«لا يمكن أن توقف ميسي إذا كان في يومه».. كان هذا ملخص ما قاله بيب جوارديولا، مدرب بايرن ميونخ، قبل لقاء فريقه الحالي مع فريقه السابق برشلونة في نصف نهائي دوري الأبطال، قد يكون جوارديولا على حق، فإيقاف ميسي في أفضل حالاته يبدو أمرًا صعبًا لكنه ليس مستحيلًا، ربما المستحيل الحقيقي هو كيف توقف ثلاثي برشلونة؟ إيقاف ميسي حاول الكثير من المدربين إيقاف ميسي في مواجهاتهم لبرشلونة، القليل منهم نجح، وفي طريقهم لذلك وضعوا خططًا مختلفة، أهم تلك الخطط كان ترتكز على مركز ميسي في الملعب، المهاجم الوهمي، وهو المركز الذي اخترعه بيب قبل مباراة فريقه مع ريال مدريد وحول به اللاعب من الجبهة اليمنى للوسط ليهرب من الرقابة ويستغل الفجوة بين ارتكاز الدفاع وقلبي الدفاع، بيب رأى أن ميسي قادر على المراوغة والمرور والتسجيل، أو التمرير الثنائي مع أحد لاعبي الأطراف والدخول للعمق والتسجيل، كانت تلك الخلطة ساحرة وتبدو مستحيلة في إيقافها حتى فطن بعض المدربين لإمكانية إضافة لاعب في خط الوسط يتولى سد تلك الفجوة ومن ثم غلق المساحة أمام الأرجنتيني الصغير. نجحت تلك الخطة في مباريات لبرشلونة أمام سيفيليا، إنتر ميلان وميلان، كان أفضل طريق هو وضع لاعب قلب دفاع أمام ثنائي قلب الدفاع الأساسيين بالتالي تغلق المساحات في وجه ميسي، الأزمة الحقيقية أنه حتى تلك الطريقة تم حلها في مباراة العودة بين برشلونة وميلان الإيطالي في إياب دوري الأبطال تحت قيادة الراحل تيتو فيلانوفا. لن توقف ميسي كان برشلونة قد تأخر في مباراة الذهاب في إيطاليا بهدفين دون رد، ماسيمو أليجري، مدرب يوفينتوس الحالي والذي قاد ميلان في تلك المباراة وضع لاعبًا مدافعًا أمام قلبي الدفاع، فكان الأمر سهلًا جدًا في السيطرة على ميسي، في مباراة العودة قدم تيتو أفضل مباراة تكتيكية له وسجل فريقه أربعة أهداف دون رد وتأهل لنصف النهائي، الحل كان في ديفيد فيا. وضع تيتو ديفيد فيا أمام ميسي، كرأس حربة صريح وتقدم ألفيس من الجبهة اليمني لتغطية عدم وجود جناح صريح هناك، «فيا» حل مشكلة ميسي فأصبح يدفع بقلب الدفاع الثالث بعيدًا عن طريق ميسي فسجل ميسي هدفين ونجح الفريق في العودة. لكن الأزمة الحقيقية التي سيواجهها جوارديولا أن ميسي لم يعد مهاجمًا وهميًا، فقد عاد مع لويس إنريكي، مدرب البلوجرانا، لمركز الجناح الأيمن، وأصبح لزامًا على جوارديولا أن يبحث عن طريقة لإيقاف الأرجنتيني. من يوقف ميسي على اليمين؟ قبل مباراة برشلونة مع أبويل نيقوسيا لعب ميسي كل مباريات الموسم كمهاجم وهمي، كان الأمر منطقيًا خاصة مع إيقاف لويس سواريز أربعة أشهر في بداية الموسم، لكن مع عودة سواريز كان على إنريكي أن يجد طريقة للعب بالثلاثي ميسي، نيمار، وسواريز في خط الهجوم دون أن يضر بأي منهم، خاصة ليونيل. سواريز في مبارياته الأولى كان يبدو كصفقة إبراهيموفيتش أو فيا، مهاجمين تقليديين يضطران للعب على طرف الملعب لإفساح المجال للبرغوث، الأول هرب من الفريق بعد عام والثاني قضى ثلاثة أعوام تراجع فيها مستواه جدًا. فطن إنريكي للأزمة، وحرك ميسي ناحية اليمين، وترك سواريز كرأس حربة، ونيمار على اليسار، ميزة سواريز الأساسية التي تجعله مختلفًا عن إبرا وفيا هي الركض، فالمهاجم الأورجواياني يتحرك كثيرًا مقابل ميسي الذي يعتبر أقل مهاجم في العالم ركضًا في المباريات. سجل سواريز هدفه الأول مع البارسا، لكن ميسي ومن ناحية اليمين سجل هاتريك، لماذا؟ لأنه كان حرًا في التحرك وسواريز كان يفتح له المساحات. نتيجة التشكيلة الجديدة أن كل محاولات إيقاف ميسي نتج عنها تسجيل سواريز ل24 هدفًا منذ مباراة أبويل، لإيقاف ميسي يجب أن تنظر في الوسط وتوقف سواريز. أوقف سواريز.. تَنَلْ ميسي؟ لم ينجح الكثير من المدربين هذا الموسم في إيقاف سواريز، ولا حتى الموسم الماضي مع ليفربول عندما توج بلقب هداف الدوري الإنجليزي، الطريقة الوحيدة لإيقاف سواريز والتي ستجعلك تسيطر أكثر على ميسي، هي قتل فرص سواريز في الركض وتسلّم الكرة، يبدو الأمر بديهيًا وبسيطًا، لكنه أكثر تعقيدًا مما يبدو، فمنع الكرة عن المهاجم لا تحتاج فقط لقلب دفاع قوي يمنعه من تسلّم الكرة، لكن تحتاج للاعبي وسط قادرين على منع نجوم وسط برشلونة من التمرير السليم بالأساس لسواريز. الضغط العالي أحد الأساليب لكنها تحتاج لياقة بدينة كبيرة ربما لن يجدها جوارديولا في فريقه المنهك من كأس العالم والإصابات، وقدرات إنييستا وتشافي وراكيتيتش على التمرير تجعل المهمة أصعب، ربما طوق النجاة الوحيد ل«بيب» هو اللعب بخافي مارتينيز وتشابي ألونسو معًا كلاعبي ارتكاز وربما إضافة فيليب لام لهما، الثلاثي يمتلك قدرات دفاعية كبيرة، وفي المقابل لن يقتل الابتكار في فريق بايرن لأنهم يملكون رؤية جيدة للملعب ويمررون طوليًا بشكل جديد، باقي عملية إيقاف ميسي ستتوقف عند الإسباني الشاب خوان برنات الذي يقدم موسمًا متميزًا منذ انتقاله للبافاري من فالنسيا مطلع الموسم، لكن مهمته ستكون صعبة جدًا مع تقدم داني ألفيش، الظهير الأيمن للبرسا، وفي غياب روبن وريبيري ستصبح عملية ضغط ألفيش للوراء وإيقاف ميسي في يد الإسباني الصغير. إجمالًا، تبدو مهمة إيقاف ميسي صعبة جدًا، لأنه في خطة إنريكي جزء من الفريق، جزء من لغز كبير، لفك شفرته تحتاج للعديد من المهارات والتوفيق والإرادة.
