عاجل: سعر البصل الأحمر اليوم فى سوق العبور للمستهلك اليوم الجمعة 3 مايو 2024    وزير الشباب والرياضة يتفقد معسكر يلا كامب بمدينة دهب    إنفوجراف| جامعات أمريكا تغضب لأجل فلسطين    الزمالك يفتقد 12 لاعبًا أمام سموحة.. شيكابالا وشلبي والمثلوثي الأبرز    الأمن العام يضبط 51 قطعة سلاح و35 كيلو مخدرات بالمحافظات    مصرع شخص في حادث انقلاب دراجة نارية بالفيوم    آمال ماهر في بداية حفلها بجدة: «سعيدة على الحفاوة الرائعة.. وحشتوني جدًا»    أحمد كريمة: الحجامة ليست سنة نبوية لكنها وصفة بيئية موجودة منذ ما قبل النبي    رئيس إسكان النواب: توجد 2.5 مليون مخالفة بناء قبل عام 2019    كيف يعاقب قانون العمل المنشآت الممنتعة عن توفير اشتراطات السلامة المهنية؟    خبير اقتصادي: "ابدأ" نجحت في إنشاء مشروعات تتوافق مع السوق المحلي والأجنبي    بعد محور جرجا على النيل.. محور يربط «طريق شرق العوينات» و«جنوب الداخلة - منفلوط» بطول 300 كم لربط الصعيد بالوادي الجديد    طب الفيوم تحصد لقب الطالبة المثالية على مستوى الجامعات المصرية    «التضامن» تبحث تنظيم وحوكمة دعم الأشقاء الفلسطينيين في مصر    الغضب بشأن غزة يخيم على فوز حزب العمال في الانتخابات المحلية البريطانية    من 100 سنة، مرسوم ملكي بحل أول مجلس نواب مصري بعد دستور 1923 (فيديو)    بمشاركة كوكا، ألانيا سبور يتعادل مع أنقرة 1-1 في الدوري التركي    أنشيلوتي يؤكد مشاركة نجم ريال مدريد أمام قادش    تفاصيل اجتماع رئيس الإسماعيلي مع اللاعبين قبل مواجهة فاركو    ردا على بيان الاهلي.. الكومي يكشف تفاصيل ما سوف يحدث في أزمة الشيبي والشحات    سبب رفض الكثير من المدربين فكرة تدريب البايرن    الوزراء: منظومة الشكاوى الحكومية تلقت 2679 شكوى بمخالفات مخابز    وظائف وزارة العمل 2024.. بالتعاون مع شركات القطاع الخاص    قتلا الخفير وسرقا المصنع.. المؤبد لعاطل ومسجل خطر في القاهرة    بعد غيبوبة 10 أيام.. وفاة عروس مطوبس تفجع القلوب في كفر الشيخ    "قطّعت جارتها وأطعمتها لكلاب السكك".. جريمة قتل بشعة تهز الفيوم    أخبار الأقصر اليوم.. تفاصيل لقاء قائد قطاع المنطقة الجنوبية لإدارة التراخيص والتفتيش ونائب المحافظ    الحزن يسيطر على ريم أحمد في عزاء والدتها بمسجد الحمدية الشاذلية| صور    «خفت منها».. فتحي عبد الوهاب يكشف أغرب مشاهده مع عبلة كامل    ياسمين صبري تخطف الأنظار بتمارين رياضية في «الجيم» | صور    "ربنا يتصرف فيكم".. فريدة سيف النصر ترد على الاتهامات في كواليس "العتاولة"    مصطفى بكري مدافعًا عن العرجاني: لعب دورًا وطنيًّا مشرِّفًا في سيناء    أجمل دعاء ليوم الجمعة.. أكثر من الصلاة على سيدنا النبي    حسام موافي يكشف علاقة الإسهال بالتهاب الأطراف لمريض السكر    حسام موافي يوجه نصائح للطلاب قبل امتحانات الثانوية العامة (فيديو)    «السمكة بتخرج سموم».. استشاري تغذية يحذر من خطأ قاتل عند تحضير الفسيخ (فيديو)    المؤتمر الدولي لكلية الألسن بجامعة الأقصر يعلن توصيات دورته الثالثة    برشلونة يوافق على انتقال مهاجمه إلى ريال بيتيس    المحكمة الجنائية الدولية عن التهديدات ضد مسئوليها: يجب أن تتوقف وقد تشكل أيضا جريمة    ضبط ربع طن فسيخ فاسد في دمياط    بالصور| انطلاق 10 قوافل دعوية    خدمة الساعات الكبرى وصلاة الغروب ورتبة إنزال المصلوب ببعض كنائس الروم الكاثوليك بالقاهرة|صور    رئيس قوى عاملة النواب يهنئ الأقباط بعيد القيامة    في تكريم اسمه |رانيا فريد شوقي: أشرف عبد الغفور أستاذ قدير ..خاص    المفتي: تهنئة شركاء الوطن في أعيادهم ومناسباتهم من قبيل السلام والمحبة    تنفيذ إزالة فورية لتعدٍّ بالبناء المخالف بمركز ومدينة الإسماعيلية    المقاومة الفلسطينية تقصف تجمعا لجنود الاحتلال بمحور نتساريم    في اليوم العالمي وعيد الصحافة.."الصحفيين العرب" يطالب بتحرير الصحافة والإعلام من البيروقراطية    المنتدى الاقتصادي العالمي يُروج عبر منصاته الرقمية لبرنامج «نُوَفّي» وجهود مصر في التحول للطاقة المتجددة    بقير: أجانب أبها دون المستوى.. والمشاكل الإدارية عصفت بنا    بيان عاجل من المصدرين الأتراك بشأن الخسارة الناجمة عن تعليق التجارة مع إسرائيل    ضبط 2000 لتر سولار قبل بيعها بالسوق السوداء في الغربية    التعليم العالي: مشروع الجينوم يهدف إلى رسم خريطة جينية مرجعية للشعب المصري    سموتريتش: "حماس" تبحث عن اتفاق دفاعي مع أمريكا    «الإفتاء» تحذر من التحدث في أمور الطب بغير علم: إفساد في الأرض    إصابة 6 أشخاص في مشاجرة بسوهاج    الفلسطينيون في الضفة الغربية يتعرضون لحملة مداهمات شرسة وهجوم المستوطنين    الغدة الدرقية بين النشاط والخمول، ندوة تثقيفية في مكتبة مصر الجديدة غدا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الفتى وائل غُنيم والشيخ طارق البشرى والثورة والدستور
نشر في المصري اليوم يوم 19 - 03 - 2011

الفتى هو المهندس وائل غُنيم، خبير تكنولوجيا المعلومات المصرى، فى شركة جوجل العالمية، يعيش خارج الوطن، ولكن تعلقه بمصر جعله مع حفنة من رفاقه، يُخططون ويُنفذون ثورة 25 يناير، التى هرع إلى تأييدها مليون مواطن فى القاهرة، وعشرة ملايين فى بقية مُدن ومحافظات مصر، وكانت ثورتهم هذه هى التى أجبرت الطاغية حسنى مُبارك على الاستقالة والرحيل إلى شرم الشيخ.
أما الشيخ طارق البشرى، فهو فقيه قانونى ومؤرخ فاضل، وينحدر من أسرة أزهرية، وأسند إليه المجلس العسكرى الأعلى رئاسة لجنة لتعديل الدستور، وتنقيته من مواده المعيبة، التى أرادت أسرة مُبارك أن تظل السُلطة مُتوارثة من الأب إلى أحد أبنائه.
ولكن الشيخ الذى قام برئاسة لجنة تعديل الدستور، بعد أعظم ثورات مصر، فى العصر الحديث، وضع نصاً فى إحدى هذه المواد المعيبة، يحرم وائل وملايين من أمثاله من الترشح لرئاسة الجمهورية، فقد اشترط التعديل ألا يكون المُرشح قد عاش فى الخارج، أو تزوج من أجنبية، أو كان أحد والديه غير مصريين، فوائل غُنيم تزوج من زميلة أجنبية أثناء دراسته العُليا وعمله فى الخارج،
ومأساوية هذه المُفارقة هى أن وائل يصغر طارق بحوالى خمسين عاماً، أى أنه فى عُمر أحفاده، وأن الشيخ طارق هو من جيل كان ثائراً، تنقل فى شبابه بين التيار الماركسى إلى التيار القومى العروبى، ثم فى أواسط ونهايات العُمر إلى التيار الإسلامى، ورغم كل هذه النقلات الأيديولوجية، لم يفلح جيل الدكتور طارق البشرى فى تفجير الثورة التى ظلوا يحلمون بها، طوال نصف قرن،
وحينما حقق جيل الأحفاد حلم الثورة، فها هو جيل الشيوخ، ينقضّ عليها، ويُحاول من خلال الدستور أن يحرمهم من أغلى ثمراتها، ألا وهى الحق الأصيل فى الترشح لمنصب رئاسى جليل.
إن هناك ستة ملايين مصرى يعيشون خارج مصر، ولكنهم مصريون بالوجدان وبالقانون، فحبهم لمصر لا يقل عن ذاك الذى يحمله المستشار طارق البشرى، والقانون يُعطيهم الحق فى ازدواج الجنسية، أى الاحتفاظ بجنسيتهم المصرية الأصلية مع أى جنسية أخرى قد يكتسبونها بسبب إقامتهم للعمل أو الدراسة فى الخارج، وليست مصر فى ذلك استثناء بين دول العالم، فمعظم هذه الدول تسمح بازدواج الجنسية، والتمتع بكل حقوق المواطنة فى البلدين، بما فى ذلك حق الانتخاب، وحق الترشح. هذا فضلاً عن أن الملايين الستة من المصريين هؤلاء يُساهمون فى الاقتصاد القومى بأكثر من خمسة مليارات دولار سنوياً، أى بما يوازى دخل مصر من قناة السويس والسياحة، دون أن يُكلفوا الخزانة المصرية أى أعباء خدماتية، مثل التعليم والصحة والمرافق، ودعم السلع التموينية.
فكيف والحال كذلك، يحرِم جيل الشيوخ، الذى يُمثله المستشار طارق البشرى، جيل الشباب الذى يُمثله المهندس وائل غُنيم، من المُشاركة الكاملة انتخاباً وترشحاً، لصياغة مستقبل مصر فى القرن الحادى والعشرين؟ وكيف والعالم كله - من الصين شرقاً إلى الأرجنتين غرباً- يحتفى بثورة اللوتس الشبابية المصرية، التى ألهمت هى وثورة الياسمين التونسية، شعوباً عربية أخرى للانتفاض من أجل الحُرية والديمقراطية، فى البحرين والأردن واليمن وليبيا والجزائر والمغرب، يُعطى شيوخ مصر وفقهاؤها الدستوريون هذا المثال من الجحود ونُكران الجميل، لأحفاد من شباب مصر؟
إن هذا الأمر لا يختلف كثيراً عما تعلمناه فى أسطورة «جزاء سنمار»، فبعد أن شيّد المهندس سنمار قصراً ملكياً يخلب الألباب، كافأه صاحب القصر بإلقائه من أعلى أبراج القصر، حتى لا يُشيّد قصراً مثيلاً لأى مخلوق غيره!
ولولا أنى أعرف المستشار طارق البشرى، شخصياً، وكم هو إلى جانب علمه، وديع ودمث الخُلق، لكنت قد استخدمت لُغة أشد قسوة، كما طلب منى المصريون فى الخارج، من أستراليا، وأوروبا، والأمريكتين، وكان بعضهم غاضباً للدرجة التى أصروا بها على إرسال مبعوثين منهم إلى مصر للالتقاء بالدكتور طارق البشرى، ومسؤولين آخرين، لتسجيل احتجاجاتهم على هذا الحرمان من حقوق أساسية، تُقرّها كل المواثيق العالمية، فضلاً عن دساتير بُلدان عربية مُجاورة، مثل السودان والعراق والكويت ولبنان، ولا نقول البُلدان الغربية.
لقد كتبت، فى هذا المكان منذ أسبوعين، أُحذر من إجهاض ثورة اللوتس الشبابية، التى أبهرت العالم بتنظيمها وسلميتها وصمودها فى وجه محاولات الترهيب والتخويف والالتفاف من جانب فلول النظام المُباركى، ولم يخطر ببالى وقتها أن الطعنة ستوجّه إلى الشباب من شيوخ مثل د. طارق البشرى.
إن تعديل الدستور بالشكل الذى قرأنا عنه فى وسائل الإعلام، هو فى جانب منه انعكاس لنفسية قديمة، غرستها الأنظمة الاستبدادية الشمولية، التى اعتمدت على إشاعة الخوف والهلع فى الداخل من مخاطر حقيقية أو وهمية، مصدرها «الخارج»، وبينما كان ذلك ينطوى على شىء من الحقيقة فى حقبة النضال ضد «الاستعمار»، قبل نصف قرن أو يزيد، فقد استعذب حُكامنا الطُغاة هذه المُمارسة، فظلوا يوهمون شعوبهم من «الاستعمار الجديد» أو من «أعوان الاستعمار» فى الداخل، فكان كل من يُعارض أو ينتقد المُمارسات الاستبدادية لهؤلاء الطُغاة، سرعان ما يُتهم بأنه من أعوان هذا الاستعمار.
وتغير الخطر الخارجى هذا من الاستعمار القديم.. البريطانى حيناً، إلى الفرنسى حيناً آخر، إلى السوفيتى حيناً ثالثاً، إلى الإسرائيلى حيناً رابعاً، إلى الشيعى الإيرانى حيناً خامساً، إلى النفطى السعودى حيناً سادساً، ولابد أننا عما قريب سنسمع عن الخطر «الصينى الأصفر»، والخطر «الهندى الأسمر»، وهلمّ جرّا.
وإنى لأربأ بالمستشار طارق البشرى وإخوانه فى لجنة تعديل الدستور، أن يكونوا قد وقعوا، بوعى أو لا وعى، فريسة لهذه المشاعر المرضية البالية، فجعلتهم يضعون نصوصاً تحرم ستة ملايين مصرى، يعيشون- يدرسون أو يعملون- بالخارج، من أى من حقوق المواطنة الكاملة، لقد أصبح العالم قرية كونية، لا يتحدد ولاء الإنسان «بالجغرافيا» وحدها (أى أين يعيش الإنسان)، ولكن أيضاً بالاختيار، والإرادة الحُرة، والرغبة فى المُشاركة فى بناء الأوطان.
وعلى الله قصد السبيل
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.
مواضيع ذات صلة