في مقال كتبه بصحيفة «الجريدة»، عام 1907، قال أبوالاقتصاد المصري، طلعت حرب: «نطلب أن تكون مصر للمصريين، ولكن مالنا لا نعمل للوصول إليها؟». وتساءل «حرب»: «هل يمكننا أن نصل إلى ذلك إلا إذا زاحم طبيبنا الطبيب الأوروبى ومهندسنا المهندس الأوروبى والتاجر منا التاجر الأجنبى، فماذا يكون حالنا ولا (كبريته) يمكننا صنعها نوقد بها نارنا ولا إبرة لنخيط بها ملبسنا ولا فابريقة ننسج بها غزلنا ولا مركب أو سفينة نستحضر عليها ما يلزمنا فما بالنا عن ذلك لا هون ولا نفكر فيما يجب علينا عمله». ومضى قائلاً: «أرى شبابنا إن لم يستخدموا في الحكومة لا يبرحون القهاوى، وأرى المصرى يقترض المال بالربا ولا يرغب فى تأسيس بنك يفك مضايقته (أي ضيقته)». ويعد هذا المقال إضاءة على فكر ووطنية طلعت حرب، أما عن سيرته فهو مولود فى 25 نوفمبر 1867 بقصر الشوق بالجمالية لأب يعمل موظفاً بالسكة الحديد. وينتمى إلى عائلة حرب بميت أبوعلى من قرى منيا القمح بالشرقية، والتحق بالكتاب ثم بمدرسة التوفيقية الثانوية بالقاهرة، ثم بمدرسة الحقوق الخديوية فى 1885، وحصل على شهادتها فى 1889. عمل مترجماً بالقسم القضائى بالدائرة السنية ثم مديراً لمكتب المنازعات فمديراً لقلم القضايا فمديراً لشركة كوم أمبو بالقاهرة وكانت له معركة فكرية مع قاسم أمين حيث عارض أفكاره في «تحرير المرأة»، وله كتاب «علاج مصر الاقتصادي وإنشاء بنك للمصريين» وكتاب «قناة السويس»، الذى فند فيه دعاوى إنجلترا وفرنسا لتمديد امتياز القناة ل40 عامًا، بعد سنوات الامتياز. ولما انتهت الحرب العالمية الأولى ولم تنل مصر استقلالها واندلعت ثورة 1919، وفى اجتماع أعيان البلاد وكبرائها قرر المؤتمرون وجوب إنشاء بنك مصرى واكتتب 126مصريا، وبلغت قيمة الاكتتاب 80 ألف جنيه، وفى مساء السابع من مايو 1920، احتفل بتأسيس «بنك مصر» في دار الأوبرا السلطانية، وبعد عامين تتابع مولد الشركات، التى أسسها أو اشتراها ومنها شركة للغزل والنسيج بالمحلة ومصنع لحلج القطن وشركة لأعمال الأسمنت المسلح، ثم للصباغة، ثم للمناجم والمحاجر، ثم لتجارة وتصنيع الزيوت ثم مصر للتأمين ومصر للطيران واستديو مصر. ورغم نجاح «حرب» إلا أن البنك تعرض لأزمة مالية كبيرة بسبب سحب آلاف المودعين أموالهم ورفض البنك الأهلى أن يقرضه ولجأ لوزير المالية حسين سري، فكانت الاستقالة هى الشرط، فقدم حرب استقالته قائلاً: «فليذهب طلعت حرب وليبق بنك مصر» إلى أن توفى «زي النهاردة» 13 أغسطس 1941.