نعمة الأمطار والثلوج التي غطت مرتفعات لبنان من الجنوب إلى الشمال، تحولت إلى نقمة خاصة بالنسبة للعائلات السورية النازحة إلى المخيمات في عكار، شمالي لبنان، مع وصول العاصفة الثلجية «ويندي». ويعيش النازحون في ظروف حياتية ومناخية سيئة منذ العاصفة «يوهان»، الأسبوع الماضي، ومن بعدها العاصفة «ويندي» التي ضربت البلاد منذ يوم الخميس الماضي.وتعاني المخيمات من نقص بالغ في المواد الغذائية والمازوت للتدفئة، بعدما قلصت الجمعيات الإغاثية حجم المساعدات لها، كما تضاعف الشح في المواد الغذائية لديهم، بالإضافة إلى المحروقات والثياب. ففي مخيم قرية «قنية» في عكار، شمالي لبنان، الواقعة على الحدود اللبنانية-السورية، الذي يقطن فيه حوالي 300 عائلة نازحة من سوريا، يكاد عدد كبير من الأطفال أن يلفظ أنفاسه الأخيرة برداً، فمعظمهم غير قادرين على الحركة، فقد تجمدت أطرافهم الصغيرة يحبسون أجسادهم النحيلة داخل الخيم بانتظار أن تطل الشمس«، بحسب ما نقلته وكالة أنباء»الأناضول«التركية. وحده الطفل حسن (7 سنوات)، ابن السنوات السبع يتجرأ على الوقوف خارجا، يقول وقد ارتسمت على وجهه ابتسامة صغيرة: «نحن هنا ليس لدينا شيء، نريد ثيابا ومازوت، ونريد كل شيء». وتشير فاطمة الحمصي (40 عاما) الهاربة من عنف النظام السوري في حمص (شمال)، إلى أن «الخيم كادت أن تقع فوق رؤوس الأطفال. نكابد لكي نؤمن لهم حاجاتهم، وبسبب العواصف بتنا من دون ماء، ولا ثياب، ولا محروقات. الوضع سيء جداً، والأطفال معظمهم مرضى وجياع»، بينما تؤكد زينة الصفدي (45 عامًا) أن «الكثير من العاملين في جمعيات إغاثية يأتون لزيارة المخيم، يلتقطون لنا الصور، ويعدوننا بتقديم المساعدة لنا، لكننا لا نحصل على شيء. كما أن الصليب الأحمر اللبناني يمر من هنا ولا يقدم لنا المساعدة، حتى أننا لا نملك المياه والسماء تمطر بغزارة ونحن بحاجة إلى كوب من الماء النظيفة ولسنا قادرين على الحصول عليه». وبينما ينهمك عدد من الرجال بتقطيع الحطب، تشير إليهم سيدة أربعينية قائلة «رغم أن تقطيع الحطب ممنوع في لبنان، لا نجد سواه سبيلاً للتدفئة، وإلا لكان معظم الأطفال قد فارق الحياة». يأتي ذلك في الوقت الذي لقي فيه 3 أطفال سوريين مصرعهم، يوم الخميس، جراء اندلاع حريق بإحدى خيم النازحين السوريين في شمال لبنان، ناتج عن مواد التدفئة بسبب العاصفة التي تضرب البلاد. وأفاد شهود عيان ل«الأناضول»، أن عائلة سورية كانت توقد النار داخل خيمتها، في منطقة بحنين في مدينة طرابلس، شمالي لبنان، لتقي نفسها وأطفالها البرد القارس المرافق للعاصفة الشديدة التي تضرب البلاد. ولفت الشهود إلى أن العائلة فقدت السيطرة على النيران ما أدى إلى اشتعال الخيمة ووفاة 3 أطفال، ووقوع أضرار مادية جسيمة. ومن جانبها، أعربت منظمة «كير» العالمية عن قلقها على اللاجئين السوريين الذين يواجهون أوضاعاً معيشية صعبة بسبب تداعيات برودة الطقس في بلدان اللجوء، خصوصاً في لبنانوالأردن. ونقل بيان حصل موقع قناة «العربية» الإخباري عن مديرة المنظمة في الأردن، سلام كنعان، قولها إن «العاصفة تأتي بمثابة كارثة أخرى تضاف إلى أوضاعهم الصعبة، حيث إنهم فروا من الصراع الدائر في بلادهم بالقليل من ممتلكاتهم في أحسن الأحوال، وغالباً دون أن يحملوا معهم أي شيء، لتأتي الثلوج لتضيف إلى أعبائهم عبئاً لا تحمد عقباه». وفيما يتعلق بعدد اللاجئين السوريين في البلدان المجاورة، قال بيان «كير» إن «ما يزيد عن 3،8 مليون سوري لجأ إلى دول جوار سوريا، حيث استقبلت لبنان وتركيا والأردن العدد الأكبر من اللاجئين، وأُرغم ما يزيد عن ثلث الشعب السوري على النزوح جراء الأزمة، وإن الكثير منهم يحتمون بالخيام وأبنية غير مكتملة وأخرى مهدمة معرضين بشدة لمخاطر عديدة جراء فصل الشتاء البارد». اشترك الآن لتصلك أهم الأخبار لحظة بلحظة