يعد الشباب هم العماد الأساسي لنهوض المجتمع، فبدورهم الإيجابي فيه، يمكنه أن يتقدم ويزدهر، ويعود لدوره الحضاري، وتعد مصر من أكبر المجتمعات في العالم من حيث نسبة الفئة العمرية الممثلة للشباب فيها، حيث يبلغ تعداد الشباب فيها أكثر من ثلث السكان. ووفقًا لتقارير التعداد العام للسكان لعام 2015، فإن عدد الشباب في مصر 28 مليون نسمة بنسبة 37.6 % من تعداد السكان، منهم 56% من قاطني الريف. ويواجه الشباب الكثير من التحديات، خاصة في مجال الصحة الإنجابية، حيث تعد ثقافة مفقودة يفتقر إليها الكثير من الشباب، ويؤثر الجهل بها سلبًا على العديد من مناحي حياتهم، خاصة الاِجتماعية والصحية، وينتج عن ذلك العديد من المشاكل المجتمعية، مثل: (الزواج المبكر، وختان الإناث، والتحرش)، بالإضافة للعديد من المشاكل الصحية (كالأمراض المنقولة جنسيًا، والأمراض المنقولة وراثيًا، الذي تنتج بنسبة كبيرة عن زواج الأقارب، وعدم الاِهتمام بإجراء فحوصات ما قبل الزواج). ورغم هذا فإن بعض منظمات المجتمع المدني تلعب دورًا إيجابيًا وبارزًَا في التوعية والتثقيف بقضايا الصحة الإنجابية. وأكد أحمد حمدي، مسؤول الشباب والنوع الاجتماعي بالجمعية المصرية لتنظيم الأسرة، أن الجمعية تعمل من خلال 19 فرعًا لها منتشرية في أغلب محافظات الجمهورية، من أجل أن يتمتع النساء والرجال والشباب في مصر بنوعية حياة جيدة، يكون لهم فيها حرية اتباع حياة إنجابية وجنسية صحية، كما أنه يتبع فروع الجمعية 130 مركزا لتقديم خدمات تنظيم الأسرة والصحة الانجابية في الحضر والريف، والمناطق الصحراوية والعشوائية والنائية. وأشار إلى أن الجمعية المصرية لتنظيم الأسرة، تقود العمل التطوعي في مجال الصحة الإنجابية والجنسية بتقديم ودعم الخدمات والمعلومات، وتمكين المرأة، وتناصر الحقوق ذات الصلة للجميع، وخاصة الفئات المحرومة، والأكثر عرضة للخطر. وأضاف حمدي أن مفهوم الصحة الإنجابية أكثر شمولية مما يظنه البعض، حين يقصروه فقط على (تنظيم الأسرة). لكنه، حسب تعريف منظمة الصحة العالمية للصحة الإنجابية، على أنها الوصول إلى حالة من اكتمال السلامة البدنية والنفسية والعقلية والاجتماعية في الأمور ذات العلاقة بوظائف الجهاز التناسلي، وعملياته، وليس فقط الخلو من الأمراض أو الإعاقة، وهي تعدّ جزءً أساسياً من الصحة العامة، تعكس المستوى الصحي للرجل والمرأة في سن الإنجاب. وأوضح أن هناك العديد من الفئات المستهدفة بالصحة الإنجابية، وهي : - الرجال والنساء في سن الإنجاب، لرفع المستوى الصحي لهم. - المراهقون والشباب لتجنيبهم السلوكيات الضارة التي قد تؤدي إلى انتشار الأمراض المنقولة جنسياً، ليجهزوا أنفسهم للمستقبل ويتحملوا مسؤولياتهم تجاه صحتهم، والأسر التي سيشكلونها. - النساء ما بعد سن الإنجاب، وذلك لوقايتهم من الأمراض التي تتعلق بالجهاز التناسلي، ومواجهتها. - الأطفال ما بعد الولادة، للحفاظ على صحتهم وبقائهم وحمايتهم ونمائهم. وأضاف إلى أن هناك العديد من العوامل التي تؤثر في مستوى الصحة الإنجابية للأفراد، فالصحة الإنجابية تؤثر وتتأثر بحالة المجتمع الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، فهي تتأثر سلباً بانتشار الأمية، والبطالة، وبتقاليد المجتمع وعاداته ومعتقداته وقيمه، كما تتأثر بالبيئة الأسرية وعلاقة الأباء والأمهات بالأبناء والبنات. وتتأثر الصحة الإنجابية أيضاً بمكانة المرأة في المجتمع، والتمييز في كافة الأوجه التي تواجهه في بعض المجتمعات، ويتأثر كذلك مستوى الصحة الإنجابية بمدى توافر خدمات صحية ذات جودة، تلبي الاحتياجات الصحية لفئات المجتمع المختلفة، ويسهل عليهم الوصول إليها. من جهة أخرى، أكدت سارة بيصر، مديرة مركز زيتونة لحقوق الطفل ودعم المرأة، أن المركز تأسس في عام 2013 ليكون أول مركز متخصص في حقوق الطفل، ودعم المرأة في دمياط، وأنه يقوم بالعمل على 3 محاور أساسية هي الإرشاد الأسري، والدعم النفسي خاصة للنساء المعنفات، والدعم القانوني لهن، بالإضافة إلى تبنيه مبادرة أمان، لتوعية وحماية الأطفال من الاعتداء الجنسية والجسدية، وتعريفهم بحقوق الطفل. ومبادرة بداخلك عبقري لتنمية مهارات ومواهب الأطفال في الرسم والكتابة والتمثيل، ومبادرة التدخل المبكر لحماية الأطفال من التسرب من التعليم. .بالإضافة للتوعية بقضايا المرأة وتمكينها، والشباب، خاصة قضايا الصحة الإنجابية. وأضافت أن من أكبر المشاكلات المجتمعية التي يواجهها المجتمع المصري نتيجة عدم الإلمام الكافي بموضوع الصحة الإنجابية، مشكلة الزواج المبكر، وختان الإناث، والتحرش، وأشارت أن نسبة تزويج الفتيات في سن مبكرة أقل من 18 عاما تبلغ 33%، وأنه ينتشر بشكلٍ كبير في الصعيد والريف، ويعرض الفتيات للعديد من المشكلات الصحية والاجتماعية، حيث إن حمل المراهقات يؤدي لمشاكل صحية عديدة، فتزيد نسبة وفيات الأمهات في هذه السن من مرتين إلى 5 مرات عن نسبة الوفيات في السن من 20: 35 سنة، كما أن هناك نسبة كبيرة من إصابة الأمهات في هذه السن بأمراض مزمنة نتيجة الحمل والولادة، وتمثل مضاعفات الحمل والولادة السبب الرئيسي لوفيات وأمراض الأمهات قبل سن العشرين؛ بالإضافة لأن تزويج الفتيات في هذه السن يفقدهن فرصتهن في استكمال تعليمهن، وعدم تمتعهن بطفولتهن، واستكمال تكوين شخصيتهن، وكيانهن الذاتي. واستطردت أنه مازالت مشكلة ختان الإناث متصدرة قائمة المشاكل التي نواجهها في مجال الصحة الإنجابية في مصر بالتوعية بمخاطرها، ف74% من الفتيات في مصر تعرضن لعمليات تشويه الأعضاء التناسلية، المسماة بختان الإناث المقترن بأضرار عديدة على صحتهن العامة والنفسية والجنسية. وأضافت أيضا أن تصحيح مفهوم التحرش أمر مهم لنستطيع أن نواجهه في المجتمع، فهو لا يقتصر على فعل ملامسة الجسد فقط، لكنه، أي صيغة من الكلمات غير مرغوب بها، أو الأفعال ذات الطابع الجنسي، والتي تنتهك جسد أو خصوصية أو مشاعر شخص ما، وتجعله يشعر بعدم الارتياح، أو التهديد، أو عدم الأمان والخوف، أو عدم الاحترام، أو الإهانة، أو الإساءة، أو الترهيب، أو الانتهاك، أو أنه مجرد جسد. وأوضحت أن التحرش الجنسي يأخذ أشكالًا مختلفة كالنظر المتفحص، والتعبيرات الوجهية والنداءات والتعليقات ذات الطابع الجنسي، واللمس، والملاحقة والتتبع، والاهتمام غير المرغوب فيه، والتعري بإظهار أجزاء خاصة أمام شخص ما، أو تعريض المتحرش به لصور إباحية، والتحرش عبر الإنترنت، والمكالمات الهاتفية، والتحرش الجماعي.
