ركب قطار «الدرجة الأولى» عدة أعوام، تجوّل داخل عرباته، تنقل بينها شمالاً وجنوبًا، لم يفقد الأمل في الوصول إلى المحطة الأخيرة، وحين بلغها كان جُل عمره الكروي قد انقضى. نجح حسام سلامة «باولو» مهاجم الداخلية المنتقل مؤخرًا إلى سموحة في اقتناص لقب هداف الدوري الموسم الماضي برصيد 20 هدفًا سجلها خلال 36 مباراة لعبها. لامس باولو قمة الهرم الكروي المحلي في الوقت الضائع من مسيرته إذ سيحتفل لاعب سموحة ببلوغه 32 عامًا قريبًا. سنوات المعاناة في طفولته، كان باولو مفتونًا بحسام حسن أسطورة الكرة المصرية ومهاجم الأهلي والزمالك السابق، أهداف حسن كانت محفورة في ذهن الطفل الذي بدأ مسيرته وهو ابن 15 عامًا في مركز شباب صنافير، إحدى قرى مركز قليوب بمحافظة القليوبية. لعب باولو مع «صنافير» في مسابقات مختلفة على مستوى مراكز الشباب، جذب إليه الأنظار بسبب أهدافه الغزيرة.. «عندنا لاعيبه كويسين لكننا كنا مدفونين.. محدش بيتابعنا» يقول باولو في حوار تليفزيوني. انتقل ابن صنافير بعد سنوات من اللعب في مركز الشباب إلى دوري القسم الرابع، التقطه مسؤولو «قها» ليبدأ مسيرته الاحترافية من مكان سحيق. موسم واحد في القسم الرابع قذفه درجة للأعلى لينتقل من قها إلى طوخ الذي صعد للقسم الثالث، وفي موسمه الأول مع طوخ سجل 23 هدفًا، ساعدته على الانتقال في الموسم التالي، على سبيل الإعارة لمدة 6 أشهر إلى فريق منوف في القسم الثاني وهناك نجح في تسجيل 6 أهداف. أصبح اسم «باولو» يتردد كثيرًا في القسم الثاني «الممتاز ب» حاول منوف ضمه بصفة نهائية لكن إدارة طوخ تمسكت باستمراره. الحلم يقترب في هذه الفترة كاد حلم ابن صنافير باللعب في الدوري الممتاز يتحقق حين خضع لاختبارات في غزل المحلة، يقول باولو: «كان المحلة وقتها قويًا جدًا يضم محمد عبدالشافي ومحسن هنداوي وغيرهما، ذهبت للمعسكر الإعدادي للفريق وتحدثت مع الكابتن إبراهيم يوسف (المدير الفني للفريق) وقلت له إنني أحلم باللعب في الدوري الممتاز». خلال فترة اختباره في المحلة لم يكن باولو في الحسابات الأساسية لمدرب «الفلاحين»، وطالب اللاعبُ المدربَ بحسم موقفه، هل سيستمر مع الفريق أم سيرحل، جاءته الإجابة مطمئنة: «ستلعب مباراة ودية أمام رئيس النادي ليشاهدك وبعدها توقع للفريق». أثناء اختباره في الغزل كان مسؤولو بلدية المحلة قد بلغهم نبأ تألق باولو مع منوف في منافسات الممتاز «ب» حين لعب معه على سبيل الإعارة، تقدم محمود الشامي بعرض رسمي «كبير» لضمه من طوخ مقابل 50 ألف جنيه، وافقت الإدارة ووافق اللاعب أيضًا على الانضمام للبلدية لكن بعد أيام تغيّر موقف البلدية.. «ذهبنا لإتمام التعاقد لكننا وجدناك مع فريق آخر (الغزل).. لن نتعاقد معك» قالها الشامي لباولو في اتصال هاتفي. في الغزل، لم يفِ المدرب إبراهيم يوسف بوعده لباولو، وفقًا لتصريحات اللاعب، ليجد نفسه بعيدًا عن الالتحاق ب«الفلاحين»..تأجل حلم اللعب في الممتاز، وأخفق اللاعب في الانتقال لبلدية المحلة، وفوق هذا وذاك قرر مسؤولو طوخ عدم بيع اللاعب إلا بعد الحصول على 50 ألف جنيه. كان عقد باولو مع طوخ «ضعيفًا جدًا»، وكانت أغلى صفقة انتقال في تاريخ النادي حينها تبلغ 4 آلاف جنيه لكنّ المسؤولين قرروا «الاستثمار في هداف الفريق». تلقى طوخ أكثر من عرض من أندية في القسم الثاني لكنه رفضها بسبب «ضعف المقابل المادي» وبعد مفاوضات طويلة انتقل اللاعب الهداف إلى سكر أبوقرقاص أحد أندية مجموعة الصعيد مقابل 42 ألف جنيه. موسمان قضاهما باولو في أبوقرقاص لم تتوقف خلالهما ماكينة أهدافه عن العمل، لينتقل بعدهما إلى سكر الحوامدية في منافسات «الممتاز ب» أيضًا. مع الحوامدية لعب باولو موسمًا وحيدًا سجل خلاله 10 أهداف لينتقل بعدها رفقة مدربه هشام صالح إلى الشمس. مكالمة الفرج قبل انطلاق موسم «2013 – 2014» كان علاء عبدالعال المدير الفني للداخلية يبحث عن مهاجم جديد يدعم به صفوف الفريق، اتصل بمحمد السويفي، لاعب في سكر الحوامدية، كان عبدالعال قد دربه سابقًا في اتحاد الشرطة حين كان مديرًا فنيًا لفريق الناشئين هناك، سأل المدرب اللاعب عن مهاجم في المحلة هل يعرفه وما تقييمه لمستواه الفني فجاءته الإجابة: «عندي مهاجم ممتاز اسمه حسام باولو». رحب عبدالعال بانضمام باولو، سمع الاسم أكثر من مرة لكنه لم يتابعه في أي مباراة، اشترط المدرب أن «يشاهد باولو في الملعب قبل التوقيع» ووافق اللاعب. يقول باولو: «أخبرني كابتن علاء أن قيمة العقد ستكون ضعيفة، لم أكن أهتم بذلك كثيرًا.. كنت فقط أريد تحقيق حلمي باللعب في الدوري الممتاز». انضم حسام إلى الداخلية وهو ابن 30 عامًا، لم يكن أساسيًا في الموسم الأول مع الفريق لكنه كان يعلم أن «الدور جاي» وكانت نصائح عبدالعال المتعددة للاعب تطالبه بعدم التعجل. 5 أهداف فقط هي حصيلة الموسم الأول لباولو في الدوري الممتاز، حصيلة تبدو جيدة قياسًا على عدم مشاركته بشكل أساسي واكتفائه بدور المهاجم البديل. نبوءة عبدالعال مع نهاية موسم «2013 – 2014» قال عبدالعال لباولو إنه سيصبح هداف الدوري في الموسم الجديد، عرف المهاجم المخضرم أنه سيصبح أساسيًا، وأن عليه استغلال الفرصة. هدف واحد سجله باولو في أول 4 مباريات بالموسم لعب خلالها 258 دقيقة، شارك في 3 أساسيًا وفي الرابعة جلس طوال المباراة على مقاعد البدلاء، في حين كان كل من عرفة السيد مهاجم طلائع الجيش ومؤمن زكريا لاعب الزمالك، حينها، قد سجل 3 أهداف. زار باولو الشباك مجددًا في الجولة الخامسة أمام سموحة، وفي الجولة الثامنة هز شباك المقاصة بهدف ثم سجل ثنائية في المبارة التالية أمام الجونة. رفع مهاجم الداخلية رصيده إلى 5 أهداف بعد 9 جولات من المسابقة قبل أن يضل الطريق إلى الشباك، ويظل صائمًا عن التهديف 7 مباريات متتالية، شارك في 4 منها أساسيًا و3 احتياطيًا. أمام دمنهور انتهى صيامه وسجل ثنائية في شباك الفريق الوافد حديثًا إلى الدوري الممتاز، ثم عاودت ماكينة أهدافه العمل وكان اللافت في الأمر قدرة اللاعب على تسجيل الثنائيات إذ سجل هدفين في مباراة واحدة 6 مرات خلال الموسم. نجح باولو في تصدر قائمة الهدافين، لم ينخفض مستواه مثلما حدث لعرفة السيد مهاجم الطلائع الذي تصدر الترتيب لأسابيع طويلة في النصف الأول من الموسم، ظل ابن ال32 عامًا على القمة حتى النهاية. يقول باولو: «المشوار ده كله ربنا كرمني فيه وتعبت عشان ربنا يديني النعمة اللي انا فيها دلوقتي وأنا بأحاول أحافظ عليها».
