حزب الله في لبنان يستهدف تحركا لجنود إسرائيليين في المالكية عند الحدود    «التموين» تطلق أكبر قافلة من المساعدات لأهالي غزة منذ بداية الحرب    المؤتمر: السيسي وضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته تجاه القضية الفلسطينية    "خلال الرقصة الأخيرة".. هل يقتل مبابي حلم ريال مدريد قبل الانضمام لهم؟    حبس المتهم بالشروع في قتل شقيقه بسبب خلافات الميراث في الجيزة    تأجيل محاكمة مرتضى منصور بتهمة سب ممدوح عباس    طفن إعادة التدوير.. ورشة لقصور الثقافة بمركز رعاية ذوي الهمم بالزيتون    ثقافة الإسكندرية تقدم أسرار سانتا كلوز على مسرح قصر الأنفوشي    «معيط»: استراتيجية متكاملة لإدارة الدين والنزول بمعدلاته لأقل من 80% في 2027    مسؤولون أمريكيون وإسرائيليون: «لا نتوقع ضرب إيران قبل عيد الفصح»    نادي الأسير الفلسطيني: ارتفاع حصيلة الاعتقالات بعد 7 أكتوبر إلى نحو 8310    استقرار أسعار النفط بعد انخفاض حاد بسبب مخاوف إزاء الطلب العالمي    توقيع مذكرة تفاهم لتطوير البنية الفوقية وإدارة وتشغيل ميناء برنيس بالبحر الأحمر مع إحدى الشركات الكويتية    توريد 593 طن قمح بكفر الشيخ حتى الآن    مصرع شاب إثر انقلاب دراجة نارية بطنطا    فيديو.. الأرصاد تناشد المواطنين عدم تخفيف الملابس ليلا: الأجواء باردة على أغلب الأنحاء    الأحد.. النواب يعقد ثانى جلساته بالعاصمة الإدارية    25 أبريل.. انطلاق دورة إعداد المدربين TOT بجامعة بنها    فى اليوم العالمى للتراث.. دار الكتب تعلن عن خصم 30 % على الإصدارات التراثية    ردد الآن.. دعاء الشفاء لنفسي    دعاء العواصف.. ردده وخذ الأجر والثواب    مستشفى أهناسيا في بني سويف يستقبل 15 مريضا فلسطينيا و32 مرافقا    النشرة المرورية.. خريطة الكثافات والطرق البديلة بالقاهرة والجيزة    عضها حصان.. إصابة سائحة سورية في الأهرامات    ليفربول يواجه أتالانتا في الدوري الأوروبي    عاجل...غياب حسين الشحات بدء محاكمة لاعب الأهلي في قضية التعدي على الشيبي    "كنترول إس"، مشروع تخرج لطلاب إعلام حلوان يستهدف الحفاظ على الممتلكات العامة    وزير التعليم العالي يبحث تعزيز التعاون مع منظمة "الألكسو"    شعبة المستوردين تطالب بتبني سياسات مختلفة لزيادة معدل الصادرات    عالم هولندي يثير الرعب مجددا، تحذير من زلزال مدمر خلال أيام    وزير الإسكان يتابع موقف تنفيذ وتسليم الوحدات السكنية بمبادرة «سكن لكل المصريين»    احذروا الذباب الصحراوي، ضيف ثقيل على مصر يسبب لدغات مؤلمة وحكة شديدة    عاجل.. شوبير يفجر مفاجأة مدوية بشأن فشل انتقال سفيان رحيمي ل الأهلي    "ريمونتادا" ومفاجآت فى ربع نهائى دورى أبطال أوروبا    بلدية النصيرات: غزة تحوّلت إلى منطقة منكوبة جراء حرب الإبادة الإسرائيلية    18 أبريل 2024.. نشرة أسعار الحديد والأسمنت بالمصانع المحلية    الرعاية الصحية: 10 مستشفيات جديدة ومجمع الفيروز الطبي يدخلون الخدمة 30 يونيو المقبل    بالتواريخ| عدد إجازات الموظفين في عيد العمال وشم النسيم    هولندا تعرض على الاتحاد الأوروبي شراء "باتريوت" لمنحها إلى أوكرانيا    فيلم «عالماشي» يحقق إيرادات ضعيفة في شباك التذاكر.. كم بلغت؟    التموين تزف بشرى سارة عن أسعار السندويتشات في المحلات بسبب الرغيف السياحي    «الرقابة الصحية»: وضع ضوابط ومعايير وطنية لتدعيم أخلاقيات البحوث الطبية    مهيب عبد الهادي يكشف مفاجأة صادمة عن كولر    علي جمعة: الرحمة حقيقة الدين ووصف الله بها سيدنا محمد    «تعليم البحر الأحمر» تجري تعديل على موعد امتحانات الصف الثاني الثانوي بسبب احتفالات عيد السعف    السفارة الأمريكية تنظم فعاليات لدعم التدفق السياحي إلى الأقصر    تفاصيل المذبحة الأسرية فى الغربية ..المتهم والضحايا يقيمون فى منزل العائلة بكفر الزيات    «كن فرحًا».. مؤتمر لدعم وتأهيل ذوي الهمم بالأقصر    «صحة مطروح» تطلق قافلة طبية مجانية لقرية سيدى شبيب الأسبوع المقبل    منة عدلي القيعي: بجمع أفكار الأغاني من كلام الناس    وزارة الطيران المدني توضح حقيقة انتظار إحدى الطائرات لمدة 6 ساعات    ما حكم نسيان إخراج زكاة الفطر؟.. دار الإفتاء توضح    شاب يتحول من الإدمان لحفظ القرآن الكريم.. تفاصيل    مدير أعمال شيرين سيف النصر: كانت عايزة تشارك في عمل ل محمد سامي ( فيديو)    الصين قادمة    حظك اليوم وتوقعات الأبراج الخميس 18/4/2024 على الصعيد المهني والعاطفي والصحي    إبراهيم نور الدين: كنت أخشى من رحيل لجنة الحكام حال إخفاقي في مباراة القمة (فيديو)    حسام عاشور: حزين من كولر بعد القمة.. وقررت دخول مجال التدريب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حياء «المعلّم زيطة»
نشر في المصري اليوم يوم 11 - 12 - 2016

اعتادنا في الأونة الأخيرة مطالعة تصريحات هزلية من السادة أعضاء مجلس النواب، فمرة يهاجم أحدهم النساء، ويصف الرجال المصريين بالضعف الجنسي، وأخرى يخبرنا ممثل للشعب، رئيس إحدى اللجان النيابية، أنه «راجل روحاني»، وأن «العفاريت» مسؤولة عن حوادث الطرق، وغير ذلك من التُّرَّهَاتُ المستفزة التي لا تبرهن على أن السادة النواب منشغلون عن أوجاع المصريين بأحاديث تافهة فقط، بل وتفارق اللياقة والتهذيب في مجتمع مأزوم بهموم الفقر والمشاكل الاقتصادية، وأخيرًا كان تصريح النائب الذي اتهم أدب نجيب محفوظ بأنه «خادش للحياء»!.
مقالات متعلقة
* الرفيق كاسترو.. في وداع «الثورات الحمراء»
* تهاوي الحلم الأمريكي.. الحنين إلى ماضٍ كريه
* مسؤولية المثقف
بداية، نجيب محفوظ ليس فوق النقد، لا هو ولا غيره من البنّائين العظماء للوجدان الجمعي للمصريين، يحق لكل مواطن هجاء يوسف أدريس، انتقاد يحيى حقي، ومخالفة طه حسين، لكن ما هي شروط الانتقاد؟ وما هو أساس النقد؟ تلك أسئلة بديهية يجب أن تطرح، قبل الشروع في مهاجمة شخص تأثيره في وجدان الشعب أكبر من تأثير أعضاء مجلس النواب مجتمعين، منذ تأسيسه في عصر الخديوي إسماعيل.
الحكاية الهزلية أن نائبا ما- تقريبًا لا أحد يعرفه غير جيرانه في مقاعد المجلس الموقر، وأهل الدائرة- جهر في جلسة برلمانية بأن روايات نجيب محفوظ خادشة للحياء، وزاد النائب الموقر بأن «الأديب الكوني» كان يستحق العقاب، لكن حينها لم يُحرك أحد الدعوى الجنائية، هذا ما جادت به قريحة أحد «نوائب العصر»، وقامت الدنيا على النائب، ووجدها هو فرصة للظهور أكثر، فزاد وتثاقف، وقال إنه قرأ روايتي «الحرافيش» و«الجبل» عندما كان غرًا غريرًا، ولك عزيزي القارئ أن تندهش عندما تعرف أن رواية «الجبل» ليست ل«محفوظ»، بل إن كاتبها هو الأديب الراحل فتحي غانم، لكن يبدو أن «كله عن سيادة النائب روايات».
حسنا، الآن يمكننا أن نتعامل بموضوعية في أمر النائب، والموضوعية هنا هي أن نتجاهل لغوه تمامًا، حتى يكتمل رشده الأدبي، ويقرأ إنتاج الرجل، وبعدها يمكننا أن نناقشه ونُفند آرائه ورؤاه، إن امتلك يومًا تلك الموهبة في نقد الأعمال الأدبية.
لكن الأمر في رأينا أبعد من حديث نائب «لا يقرأ» إلى دولة متواطئة مع الرجعيين ضد الأدب والمبدعين، والأدلة كثيرة في حالة نجيب محفوظ بالتحديد، لأنه الأكثر شهرة، والأكثر تحققًا، وأيضا الأكثر التزامًا بالقواعد المجتمعية، فما بالك بمن هم أقل في الشهرة والتحقق وأكثر صخبًا. في أول السبعينيات، منع الرئيس «المؤمن»، أنور السادات، نشر قصص نجيب محفوظ في «الأهرام» مع غيره من المبدعين الكبار، إثر توقيع الأديب على بيان يطالب بإنهاء حالة اللاحرب واللاسلم مع دولة الاحتلال الإسرائيلية، وبعدها أبت الدولة إلا أن توّدع الروائي الأعظم في تاريخها دون حماقة أمنية، وكان تفتيش جثمانه بداعى تأمين مشاركة الرئيس الأسبق، حسني مبارك، في الجنازة، شاهدًا على مآلات الإبداع ورواده في عُرف دولة يسكن قلبها متطرف أشد غُلظة من إرهابيي «داعش».
الدولة تتعامل مع المثقفين حينما تحتاج إلى شرعية ما في مواجهة المتطرفين، وعندما تستتب لها الأمور تتواطأ مع هؤلاء الرجعيين أنفسهم في حصار الأدباء والمثقفين، قد تسجنهم أو تضيق عليهم أو تفصلهم من وظائفهم، وأحيانًا يبلغ بها البغي أن تفرق بينهم وبين زوجاتهم.
السُلطة، لأنها تعرف أن المثقف الحقيقي في الغالب لن يؤيد معظم قراراتها، ما أوضحناه بتوسع في مقال سابق ب«المصري اليوم» بعنوان «مسؤولية المثقف»، لذا تتعامل معه بمنطق وزير الدعاية النازي سيئ الذكر، جوزيف جوبلز، تتحسس مسدسها عندما تسمع كلمة مثقف، أو هي مثل المعلم «زيطة» في «زقاق المدق»، الذي أبدع نجيب محفوظ في وصفه بأنه «بادل الناس مقتًا بمقت عن طيب خاطر»، و«زيطة» هذا ليس أكثر من صانع عاهات للأشخاص الذين يريدون العمل شحاذين، لكي يكسبوا رزقهم بإهدار الكرامة وتشويه أجسادهم.
«زيطة» استفاد من اختلاط الحابل بالنابل في وقتنا الراهن وانتقل برعاية السُلطة من «الخرابة» العفنة التي يستأجرها من المعلمة «حسنية» وزوجها «جعدة» في «زقاق المدق»، وأصبح يجالس كبار القوم ويظهر في «التوك شو»، الفارق الوحيد أنه بدّل الجلباب الأسود ببذلة غاية في الأناقة، ورابطة عنق فاخرة، لكنه ما فارق أبدًا عقليته التعيسة، وإن ترقى قليلا فأصبح عوضًا عن صناعة العاهات للشحاذين، يُعمم خبرته ويصنع العاهات الدائمة في المجتمع بأكمله، وأيقظنا، نحن المواطنين المساكين متذوقي الأدب، المستحي «زيطة» من خلاعتنا على صوته الصارخ في البريّة، الداعي إلى صناعة العاهات، لأنها أجدر بهذا الزمن من صنعة الأدب والأدباء، وربما أيضا أفيد للدولة راعية «زيطة» وأشباهه من النوائب.
اشترك الآن لتصلك أهم الأخبار لحظة بلحظة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.