روى سعد كمال القمرى، 17 سنة، من أبناء قرية الجزيرة الخضراء بمطوبس فى كفر الشيخ، أحد الناجين فى حادث غرق مركب الموت ل«المصرى اليوم»، أنه حاول الهجرة غير الشرعية لدولة إيطاليا من أجل شقيقاته البنات ووالده المريض بالقلب، ولم يرغمه أحد على ذلك، بل إنهم كانوا يرفضون الفكرة من الأساس، إلا أن الظروف كانت تدفعه لذلك دفعا شديدا، فهو لا يجد عملاً، ففكر فى الهجرة غير الشرعية، وأضاف أنه و30 من أصدقائه بالقرية حاصلون على الشهادة الإعدادية هذا العام واتفقوا على الهجرة، فى محاولة لمساعدة أسرهم الفقيرة. وأضاف: «توجهنا لأحد سماسرة الهجرة بالقرية ويدعى «أ. رمزى»، ليساعدنا فى الخروج من مصر فى هجرة غير شرعية، ووقعت أنا وأصدقائى على وصل أمانة ب 18 ألف جنيه، على أن يسدد أولياء أمورنا المبالغ المالية عندما نصل لإيطاليا»، وفى اليوم المحدد للرحلة توجه لمنزل رمزى، وجلس مع الراغبين فى الهجرة عنده من الساعة 11 مساء حتى انتهى الشيخ يوسف أبوناصر من صلاة الفجر لأنه هو الذى يساعدهم فى ركوب المركب الخشب فى الجزيرة، مؤكداً أنهم توجهوا للبرلس، وهناك كان مركب آخر مصنوع من حديد، به 350 شخصا، انتقل له من كانوا فى المركب الخشب وهم 150 شخصا، وإنه كان من بين الذين تواجدوا فى ثلاجة المركب وعددهم 250 شخصا، لكنه شعر بأن هناك شيئا غريبا يحدث، كما شعر بالاختناق فخرج من ثلاجة المركب ليجلس أعلى المركب، مؤكداً أنه لم يمر وقت كثير حتى وجد المركب يغرق، فاتصل بوالده ليقول له إنه المركب يغرق فطلب منه إنقاذه، مضيفاً أنه اتصل ب«رمزى»، المهرب، فرد عليه قائلاً «وأنا هعملكم إيه»، واتصل صديقه هيثم- رحمه الله ب«رضا. ح» مستغيثاً به دون جدوى. وقال «سعد»: «حاولت إنقاذ نفسى وانقلب المركب عليه وساعده الله على الخروج من أسفلها وخرج على الشاطئ»، وأضاف أن المشهد كان مرعبًا عندما مال المركب على جنبه، ثم على مقدمته ليغرق بهم، مؤكداً أن المركب كان به 30 طفلا أقل من 5 سنوات، وكان بالمركب أشخاص أقل من 17 سنة بالمئات، بالإضافة لنساء ورجال وشباب من جنسيات مختلفة. وأشار إلى أنه تعرض للموت ولكنه سيحاول الهجرة عدة مرات، لأنه يعتبر نفسه ميتا هنا فى الجزيرة الخضراء لانعدام الخدمات، ومادام الإنسان هنا ميت وبالخارج ميت، فسيحاول مراراً الهجرة رغم علمه بأنها رحلة الموت. وكشف «سعد» عن سر تصميمه على الهجرة لأن إيطاليا تستقبل الأطفال أقل من 18 سنة وتعاملهم معاملة طيبة وتنفق عليهم وتوفر لهم التعليم وكل ما يحتاجونه، أما من يلقى القبض عليه أكبر من 18 سنة فيوضع فى السجن، وقال إن عشرات الأطفال من أصدقائه من الجزيرة الخضراء متواجدون بإيطاليا ويعاملون معاملة طيبة، وهو يريد أن يكون من بينهم، وكانوا ينتظرونه، مؤكداً أن عمليات الهجرة غير الشرعية شبه يومية، وتجار الموت من هنا، من الجزيرة الخضراء والسكرى وبرج مغيزل.. الآلاف من الشباب هاجروا لإيطاليا ونجحوا فى هجرتهم ويعيشون حياة طيبة، مؤكداً أنه مصمم على الهجرة قائلاً: «والله ههاجر تانى.. لن أسكت عن المحاولات قبل أن يصل عمرى 18 سنة». وقال والده ل«المصرى اليوم» إنه لم يكن يعرف بهجرته، وفوجئ باتصال هاتفى منه قائلاً «إنه هيموت.. المركب بيغرق، فقلت له مركب إيه؟.. إنت فين؟ قال: كنت هسافر لإيطاليا.. المركب بيغرق.. إلحقنى كلنا هنموت»، مضيفاً أنه توجه كالمجنون فى الطرقات لا يعرف ماذا يفعل واتجه للمسئولين لعلهم ينقذون من بالمركب، وخرج الصيادون بمراكبهم وأنقذوا البعض وغرق الباقى، وقال إنه يحمد الله على نجاة ابنه، مؤكداً أنه أجرى عملية فى القلب «دعامتين» ولديه ثلاث بنات ولا يعمل، و«سعد» أراد الهجرة من أجل شقيقاته البنات، فأراد التضحية من خلال هجرة الموت. وقال والد سعد إنه «لو كان يعرف بمحاولة هجرته والله ما تركته حتى ولو كانوا سيأكلون العيش حاف لأنه وحيد على ثلاث بنات وهو أمله فى الحياة ليتحمل مسؤولية شقيقاته من بعده فلن أتركه يسافر»، فرد سعد عليه «والله هسافر مهما فعلت والله هسافر.. أنا هنا ميت.. فموتة بموتة هسافر.. هو هنا فيه صرف صحى، فى علاج للمرضى، فى رعاية من المسئولين، فى تعليم كويس، سيبنى لله، أنا قلت هسافر علشان تعمل حسابك إنى مش هسيبك مريض بدون عمل هفضل ساكت ومفيش شغل أشتغله، ولا هسيب البنات إخواتى يشحتوا وأقف أتفرج، والله هسافر مهما عملت، لما غرق من غرق ونجا من نجا حد من المسؤولين بكفر الشيخ سأل فينا ولا زارنا، ولا حتى محافظنا سأل فينا، أو اتحرك من مكتبه المكيف؟».
