يستعرض كتاب «الإعلام من الثورة إلى الدولة»، الصادر عن دار أطلس للنشر والإنتاج الإعلامي بالقاهرة، للدكتور محمد شومان، عميد كلية الإعلام بالجامعة البريطانية، دراسة حالة لتحوّلات الإعلام المصري من ثورة 25 يناير، مرورا بحكم الإخوان المسلمين السريع والمضطرب، وانتهاءً بحكم الرئيس عبدالفتاح السيسي. والفرضية الرئيسية التي يناقشها الكتاب هي أن ثورة 25 يناير أطلقت حرية الإعلام، ما ساعد في خلق مجال عام حيوي اتسم بالتنوع والانتشار وقوة التأثير، لكن هذه الحرية حملت نقيضها، وأدت إلى حالة من الفوضى الإعلامية وتراجع مستويات الأداء المهني وغياب لمواثيق الشرف الإعلامي. ويناقش الكتاب مجموعة من الإشكاليات التي تدور حول حدود دور الإعلام في متابعة قضايا الثورة، وهل كان مجرد ناقل أم صانع لأحداث الثورة، وإلى أي مدى تأثر الإعلام بالسياسة، حتى إنه خسر الكثير من القواعد المهنية ومواثيق الشرف الإعلامي، وهل لعب الإعلام في تعميق الانقسام والاستقطاب في المجتمع، أم أنه كان ضحية لهذا الاستقطاب؟، وإلى أي مدى أثرت أنماط الملكية ودور وكالات الإعلان في توجيه القنوات والصحف الخاصة وتحديد أولويات القضايا التي تركز عليها؟ وحاول الكتاب تقديم خارطة طريق لإصلاح الإعلام المصري من خلال فرضية أساسية، هي سرعة تطبيق مواد دستور 2014 الخاصة بحرية الرأي والتعبير وتنظيم الإعلام، كي يتحول الإعلام لإعلام تعددي بشكل حقيقي، إعلام للمجتمع وليس للحكومة أو لرجال الأعمال، إعلام تختفي فيه أشكال الاحتكار وهيمنة الإعلانات، إعلام يسمح لكل المواطنين بممارسة حقوقهم الاتصالية. ويطرح الكتاب مخاوف مشروعة من إصدار قوانين تجسد مواد الدستور وتفصله ولكن بطريقة غير ديمقراطية تتناقض مع روح الدستور، وتعيد إنتاج نظام إعلامي سلطوي، حيث يؤكد الكتاب أن هذه المخاوف لها ما يبررها في ضوء الخبرة التاريخية المصرية في تطبيق القوانين بطرق خاطئة وبعيدة تماماً عن روح الدستور. وفي الأخير يدعو الكتاب لإصدار قوانين بتنظيم الإعلام، تؤسس لنظام إعلامي ديمقراطي حقيقي، يرضى عنه الإعلاميون وأغلبية المصريين، ولن يتحقق ذلك إلا عبر مشاركة وطنية وحوار مجتمعي شامل حول مشاريع قوانين الإعلام.