تجلس إلى جوار ملابس طفليها «إسلام»، 10 سنوات، و«يوسف»، 5 سنوات. لا تزال رائحتهما بتلك الملابس، تأبى أن تزيحهم من جوارها، تراها بين الحين والآخر تشم رائحة «التيشرتات»، تأخذ نفسا عميقًا تبتلع معه مرارة افتقادها طفليها اللذان ألقى بهما طليقها «أحمد. ف» سائق، بمياه نهر النيل من أعلى كوبرى الساحل، قبل انتحار شنقًا بشقته في الهرم. هكذا أضحى حال هبة يوسف، التي قالت ل«المصري اليوم»، خلال مقابلتها بمنزل عائلتها بشارع حسن محمد، بمنقطة البصرواى، إن «الحياة أصبحت دون أبنائي لا شيء، ليته قتلني أنا وتركهما يملأون الدنيا بهجة وسرور، لم يهنأ بحياتهما، طفلان في عمر الزهور راحا ضحية أب متهور». تبكى الأم بحرقة. تتذكر أصعب لحظة مرت بحياتها: «يوم الأحد الماضى، اتصلت بوالد نجلى لتأخرهما معه، فأخبرنى خلال الاتصال بأنه تخلص منهما، وعندما استسفرت منه عما يقصد بقوله، فأكد لىّ أنه ألقى بهما بمياه نهر النيل من أعلى الكوبرى، وأنه في طريقه إلى اللحاق بهما، لكنّه سيصل بيته أولاً لشنق نفسه». «أنا الوحيدة التي صدقت ما قاله (أحمد) خلال مكالمة التليفون، قلبى استوعب في ثوانٍ، الدنيا لفت من حولى، ولا أدرى ماذا أفعل؟». تصف «هبة» حالها، مؤكدة أن والدها حاول أن يهدأ من روعهاك «يا بنتى بيقول هذا الكلام لأجل إحراق دمك». ثمة خلافات كانت بين «هبة» و«أحمد»، قبل شهرين من الحادثة، تحكى ملابساتها، بأنها تزوجت من السائق منذ 13 عامًا، وأنجبت منه الطفلين «إسلام»، و«يوسف»، ودبت الخلافات بين الزوجين إثر غيرة الزوج الشديدة، وطلبه منها ارتداء ملابس سوداء بصفة مستمرة، ولا ترتدى ملابس ملونة، وزاد الأمر سوءً بتعاطى الزوج للمواد المخدرة، واستمراره في الاعتداء عليها بصورة وصفتها ب«الوحشية»، فطلبت منه الطلاق متنازلة عن جميع حقوقها: «جئت إلى بيت أبويا بالملابس اللي عليّ وأولادي فقط». يقول جد الضحيتين، وهو موظف على المعاش: «والد الطفلين طلب منّنا يوم السبت الماضى أن يرى نجله الأكبر (إسلام)، واصطحبه إلى نزهة بأحد الملاهى، فشعر الطفل الصغير (يوسف) بغيرة، فجاء أبوة في اليوم التالى لاصطحابه إلى نزهة كانت إلى دار الآخرة، فرفضت ابنتى إعطاء الطفل الثاني لطليقها، والتحفظ على الابن الأكبر، فقلت لها إنه مهما كان والدهما، فما كان من الأخير إلا أن غدر بنّا وقتلهما». كريم سامى، زوج شقيقة «هبة»، يروى أن والد الطفلان «إسلام»، و«يوسف» طلب من خالهما «بلال» التقاط صورة أخيرة تجمعهم على هاتفه المحمول، ثم قرّر الانتحار بعد قتل الصغيرين. الأسرة انتهت أمس من مراسم دفن الطفل الثانى «يوسف»، بعد العثور على جثته بمياه نهر النيل، بعد جهود بحث استغرقت نحو 3 أيام، يقول «سامى» وقد استمر على وجهه ملامح الحزن، إن سبب انفصال الزوجين مشاجرة دارت بينهما، تعدى خلالها الزوج على «هبة»، بعد معاتبتها إياه بسبب اعتدائه على شقيقته وقولها له «اتقٍ الله فيها دى أختك وأنت مكان أبوها الله يرحمه»، فما كان من الزوج إلا لف خرطوم كهرباء حول رقبتها محاولا خنقها فسمع الجيران استغاثتها وأنقذوها.
