه طويلة    عيد الأضحى 2024: هل يجوز الانتفاع بلبن وصوف الأضحية حتى نحرها؟ «الإفتاء» توضح    السعودية ومصر تعلنان موعد غرة ذي الحجة وعيد الأضحى 2024 غدًا    الحكومة الألمانية تعتزم تخفيف الأعباء الضريبية بمقدار 23 مليار يورو خلال السنوات المقبلة    رؤية مصر 2023.. "الأزهر" يدشن وحدة للاستدامة البيئية - تفاصيل    أمين الفتوى بدار الإفتاء: الدعاء مستجاب في روضة رسول الله    «درَّة التاج»| العاصمة الإدارية.. أيقونة الجمهورية الجديدة    رئيس جامعة المنوفية يستعرض الخطة الاستثمارية وتعظيم الاستفادة من الموارد الذاتية    رئيس «أسيوط» يشهد احتفال «الدول العربية» بتوزيع جائزة محمد بن فهد    إنقاذ حياة كهربائي ابتلع مسمار واستقر بالقصبة الهوائية ببنها الجامعي    أميرة بهى الدين تستضيف أكرم القصاص فى "افتح باب قلبك" الليلة    أمين الفتوى يوضح طريقة صلاة التسابيح.. مٌكفرة للذنوب ومفرجة للكروب    بعد صدور قرار النيابة بشأن التحاليل.. أول تعليق للفنانة هلا السعيد على واقعة التحرش بها من سائق «أوبر»    السبت أم الأحد؟.. موعد الوقفة وأول أيام عيد الأضحى المبارك 2024    الجريدة الرسمية تنشر قرار محافظ الجيزة باعتماد المخطط التفصيلى لقرية القصر    وزير التنمية المحلية: مركز سقارة ينتهي من تدريب 167 عاملاً    وزير الري يبحث مشروعات التعاون مع جنوب السودان    تكريم الطلاب الفائزين فى مسابقتى"التصوير والتصميم الفنى والأشغال الفنية"    محافظ كفر الشيخ يتفقد موقع إنشاء مستشفى مطوبس المركزي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



(السعدنى) آخر عمالقة روز اليوسف
نشر في المصري اليوم يوم 16 - 05 - 2010

عندما وقعت نكسة 67 كان صلاح جاهين رئيسا لتحرير مجلة «صباح الخير»، فقرر فجأة أن يعود إلى جريدة الأهرام بعد أن امتلأ قلبه بمرارة الهزيمة وسقط فى بئر من الأحزان، وكان أحمد بهاء الدين آنذاك رئيسا لمجلس إدارتى مؤسسة روز اليوسف ودار الهلال معا، فرشح محمود السعدنى لتولى رئاسة صباح الخير، وكان القرار صائبا لأن تلك الأيام لم تكن لتحتمل أى اهتزازات نفسية، بل كانت مصر بحاجة إلى خامة خاصة من رؤساء التحرير، وكان السعدنى واحدا من هذه السبيكة المصرية الخالصة التى يتكون منها وجدان الشعب المصرى، فهو ابن البلد أبو قلب أرق من قلب الخساية الصابحة، ولسان أقوى من الكرباج السودانى، ودماغ أنشف من الحجر الصوان،
إنه المصرى الأصيل الذى إذا وقع الوطن فى مصيبة بحجم نكسة 67 استوعبها ونفض الهم عن كاهله، وأخذ نبّوته فى يده وانطلق ليأخذ بيد الأمة التى انكفأت على وجهها من جراء الضربة الموجعة، ليقول لمصر:اصلبى عودك وانهضى تانى... وسرعان ما انتفض المارد المصرى الذى يخبئه عمنا الكبير محمود السعدنى بداخله، فأطلق عنان كوكبة من كبار كتاب صباح الخير يطوفون البلاد شرقا وغربا يجلون معدن الشعب المصرى النقى، الذى علق به غبار النكسة وصدأ السنين، يبحثون عن سر هذا الشعب العظيم الذى لا ينتفض ويكشر عن أنيابه إلا فى وقت المحن، فخرج رسام الكاريكاتير الفنان حجازى والشاعر الكبير فؤاد قاعود، يطوفان البلاد والنجوع ويعودان كل أسبوع بخير وفير من فيض عبقرية الشعب المصرى، وخرج الكتاب الكبار عبدالله الطوخى، وصبرى موسى، وصالح مرسى، وأحمد هاشم الشريف... إلخ، وانطلقت ريش الرسامين تكتب وتسجل، وتنشر وتعلن على الملأ: أن الشعب المصرى حى لم يمت، وأن الأمة المصرية بخير، وتستعد للأخذ بالثأر ممن دنس أراضيها.
ولكن لا شىء يبقى على حاله، فقائد الكتيبة الصحفية المتألقة، الذى توج مشواره الصحفى برئاسة مجلة القلوب الشابة والعقول المتحررة لم يمهله أنور السادات ليكمل مسيرته الصحفية لارتقاء مزيد من القمم، فهو لم يأت من فراغ... فقد بدأ مشواره الصحفى المضنى فى منتصف الأربعينيات من جريدة «الكشكول» الساخرة التى كان يصدرها صديقه الشاعر مأمون الشناوى، إلى أن أغلقت، فعمل بجريدة المصرى لسان حال حزب الوفد آنذاك، ثم دار الهلال، إلى أن قامت ثورة يوليو فأنشأت الثورة جريدة الجمهورية، ورأس مجلس إدارتها أنور السادات، ورأس تحريرها الشاعر كامل الشناوى، وفجأة وشى أحد البصاصين بعم محمود الذى لم يكن فى مقدوره يوما ما أن يضع لسانه فى فمه ويسكت كلما رأى منكرا أو شيئا يثير الضحك، فكان السعدنى يطلق نكاته وسخرياته على السادات، بين زملائه فى الجريدة، وهم من عتاة الإجرام الصحفى الساخر:بيرم التونسى وعبدالرحمن الخميسى،
وما إن وصلت هذه النكات إلى السادات حتى فصل الثلاثة على الفور، ولكن الصحفى المخضرم إحسان عبدالقدوس، وأمه الرائعة السيدة فاطمة اليوسف، عندما علمت أن السعدنى ترك الجمهورية عينته على الفور مديرا لتحرير روز اليوسف، وظل فى الدار الصحفية العريقة إلى أن أطلقت السيدة فاطمة اليوسف مجلة صباح الخير (الذى) كان يتغنى بحبها الطير، فى 12 يناير 1956 التى أحدثت انقلابا فى كل الحسابات الصحفية، وظل عم محمود بين المجلة الأم روز اليوسف والابنة المدللة «صباح الخير» إلى أن تربع على عرش رئاسة تحريرها.
ويبدو أن الرئيس السادات كان بينه وبين أبناء هذه الدار، ومحمود السعدنى بالذات، ثأر بايت من زمان، فبعد وفاة عبدالناصر، وقعت أحداث 15 مايو التى انقلب فيها السادات على رفاق الثورة، فحاكمهم وسجنهم جميعا بمن فيهم عم محمود السعدنى، وتوسط عدد من رؤساء الدول لدى السادات ليفرج عن السعدنى لكنه رفض، إلى أن توسط القذافى بنفسه، فقال له السادات: «إنه أطلق نكات علىّ وعلى أهل بيتى، ويجب أن يتم تأديبه، ولن أفرط فى عقابه أبدا»..
ويبدو أن نكات عم محمود كانت لاذعة جدا لدرجة أن السادات لم يغفر له أبدا هذا الذنب العظيم، حتى بعد أن أفرج عنه بعد عامين، إذ أصدر قرارا بفصله من دار روز اليوسف، ومنعه من الكتابة فى أى مطبوعة مصرية، وعدم نشر اسمه فى أى جريدة حتى لو كان فى صفحة الوفيات، فاضطر السعدنى للسفر إلى بيروت حيث عمل فى جريدة السفير،
ومن هنا بدأت رحلة العذاب، التى تحملها بصبر جميل، فمن بيروت إلى ليبيا، ومن ليبيا إلى أبوظبى حيث عمل فى جريدة الفجر، فطارده الإيرانيون لأنه جعل شعارها «جريدة لكل العرب من المحيط الأطلسى إلى الخليج العربى»، فاعترض الإيرانيون على اعتبار أن الخليج فارسى وليس عربيا، فانتقل إلى الكويت وعمل فى جريدة السياسة مع صديقه أحمد الجار الله فطارده الإيرانيون مرة أخرى، فذهب إلى العراق فمارس السادات ضغوطا على الحكومة العراقية فغادر إلى لندن،
وهناك أصدر مجلة 23 يوليو، وكان معه مجموعة من المغضوب عليهم:الكاتب فهمى حسين مدير تحرير روز اليوسف الأسبق، ومحمود نورالدين الضابط المنشق عن السادات، وصلاح الليثى رسام الكاريكاتير الشهير، وبعد قليل تخلت عنه كل الأنظمة العربية، طالما اسم المجلة 23 يوليو فأغلقها، وعندما اغتيل الرئيس السادات، عاد السعدنى من منفاه الاختيارى، واستقبله الرئيس مبارك، ورغم هذه الرحلة الشاقة والمضنية فى بلاط صاحبة الجلالة لم يحظ السعدنى بتكريم الدولة وكان بالتأكيد هو الأحق من كثيرين بجائزة الدولة التقديرية، على الأقل لدوره الرائد والمتفرد فى الصحافة المصرية والعربية، ولمؤلفاته الغزيرة فى أدب الرحلات والمسرح والأدب،
إنه آخر العملاقة من جيل رواد مدرسة روز اليوسف العريقة، ولكن عزاءنا أن الصديق والزميل أكرم السعدنى مازال يواصل مشوار السعدنى الكبير، ومازالت ابنته هالة تواصل دورها الإعلامى فى التليفزيون، وكذلك أمل وحنان، ومازال عمدة الفنانين صلاح السعدنى فيه قبس من روح السعدنى الكبير الذى لا يعوض، وتحية لرفيقة الرحلة التى تحملت معه صابرة كل هذه الأهوال.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.