مثلما كان حال عبدالخالق ثروت نفسه، تكسو الجدية ملامح شارع عبدالخالق ثروت، جدية بالغة تبدو منذ بدايته عند شارع رمسيس، فأول أرقامه محل شهير لبيع الأسلحة وأدوات الصيد، على الرصيف المقابل يبدأ الشارع مع نقابة المحامين ذات العضوية الهائلة والمؤتمرات الساخنة، تلاصقها نقابة الصحفيين المصريين في مبناها الذي لم يعد جديدا الآن، والمشتعل دوما بقضايا الرأى والتعبير تارة، وببقية هموم المصريين تارات أخرى، غير أن تلك الجدية والأهمية السياسية ليست السمة الوحيدة لشارع عبدالخالق ثروت ولا هي وجه الشبه الوحيد بين الشارع وصاحبه. هل تقع مكتبة الهيئة العامة للكتاب في شارع عبدالخالق ثروت؟ أم أنها في شارع شريف؟.. إن الرقم الرسمى للمكتبة الكبيرة هو 36 شارع شريف، لكن «الفاترينة الهائلة» والمداخل في عبدالخالق ثروت، وتلك ليست الحالة الوحيدة بل هي ملمح من ملامح شارع «ثروت» (الاسم المختصر الذي يربك البعض فيظنون أن شارع ثروت غير شارع عبدالخالق ثروت)، فتلك المعالم التي يحار في نسبتها إلى عبدالخالق ثروت رغم وجودها فيه، هي سمة متكررة هنا، فهيئة الكتاب في ثروت وشريف معا، وكذلك مكتبة دار المعارف وصيدلية الأنجلو، هل نحتسب نقابة المحامين ضمن ثروت أم شارع رمسيس؟، ماذا عن أكشاك الممرات الصغيرة بين ثروت وشارع معروف؟، لماذا توسط بوابة نادى القضاة المسافة بين ثروت وشارع شامبليون؟.. تداخلات محيرة صاحبت أيضا شخصية عبدالخالق ثروت نفسه، وتراوحت بين وصفه تارة برئيس الوزراء صاحب الإنجازات الذي اختار لجنة دستور 1923 تارة، أو عاشق الأوروبيين صديق الإنجليز تارة أخرى. غير أن ملمحا ثالثا، يقرّب بين الشارع وصاحبه فبين أول الشارع عند التقاطع مع شارع رمسيس، إلى نهايته البعيدة عند ميدان إبراهيم باشا بالعتبة، مسافة طويلة تجعل من شارع ثروت أحد أطول شوارع وسط البلد على الإطلاق، مع ذلك ستلاحظ بغرابة أن البنايات تنتهى قبل الوصول إلى الرقم 60 وذلك لغلبة البنايات الضخمة في الشارع كبناية نقابة الصحفيين أو المحامين أو الكنيسة الكاثوليكية أو جروبى وغيرها، مرة أخرى يشبه ذلك عبدالخالق باشا نفسه، الذي مات أيضا قبل الوصول لعامه الستين (1873- 1928)، لكنه تولى مواقع ومناصب كبيرة تماما كالبنايات في شارع ثروت.