الرز والتراب.. قصة للصغار

(تمهيد)
مقالات متعلقة
* انتصار الهزيمة (مقالات أعجبتنى-8)
* البراءة المدانة (مقالات أعجبتني-7)
* منطقية الصدفة (مقالات أعجبتني-6)
الكبار وحدهم يعرفون قيمة ومعنى الأرض، لكن الصغار يحتاجون إلى دروس تعليمية تناسب عقولهم الصغيرة، وبمناسبة الحكم التاريخي بمصرية تيران وصنافير وعدم المساومة على تراب الوطن، أنشر لهم اليوم قصة للصغار بعنوان «الذهب والتراب»، من مجموعة «نزهة فرح»، للكاتب السوري عارف الخطيب.
(1)
وقفَ المعلمُ صالح، أمامَ تلاميذه الصغار، وسألهم قائلاً: أيُّهما أغلى.. الذهبُ أم التراب؟
قال التلاميذ: الذهبُ أغلى من التراب، وقال أحمد: الترابُ أغلى من الذهب، فضحكَ التلاميذُ جميعاً، فقال المعلم صالح: أصبْتَ الحقيقةَ يا أحمد!
سألَ التلاميذُ دهشين: كيف؟!، فقال المعلم صالح: اسمعوا هذه القصة، وستعرفون الحقيقة:
(2)
يُحكى أنَّ رجلاً هرِماً، اشتدَّ به المرضُ، فدعا ولديه، وقال لهما: يا ولدَّيَّ.. لقد تركتُ لكما أرضاً، وهذا الكيسَ من الذهبِ، فَلْيخترْ كلٌّ منكما ما يشاء.
(3)
- قالَ الولدُ الأصغر: أنا آخذُ الذهب.
* وقالَ الولدُ الأكبر: وأنا آخذُ الأرض.
(4)
ماتَ الأبُ بعد أيام، فحزن الولَدَان كثيراً، ثم أخذ كلُّ واحدٍ نصيبه من ثروة أبيه، وبدأ الولدُ الأكبر يعملُ في الأرض، يبذرُ في ترابها القمح، فتعطيه كلُّ حبّةٍ سنبلةً، في كلِّ سنبلةٍ مئةُ حبة، وبعدما يحصدُ القمحَ، يزرعُ موسماً آخر، وثروته تزدادُ يوماً بعد يوم، أمّا الولدُ الأصغر، فقد أخذَ ينفقُ من الذهب شيئاً بعد شيء، والذهبُ ينقصُ يوماً بعد يوم، وذاتَ مرّةٍ، فتحَ الكيسَ فوجدهُ فارغاً!
(5)
ذهب الأخ الصغير إلى أخيه الكبير، وقال له وهو محزون: لقد نفدَ الذهبُ الذي أخذتهُ، فقال الأخ الأكبر: أمَّا ما أخذتُهً أنا فلا ينفدُ أبداً.
- قال الأصغر: هل أخذْتَ غيرَ أرضٍ مملوءةٍ بالتراب؟!
* أخرجَ الأخُ الأكبرُ كيساً من الذهب، وقال: ترابُ الأرضِ أعطاني هذا الذهب.
- قال الأخُ الأصغر ساخراً: وهل يعطي الترابُ ذهباً؟!
* غضبَ أخوه، وقال: الخبزُ الذي تأكُلهُ من تراب الأرض، والثوبُ الذي تلبسُهُ من تراب الأرض.
(6)
خجل الأخُ الأصغر، وتابعَ الأكبرُ كلامه: والثمارُ الحلوةُ من ترابِ الأرض، والأزهارُ العطرةُ من تراب الأرض، ودماءُ عروقك من ترابِ الأرض.
- قال الأخ الأصغر: ما أكثرَ غبائي وجهلي!
* لا تحزن يا أخي!
- كيف لا أحزنُ، وقد أضعْتُ كل شيء؟!
* إذا ذهبَ الذهبُ، فالأرضُ باقية.
- الأرضُ لك، وأنتَ أوْلى بها.
* دَعْكَ من هذا الكلام، وهيّا معي إلى الأرض.
ذهبَ الأخوانِ إلى الأرض، فوجدا القطنَ الأبيضَ يميلُ فوقها ويلمع.. امتلأ الأخوان فرحاً، وهتفَ الأخُ الأصغرُ: يا أرضَنا الكريمةْ.. يا منبعَ العطاء/ يا أمَّنا الحبيبة.. نفديكِ بالدماء.
(7)
أختتم المقال بوصية غير مدونة طلب الشاعر الفلسطيني محمود درويش إبلاغها إلى الرئيس محمود عباس ليتمسك بها في أي مفاوضات مع الإسرائيليين، وقد نقلها عنه صديقه الدكتور فايز أبوشمالة، وقال فيها درويش:
«خُذوا أرضَ أُمّي بالسيفِ/ لكنّني/ لن أوقعَ باسمي/ على بيعِ شبرٍ من الشوكِ حولَ حقولِ الذُرةْ».
tamahi@hotmail.com
اشترك الآن لتصلك أهم الأخبار لحظة بلحظة