الحكومة اليابانية تقدم منح دراسية للطلاب الذين يرغبون في استكمال دراستهم    «أنصفه على حساب الأجهزة».. الأنبا بولا يكشف علاقة الرئيس الراحل مبارك ب البابا شنودة    النائب شمس الدين: تجربة واعظات مصر تاريخية وتدرس عالميًّا وإقليميًّا    تراجع عيار 21 الآن.. سعر الذهب في مصر اليوم السبت 11 مايو 2024 (تحديث)    زيادات متدرجة في الإيجار.. تحرك جديد بشأن أزمة الإيجارات القديمة    الزراعة: زيادة الطاقة الاستيعابية للصوامع لأكثر من 5 ملايين طن قمح    «القومية للأنفاق» تعلن بدء اختبارات القطار الكهربائي السريع في ألمانيا    الإمارات تستنكر تصريحات نتنياهو بالدعوة لإنشاء إدارة مدنية لقطاع غزة    بلينكن يقدم تقريرا مثيرا للجدل.. هل ارتكبت إسرائيل جرائم حرب في غزة؟    يحيى السنوار حاضرا في جلسة تصويت الأمم المتحدة على عضوية فلسطين    مجلس الأمن يطالب بتحقيق فوري ومستقل في اكتشاف مقابر جماعية بمستشفيات غزة    سيف الجزيري: لاعبو الزمالك في كامل تركيزهم قبل مواجهة نهضة بركان    محمد بركات يشيد بمستوى أكرم توفيق مع الأهلي    نتائج اليوم الثاني من بطولة «CIB» العالمية للإسكواش المقامة بنادي بالم هيلز    الاتحاد يواصل السقوط بهزيمة مذلة أمام الاتفاق في الدوري السعودي    المواطنون في مصر يبحثون عن عطلة عيد الأضحى 2024.. هي فعلًا 9 أيام؟    بيان مهم من الأرصاد الجوية بشأن حالة الطقس اليوم: «أجلوا مشاويركم الغير ضرورية»    أسماء ضحايا حادث تصادم سيارة وتروسيكل بالمنيا    إصابة 6 أشخاص إثر تصادم سيارة وتروسيكل بالمنيا    مصرع شاب غرقًا في بحيرة وادي الريان بالفيوم    النيابة تأمر بضبط وإحضار عصام صاصا في واقعة قتل شاب بحادث تصادم بالجيزة    عمرو أديب: النور هيفضل يتقطع الفترة الجاية    حظك اليوم برج العقرب السبت 11-5-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    رسائل تهنئة عيد الأضحى مكتوبة 2024 للحبيب والصديق والمدير    حظك اليوم برج العذراء السبت 11-5-2024: «لا تهمل شريك حياتك»    بتوقيع عزيز الشافعي.. الجمهور يشيد بأغنية هوب هوب ل ساندي    النجم شاروخان يجهز لتصوير فيلمه الجديد في مصر    رد فعل غريب من ياسمين عبدالعزيز بعد نفي العوضي حقيقة عودتهما (فيديو)    هل يجوز للمرأة وضع المكياج عند خروجها من المنزل؟ أمين الفتوى بجيب    الإفتاء تكشف فضل عظيم لقراءة سورة الملك قبل النوم: أوصى بها النبي    لأول مرة.. المغرب يعوض سيدة ماليا بعد تضررها من لقاح فيروس كورونا    «آية» تتلقى 3 طعنات من طليقها في الشارع ب العمرانية (تفاصيل)    تفاصيل جلسة كولر والشناوي الساخنة ورفض حارس الأهلي طلب السويسري    مران الزمالك - تقسيمة بمشاركة جوميز ومساعده استعدادا لنهضة بركان    نيس يفوز على لوهافر في الدوري الفرنسي    على طريقة القذافي.. مندوب إسرائيل يمزق ميثاق الأمم المتحدة (فيديو)    حكومة لم تشكل وبرلمان لم ينعقد.. القصة الكاملة لحل البرلمان الكويتي    انخفاض أسعار الدواجن لأقل من 75 جنيها في هذا الموعد.. الشعبة تكشف التفاصيل (فيديو)    هشام إبراهيم لبرنامج الشاهد: تعداد سكان مصر زاد 8 ملايين نسمة أخر 5 سنوات فقط    الطيران المروحي الإسرائيلي يطلق النار بكثافة على المناطق الجنوبية الشرقية لغزة    الخارجية الأمريكية: إسرائيل لم تتعاون بشكل كامل مع جهود واشنطن لزيادة المساعدات في غزة    الجرعة الأخيرة.. دفن جثة شاب عُثر عليه داخل شقته بمنشأة القناطر    تراجع أسعار الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم السبت 11 مايو 2024    حلمي طولان: «حسام حسن لا يصلح لقيادة منتخب مصر.. في مدربين معندهمش مؤهلات» (فيديو)    طولان: محمد عبدالمنعم أفضل من وائل جمعة (فيديو)    رؤساء الكنائس الأرثوذكسية الشرقية: العدالة الكاملة القادرة على ضمان استعادة السلام الشامل    هل يشترط وقوع لفظ الطلاق في الزواج العرفي؟.. محام يوضح    حج 2024.. "السياحة" تُحذر من الكيانات الوهمية والتأشيرات المخالفة - تفاصيل    وظائف جامعة أسوان 2024.. تعرف على آخر موعد للتقديم    جلطة المخ.. صعوبات النطق أهم الأعراض وهذه طرق العلاج    إدراج 4 مستشفيات بالقليوبية ضمن القائمة النموذجية على مستوى الجمهورية    زيارة ميدانية لطلبة «كلية الآداب» بجامعة القاهرة لمحطة الضبعة النووية    لتعزيز صحة القلب.. تعرف على فوائد تناول شاي الشعير    لماذا سمي التنمر بهذا الاسم؟.. داعية اسلامي يجيب «فيديو»    5 نصائح مهمة للمقبلين على أداء الحج.. يتحدث عنها المفتي    بالصور.. الشرقية تحتفي بذكرى الدكتور عبد الحليم محمود    نائب رئيس جامعة الزقازيق يشهد فعاليات المؤتمر الطلابي السنوي الثالثة    محافظة الأقصر يناقش مع وفد من الرعاية الصحية سير أعمال منظومة التأمين الصحي الشامل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«المصري اليوم» تفتح ملف سيناء: محاكمة «أمن الدولة» فى مذكرات معتقل سيناوى
نشر في المصري اليوم يوم 14 - 03 - 2011

هنا شمال سيناء.. بوابة مصر التاريخية وحامية الأمن القومى والحدود، معبر جيوش مصر إلى التوسعات قديماً.. ومعبر جيوش الغزو فى العصور التالية.. هنا شمال سيناء.. أرض القمر والخوف والملفات الشائكة، والأساطير والاتهامات.. هنا المخاوف الكبرى التى ظهرت أثناء ثورة 25 يناير.
«المصرى اليوم» تفتح ملفات قبائل العزازقة «البدون» المحرومين من الجنسية المصرية، وتروى حكاياتهم وعلاقاتهم بإسرائيل وحكايات المطاريد فى الجبل والمطلوبين أمنياً فى عهد النظام السابق، بسبب صدور أحكام بالمؤبد ضدهم.
كما تكشف الأسرار الخفية على الحدود المصرية الإسرائيلية، وملف تنمية سيناء، المهمل، ومشروع ترعة السلام بملياراته الضائعة، وحكايات أهالى سيناء عن الشرطة، ومدى إمكانية عودتها إلى الشارع مرة أخرى، وحكايات السلاح الذى لا يخلو منه بيت، واتجار البدو فى المخدرات، وتهمة التخوين التى يلقيها البعض عليهم وتلقيبهم ب«يهود سيناء».. تساؤلات كثيرة يجيب عنها هذا الملف.
الحلقة الثانية
«7 كيلومترات من مدينة الشيخ زويد إلى ميدان الجورة كانت كفيلة بأن يحدثنا مرافقنا عن أحداث الثورة، وشراسة ضباط أمن الدولة فى التعامل مع المتظاهرين، وكيف بدأوا بإطلاق الأعيرة النارية بشكل عشوائى لا يرحم، مما اضطر الأهالى وأبناء القبائل إلى الاستعانة بأسلحتهم للدفاع عن أنفسهم، وهو ما أعطى شكلاً خاصاً جداً للثورة فى سيناء، علماً بأن المنطقة لا تخلو من السلاح، وبعد الثورة والانسحاب المخزى للأمن، أصبحت سيناء معقلاً للسلاح، بكل أنواعه وعندما تقتربين من القبائل والبدو تشعرين لا محالة بأن هناك نوعاً من الراحة والهدوء يرتسمان على وجوههم، بل تفاجئين أيضاً بأن كل الخلافات القبلية قد انتهت، وبالطبع لديهم يقين بأن رجال أمن الدولة هم الذين كانوا يثيرون الفتن والضغائن بين القبائل وبعضها.
قطع حديثه مجموعة من الرجال الأشداء، استطعت أن ألمحهم من بعيد وقبل أن أسأل مرافقنا جاءتنى إجابته: ها نحن وصلنا إلى «ميدان الجورة»، سبقنا مرافقنا فى النزول من السيارة وأمرنا بالانتظار لدقائق.. لم يطل الأمر كثيراً.. لحظات وكنت أجلس على الأرض أو بمعنى أدق على القعدة العربى السيناوى.. وحولى المئات من الرجال الملتحين، الذين يرتدون الزى البدوى.
ساد الصمت للحظات ليست بقليلة، والعيون ترمقنى ربما بتوجس وربما بتساؤل، وربما أيضاً بانتظار لما سأطرحه عليهم من أسئلة.
اسمحوا لى أن أدخل فى الموضوع مباشرة ودون أى مقدمات.. ما هى حكايتكم.. ومطالبكم؟!
ساد الهرج والمرج للحظات وسرعان ما ساد الصمت وتكلم أحدهم قائلاً: سنتكلم نحن الثلاثة فقط، وأعتقد أننا مفوضون من الأهالى الموجودين للحديث معك.
هكذا بدأ ناصر أبوعرادة حديثه قائلاً: «نحنا مدركين جداً للخطر الذى يحدق بمصر فى هذه الأيام ولن نكون أبداً ذريعة لضرب هذا البلد.
ونحن كسيناويين نشد على أيادى الجيش، ونريد أن نغسل العار والذل والدمار، الذى خلفه نظام «العادلى ومبارك» ليس علينا فقط بل على مصر كلها.. ولكننا اكتوينا بقمع وحبس وظلم واتهام بالتخوين وعدم الولاء والوطنية وهذا ما نرفضه. لا يستطيع أحد أن يزايد على وطنيتنا، إحنا لُحمة واحدة من ميدان التحرير لميدان رفح.
هذا النظام الفاسد دبر لأشياء عديدة وأحداث هزت مصر، كان آخرها كنيسة القديسين، عندما نسب الأمر لجيش الإسلام فى غزة.. ونحن نقولها الآن عالياً إن من دبر أحداث طابا عام 2004 وأحداث شرم الشيخ 2009، كان أمن الدولة والعادلى وإخوانه وليس أبناء سيناء.. نحن انظلمنا كثيراً.. لذا نحنا هون، جلسنا بجانب القوة متعددة الجنسيات، لكى يصل صوتنا للقوات المسلحة بشكل سريع.
من يقل لك إننا جهلاء هو اللى جاهل.. نحنا شباب مثقف ومتعلم ووطنى وعارفين الصالح.
قطع الحديث أحمد جهينى، مدرس ثانوى، قائلاً: بعد 25 يناير أشياء كثيرة تغيرت.. لن نقبل برجل شرطة فى مفاهيمه أنه هو السيد والشعب عبيده، ولن نعود أبداً لنظام العادلى. أبناء سيناء مطلبهم الأول والأساسى هو تغيير استراتيجيات التعامل معهم، الكثيرون يظنون أننا من البادية وعبارة عن مجموعة من القبائل البدائية تعيش على الفطرة، وتربطها عادات وتقاليد ويحكمها قانون عرفى منغلقون على أنفسنا وعلى العالم الخارجى، والحقيقة أنها نظرة قاصرة جداً نحن لدينا وعى سياسى عال.. ونعرف حقوقنا وواجباتنا وتلك كانت مشكلتنا الأزلية مع حكومة مبارك ونظام العادلى، وما وصلنا إليه، التعامل الأمنى هو السبب فيه.. يا أختى العزيزة نحن شعرنا بأننا كبش الفداء الذى يضحون به كلما كان يحدث شىء فى البلد من تفجيرات مثل طابا أو شرم الشيخ، يكفى أن أقول لك إنهم أخذوا منا 5000 شخص فى يوم واحد، وإلى الآن أعداد غفيرة ملقاة فى السجون، بعض منهم محاكمات عسكرية، والآخرون معتقلو أمن دولة طوارئ.. هذا غير كل صنوف التعذيب والهوان.
كانوا يجمعون الناس ويربطون أيديهم ببعض بعقد من الحبال مثلهم مثل الأسرى تماماً، ويزجون بهم فى سيارات الشرطة والأقسام، والسؤال هنا: لماذا هذه الطريقة فى التعامل؟ إذا كان هناك واحد أو اثنان مخالفان للقانون حاسبهما لكن لا تحاسب أبناء سيناء كلهم ومن هنا بدأت الألسنة تردد عبارات مثل إن أيام الاحتلال الإسرائيلى ماتعملش فينا كده.
فجأة وجدت أحد الجالسين ينتفض من جلسته ويعطينى تليفونه المحمول ليقول لى هذا الصوت يحدثك من سجن الحراسة فى طرة.. على الفور التقطت الهاتف فجاءنى صوت سليمان عيد معتقل من عام 2005 بعد أحداث «دهب» تحدث قائلاً: «أنا مش عارف إحنا هنا بنعمل إيه، النظام سقط، هذا النظام الذى كان يتفنن فى تلفيق التهم الكيدية لنا، عاملونا معاملة الحيوانات فى السجون».
فجأة جاءنى صوت آخر يبدو أنه التقط منه سماعة الهاتف «محمد إبراهيم سلمان»: كله ظلم فى ظلم.. اعتقلونى بعد أحداث دهب وأخدت 4 إفراجات، وأمن الدولة بترجعنى تانى.. عذبونا وانكوينا.. أنا إيديه اتكسرت وودانى اتخرمت «قلعونى ملط» ووقفونى 10 أيام وجهى للحيطة وكهربونى، وحطوا بنزين وجاز على جسمى علشان الكهربا تبقى أقوى، ده غير كلاب الضباط اللى بيدخلوها تنهش فى أجسامنا.. حسبنا الله ونعم الوكيل.. إحنا عاوزين نطلع، حرام، إحنا ماعملناش لا دهب ولا طابا والله العظيم هم اللى وراها».
تليفون آخر أحضره لى أحد الجالسين فى ميدان «الجورة» يحمل صوت حمدان محمد حمدان فى سجن العقرب بطرة: «تم اعتقالى من الشيخ زويد فى 31/5/2006 وأخدت إفراجات من 3 سنين وماحدش سائل عنا.. إحنا حوالى 43 سجين فى سجن العقرب فى طرة منسيين ومضربين عن الطعام من 15 يوم. القوات المسلحة مشكورة أفرجت عن العديد من المساجين الجنائيين والمحكومين بأحكام عسكرية، طيب إحنا ماتحاكمناش إحنا معتقلين أمن دولة طوارئ.. وكله ظلم».
وانهالت التليفونات من يوسف سلامة وفؤاد صالح وهانى حسن راشد.. الآهات واحدة والصرخات تكاد تشق الهاتف لتقسمه نصفين.. ونحن لا نملك سوى أن ننقل تلك الآهات لنضعها أمام القوات المسلحة وهى المسؤولة عن كل صغيرة وكبيرة فى حياتنا الآن.. الناس لا تطلب المستحيل بل إعادة فتح تحقيقات وملفات أحداث شرم الشيخ وطابا ودهب.. تلك الأحداث الإرهابية التى على أثرها اعتقل أمن الدولة أهالى سيناء، الذين لاقوا صنوفاً من العذاب والمرار والتعذيب.
هكذا رحت أتحدث مع نفسى وشردت عما يقوله المعتصمون، وفجأة انتبهت سائلة: «صحيح أين شيوخ القبائل الذين كانت تعينهم المحافظة ليعبروا عن مشاكل كل قبيلة»؟!
ارتسمت الضحكات على الوجوه وأجابنى أحد كبار الجلسة قائلاً: طول عمرنا نحترم القضاء العرفى حتى فى أيام الاحتلال.. احترم الأهل قانون الاحتلال لكن النظام الفاسد أفسد شيوخ القبائل عندما أصبح الاختيار لهم بالتعيين وليس بالانتخاب، لذا فهم كانوا يخدمون النظام ولا يخدموننا، لذلك الآن طردناهم ولم تعد لهم أى قيمة ولا مرجعية.
يا سيدتى لدينا نقطة مهمة نريد أن نشير لها وهى أنهم كانوا متعمدين تشويهنا، فتارة يقولون عنا مهربى مخدرات وأخرى إرهابيين لا يخضعون للقانون وكلام هزلى عن أننا خونة وعملاء، وكله كذب وافتراء.. نحنا أشرف من أى رجل فى النظام السابق.. هم سرقوا مقدرات الوطن، ونحن دافعنا عنه.. نعم هم انسحبوا بفلولهم ولا يفعل هذا غير الجبناء وهم بالفعل جبناء وحقراء أيضاً، ونحن أبناء سيناء وقفنا كالصقور على الحدود بالسلاح لنحمى مصر.. نعم سيناء لا يوجد بها جيش طبقاً لمعاهدة كامب ديفيد، الذى كان يقوم بهذا الدور هو الشرطة وأمن الدولة، وعندما انسحبوا كالجرذان وقف كل الأهالى ورجال القبائل الأشداء بالسلاح على حدود مصر.. وإذا كان أحد سولت له نفسه أن يخطو خطوة واحدة فالجحيم كان فى انتظاره.
هم ضغطوا علينا أكثر من اللازم، هكذا قطع الحديث صوت فواز قائلاً: يعنى لما أكون راجل غلبان يعيش فى سيناء وحولى مصانع لرجال أعمال ومستثمرين بنوا قرى سياحية وكل هذا لا يعود علىّ بأى فائدة ولسه فى مكانى بحلب الناقة ومستنيها تولد علشان أروح أبيعها.. فى الحالة دى شوبدى أعمل، ولما يتكرم صاحب القرية السياحية يشغل أولادنا غفر ولا عمال نظافة.. لأ ويمنعهم من دخول قريته.. شوبدنا نعمل يعنى!! لأ وكمان خنقونا وحبسونا وظلمونا وقالوا علينا تجار مخدرات وسلاح وخونة!!
تركت «ميدان الجورة» فى الشيخ زويد، وانطلقت مسرعة إلى مدينة العريش بعد أن قال لى مرافقنا بأن المظاهرات على أشدها فى ميدان الحرية، التى تتعلق أيضاً بالمعتقلين السياسيين.
ربع ساعة كانت كفيلة بأن تجعلنا فى الميدان الذى شهد هو الآخر مواجهات عاتية بين رجال الأمن وأبناء العريش فى أحداث الثورة بل وسقوط العديد من الشهداء أيضاً.
معظم اللافتات كانت تطالب بالإفراج عن محمد رباع وصالح سليمان وغيرهما كثيرون.. وهم من المعتقلين على خلفية أحداث طابا وشرم الشيخ أيضاً.
الصدفة كانت جيدة عندما جمعتنى بالأخ الأصغر لمحمد رباع الذى استفاض فى الحديث عن مهازل غزو أمن الدولة برجاله الملثمين عقب أحداث طابا لمدينة العريش، وتحديداً فى قلب كل البيوت وسحب كل من فيها سواء رجالاً أو نساء غاب رجالهن، فقاموا بتعذيبهن بالكهرباء على أجسادهن وفى مناطق حساسة من أجل الإرشاد عن أماكن أزواجهن.
أيمن رفعت سليمان، شق الجلسة متحدثاً بصوت عال: «أنا من الوادى يعنى مغترب مش من أبناء العريش، باشتغل سواق وكان راكب معايا واحد فلسطينى ليس لديه أوراق دى كل تهمتى، اتاخدت على جهاز مدينة نصر اللى بيسموه (بيت العيلة) وقبل ما أنزل من العربية عملوا لى حفلة استقبال، دخلوا لى وهات يا ضرب وتلطيش بعدها وقفت 4 أيام متغمى وعريان وبعدها 3 أيام قاعد على ركبى، نسونا أسامينا ما، هو أصل كل واحد فينا بياخد رقم وينادونا بيه، وبعدين كتفونى وقعدونى على العروسة ودى تشْبح، أما عن جلسات التعذيب بالكهرباء ماتعديش فى اليوم الواحد.. كل ده علشان أعترف إنى بشتغل فى تهريب السلاح.. من كتر التعذيب قلت له يا باشا اكتب اللى انت عاوزه وأنا راضى، وده غير الإهانات والسب وقلة الأدب.
وكما كان يحدث معى فى الشيخ زويد من التليفونات التى تنهال علىَّ من السجون حدث بالضبط فى العريش.. فها هو صوت سيد صلاح عاشور الذى أصابنى حديثه فى مقتل والذى سأنقله إليكم بالحرف.
كان عندى مكتب توزيع فى مجال الأعشاب والأدوية أخذونى دون أى وجه حق وأنا معتقل من 7 سنوات.. كل الحكاية إنى ملتزم وبصلى فى الجامع، مفيش تهمة أنا أتاخدت من الشارع لما كانوا بيلموا فى الناس الملتحين.. والله العظيم أنا مش عارف أرفع راسى لأنى مصرى.. الناس فى التحرير بتقول ارفعها لأنك مصرى وأنا مش قادر. مش حاسس بطعم أى حاجة، وعلى قد فرحتى بالثورة على قد ما أنا حاسس بالإحباط أنا هنا ليه، وضيعوا عمرى ليه، وحتى لما أطلع هعمل إيه، خربوا بيتى وكفّرونى حتى الصلاة ماعدتش عاوز أصليها أستغفر الله العظيم.. تصدقى أنا النهارده بس قبل ما أكلمك طلعت لمأمور السجن وقلت له أنا عاوز أتنازل عن جنسيتى، قال لى ليه قلت له: إنتم ذلتونا.. ماعدش لنا قيمة. قال لى إحنا مالناش دعوة الدولة هى اللى عملت فيكم كده.. قلت له.. أنا لو معايا الجنسية الإسرائيلية هتمشونى.. والله لو الواحد ماعندوش جنسية يبقى أحسن.
حرام عليهم ده أنا علامات التعذيب على جسمى لسه.. أمن الدولة دول كانوا جبروت وإحنا متابعين وعارفين إيه اللى بيحصل وموضوع الفتنة اللى بره ده بين المسيحيين والمسلمين هم اللى عاملينه.. هى دى طريقتهم.. كرامتهم راحت.. فلازم ينتقموا.. ارحمنا يا رب.. ارحمنا..!!»
أغلق الرجل سماعة الهاتف وهو يبكى بحرقة بل أيضاً.. «بنهنهة»..!!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.