«لم نستطع أن نحيا وإسرائيل تحتل سيناء لذا كان علينا تكوين مقاومة للدفاع عن البلاد وطرد الصهاينة منها»، بهذه الكلمات بدأ سعيد على أحمد، أحد أبطال المقاومة، حديثه الذي روى حقبة من الزمن استعاد خلالها البطولات التي قام بها شهداء «منظمة سيناء». يقول سعيد: بدأنا في 15 يونيه 67 واستلمنا السلاح من الجيش الذي كان يقوم بتوزيع الأسلحة بالبطاقة الشخصية أو العائلية ووقعنا استمارة تطوع للدفاع الشعبى لحماية المنشآت وكنا حوالى 500 في غية البوص في طريق السخنة، استمر تدريبنا 45 يوما على كيفية زراعة الألغام ونزعها واقتحام الدشم أو اقتحام أي موقع عسكرى للعدو وأخذنا آخر تدريب من الضفاضع البشرية كى نتعلم السباحة، وتم تدريبنا على جميع أنواع الأسلحة الخفيفة والأسلحة الآلية وقام الجيش والمخابرات الحربية حينذاك بتوزيعنا على أربعة قطاعات من أول شارع المثلث حتى بورتوفيق والقطاع الريفى وعتاقة والأربعين. وفى 14 أغسطس 67 جاء شاب من بورتوفيق وانتقلنا أنا والشهداء مصطفى أبوهاشم وعبدالرب محمد وغريب محمد غريب، وكانت الأوامر أن الأكبر منا سنا يضرب النار لو حدث اشتباك ثم يقوم الآخرون بإطلاق رصاص ولم يحدث اشتباك وتم أسرهم بهدوء وتسليمهم للمخابرات، بعد ذلك تكونت منظمة سيناء العربية بقيادة الشهيد مصطفى أبوهاشم ومحمود عواد وبقى معهم 14 فدائيا آخرين، هذه المجموعة استشهد معظمهم ومنهم أربعة لايزالون على قيد الحياة وهم أحمد عطيفى وعبدالمنعم قناوى ومحمود طه ومحمود عواد، لم أكن معهم بمنظمة سيناء، كنت في المقاومة الشعبية بالمحافظة فقط. وتابع سعيد: ابتدت الحرب وحين جاءت الأوامر من العميد عادل إسلام والعميد محمد أمين الكنزى والعقيد مصطفى بخيت بعمل كمائن بدأت من 23 أكتوبر لورود معلومات بقرب وصول العدو الإسرائيلى، وصباح 24 أكتوبر بدأ الطيران الإسرائيلى يحلق في سماء السويس من الساعة السادسة صباحا حتى الساعة 10 صباحا ويقذف النيران. وجاءت الأوامر لهم من شارون بدخول السويس من 3 محاور هي طريق السويسالإسماعيلية، المسمى بطريق المعاهدة، وهو طريق زراعى، وعن طريق السخنة بدبابات «بتون وسنتيون برمائى» عن طريق البحر وكانت منظمة سيناء لها دور عظيم، فأول دبابة تم تدميرها دمرها الشهيد إبراهيم سليمان بقذيفة آر بى جى بمساعدة البطل محمود عواد. في الوقت نفسه كان هناك اجتماع مع قيادات الجيش والمخابرات الحربية والشيخ حافظ سلامة وعدد من أفراد المقاومة الشعبية ومنظمة سيناء، وطلبوا حضور العميد يوسف عفيفى بالفرقة 19، وكان في ذلك الوقت موجودا بعيون موسى وحضر هو والمقدم حسام عمارة والرائد رضا على رضا والنقيب فوزى شاكر ومحافظ السويس محمد بدوى الخولى، وبناء على الاجتماع الذي تم بمسجد الشهداء تقرر تكوين مائة مقاتل من الفرقة 19 لنقلهم من الضفة الشرقية إلى الضفة الغربية والتعامل مباشرة بجانب المقاومة الشعبية للقتال ضد اليهود ومنعهم من احتلال السويس. أتذكر رجلا مسيحيا كان معنا في المقاومة الشعبية وهو جرجس رزق نعمة الله، كان يعطينا خبزا من الكنيسة بجانب خبز الجيش ويحمل السلاح معنا جنبا إلى جنب، فيما اقتحم الجنود الإسرائيليون قسم شرطة الأربعين وفى الساعة 6 بعد صلاة المغرب في رمضان استشهد إبراهيم سليمان على سور القسم لمحاولته اقتحامه من الخلف واستشهد في ذات المعركة كل من الشهيدين أشرف عبدالدايم وحافظ أمين من أمام القسم، واستشهد عدد من الضباط وأفراد وزارة الداخلية وهم: الرائد نبيل محمد شرف ومحمد عاصم حمودة وكذلك عدد من المدنيين، وتم تطهير القسم من الصهاينة يوم الخميس 25 أكتوبر، وبعد دخول مائة مقاتل من الفرقة 19 بقيادة العميد يوسف عفيفى، قامت المقاومة الشعبية باستلام قنابل يدوية 32 ملز وبعض الطلقات الحارقة لتدمير جميع سيارات العدو التي تحاول الهرب إلى المثلث، ودمرنا أتوبيسين و3 سيارات جيب وسيارتين نصف جنزير وسيارة حاملة للجنود بها امتدادات غذائية، وبعد صلاة الجمعة يوم 26 أكتوبر كان أول يوم عيد الفطر ربنا نصرنا على 15 ألف مجند ومجندة إسرائيلية بدباباتهم ومدافعهم وفروا من السويس رافعين الأعلام البيضاء يبكون جرحاهم وقتلاهم. وللعلم السادات جعل يوم 24 أكتوبر عيداً قومياً وإجازة رسمية إلا أن مبارك ألغى تلك الإجازة.
