استقرار مؤشر الدولار عالميا.. وتوقعات بارتفاعه في هذا الموعد    وكيل زراعة الغربية يشهد يوم حصاد لمحصول بنجر السكر    رئيس الوزراء: الدولة جاهزة بكل الحوافز الممكنة لدعم القطاع الصناعي    وزير إسرائيلي: بايدن يضر بتل أبيب.. ولو كنت أمريكيا لانتخبت ترامب    عاجل.. الديوان الملكي السعودي يعلن دخول الملك سلمان إلي المستشفى    الداخلية: ضبط 59 طن دقيق مدعم خلال 24 ساعة    خبير تربوي: منصة «امتحانات مصر» تغطي جميع الصفوف الدراسية    كشف غموض العثور على جثة شخص بالقليوبية    مستشفيات جامعة المنيا تستقبل الدفعة الأولى من مصابي غزة    نقيب الأطباء: تنفيذ العقوبات الصادرة بقضية الاعتداء على طبيبة دمياط    ضمن الموجة ال22.. إزالة 9 حالات تعدي على الأراضي الزراعية في الإسكندرية    سداد 8.16 مليار دولار فوائد وأقساط ديون خارجية بنهاية الربع الأول من 2024    «خطة النواب» تعقد 4 اجتماعات اليوم لمناقشة الموازنة العامة للدولة (تفاصيل)    بتكلفة 11 مليون جنيه.. محافظ شمال سيناء يفتتح مدرسة الطويل للتعليم الأساسي    نائب رئيس جامعة عين شمس يترأس الاجتماع الدورى لمجلس شئون الدراسات العليا والبحوث    الأمم المتحدة تدعو لإجراء تحقيق بشأن مقابر جماعية في محيط مستشفيين بغزة داهمهما الاحتلال    انتفاضة في الجامعات الأمريكية ضد حرب غزة.. والخيام تملأ الساحات    أ ف ب: إيران تقلّص وجودها العسكري في سوريا بعد الضربات الإسرائيلية الأخيرة    الصحف الأوروبية| لو باريزيان: باريس يسعى لضم لامين يامال.. تليجراف: أرسنال ومانشستر سيتي يتنافسان لضم نجم نيوكاسل    كولر يصدم الشناوي: شوبير سيظل الحارس الأساسي في الأهلي    لتأكيد الصدارة.. بيراميدز يواجه البنك الأهلي اليوم في الدوري المصري    مفاجأة.. يوسف أوباما يقترب من نادي بيراميدز    رئيس جامعة قناة السويس يهنئ السيسي بمناسبة الذكرى ال42 لتحرير سيناء    7 أيام إجازة.. اعرف موعد شم النسيم وعيد العمال رسميًا بعد التعديل    مدبولي: دعم الصناعة أصبح يؤتي ثماره في العديد من القطاعات الإنتاجية    بعد 12 واقعة.. التحقيق مع تشكيل عصابي لسرقة السيارات في العجوزة    بسبب خلافات مالية.. السجن 10 سنوات لتاجر أسماك بتهمة قتل عامل في الإسكندرية    الزفاف يتحول إلى جنازة.. اللحظات الأخيرة في حياة صديقة عروس كفر الشيخ    بدء اليوم الثاني من مؤتمر وزارة العدل عن الذكاء الاصطناعى    اليوم.. رامي جمال يطرح ألبومه الجديد "خليني أشوفك"    نصيحة مهمة لتخطي الأزمات المالية.. توقعات برج الجوزاء في الأسبوع الأخير من أبريل    فيلم شقو يحقق 52 مليون جنيه في أسبوعه الثاني بالسينمات    بالسعودية.. هشام ماجد يتفوق على علي ربيع في الموسم السينمائي    «برلمانية الوفد بالشيوخ» مهنئة السيسي بتحرير سيناء: مسيرة طويلة من التضحيات    طريقة عمل عصير الليمون بالنعناع والقرفة.. مشروب لعلاج الأمراض    DMC تعرض تقريرا عن الفنان الراحل محمود مرسي في ذكرى رحيله    حظر سفر وعقوبات.. كيف تعاملت دول العالم مع إرهاب المستوطنين الإسرائيليين بالضفة الغربية؟    النقل: تقدم العمل بالمحطة متعددة الأغراض بميناء سفاجا    مصر تفوز بعضوية مجلس إدارة وكالة الدواء الإفريقية    الحج في الإسلام: شروطه وحكمه ومقاصده    الكونجرس الأمريكي يقر قانون حظر تيك توك    دعاء الحر الشديد.. 5 كلمات تعتقك من نار جهنم وتدخلك الجنة    رئيس البنك الأهلي يكشف كواليس ضم أسامة فيصل.. ومفاوضات الأهلي مع أبو جبل    "لا يرتقي للحدث".. أحمد حسام ميدو ينتقد حكام نهائي دوري أبطال آسيا    «خيال الظل» يواجه تغيرات «الهوية»    رئيس هيئة الرعاية الصحية: خطة للارتقاء بمهارات الكوادر من العناصر البشرية    رئيس «المستشفيات التعليمية»: الهيئة إحدى المؤسسات الرائدة في مجال زراعة الكبد    متحدث "البنتاجون": سنباشر قريبا بناء ميناء عائم قبالة سواحل غزة    دعاء العواصف والرياح.. الأزهر الشريف ينشر الكلمات المستحبة    الذكرى ال117 لتأسيس النادي الأهلي.. يا نسر عالي في الملاعب    تعرف على مدرب ورشة فن الإلقاء في الدورة ال17 للمهرجان القومي للمسرح؟    بالتزامن مع حملة المقاطعة «خليه يعفن».. تعرف على أسعار السمك في الأسواق 24 أبريل 2024    نتائج مباريات الأدوار من بطولة الجونة الدولية للاسكواش البلاتينية PSA 2024    بايدن يعتزم إرسال أسلحة جديدة لأوكرانيا اعتبارا من "هذا الأسبوع"    مصطفى الفقي: مصر ضلع مباشر قي القضية الفلسطينية    ‏هل الطلاق الشفهي يقع.. أزهري يجيب    ما حكم تحميل كتاب له حقوق ملكية من الانترنت بدون مقابل؟ الأزهر يجيب    أجمل مسجات تهنئة شم النسيم 2024 للاصدقاء والعائلة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل يمكنهم إجهاض الثورات الشعبية؟
نشر في المصري اليوم يوم 22 - 03 - 2011

وجدتنى جالسة أمام الكاميرا فى مدينة واشنطن، تحاورنى مذيعة اسمها كريستيان أنانبور، امرأة متوسطة العمر سمراء نحيفة شعرها أسود ملامحها إيرانية لهجتها أمريكية متنمرة، يقولون عنها مشهورة جداً من خلال برنامجها التليفزيونى الأسبوعى فى قناة «إيه. بى. سى» قالوا حاورت رؤساء دول منهم الرئيس المصرى السابق حسنى مبارك ورؤساء آخرين فيما يسمونه الشرق الأوسط (أسألهم: الأوسط بين من ومن؟) لا يعرفون الجواب، قالوا إنها متخصصة فى شؤون بلادنا (الشرق الأوسط)، وأنها أشهر وأهم فى نظر الأمريكيين من أى رئيس دولة فيما يسمونه العالم الثالث، ينتفض فى رأسى عصب من أعصاب الغضب حين أسمعهم يقولون عنا العالم الثالث، أسألهم: ومن هم العالم الأول؟ لا يعرفون الجواب، يخجلون من القول: أمريكا؟ يعرفون أنها تقتل الشعوب لتنهب مواردها وبترولها تحت اسم الديمقراطية أو التنمية، وتسلح إسرائيل وتساندها مائة فى المائة ضد إرادة العالم تحت اسم السلام، وتحت اسم الشراكة والتعاون تساند الديكتاتوريات القامعة والحكومات الفاسدة والتيارات الدينية المتطرفة مسيحية أو يهودية أو إسلامية أو غيرها، ما دامت تخدم مصالح الإمبراطورية الأمريكية، ساءت سمعة أمريكا فى العالم كله، وتزيد سمعتها سوءا باستخدامها الفيتو فى الأمم المتحدة، لضرب أى محاولة لإنصاف الشعب الفلسطينى، ثم تتشدق بعد كل ذلك بالمبادئ والإنسانية والحضارة والديمقراطية وحقوق الإنسان بل وحقوق المرأة؟
جلست السيدة المذيعة أمامى متنمرة منتفخة بغرور الجهل، فى عصر الكاميرا والفضائيات يتحول الجهلاء إلى نجوم مثل لاعبى كرة القدم، ترى فى عينى نظرة ماكرة تقول لها: كلما زاد الإنسان علما وثقة بالنفس زاد تواضعا وبساطة، كانت تغطى وجهها بالمساحيق وتبربش برموشها الصناعية وتهز شعرها المصبوغ بلون أسود من الليل، وأنا جالسة أمامها غير عابئة بشكلى أو شعرى الذى طيره الهواء وابتل برزاز المطر والثلج الهاطل من سماء واشنطن، كنت مستريحة داخل جلدى كما يقولون باللغة الإنجليزية عن الشخص الواثق من نفسه غير المبالى بالدنيا والآخرة، تصورت المذيعة أنها سيدة الموقف لأنها تملك القناة أو تملك طائرة خاصة أو أرصدة فى البنوك تزيد على أرصدة رئيس أى دولة مخلوع أو فى طريقه للخلع بثورة شعبية عارمة، قلت لها قبل بدء البرنامج إن باراك أوباما ربما يصبح رئيساً مخلوعاً عاجلاً أو آجلاً بعد انتقال عدوى الثورة المصرية الشعبية العظيمة إلى الشعب الأمريكى فى ولاية وسكونسن، ومنها سوف تنتقل الثورة إلى كل الولايات المتحدة وغير المتحدة، هزت شعرها ورموشها غير مصدقة، قلت لها إننا نعيش فى عالم واحد (وليس ثلاثة عوالم) يحكمه نظام أبوى طبقى واحد موروث منذ العبودية، لم تكن تنصت لما أقول مثل جميع المذيعين والمذيعات فى كل بلاد العالم، كانت تنظر فى المرآة لتعدل خصلة الشعر المتحركة مع رأسها هنا وهناك، ثم بدأ البرنامج، وهى تلهث تنتقل من سؤال إلى سؤال بسرعة البرق لا تسمع الإجابات، شىء يجعل أعصاب الغضب تنفجر فى أى رأس إلا رأسى، لقد تعودت على تفاهة البرامج التليفزيونية فى كل بلاد العالم على رأسها بلادنا العربية، أحافظ على هدوئى الكامل لأصوب إجابتى بكلمة محددة مختصرة، كطلقة رصاص واحدة تصيب الهدف، تدوى الطلقة فى رأسها تتجمد فى مقعدها، تتلعثم لا تعرف ماذا تقول، تكشر عن أنيابها كالنمرة الحائرة، تخرج عن النص الذى حفظته عن ظهر قلب، تسألنى عن معنى ما أقول، أعيد عليها ما قلته: نعم أيتها المذيعة الشهيرة أقول لك إن جورج بوش وأسامة بن لادن توأم، تبربش مرة أخرى، تردد: توأم؟ كيف هذا؟ أفتح فمى لأشرح لها العلاقة بين الاستعمار الأمريكى الجديد والتيارات الدينية السياسية، لكنها تنتقل إلى سؤال آخر، وينتهى البرنامج دون توضيح أى شىء.
تمت إذاعة البرنامج دون أن أراه، حيث إننى لا أفتح التليفزيون إلا نادراً ولا أحفظ مواعيد البرامج التى أشارك فيها، لكن جاءتنى الرسائل عبر البريد الإلكترونى تقول إن السيدة المذيعة حذفت جزءاً من كلامى المتعلق بجورج بوش وبن لادن، مما يعنى أن الإعلام الأمريكى مثل الإعلام فى بلادنا يخضع لمقص الرقيب! هذه هى الديمقراطية الأمريكية!، لا أعرف كيف اكتشفوا ذلك، لكن الأمر كان سهلا لمن يتابعون البرامج فى «الإنترنت»، وانتشر الخبر عبر الإلكترونيات فى الأقمار الصناعية، يالها من تكنولوجيا فاضحة خطيرة، أخطر من ويكيليكس، تنتشر الفضائح عبر الأثير فى كل أركان الأرض والسماوات السبع، تبتهج قلوب الشعوب بهذه الفضائح التى تكشف زيف ما يسمونه الدول الديمقراطية، كم تشدق باراك أوباما وهيلارى كلينتون بهذه الكلمة التى تساقطت كما تتساقط ورقة التوت عن الجسد العارى.
لكن هناك امرأة أمريكية اسمها إيمى جودمان، تختلف عن هذه الكريستيان أنانبور، أصبحت إيمى جودمان معروفة فى أمريكا والعالم ببرنامجها التليفزيونى والإذاعى «الديمقراطية الآن» (ديموقراسى ناو)، قلت لها ما قلته لكريستيان أنانبور وأكثر، كانت إيمى تستمع ثم ترد فى هدوء، إيمى جودمان حاورتنى بحرية كاملة، لم تقاطعنى، لم تحذف حرفاً واحداً، حكيت لها عن مقص الرقيب أنانبور، قالت برنامجنا مختلف، نحاول كشف الحقائق داخل الديمقراطية الزائفة تحت حكم الرأسمالية الاستعمارية الإمبريالية، سألتنى عن الثورة المصرية الشعبية، دور النساء فيها، ماذا أتوقع لمستقبل مصر الحرة المستقلة الجديدة، هل هناك مخاوف من نشوء ثورة مضادة، قلت لها، كل الثورات الشعبية تتعرض لمحاولات إجهاض من القوى الخارجية والداخلية، لكن ثقتى كبيرة فى وعى الشباب والشابات الذين صنعوا الثورة، نجحوا فى إسقاط رأس النظام وسوف ينجحون فى إسقاط الجسد أيضا، بسبب اتحادهم ووعيهم وعدم قبولهم التنازل عن مبادئهم الأساسية، شاركت النساء مع الرجال دون تفرقة فى الثورة، كان عدد الشباب فى مسيرة اليوم العالمى للمرأة أكثر من عدد الشابات، حملوا معهن الشعارات التى تؤكد على المساواة والعدالة والكرامة والحرية للجميع دون تفرقة على أساس الجنس أو الدين، خرجت الملايين من جميع فئات الشعب من كل محافظة من أسوان إلى الإسكندرية، حتى الأطفال شاركوا فى الثورة، ومازالت الثورة مستمرة حتى تحقق كل أهدافها.
يعمل مع إيمى جودمان شاب مصرى اسمه شريف عبدالقدوس، حفيد السيدة روزاليوسف. سألتنى إيمى جودمان عن روزاليوسف قلت، امرأة عظيمة كان لها دور كبير فى الفن والسياسة والثقافة، أصدرت مجلتها روزاليوسف التى لعبت دوراً مهماً فى التصدى للاستعمار البريطانى والحكم الملكى قبل ثورة 1952، صنعت روزاليوسف حينئذ مدرسة جديدة للصحافة المصرية تدرب فيها أجيال من الشباب والشابات، أشرق وجه شريف عبدالقدوس بابتسامة جميلة، تنم عن الفخر بجدته، كم منا يشعر بالفخر بجدته أو أمه؟ سؤال دار فى رأسى ومازال يدور، لماذا يختفى اسم الأمهات والجدات فى التاريخ رغم جهودهن العظيمة؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.