أكد الدكتور عبدالرحيم ريحان، خبير الآثار، أن الإسلام يحرم هدم الآثار وتراث الأمم السابقة سواء كان تراثًا دينيًا أو تراثًا بشكل عام، ويتضح ذلك في الآية 40 من سورة الحج «الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِم بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ ۗ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا ۗ وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ». وأوضح «ريحان» أن الصوامع في الآية هي قلايا الرهبان المتعبدين في الصحراء، والبيع جمع «بيعة» وهى الكنائس بكل أشكالها سواء كانت داخل أديرة أو منفصلة، وكلمة صلوات جمع «صلوتا» وهى معابد اليهود، مشيرًا إلى أن الآية تؤكد التحريم الواضح لمنع هدم الأماكن المقدسة للأديان السابقة على الإسلام وحمايتها وهي سابقة على الإسلام، مما تعد من آثار الحضارات السابقة. وأضاف «ريحان» أن الآية 45 من نفس السورة «فَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُّعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَّشِيدٍ»، تؤكد على تحريم هدم أي آثار للحضارات السابقة على الإسلام، لأنها الدليل المادي الملموس على وجود قوم آخرين للتعرف على حياتهم وحضارتهم ودراسة أسباب ازدهارها أو هلاكها وبضياع هذه الآثار بأي شكل من الأشكال هو ضياع وفقدان لحضارة معينة، ودعا الإسلام للرجوع إليها والنظر إليها للاعتبار والعظة. وأشار «ريحان» إلى أنه من معالم هذه الحضارة في الآية السابقة البئر المعطلة، وهي البئر المهملة المرتبطة بقوم كانوا يستعملونها وبفقدانهم فقدت البئر أهميتها ونضب ماؤها وتعطلت، أما القصر المشيد فهو كل بناء مشيد من أي مادة سواء من الحجر أو الطوب وتعنى كل الآثار السابقة. وقال «ريحان» إن هناك آيات في القرآن الكريم تدعو للتأمل فيما صنعته الحضارات السابقة والسير في كل البقاع للتعرف على الحضارات والثقافات للشعوب المختلفة (النمل 69، وغافر 21)، والسير في مساكن السابقين وتأملها والاستفادة من طرق بنائها ومدى ملاءمتها للبيئة الخاصة بها وأن يضع المسلم في ذهنه أن من صنعوا هذه المباني العظيمة أهلكوا كغيرهم، ورغم زوال هذه الحضارات بقيت آثارهم تدل عليهم، كما أعيد استخدام المساكن القديمة لأجيال أخرى، وهذا يعزز فكرة التواصل المعمارى عبر الأجيال وهو ماذكر في سورة (إبراهيم الاية 45). ولفت إلى أن الإسلام دعا كذلك إلى دراسة الحضارات المختلفة، وما تمثله من أفكار معينة ارتبطت بتوقيت معين تزيد من قوة الإيمان، لأن زوال صانعي هذه الحضارات كان نتيجة افتقادهم للقوى الروحية، وأحيانًا إلى القيم الأخلاقية ومكرهم على الله. اشترك الآن لتصلك أهم الأخبار لحظة بلحظة