ربما لا يعلم الكثيرون أن القائد صلاح الدين الأيوبى صد أكبر حملة على سيناءوالبحر الأحمر، لقطع طريق حجاج بيت الله الحرام، عبر مصر، وذلك حين تعرض الحجاج لخطر كبير في عام (578ه / 1182م). ويقول الدكتور عبدالرحيم ريحان، مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمي بسيناء ووجه بحري بوزارة الآثار، الجمعة، إن تلك الواقعة حدثت حين فكر الأمير الصليبي أرناط (رينو دى شايتون)، أمير حصن الكرك، في توجيه ضربة حربية قوية لصلاح الدين، تستهدف إعادة السيطرة على قلعة «أيلة» في جزيرة فرعون، ثم الإبحار في بحر الحجاز، للوصول إلى موانئ الحجاز، وميناء عيذاب على البحر الأحمر، بهدف قطع طريق الحج المصري. وأضاف «ريحان» أن الحملة كانت في زمن الحج، للاستيلاء على مراكب التجار القادمة من اليمن، وتخريب الموانئ والنزول إلى البر المصرى لاختطاف ما في القوافل العابرة لصحراء مصر الجنوبية الشرقية، بين عيذاب وقوص، بل والوصول إلى الأراضى المقدسة في موسم الحج. وأشار إلي أن الأمير أرناط انتهز فرصة غياب صلاح الدين عن مصر ووجوده ببلاد الشام، ونجح في تصنيع السفن ونقلها إلى أيلة (العقبة حاليًا)، وبدأ بمحاصرة قلعة صلاح الدين بجزيرة فرعون بمركبين، بهدف تضييق الخناق على المدافعين بها بقطع المياه والمعونة حتى الاستسلام، وأما الفريق الآخر من سفن أرناط فقد اتجه لمياه البحر الأحمر لتنفيذ مهامها التخريبية في الموانئ المصرية والحجازية وعلى الطرق البرية القريبة. وتابع: «حين وصلت أخبار هذه الحملة إلى القاهرة عن طريق الحمام الزاجل والموجود له برج خاص بالقلعة، أمر نائب السلطان الملك العادل أبوبكر أيوب بإرسال حملة كبرى بقيادة الحاجب حسام الدين لؤلؤ، والذى أمر بعمارة مراكب في بحر القلزم (البحر الأحمر) وشحنها بالرجال وسار بها إلى أيلة ففك الحصار البحرى حول القلعة، وأحرق سفن الصليبيين وأسر من فيها من الجند وواصل الأسطول الأيوبى ملاحقة مراكب الصليبيين في البحر الأحمر، وحال دون تقدمهم في بلاد الحجاز وأسر من تبقى منهم على قيد الحياة مع إخلاء سبيل من أسر من التجار المسلمين ورد لهم ما أخذ منهم». وأكد «ريحان» أن الخلفاء المسلمين حرصوا على تأمين طريق الحج عبر سيناء، ففى 698 م أرسل الخليفة عبدالملك بن مروان، أموالاً مع أمير الحج من أجل إنفاقها على كل من تضرر من الحجاج، ولقد تضرر هذا العام حجاج الركب المصرى بسبب هطول أمطار غزيرة في طريق الركب، وفي عام 709م أمر الخليفة الوليد بن عبدالملك، بتمهيد طريق ركب الحجاج المصري. وأوضح أنه عام 781م أمر الخليفة أبوعبدالله محمد المهدي، صاحب البريد في مصر، بإقامة محطات للبريد في طريق الحاج المصري ووزع فيها البغال والحمير الخاصة بهذا الغرض. اشترك الآن لتصلك أهم الأخبار لحظة بلحظة