مصدر فى بيراميدز يكشف حقيقة منع النادى من المشاركة فى البطولات القارية بسبب شكوى النجوم    حازم إمام: نسخة إمام عاشور فى الزمالك أفضل من الأهلي.. وزيزو أفيد للفريق    الشركة المتحدة تنعى الكاتب الكبير فاروق صبرى رئيس غرفة صناعة السينما    نقيب الصحفيين الفلسطينيين ل قصواء الخلالى: موقف الرئيس السيسي تاريخى    يوسف الحسيني: القاهرة تبذل جهودا متواصلة لوقف العدوان على غزة    توريد 155 ألفا و923 طن قمح إلى الشون والصوامع بسوهاج    رويترز عن مسئول إسرائيلي: حماس رفضت المقترح وغيّرت بنوده الرئيسية    وزير الخارجية الجزائري يبحث مع أردوغان تطورات الأوضاع الفلسطينية    وزير خارجية الكويت ورئيس الوزراء الفلسطيني يبحثان قضايا «الاستجابة الإنسانية» لقطاع غزة    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. استشهاد شابين فلسطينيين برصاص الاحتلال فى الضفة الغربية.. البيت الأبيض: علمنا برد حماس لمصر وقطر على مقترح وقف إطلاق النار.. وإدانة نجل بايدن بتهم تتعلق بحيازة أسلحة    بيولى يرفض عرضا من نوتينجهام فورست وينتظر المزيد من الدورى الإنجليزى    طارق رضوان يكتب: انتخابات برلمان الاتحاد الأوروبي والتوجهات الإقليمية    الأعلى للإعلام يكشف تفاصيل قرار حجب المنصات غير المرخصة خلال 3 أشهر    جمعية رجال الأعمال: تغيير وزير الصناعة ليس من شأنه أن يغير الوضع نحو الأفضل في القطاع    حسن مصطفى: تصريحات حسام حسن تحتاج للهدوء وأداء المنتخب يتطلب تحسينات    خالد الدرندلي: حسام حسن سأل صلاح عن رغبته فى التبديل واللاعب أراد الاستمرار    بعد أزمة التصريحات.. ميدو يوجه رسالة ل حسام حسن    أول تعليق من ميدو عن مشهد استبدال محمد صلاح أمام غينيا بيساو    أثناء اللهو والهروب من الحر.. مصرع شخص غرقًا بمياه النيل في المنيا    «القاهرة الإخبارية»: السلطات السعودية تقر خططا ومسارات لإنجاح تفويج الحجاج    مصرع طالب غرقًا في نهر النيل في محافظة قنا    وزير الأوقاف يكلف لجنة لمتابعة الإعداد لصلاة العيد بالساحات والمساجد    عيار 21 الآن «بيع وشراء».. أسعار الذهب اليوم الأربعاء بعد الانخفاض الأخيرة بالمصنعية (التفاصيل)    مطار الأقصر يُجري تجربة طوارئ واسعة النطاق    «فودة» يناقش الاستعدادات ل«الأضحى» ويوجه بضرورة تكثيف العمل بعد عطلة العيد    حظك اليوم| الاربعاء 12 يونيو لمواليد برج الميزان    د.حماد عبدالله يكتب: لماذا إختفت الإبتسامة !!    حظك اليوم| الاربعاء 12 يونيو لمواليد برج السرطان    حظك اليوم| الاربعاء 12 يونيو لمواليد برج الجوزاء    اليوم.. «صحة المنيا» تنظم قافلة طبية بقرية بلة المستجدة ببني مزار    شيخ الأزهر لطلاب غزة: علّمتم العالم الصمود والمثابرة    منتخب المغرب يكتسح الكونغو في تصفيات أفريقيا المؤهلة لكأس العالم 2026    استعدادًا ل«يورو 2024».. رونالدو يقود منتخب البرتغال لاكتساح أيرلندا وديًا    مصدر حكومي: حلف اليمين الدستورية للحكومة الجديدة مقرر له بعد العودة من إجازة عيد الأضحى المبارك    وزيرة التخطيط تناقش مع رئيس جهاز الإحصاء جهود وضع «الاستراتيجية الوطنية»    محافظ جنوب سيناء يفتتح ملعبًا بالممشى السياحي في شرم الشيخ    الأعلى للإعلام يكشف تفاصيل حجب جميع المنصات العاملة بدون ترخيص خلال 3 أشهر    لجنة الفتوى بالأزهر ترد على عريس كفر صقر: «عندنا 100 مليون مصري معمولهم سحر» (فيديو)    فضل صيام يوم عرفة 2024.. وأبرز الأدعية المأثورة    علي جمعة يوضح أعمال الحج: يوم التروية الثامن من ذي الحجة    قبل عيد الأضحى.. 7 أمور يستحب فعلها قبل التضحية    العثور على خراف نافقة بالبحر الأحمر.. البيئة: نتعقب السفينة المسئولة وسنلاحقها قضائيا    يوافق أول أيام عيد الأضحى.. ما حكم صيام اليوم العاشر من ذي الحجة؟    رسالة جديدة من «الهجرة» للمصريين في دول النزاعات بشأن مبادرة استيراد السيارات    نقابة الصيادلة: الدواء المصري هو الأرخص على مستوى العالم.. لازم نخلص من عقدة الخواجة    وكيل «صحة الشرقية» يناقش خطة اعتماد مستشفى الصدر ضمن التأمين الصحي الشامل    لطلاب الثانوية العامة.. أكلات تحتوي على الأوميجا 3 وتساعد على التركيز    «بابا قالي رحمة اتجننت».. ابن سفاح التجمع يكشف تفاصيل خطيرة أمام جهات التحقيق    بدائل الثانوية العامة.. شروط الالتحاق بمدرسة الضبعة النووية بعد الإعدادية (رابط مباشر للتقديم)    قافلة مجمع البحوث الإسلامية بكفر الشيخ لتصحيح المفاهيم الخاطئة    تطوير وصيانة وإنتاج خرائط.. وزير الري يكشف عن مجهودات توزيع المياه في مصر    تطوير مستشفى مطروح العام بتكلفة مليار جنيه وإنشاء أخرى للصحة النفسية    رئيس جامعة بني سويف يرأس عددا من الاجتماعات    إيلون ماسك: سأحظر أجهزة آيفون في شركاتي    سحب عينات من القمح والدقيق بمطاحن الوادي الجديد للتأكد من صلاحيتها ومطابقة المواصفات    خبير سياسات دولية: زيارة بلينكن للقاهرة نقطة تحول لوقف إطلاق النار بغزة    محمد أبو هاشم: العشر الأوائل من ذى الحجة أقسم الله بها في سورة الفجر (فيديو)    طائرته اختفت كأنها سراب.. من هو نائب رئيس مالاوي؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصنع آيس كريم يستولى على «قبة الصالح ».. والانهيار يهدد «فاطمة خاتون»

يزخر حى الخليفة، والذى يحتل موقعاً مميزاً بقلب القاهرة التاريخية، بهذه البانوراما الفريدة المتنوعة التى تجمع بين الحياة والموت والجمال والذوق الرفيع ملطخا بالقبح والفعل الشنيع، وامتدت إليه يد العبث والتراخى الحكومى والأمنى، رغم أنه يجمع بين الدين والحضارة والتاريخ والفن الفاطمى والأيوبى والمملوكى والملكى.
يشكل المكان متحفا مفتوحا يضم البشر والحجر وما خلفه السلاطين والأمراء وحواشيهم وجواريهم وزوجاتهم من أثر، إلا أنه مازال خارج خريطة اهتمامات الدولة.
وتحتل «بقعة مباركة» من الشارع مكانة كبيرة فى قلوب المسلمين فى العالم الإسلامى، ويطلق عليها اسم «البقيع المصرى» أو «البقيع الصغير»، حيث ينتسب إليها مشاهد ومراقد وأضرحة لعدد من آل بيت النبوة، وتعلن عن نفسها من خلال قبابها ومآذنها المنتشرة ومزاراتها مشرعة الأبواب طوال اليوم.
ويوجد عند مدخله بجوار مسجد السيدة نفيسة خريطة جدارية ضخمة جهة اليسار تم رسمها على سور مدرسة شجر الدر الابتدائية لتوضح معالم المنطقة التى تضم مساجد ومقامات ومشاهد وأضرحة وقبابا وأسبلة وقصورا منيفة وبيوتا تاريخية فخيمة، ومطاعم وورشاً ومنتجات يدوية تضم حرفا مختلفة، من بينها الحدادة والنجارة والنحاس والميكانيكا والمشغولات الفنية والتحف، بل وسوق كبيرة للخضروات والفاكهة يغلب عليها الطابع التاريخى القديم بعرباتها الخشبية وعششها ومخازنها العتيقة ذات الأبواب الخشبية المتهالكة التى تفوح منها رائحة الزمان.
وعلى بعد أمتار قليلة على يسار الشارع توجد ربوة عالية يمكن الصعود إليها بالسلالم، يستطيع الزائر، من فوقها، مشاهدة معالم المنطقة، فى حين يرى القلعة ومسجد محمد على بمآذنه وقبابه الفضية اللامعة على مرمى البصر، بينما تنتشر الصروح الأثرية ذات اليمين وذات الشمال، لكن اللافت أن اللوحات الإرشادية الخاصة بهذه المعالم تم وضعها تطوعا من جانب جمعية الحفاظ على التراث المصرى وليس وزارة الآثار.
الآثار الإسلامية بحى الخليفة
المنطقة تعج بالمنازل السكنية القديمة التى تنتشر فى الدروب والحوارى والأزقة والعطف والمطرزة بالدكاكين العتيقة والحرف التراثية، والمشهد كله يوحى بفوضى مبعثرة ترتسم ملامحها بامتزاج شديد اللزوجة بين بيوت الأهالى المتهالكة وورش الحدادة والنجارة والخراطة وتصليح السيارات والخردوات والخضروات وأكشاك السجائر والمرطبات، بل وتحولت أسوار آثار شهيرة مثل مسجد بن طولون إلى إسطبل للخيول والبغال والحمير، وركن السيارات فى أحد الجوانب، فضلا عن القمامة التى تنتشر داخل وحول الآثار والمزارات الدينية.
وتوقفت خطط التطوير، حيث لا يوجد سوى بعض أعمال الترميم فى عدد من الأضرحة، فى حين تنتشر القمامة والتوك توك والمطبات والحيوانات الضالة.
وفى هذا الصدد طالب الدكتور رأفت النبراوى، أستاذ الآثار الإسلامية، وعميد كلية الآثار الأسبق بجامعة القاهرة، بضرورة وضع المنطقة على خريطة التطوير وتنميتها، خاصة أنها تضم آثاراً نادرة من مختلف العصور، مشددا على ضرورة إغلاق المنطقة من الجانبين على غرار شارع المعز ومنع عبور السيارات والدرجات البخارية، ومنع الاعتداءات.
وقال النبراوى ل«المصرى اليوم»: «وضع المنطقة على خريطة المزارات السياحية الثقافية والدينية يستلزم تنظيفها بالكامل، خاصة أن بها أضرحة ومشاهد لآل بيت الرسول يأتى الناس لها من كل مكان فى العالم، وهو ما له انعكاسه الإيجابى على تنشيط السياحة». مضيفا: «يجب توقيع عقوبات قاسية على الأهالى ممن ينتهكون حرمة الآثار».
ودعا إلى شن حملة دعاية للمنطقة ودعمها بالخرائط السياحية، وتنشيط الوعى الأثرى لدى السكان، مؤكدا أن المسألة لا تنحصر فى ضعف التمويل بقدر ما تتعلق بالتنظيم.
وأشار إلى أن المسؤولين لا يقدرون قيمة هذا المكان، وكل واحد منهم «همه الجلوس على كرسيه فقط، فكل من وزارتى السياحة والآثار فى غيبوبة»، مؤكدا أن المسألة تنظيمية تمويلية حتى تتحول إلى قيمة اقتصادية تفيد البلد.
وقال النبراوى: «نحن كأثريين وأساتذة جامعات مستعدون أن نشارك فى توعية الجماهير وإرشاد الناس بأهمية الآثار وكيفية الحفاظ عليها، وذلك إذا طلب منا ذلك»، مشددا على ضرورة توقيع عقوبة قاسية على كل من ينتهك حرمة الآثار من خلال إلقاء القمامة، ومطالبا فى الوقت نفسه بإغلاق المنطقة ومنع دخول السيارات والدراجات البخارية والتوك توك.
الآثار الإسلامية بحى الخليفة
الأكثرية الكاسحة من زائرى المنطقة والمريدين يذهبون إلى أضرحة الأولياء، أملا فى التبرك بآل بيت النبوة، والتماسا للراحة، وأملا فى استجابة الدعاء، حيث حرص خدام الأضرحة على تعطيرها طوال الوقت بالمسك من الداخل، غير أن معظمها مازال يخضع لعمليات الترميم التى إما توقفت أو لم تكتمل، حيث تعانى جدرانها من التشقق والرطوبة والأملاح التى أثرت عليها بشكل ملحوظ، كما أنها محاطة بالقمامة، سواء فى المناطق الخلفية، أو أمام الأسوار الخارجية، لترسم مشهدا سلبيا سيئا لا يتناسب مع القيمة الروحية لهذه المزارات.
ولا يخلو مسجد السيدة نفيسة بدوره من التجاوزات، حيث تحولت ساحته الأمامية إلى موقف لسيارات الميكروباص والأجرة والتوك توك والباعة الجائلين المتنقلين أو الثابتين.
أما مسجد السيدة سكينة فمحاط هو الآخر بعديد من الظواهر السلبية، حيث تقع أمامه ساحة كبيرة لانتظار السيارات التى لا تخلو بدورها من القمامة، ويتراص أمام المشهد كثير من المقاعد التابعة للمقهى الموجود أمامه، بينما يتناثر دخان الشيشة حوله وما يصاحبه من صخب السمر على المقهى.
وبعد الانتهاء من شعائر الصلاة بمسجد السيدة رقية يهرول كثير من المصلين لالتماس البركة من مجمع أضرحة الأولياء، حيث يتعلقون بأستارها، ويبتهلون إلى الله بأسمائها.
الشيخ حسن، والذى يقيم الشعائر فى مسجد السيدة رقية المجاور لأضرحة آل البيت، قال ل«المصرى اليوم» إن الزيارات هنا لا تتوقف ليلا ونهارا، ونغلق الباب بعد صلاة العشاء، ولكن إذا جاء زائر من الخارج فإننا لا نتردد فى فتح الباب له، مؤكدا أن المسلمين يفدون إلى مجمع الأولياء من جميع أنحاء العالم الإسلامى وليس الدول العربية فقط.
وقال الشيخ حسن إن المكان كله موثق، وإن كل من هم بالمراقد من آل بيت النبى، وهذا منذ أن جاءوا مسجد السيدة رقية.
هناك مقبرة مكتوب عليها «مقامات الأولياء» ومكسوة بالرخام، ولكن الشيخ حسن قال إنه لا يعرف من هم هؤلاء الأولياء الذى يضمهم المقام، واكتفى بتعديد أسماء المشهورين الذين أقيمت أضرحة لهم بجوارهم، مثل السيدة عاتكة والجعفرى وزبيدة ورقية وأسماء.
ويوجد ضريح محمد بن سيرين، وعبد الله عبدالغنى البلاسى فى الجانب الآخر من الشارع، ويبدو أنه ليس مدفونا فى هذا الضريح الصغير، والذى فتح على مصراعيه وتم تعطيره بالمسك، بينما لا تنقطع الرجل عنه، ولكنه يعلوه دور علوى سكنى تم بناؤه عليه، حيث يتدلى الغسيل على الضريح، لكن القمامة تتناثر خلف أسوار القباب الداخلية، مثلما تنتشر وراء الأسوار الحديدية الخارجية بصورة مقززة لا تناسب المقامات الشريفة.
الأسطى عصام سعيد، صاحب أكبر ورشة خشب بجوار مقام ابن سيرين والبلاسى، أكد أن تلك القمامة تلقى طوال اليوم، ولكن عمال النظافة بالحى يقومون برفعها صباحا، مشيرا إلى أن أعمال البلطجة تضاءلت مقارنة بوضعها أيام الثورة، خاصة أيام الأعياد.
وبجوار السيدة سكينة يوجد حضرة للشيخ كمال الرفاعى التابع للطريقة الرفاعية، حيث كان بعض المريدين يقيمون إحدى حلقات الذكر ليلا.
ويوجد مخزن للخضار بجوار ضريح حسن الأنوار، والد السيدة رقية، بينما يقف صاحب المخزن بعربة طماطم أمام الضريح.
أما قبة السلطان الأشرف خليل بن قلاوون، فعلى الرغم من أنها مسجلة كأثر برقم 274، إلا أنها وقعت فى قبضة مصنع للآيس كريم، فقد وضع أصحاب المصنع يدهم على الأثر واتخذوا من واجهته الأمامية خلف السور ساحة لانتظار سيارات المصنع لنقل المنتجات والبضائع.
المبنى يسيطر عليه كثير من مظاهر الإهمال الشديد من بينها: المياه الجوفية ومياه الصرف الصحى والرطوبة والأملاح والشروخ الغائرة وتآكل الجدران، التى بدت بائسة متداعية، وقذارة مظهر البنيان الذى يكسوه الهباب، بسبب تراكم الأتربة وآثار متناثرة لحرق المخلفات، إلى جانب الاعتداء على حرم الأثر والقمامة والحشرات والثعابين والقوارض وانتشار الحشائش الضارة والشنط البلاستيكية وإطارات السيارات والموتسيكلات، ليبدو الأثر «خرابة آيلة للسقوط».
بينما تفاقمت الأزمة بوجود صندوقين للقمامة فى الجهة المقابلة، مما يؤدى إلى تفاقم أزمة النظافة، خاصة مع انتشار القمامة حول الصندوقين والكلاب الضالة.
وتشاركه قبة فاطمة خاتون، الخاصة بأم الملك الصالح، والمسجلة كأثر برقم 274، كل من الشبه والمصير ذاته، وقد بدت متهدمة متداعية، تعبث الشروخ ببرجها، وآثار حرق المهملات، والتى تعد الطريقة الأسهل فى التخلص منها، ترتسم صور قبيحة تعلو الأنماط الزخرفية والفنية التى تميزت بها العمارة الإسلامية، بل وتحل محلها، فى حين يتم استغلال الكوة أو القبوة الخارجية كساحة لركن السيارات.
وأفاد صاحب كشك موجود أمام آثار «قلاوون»، والذى رفض ذكر اسمه: بأن «الحكومة لا تفعل شيئا للحد من المياه الجوفية والصرف الصحى فى الشارع، والذى يؤثر على جميع المبانى».
وأضاف: «تعبنا من الشكوى ولكن يبدو أنه لا توجد دولة، فنحن نعانى من البعوض والناموس والحشرات الضارة والثعابين السامة التى تحويها هذه القباب، وتقدمنا بشكاوى كثيرة ولكن لا أحد يستجيب». وتابع: «أن الحكومة لا تهتم بأزمة القمامة فى تلك الآثار، رغم ما تسببه لنا من مشاكل صحية وأمراض، خاصة للأطفال وحساسية على الصدر».
عندما ترى سبيل اليازجى، الواقع على رأس ناصيتين لشارعى السيدة نفيسة والأشرف، يتعسر التمييز بين ما إذا كان أثرا له تاريخ ومسجلا لدى وزارة الآثار أم أنه بيت سكنى قديم متواضع، ويبدو مجهول الهوية، حيث يتدلى منه منشر غسيل، فضلا عن ستائر تدل على تحويله إلى سكن فقير متواضع وقد عمته الإضاءة ليلا من خلال «لمبة نيون»، وهناك أكثر من سبيل مجهول النسب، مطموس المعالم، مجهول الهوية، وعندما سألنا عددا من السكان وأصحاب الدكاكين عنها أنكروا معرفتهم بتاريخها أو أصحابها، ولكن بعضهم اكتفى بالقول بأن هذه أملاك للحكومة المصرية أو أنها ملك للأمراء والسلاطين وأهل الخير، وأن هذا السبيل كان مثل الزير تم إنشاؤه كى يرتوى أهل الحى والغرباء من عابرى «السبيل».
لكن عبد الله، بائع عصير القصب، أمام أحد الأسبلة الذى تحول إلى مقلب للقمامة، عبر عن استيائه الشديد وأسفه من تحول الآثار إلى هذا المصير «المحزن».
وقال: «أعيش هنا منذ زمن ولا أعرف لمن ينتسب هذا السبيل ولا يوجد دليل أو لوحة إرشادية، فهو مغلق وتخرج منه الحشرات والروائح الكريهة، ولا أحد يهتم بتجديده أو تنظيفه.
ويجسد بيت ساكنة بك أسوأ مظاهر القبح، رغم أنه صاحبته هى المطربة الكبيرة «ساكنة»، التى كانت أول سيدة تحصل على لقب البكاوية من الخديو إسماعيل، كما كانت أستاذة ألمظ هانم، زوجة عبده الحامولى، والتى انضمت للغناء فى تختها الخاص، والبيت غير مسجل رغم أنه من البيوت ذات الطراز المعمارى المتميز الفريد، ويشعر الزائر بأنه مجرد خرابة ولا يتصور أنه تحول من قصر للأنس والطرب إلى بيت مهجور خرب، واتخذ منه البعض مخزنا للأخشاب والكراكيب، شاع عنه فى الحى أنه مسكن للجن والعفاريت، ويقع البيت خلف مسجد أحمد بن طولون، وأمامه عطفة المسيرى و«درب الكحالة»، والذى يوجد على ناصيته بيت آخر سقط ولم يتبق منه سوى الجدران، وعلى ناصية درب الكحالة، حيث كان أحد «الصنايعية» يقوم بنقل وتشوين حمولة أخشاب تشمل مقاعد وأسرة، وذلك لتخزينها داخل البيت، والذى اتخذ منه مخزنا خاصا له.
بينما علق العطار الذى يجلس فى دكانه المجاور للبيت من الناحية اليمنى قائلا: «هذا البيت قديم جدا ونتوقع انهياره فى أى لحظة، وقد جاءت الآثار ووضعت يدها عليه وتم بيعه، وهم ينتظرون أن يقع من تلقاء نفسه»، مؤكدا أن البيت الذى يقع فى المنطقة لا يعاد بناؤه مرة ثانية، مشيرا بأصبعه إلى أحد البيوت، الواقع على ناصية درب الكحالة، والذى سقط منذ وقت قريب دون إعادة بنائه.
لعل قبة شجر الدر هى الأفضل حالا فى الشارع، وقد حظيت بمزيد من الاهتمام مقارنة بالآثار الأخرى. القبلة مسجلة كأثر رفم 169، تاريخ الإنشاء عام 1250م، وهى آخر مبانى العصر الأيوبى، حيث بنت شجر الدر هذا الضريح قبل وفاتها ببضع سنوات، وكتب عليه بعض ألقابها، مثل عصمة الدنيا والدين، ولكن حادثة اغتيالها منعت دفنها فى ضريحها، وبعد قرنين أو ثلاثة دفن فى ضريحها أحد الخلفاء العباسيين.
أما قبة الخلفاء العباسيين، والمجاورة لمسجد السيدة نفيسة، فهى مسجلة كأثر برقم 276، ويحيط بها بعض مدافن الأهالى، وتعانى بدورها حالة من البؤس والتدهور وتشقق الجدران بسبب الأملاح والرطوبة وعدم الاهتمام بصيانتها.
وعند تقاطع شارع الصليبة مع المسار الأثرى والروحى، وشارعى الركيبة والسيوفية، يقبع هناك سبيل أم عباس، والذى أنشأته بنبة قادن، والذى تم إنشاؤه عام 1867، أمام حمام الأمير شيخو، حيث تعرض تخطيطه الثمانى، الذى عد من التحف النادرة، لانتهاك شديد وتعرضت واجهته المكسوة بالرخام والزخارف من طراز الباروك والركوكو للتشويه، ويوجد السبيل فى وضع بائس وقد تهشمت نوافذه واستبدلت بورق كارتون لا يغطيها بالكامل، فضلا عن انتشار إطارات السيارات والطوب والحصى والقمامة فى جميع أنحاء السبيل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.