المستندات المطلوبة للتقديم على منازل وأراضي سيناء الجديدة    آخر موعد للتسجيل في مبادرة سيارات المصريين بالخارج.. بتخفيضات جمركية 70%    السعودية ترحب بالتقرير الأممي حول الاتهامات الإسرائيلية بحق "الأونروا"    تعليق مدرب بيراميدز بعد الفوز على البنك الأهلي في الدوري    كريم عبدالجواد يقصى ثانى العالم ويتأهل لنصف نهائي بطولة الجونة للإسكواش    حفل ختام برنامجي دوي ونتشارك بمجمع إعلام الغردقة    إعدام 45 كيلوجرام مواد غذائية.. وتحرير 14 مخالفة خلال حملة على مطاعم مطروح    تغطية جنازات الفنانين.. خالد البلشي: توزيع قائمة بقواعد محددة على الصحفيين    عاجل - متى موعد تطبيق التوقيت الصيفي 2024 وكيفية ضبط الساعة يدويا؟    البابا تواضروس يهنئ بالأعياد الوطنية ويشيد بفيلم "السرب"    زيلينسكي: روسيا تسعى لعرقلة قمة السلام في سويسرا    للتهنئة بعيد القيامة.. البابا تواضروس يستقبل رئيس الكنيسة الأسقفية    إدخال 215 شاحنة إلى قطاع غزة من معبري رفح البري وكرم أبو سالم    "كولومبيا" لها تاريخ نضالي من فيتنام إلى غزة... كل ما تريد معرفته عن جامعة الثوار في أمريكا    مخاوف في تل أبيب من اعتقال نتنياهو وقيادات إسرائيلية .. تفاصيل    بروتوكول تعاون بين «هيئة الدواء» وكلية الصيدلة جامعة القاهرة    وزير الاتصالات يؤكد أهمية توافر الكفاءات الرقمية لجذب الاستثمارات فى مجال الذكاء الاصطناعى    نقلًا عن مصادر حكومية.. عزة مصطفى تكشف موعد وقف تخفيف أحمال الكهرباء    سبورت: برشلونة أغلق الباب أمام سان جيرمان بشأن لامين جمال    هل تقتحم إسرائيل رفح الفلسطينية ولماذا استقال قادة بجيش الاحتلال.. اللواء سمير فرج يوضح    مدير «مكافحة الإدمان»: 500% زيادة في عدد الاتصالات لطلب العلاج بعد انتهاء الموسم الرمضاني (حوار)    مستقبل وطن يكرم أوائل الطلبة والمتفوقين على مستوى محافظة الأقصر    مهرجان أسوان يناقش صورة المرأة في السينما العربية خلال عام في دورته الثامنة    بالفيديو.. أمين الفتوى: موجات الحر من تنفيس نار جهنم على الدنيا    دعاء الستر وراحة البال والفرج.. ردده يحفظك ويوسع رزقك ويبعد عنك الأذى    خالد الجندي: الاستعاذة بالله تكون من شياطين الإنس والجن (فيديو)    أمين الفتوى: التاجر الصدوق مع الشهداء.. وهذا حكم المغالاة في الأسعار    حكم تصوير المنتج وإعلانه عبر مواقع التواصل قبل تملكه    محافظ الإسكندرية أمام مؤتمر المناعة: مستعدون لتخصيص أرض لإنشاء مستشفى متكامل لعلاج أمراض الصدر والحساسية (صور)    متحدث «الصحة» : هؤلاء ممنوعون من الخروج من المنزل أثناء الموجة الحارة (فيديو)    أزمة الضمير الرياضى    منى الحسيني ل البوابة نيوز : نعمة الافوكاتو وحق عرب عشرة على عشرة وسر إلهي مبالغ فيه    بعد إنقاذها من الغرق الكامل بقناة السويس.. ارتفاع نسب ميل سفينة البضائع "لاباتروس" في بورسعيد- صور    تعرف على إجمالي إيرادات فيلم "شقو"    منتخب الناشئين يفوز على المغرب ويتصدر بطولة شمال إفريقيا الودية    سيناء من التحرير للتعمير    البورصة تقرر قيد «أكت فاينانشال» تمهيداً للطرح برأسمال 765 مليون جنيه    فوز مصر بعضوية مجلس إدارة وكالة الدواء الأفريقية    العروسة في العناية بفستان الفرح وصاحبتها ماتت.. ماذا جرى في زفة ديبي بكفر الشيخ؟    قريبا.. مباريات الدوري الإسباني ستقام في أمريكا    أوراسكوم للتنمية تطلق تقرير الاستدامة البيئية والمجتمعية وحوكمة الشركات    هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية: تلقينا بلاغ عن وقوع انفجار جنوب شرق جيبوتي    10 توصيات لأول مؤتمر عن الذكاء الاصطناعي وانتهاك الملكية الفكرية لوزارة العدل    عيد الربيع .. هاني شاكر يحيى حفلا غنائيا في الأوبرا    توقعات برج الثور في الأسبوع الأخير من إبريل: «مصدر دخل جديد و ارتباط بشخص يُكمل شخصيتك»    حكم الاحتفال بشم النسيم.. الإفتاء تجيب    تضامن الغربية: الكشف على 146 مريضا من غير القادرين بقرية بمركز بسيون    خدماتها مجانية.. تدشين عيادات تحضيرية لزراعة الكبد ب«المستشفيات التعليمية»    مديريات تعليمية تعلن ضوابط تأمين امتحانات نهاية العام    تأجيل محاكمة 4 متهمين بقتل طبيب التجمع الخامس لسرقته    تفاصيل مؤتمر بصيرة حول الأعراف الاجتماعية المؤثرة على التمكين الاقتصادي للمرأة (صور)    الصين تعلن انضمام شركاء جدد لبناء وتشغيل محطة أبحاث القمر الدولية    مهرجان الإسكندرية السينمائي يكرم العراقي مهدي عباس    تقديرات إسرائيلية: واشنطن لن تفرض عقوبات على كتيبة "نيتسح يهودا"    وداعاً للبرازيلي.. صدى البلد ترصد حصاد محصول البن بالقناطر| صور    القبض على 5 عصابات سرقة في القاهرة    ضبط 16965 مخالفة مرورية خلال 24 ساعة    «التابعي»: نسبة فوز الزمالك على دريمز 60%.. وشيكابالا وزيزو الأفضل للعب أساسيًا بغانا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



آلان كردي.. «حنظلة» السوري
نشر في المصري اليوم يوم 03 - 09 - 2015

بعد أعوام ناهزت الستة والثلاثين، عاشها ابن خيال رسام الكاريكاتير الفلسطيني ناجي العلي، «حنظلة»، موليًا ظهره للجميع، عاقدًا يديه خلف ظهره احتجاجًا على صمتهم، موجهًا إليهم اللاذع من النقد والحاد من الهجوم، وبعد فقدانه الأمل في استجابة أنظمة حاكمة لمطالبه المشروعة التي بدأت بطلبه التحرك لإزاحة الاحتلال عن الأراضي العربية، وانتهت بمطالبته بإزاحة هذه الأنظمة نفسها، كان الرحيل نصيب «حنظلة» دون الاحتلال أو الأنظمة.
بعد كل هذه الأعوام، حل «حنظلة»، رمزًا وروحًا، في العام 2015 في جسد ولد سوري صغير ذي أعوام ثلاثة اسمه آلان كردي، مقررًا استخدام آخر الأوراق، والاحتجاج بالوسيلة الأعلى صوتًا وضجة بلا صراخ أو كلمات، الاحتجاج بالموت بعيدًا عن بلاد العرب، التي فر من جحيمها المستعر منذ عام 2011، فوجد غريقًا على إحدى الشواطئ التركية، موليًا ظهره للجميع كما اعتاد، لكن يديه ماعادتا معقودتان، بل ممددتان بجواره في استسلام وسكون، وربما يأس وإحباط وكفر بكل الأنظمة والمنظمات.
العثور على جثة طفل غرق ضمن مجموعة من اللاجئين المهاجرين بطريقة غير شرعية على متن مركبين يقلان 11 سوريًا من تركيا في اتجاه اليونان، 2 سبتمبر 2015.
يرقد «حنظلة»، المشتق اسمه من أشد النباتات مراراة، ساكنًا هادئًا مفترشًا أشبارًا معدودة من حصا ورمال شاطئ الأتراك، بعد أن فشل زورق أحد المهربين في أن يتحول إلى «سفينة نوح» التي تصل به وأهله إلى الأرض الموعودة، حيث الحياة والأمان، فمات الصغير الذي غدا منذ الثاني من سبتمبر 2015 أيقونة شهيرة بالقميص الأحمر و«الشورت» الأزرق والحذاء ذي النعل النظيف المغسول بمياه البحر، كما نقلت كاميرا الفيديو في ثوانٍ معدودة.
ترك «حنظلة» الذي تكاثرت عليه النكبات العربية، أرض سوريا، على أمل أن يصبح فردًا جديدًا في قائمة حياة، على بؤسها وشتاتها، تضم وفقًا للتقديرات الأممية، 4 ملايين لاجئ في طريقهم لأن يصبحوا 4.27 مليون لاجئ بنهاية 2015، فصار واحدًا من اثني عشر سوريًا قضوا في لحظات معدودة غرقًا في البحر المتوسط، قبل وصول شواطئ تركيا، منهم أخيه «غالب» ذي الأعوام الخمس وأمه «ريحانة».
مات «آلان» والأم والأخ، كما حكى الأب «عبدالله»، لتزيد قوائم الغرقى السوريين المعدودين بالآلاف في العامين الأخيرين، بعد أن تقطعت بهم السبل في الوطن الأم فحاولوا تركه إلى أوطان بديلة، جلّها أوروبية تبتعد عن مشكلات المخيمات الكائنة في الأراضي العربية حيث يرفع الأطفال أيديهم استسلامًا أمام كاميرات المصورين، حتى «حنظلة» نفسه حاول أبيه ودونما طائل الابتعاد به عن تلك الأجواء إلى اليونان، بعيدًا عن رحى الصراع الدائرة، فاعتقد أن الأمل في تركيا ومنها لأوروبا، لكنه الموت كان في الطريق.
آلان كردي الطفل السوري الغارق في مياه البحر المتوسط
«آلان»، كان له يومًا حياه سعيدة، كشفتها صوره ضاحكًا لاعبًا مطمئنًا مع أخيه الأكبر، إلى أن شابها الاضطراب منذ اندلاع الثورة السورية التي جعلت من جيرانه لاجئين وقتلى ومشاريع قتلى، ومن أرض كان ليشب عليها ملعبًا مظلمًا للقتال، يفوح برائحة الدماء والبارود الذي حمله «مرتزقة» يرفعون الرايات السوداء قدموا من كل حدب وصوب في وجه بارود آخر لجيش يحمي رئيس اختتم في يوليو الماضي عامه الخامس عشر في قصر الرئاسة.
بالأمس غرق «آلان»، بعد أعوام ثلاثة عاش معظمها في كنف أسرته في دمشق، حيث عمل الأب حلاقًا، وربما زار الطفل خلال أعوام عمره القصير «كوباني» مسقط رأس العائلة، والمدينة التي كانت حتى يونيو الماضي ملك يمين «داعش» الإرهابي، قبيل أن يخرج الأب وأسرته من البلاد كلها خائفًا يتوجس إلى تركيا تمهيدًا للرحيل عنها لمكان أفضل، وأملاً في استقدام الأسرة، وفي أن يكون «الصغير» أحسن حظًا من طفلة فلسطينية عرضة للترحيل عن الأراضي الألمانية ولم تشفع لها دموعها لدى مستشارة ألمانية قالت لها إن «السياسة قاسية».
حلم والد «حنظلة» بالحياة الآمنة، فحزمت «ريحانة» حقائبه وغالب الصغير الآخر، لكن تذكر الأب أن تركيا منذ شهر ونصف ألقت القبض على من فروا برًا لحدودها هربًا من داعش، فاختار البحر للوصول منها إلى أي الدول الأوروبية، ودفع الآلاف لقاء مساحة صغيرة له وللزوجة والولدين على متن قارب هجرة غير شرعية «فايبر» قفز صاحبه المهرب التركي وترك رب الأسرة يرى بعينيه ثلاثتهم واحدًا تلو الآخر بأنفاس أخيرة تحتبس وتفسح المجال لزبد الموت يخرج من الأفواه، دونما يعلم أو من تعاطفوا مع «المأساة» بما كان يفكر الصغير «حنظلة» ومن كان يتهم أو يلعن.
«فكرت كثيرًا قبل إعادة نشر صورة الطفل السوري الغريق.. ما صدمني جدًا هو حذائه الصغير.. إن أحد أمتع لحظاتي هي تلك التي أساعد فيها أطفالي في الصباح لارتداء أحذيتهم.. وأنا أحملق في الصورة، لم أستطع منع عقلي من تخيل أحدهم راقدًا غريقًا كما الصغير السوري»، يقول الباحث الحقوقي في منظمة «هيومان رايتس ووتش» عن سبب إعادة نشره الصورة «المفزعة» للطفل الصغير، بينما قرر مستخدما على موقع «فيسبوك» نشر صورة لجثمان «آلان» تتوسط اجتماعا ل«القمة عربية» لعلها الثانية أو الثالثة أو العاشرة التي تشجب تردي الأوضاع في سوريا.
العثور على جثة طفل غرق ضمن مجموعة من اللاجئين المهاجرين بطريقة غير شرعية على متن مركبين يقلان 11 سوريًا من تركيا في اتجاه اليونان، 2 سبتمبر 2015.
مات «آلان»، فألقى البعض لومًا في الأمر على نظام بشار الأسد، بينما اتهم آخرون أنظمة بعينها وبعضها عربي بدعم «داعش» التي كانت سببًا في فرار أسرة الصغير، فيما وقف فريق ثالث بين نعيه وشجب موته القاسي وما سبقه من ويلات في الرحلة «أدران» تعلقت بثوب الإنسانية، وبعض أخير أوروبي العرق ألقى اللوم على حكومات بلاده التي يموت على عتباتها مئات مثله بحثًا عن سلام وأمن وحياة، لا تدرك.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.