أ.د عبدالسند حسن يمامة لماذا تعلو حقوق الإنسان على إرادة الشعب وعلى الشرعية الثورية وتقيدها؟ لأن حقوق الإنسان مصدرها القرآن الكريم والدستور وتعهدات واتفاقيات دولية واعترفت بها مصر باعتبارها جزءاً من نظامها القانونى الداخلى. وإذا قيل إن الدستور فى مصر معطل بمرسوم المجلس الأعلى للقوات المسلحة، فإن نفس هذا المرسوم قرر التزام مصر بتعهداتها واتفاقياتها الدولية. وأهمها فى حقوق الإنسان: - الإعلان العالمى لحقوق الإنسان 1948. - الاتفاقية الدولية للحقوق المدنية والسياسية 1966. - الاتفاقية الدولية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية 1966. - الميثاق الأفريقى لحقوق الشعوب 1981. - الميثاق العربى لحقوق الإنسان 2004. إن إرادة الشعب والشرعية الثورية أساس قانونى صحيح لتبرير القضاء على نظام مبارك السياسى الفاسد والاستبدادى الذى كان من حيث الشكل قانونياً قبل ثورة 25 يناير 2011، وبمبدأ إرادة الشعب والشرعية الثورية بدأ نظام سياسى جديد نأمل ويجب أن نعمل ليكون نظاماً سياسياً ديمقراطياً بالمعنى المعروف شكلاً وموضوعاً. باسم الإرادة الشعبية والشرعية الثورية يجب التحقيق الجنائى والمحاكمة الجنائية لكل من نسبت إليه وقائع محددة تقوم على أدلة ثبوت فى جريمة فساد سياسى أو جنائى، خاصة الاعتداء على المال العام وفقاً لأحكام قانون العقوبات أو غيره من القوانين السارية وقت ارتكاب الفعل المؤثم أو المشاركة فيه. وباسم الإرادة الشعبية والشرعية الثورية لا استثناء ولا حصانة لشخص فى التحقيق أو المحاكمة ابتداءً من الرئيس السابق مبارك وأسرته، ولكن لا يجوز باسم الشرعية الثورية أو باسم إرادة الشعب حرمان أحد من التمتع بحقوق الإنسان، سواء بالحقوق المقررة قبل التحقيق والمحاكمة، وأهمها قرينة البراءة التى تعنى أن كل شخص برىء حتى تثبت إدانته بحكم من محاكمة قانونية تكفل له فيها ضمانات الدفاع عن نفسه، وأيضاً حقه فى محاكمة عادلة وأيضاً حقه فى حرمة ملكه الخاص. ولا يجوز باسم الشرعية الثورية أو باسم إرادة الشعب إعلان أحكام مسبقة عن وقائع جنائية فى محاكم شعبية أو جماهيرية. ولا يجوز باسم الشرعية الثورية أو باسم إرادة الشعب أن يروّج فى الإعلام ونقرأ فى بعض الصحف أن مبارك يبحث عن محام، وأن محامين يعتذرون عن الدفاع عنه احتراماً لإرادة الشعب. إن ذلك بالتعبير القانونى مصادرة على المطلوب بمعنى إدانة وإصدار أحكام جنائية قبل التحقيق والمحاكمة، وإن ذلك يمثل حرماناً وإهداراً لحقوق الإنسان. ولا يجوز باسم الشرعية الثورية أو باسم إرادة الشعب إلقاء الاتهامات على وجه الشيوع، أو إهدار مبدأ لا جريمة ولا عقوبة إلا بقانون، أو إهدار مبدأ شخصية الجريمة والعقاب أو اتخاذ إجراءات تعسفية. أقول هذا فى مناخ ثورى، وأقول هذا وأنا معارض لنظام مبارك على المستوى الشخصى، فقد كنت أول من رفع دعوى قضائية فى مصر ضد رئيس الجمهورية وضد وزير المالية السابق يوسف بطرس غالى ببطلان الجمع وضم وزارتى المالية والتأمينات الاجتماعية، لأن فيه تهديداً لأموال التأمينات، التى تبلغ أربعمائة مليار جنيه مصرى والقضية مجمدة أمام المحكمة الإدارية العليا برقم 24326/53 ق. ع. وأخيراً.. فإن عدم تقيد إرادة الشعب والشرعية الثورية فى ثورة 25 يناير بحقوق الإنسان هو التمهيد لنظام استبدادى جديد على نحو ما حدث فى ثورة 23 يوليو 1952.