منذ سنوات بعيدة، لا يكاد يمر أسبوع لا أقرأ فيه خبراً عن العلاقات التى ساءت ووصلت إلى أدنى درجاتها بين إسرائيل المتعنتة والحكومة الأمريكية، سواء الديمقراطية أو الجمهورية. ولا يقتصر الخلاف على الأمريكان وحدهم، فأحياناً يكون الغضب والضيق من جانب الحكومة الفرنسية أيضاً، سواء تحت حكم الاشتراكيين أو الديجوليين، كما أن بريطانيا بعمالها ومحافظيها بدورها لا تتوانى عن انتقاد الصديق الإسرائيلى وتقريعه من حين إلى آخر على المذابح التى يرتكبها أو الأراضى التى يلتهمها والمستوطنات التى يبنيها على الأرض العربية. كما حملت الصحف دائماً أخباراً عن الهجرة اليهودية التى تراجعت وعن النزوح العكسى للاسرائيليين الذين يفضلون الرحيل إلى أوروبا وأمريكا عن البقاء فى أرض الميعاد!. فى نفس الوقت فإن كل من شغل منصب أمين عام الأممالمتحدة بداية من يوثانت حتى بان كى مون، مروراً بفالدهايم وبيريز دى كوييار وبطرس غالى وكوفى عنان، قد أظهر تعاطفاً لفظياً كبيراً مع القضية الفلسطينية وتنديداً بالوحشية الإسرائيلية، وها هو كى مون قبل فترة يزور الأرض المحتلة ويشاهد بنفسه على الطبيعة الاستيطان المتسارع والبناء على الأرض العربية، وها هو يعرب عن تعاطفه ومساندته!. وفى نفس الإطار، نقرأ أحياناً أخباراً عن تسيبى ليفنى، التى هربت فى اللحظة الأخيرة من لندن قبل إلقاء القبض عليها، أو عن إليعازر الذى يمتنع عن زيارة بريطانيا خشية اعتقاله لارتكابه جرائم حرب!. مقالات متعلقة * فأين الدولة التى تزعمون؟ * النُّخبة المثقَّفة.. والإصلاح المزعوم لا أعرف هل المقصود من مثل هذه الأخبار تطبيب الجروح من جسمنا النازف ووضع الشاش والقطن والمراهم على جروحنا الطرية التى لا تجف أبداً، أم ماذا؟، إذ إنه كلما زاد النشر على هذا المنوال، اتسعت رقعة الأرض المبتلعة، وزاد عدد المستعمرات والمستعمرين، وتم طرد الفلسطينيين من بيوتهم، وتضاعف عدد المهاجرين من كل مكان إلى أرضنا المحتلة. فكيف مع غضب الغرب من إسرائيل وأفعالها تزداد توحشاً وعدوانية، وهل هذا الغضب حقيقى أم أنه تمثيليات يقدمونها بطلب من أصدقائهم العرب حتى تهدأ النفوس ونظن أن العالم معنا، فى حين أننا ضحايا مؤامرة أطرافها اليهود والأمريكان والأوروبيون والحكام العرب معاً؟. إننا لم ننسَ بعد الغضبة العارمة التى تشاركتها حكومات كل من بريطانيا وإيرلندا وأستراليا وألمانيا من إسرائيل التى قامت بتزوير جوازات كل هذه الدول واستخدمتها فى ارتكاب جريمة قتل «المبحوح»، القيادى الفلسطينى على أرض دبى منذ سنوات، وبعد الإعراب عن الغضب والاستياء واستدعاء السفير الإسرائيلى لم يحدث أى شىء، الأمر الذى يضع علامات استفهام أمام الغضب المزعوم ويؤكد للمواطن العربى المسكين أن كل هؤلاء قد تواطأوا لقتل الرجل وانتهاك سيادة الإمارات!. فهل الأمر كله بين إسرائيل والدول الغربية عبارة عن جولات من الصد والهجر والدلال والخصام الذى يعرفه المحبون والذى يزيد من نار الشوق والغرام، بينما حكامنا النشامى سعداء بهذا الغضب المفتعل، ويعملون على نقله على أوسع نطاق لجمهور المستمعين والمشاهدين والقراء على امتداد الخريطة العبيطة من المحيط إلى الخليج!. اشترك الآن لتصلك أهم الأخبار لحظة بلحظة