«إلى مزبلة التاريخ» هذه العبارة قالها كل من عانى وطالته أذناب «زبانية زوار الفجر». لقد أصبح القرار - الحكيم - بإلغاء جهاز أمن الدولة هو حديث الشارع، ففى كل بيت وكل شارع وكل حارة - على امتداد الوطن - توجد تفاصيل رواية مرعبة عما كان يفعله هذا الجهاز غير المأسوف عليه.. هنا أمٌّ لا تنقطع دموعها منذ أن خطفوا ابنها من بين أحضانها، بعد أن حطموا أثاث بيتها، لأنه أطلق لحيته وحضر درساً لأحد السلفيين، وهنا عروس بفستان الزفاف تلطم وجهها لأن نفس الزوار أخذوا عريسها ليلة الدخلة، لأنه أطلق لحيته ومن الذين يدخلون على مواقع الجماعات الإسلامية على شبكة الإنترنت، وهناك فى شقة مجاورة موظف وزوجته يجتران الحسرة لاستبعاد الزوج من وظيفته بسبب مواظبته على صلاة الفجر فى المسجد، أما «ميخائيل» فلم يستطع أحد أن يصل إلى مكان احتجازه، بعد أن أعلن ضجره لحرمانه من المنافسة على موقع قيادى فى عمله، و«حنا» ينتظر عودة ابنه الذى اختفى عشية الدعوة إلى مظاهرة ضد الفساد. لن أحكى لكم عن الحروب المرعبة التى كان يشنها هذا الجهاز ضد من أغضب النظام أو لم يرضخ لفاسد منه، ولن أكتب عن حالات الاغتصاب التى تعرض لها الوطن على أيديهم، التاجر يشاركه - رغم أنفه - مخبر أمن الدولة فى بضاعته - دون أن يدفع الأخير مليماً فى رأس المال - وصاحب الشركة يدفع أرباحاً شهرية.. ووضع اليد على أراضى الدولة والممتلكات الخاصة، فحدث عنه ولا حرج. وتتواصل عمليات فرض «الإتاوات» على كل أجهزة الدولة، لتصبح رواتب شهرية مدونة فى أوراق رسمية، يوقع أمامها ضباط الجهاز بالتسلم، وكأنه حق لهم، لم تسلم وزارة ولا هيئة إلا وركعت أمام هذا الوحش المرعب، فالتعيينات لابد أن يراجعها «الجهاز»، وإنشاء الجمعيات الأهلية، لابد من موافقة «الجهاز»، وعرض موضوع جاد فى التليفزيون يخضع لنفس المعايير، حتى الزواج، كان لابد من مباركة «أمن الدولة»، فالذين كانوا يخططون للصعود على سلالم النظام المخلوع كانوا يطلبون الرأى من أصدقائهم فى «الجهاز» حول شريكة العمر، حتى لا تكون عثرة فى طريقه. ولهذا الجهاز تاريخ طويل فى كسر أنوف المصريين، إذا حاولوا رفع رؤوسهم، فهناك من صوروه عارياً أو ارتكبوا جريمة اغتصاب ضد أخته أو زوجته أو أمه - أمام عينيه - وآخرون نفذوا معهم نفس الجريمة، وأحياناً اكتفوا بالاختطاف والتجريد من الملابس ثم تركوه عارياً فى الصحراء، أما الحرق والهدم والقتل والتدمير لتأديب الخصوم، فالسجلات مكتظة بالتفاصيل. لقد سقط الجدار الذى كان يحجب نور الحرية وهواءها، بقى أن يطبق رجال الشرطة مبادئ القانون وحقوق الإنسان، فلا يتم القبض أو الاحتجاز إلا حسب ما يقرره القانون، بقى ألا تُهاجم البيوت وتُقتحم حرمتها دون حق أو سند، بقى أن يكتب كل من عانى - ظلماً - من زبانية زوار الفجر شهادته ويتم تسجيل ذلك وتوثيقه، حتى تظل جرائم الجهاز البشعة وصمة عار لهم فى صفحات التاريخ. [email protected]