عاشور يؤكد ضرورة تحقيق التكامل داخل منظومة التعليم المصرية    البريد يصدر طابعا تذكاريا لمرور 100 عام على تأسيس نادي السيارات المصري    رئيس جهاز القاهرة الجديدة يتفقد مشروعات سكن مصر ودار مصر وجنة    وزير النقل يترأس الجمعية العمومية العادية لشركات النقل البحري لاعتماد الموازنة التقديرية    مكتب نتنياهو: مسودة اقتراح صفقة تبادل الأسرى مع حماس لا تحتوي على أي بند لوقف الحرب    فيضانات ودرجات حرارة تتخطى ال50 فى سريلانكا والهند تتسبب فى مصرع العشرات    جدول مباريات اليوم.. وديتان في أول أيام الأجندة الدولية    شريف العريان: أتوقع حصد 6 ميداليات في أولمبياد باريس 2024    التحريات تكشف ملابسات مصرع شخص فى حريق شقة بحلوان    وصول مدير حملة أحمد طنطاوي إلى المحكمة للمعارضة على حكم حبسه    أول تعليق من التعليم على زيادة مصروفات المدارس الخاصة بنسبة 100 ٪    مصادر طبية فلسطينية: 21 شهيدا منذ فجر اليوم في غارات إسرائيلية على غزة    المجلس النرويجي للاجئين: بوركينا فاسو الأزمة الأكثر إهمالاً في العالم    إعلام فلسطيني: مدفعية الاحتلال تستهدف منطقة المغراقة وسط قطاع غزة    أسعار البيض اليوم الاثنين 3-6-2024 في الأسواق    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم الاثنين 3 يونيو 2024    محمد الشناوي يحرس عرين منتخب مصر أمام بوركينا فاسو في تصفيات المونديال    محمد الشناوي يرفض عرض القادسية السعودي    تراجع معدل التصخم في إندونيسيا خلال الشهر الماضي    «الأرصاد»: محافظات الصعيد الأكثر تأثرا بالموجة شديدة الحرارة اليوم    رئيس البعثة الطبية للحج: جاهزون لاستقبال الحجاج.. وفيديوهات إرشادية للتوعية    كشف غموض العثور على طفل مقتول داخل حظيرة «مواشي» بالشرقية    السكة الحديد تعدل تركيب عدد من القطارات وامتداد أخرى لمحطة القاهرة    القاهرة الإخبارية: غارات جوية إسرائيلية تستهدف المناطق الشمالية لخان يونس    مخرجة «رفعت عيني للسما»: نعمل في الوقت الحالي على مشاريع فنية أخرى    مدينة الدواء المصرية توقع شراكة استراتيجية مع شركة أبوت الأمريكية    خلال يومين.. الكشف وتوفير العلاج ل1600 مواطن ببني سويف    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم الإثنين    شرف عظيم إني شاركت في مسلسل رأفت الهجان..أبرز تصريحات أحمد ماهر في برنامج "واحد من الناس"    5 فصول من مواهب أوبرا دمنهور في أمسية فنية متنوعة    مصرع شخصين وإصابة 5 آخرين في حادث تصادم بأسيوط    صباحك أوروبي.. صفقة ليفربول الأولى.. انتظار مبابي.. وإصابة مدافع إيطاليا    الأنبا فيلوباتير يناقش مع كهنة إيبارشية أبوقرقاص ترتيبات الخدمة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 3-6-2024    حريق كبير إثر سقوط صواريخ في الجولان المحتل ومقتل مدنيين جنوب لبنان    بالفيديو.. أول تعليق من شقيق المفقود السعودي في القاهرة على آخر صور التقطت لشقيقه    سيدة تشنق نفسها بحبل لإصابتها بأزمة نفسية بسوهاج    كلاوديا شينباوم.. في طريقها للفوز في انتخابات الرئاسة المكسيكية    كيفية حصول نتيجة الشهادة الإعدادية 2024 بني سويف    ارتبط اسمه ب الأهلي.. من هو محمد كوناتيه؟    أفشة: هدف القاضية ظلمني.. وأمتلك الكثير من البطولات    أحداث شهدها الوسط الفني خلال ال24 ساعة الماضية.. شائعة مرض وحريق وحادث    أفشة يكشف عن الهدف الذي غير حياته    عماد الدين أديب: نتنياهو الأحمق حول إسرائيل من ضحية إلى مذنب    متحدث الوزراء: الاستعانة ب 50 ألف معلم سنويا لسد العجز    أمين سر خطة النواب: أرقام الموازنة العامة أظهرت عدم التزام واحد بمبدأ الشفافية    محمد الباز ل«بين السطور»: «المتحدة» لديها مهمة في عمق الأمن القومي المصري    فضل صيام العشر الأوائل من ذي الحجة وفقا لما جاء في الكتاب والسنة النبوية    «رئاسة الحرمين» توضح أهم الأعمال المستحبة للحجاج عند دخول المسجد الحرام    وزير الصحة: تكليف مباشر من الرئيس السيسي لعلاج الأشقاء الفلسطينيين    إنفوجراف.. مشاركة وزير العمل في اجتماعِ المجموعةِ العربية لمؤتمر جنيف    مصرع 5 أشخاص وإصابة 14 آخرين في حادث تصادم سيارتين بقنا    تنخفض لأقل سعر.. أسعار الذهب والسبائك بالمصنعية اليوم الإثنين 3 يونيو بالصاغة    الإفتاء تكشف عن تحذير النبي من استباحة أعراض الناس: من أشنع الذنوب إثمًا    دعاء في جوف الليل: اللهم افتح علينا من خزائن فضلك ورحمتك ما تثبت به الإيمان في قلوبنا    الفنان أحمد ماهر ينهار من البكاء بسبب نجله محمد (فيديو)    إصابة أمير المصري أثناء تصوير فيلم «Giant» العالمي (تفاصيل)    حالة عصبية نادرة.. سيدة تتذكر تفاصيل حياتها حتى وهي جنين في بطن أمها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحراك السياسى.. منحة أم غنيمة؟
نشر في المصري اليوم يوم 11 - 05 - 2010

فى أقل من عشرة أيام تحدث الرئيس مبارك مرتين عن الحراك السياسى الذى تعيشه مصر الآن، باعتباره نتيجة لما أقدم عليه من تعديل المادة 76 من الدستور فى خطاب شهير أطلقه من مدرسة المساعى المشكورة.
ولم يقف الرئيس فى تقديره هذا عند حد إسناد ما تموج به الساحة السياسية المصرية من حركة إلى ذاته أو إلى قراره، بل راح يحذر، فى كلمته بمناسبة عيد تحرير سيناء وخطابه فى عيد العمال، كل من «يختلط عليه الفارق الشاسع بين التغيير والفوضى.. وبين التحرك المدروس والهرولة غير المحسوبة» بأنه سيدفع ثمن أى مساس بالقاعدة الحديدية التى تحمل نظام حكم مبارك على مدار ثلاثين سنة وهى «الاستقرار والاستمرار».
وأعمل كثيرون أقلامهم وألسنتهم فى تحليل مفردات الخطاب، وانصب جل اهتمامهم على الإجابة عن سؤال مهم مفاده: هل ما ذكره الرئيس يعبر عن انزعاج النظام من المشروع السياسى الوليد للدكتور محمد البرادعى؟ ونسينا، فى غمرة المضاهاة بين إهمال خطب الرئيس لمعارضيه دوما وبين انطواء الخطابين الأخيرين على تلميحات قوية ضد المعارضة، أن نجيب عن السؤال المؤسس أو الأساسى وهو: هل الحراك السياسى الحالى منحة من الرئيس أم هو حصاد كفاح متواصل للقوى السياسية والاجتماعية والثقافية المصرية؟
ومن يطالع ما جرى منذ أول مبادرة قدمتها المعارضة عام 1982 من أجل الإصلاح حتى هذه اللحظة، يطمئن قلبه، ويستنر عقله، ويرتح ضميره، ويستقر رأيه على أن ما نعيشه من حراك هو ثمرة لنضال مصريين شرفاء، تسابقوا على أقوال وأفعال أخذت مصر من الجمود إلى الانطلاق،
فآلاف المبادرات والاقتراحات والتوصيات والمطالبات والمناشدات والنصائح قدمت فى هذا الاتجاه، وأعداد لا تحصى من المقالات الطنانة الرنانة، التى يفيض منها البيان، أو تلك التى تستند إلى لغة الأرقام والإحصائيات والبيانات، قدحت- تصريحا تارة وتلميحا طورا- فى الإكراه ومدحت الحرية، وفضحت الفساد، وصنعت رايات متعاقبة أو متجاورة انطلقت على صفحات جريدة «الأهالى» فوازاها مصطفى شردى على صفحات «الوفد» فلما مات وتراخت صحيفته وتراجعت، تسلم عادل حسين الراية على صفحات «الشعب» الناطقة بلسان حزب العمل، فكتب الراحل العظيم الدكتور حلمى مراد لأول مرة عام 1993 عن ثروات أبناء الرئيس، وصال كتاب كثيرون وجالوا فى لطم الفساد على وجهه.
فلما خرّبت السلطة الحزب وأوقفت جريدته، تسلمت صحيفة «العربى» الناطقة بلسان الحزب الناصرى الراية، وأطلق عبدالله السناوى وعبدالحليم قنديل ومحمد حماد العنان لأقلامهم فهاجموا «التوريث» بضراوة. وفى عام 2004 ولدت «المصرى اليوم» و«نهضة مصر» ثم جاءت «الدستور» اليومية و«البديل» التى تعثرت ماليا وإداريا فتوقفت وأخيرا «الشروق» لتنفتح نوافذ الحرية، وتوازيها برامج تليفزيونية أكثر انفتاحا وشجاعة، قدمت للمجتمع المصرى وجوها جديدة وأفكارا جادة، وكانت هذه الموجة تسرى فى ركاب ثورة «الإنترنت» التى تخطت السدود والحدود والقيود، وفى أعطاف التحولات الديمقراطية التى سرت فى أوصال العالم برمته، فهتف الصامتون من أعماقهم: تحيا الحرية.. وحى على النضال من أجل الإصلاح.
ومع الاندفاع العظيم نحو حرية القول كان المصريون يسعون إلى إبداع طرق عديدة صوب حرية الفعل، فحاولوا من خلال الأحزاب، فلما قبضت يد الأمن عليها، انطلقوا إلى النقابات فاستقامت ظهورها فى تسعينيات القرن المنصرم، وحين تغولت عليها السلطة راحوا يوظفون الجمعيات الأهلية فى خدمة الحراك السياسى، فلما سنوا قانونا يمنع هذا كان التطور الدولى قد جاد على المصريين بمؤسسات للمجتمع المدنى وحقوق الإنسان، لا يزال الجاد منها المبتعد عن الارتزاق يناضل فى سبيل تحسين شروط حياة المصريين.
وقبل ست سنوات راحت الساحة المصرية تموج بقوى سياسية واجتماعية جديدة على رأسها «كفاية» وأخواتها و«6 أبريل» وملحقاتها. وكل هذه الحركات سبقت قيام الرئيس بتعديل المادة 76، وكان لها الفضل فى هذا الحراك، بل إنها كانت أحد العوامل المهمة التى جعلت الرئيس ينتقل فى غضون أيام قلائل من وصفه المطالبة بتعديل الدستور بأنها «دعوة باطلة» إلى إجراء هذا التعديل.
وبينما كانت الصحافة الحرة تنشط، ويتسلم التلاميذ الرايات من الأساتذة، وكانت القوى السياسية تناور وتداور فى سبيل كسر القيود التى تفرضها سلطة فاسدة مستبدة، كانت الخصخصة تعصر الطبقة العاملة المصرية، والقانون الجديد لتنظيم العلاقة بين ملاك الأرض ومستأجريها يضنى الفلاحين، وكان الانحياز للأثرياء يضرب الطبقة الوسطى من شتى الجوانب،
وكان الفساد البيروقراطى يثقل كاهل صغار الموظفين، فاندفع كل هؤلاء إلى النضال، وجاءوا من كل حدب وصوب إلى الشوارع المحيطة بمبانى مجلس الوزراء ومجلس الشعب ومجلس الشورى، وقبلها إلى سلالم نقابة الصحفيين ونقابة المحامين وأمام دار القضاء العالى، وهناك فى المصانع والغيطان والشوارع الخلفية. وصنع هؤلاء بحركتهم أكثر من ألفين وخمسمائة احتجاج فى السنوات الخمس الأخيرة، امتدت من مجرد الشكوى والوقفة إلى المطالبة بالعصيان المدنى. وهذه الحركات إن كانت مهنية فى مطالبها فإنها سياسية فى جوهرها، ومن يقودونها يدركون هذا.
إن هذه القوى التى حملت مصر من العجز إلى الإرادة، ومن التوقف إلى المسير، ومن الهروب إلى الإقدام، ومن الفر إلى الكر، هى التى صنعت الحراك السياسى الذى نعيشه، واقتنصته واغتنمته من بين أنياب السلطة، وجعلت بفضل وطنيتها وإخلاصها وشجاعتها التغيير أمرا حتميا، فدارت العجلة، ولن ينفع أى تحذير أو تهديد، صريح أو ضمنى، فى إعادتها إلى الوراء، ولن يكون بوسع أحد أن ينسبها لنفسه سوى الشعب المصرى العظيم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.