لا يخلو البيت المصري منهما في رمضان، سواء كان هذا البيت فقيرا أو غنيا، فهما الطبقان الأشهر على المائدة الرمضانية المصرية، إنهما «الكنافة» و«القطائف». الدقيق الممزوج بالماء يتشكل ليكون «الكنافة» و«القطائف»، فتكون الكنافة على شكل شعيرات طويلة تسقى بالعسل بعد تمام نضجها، في الوقت الذي تكون القطايف على شكل دائرة صغيرة مخملية الملمس، وتقلى بالزيت بعد حشوها وتسقى بالعسل. معاوية بن أبي سفيان كان أول من تناول الكنافة كوجبة طعام، خلال زمن ولايته للشام، كطعام للسحور تمنع عنه الجوع الذي كان يشعر به، بحسب أشهر الروايات، الذي ذهبت بعضها إلى أنه صنعها بنفسه، وأطلق عليها لقب كنافة معاوية. انتقلت بعدها الكنافة إلى مصر واتخذت مكانتها بين أنواع الحلوى التي ابتدعها الفاطميون، ومن لا يأكلها في الأيام العادية، لابد أن يتناولها خلال شهر رمضان، وأصبحت من العادات المرتبطة بالشهر في العصور الأيوبي والمملوكي والحديث والمعاصر، باعتبارها طعاماً لكل غنى وفقير مما أكسبها طابعها الشعبي. أما القطائف، فعرفت في العصر العباسي، ويتفنن المصريون في صناعتها بإعداد فرن صغير مرتفع عن الأرض بحوالي مترا، يوضع عليه صينية من حجر الزهر، كما يُستخدم أيضاً حلة ومصفاة للعجين وكبشة ومقطع (سكينة الحلواني) لرفع أقراص القطايف بعد تسويتها. الكنافة والقطائف يتنافسان على المائدة الرمضانية في مصر، ولا يخلو يوم في بيوت الأغنياء أو الفقراء إلا به الصنفين أو احداهما، باعتبارهما أحد الطقوس الرمضانية التي لا غني عنها بعد الإفطار مباشرة، أو عقب صلاة التراويح. وتنتشر صناعة الكنافة والقطائف في أرجاء مصر ريفاً وحضراً، ورغم دخول التكنولوجيا الحديثة في صناعتهما، إلا أن قطاعا ليس قليلا من المصريين لا يزال يحب تناول تلك المصنوعة يدويا دون تدخل من الأفران الجاهزة. والكنافة ثلاثة أنواع: الأول يُسمى «شعر»، وذلك لخيوط الكنافة الرفيعة تمامًا مثل الشعر، وهو الأشهر لربات البيوت، والثاني «كنافة يدوي» وهي التي تعتمد على الطريقة التقليدية من خلال الوعاء ذي الثقوب وهي المفضلة عند قطاع غير قليل من المصريين، ويُطلق عليها «كنافة بلدي»، أما النوع الثالث والذي تُستخدم فيه الآلة ويُطلق عليها «كنافة ماكينة». في الوقت الذي يوجد نوعان من القطائف: الأول «عصافيري» وهذا النوع يستخدم في الطعام المحلَّى فقط، ويتم حشوه بالسوداني أو المكسرات والسكر حسب المقدرة بين الأغنياء والفقراء، ويوضع في الشربات، والثاني وسط أو كبير وغالبا ما يستخدمهما في الطعام المملح، إما عن طريق حشوها بالجبن أو اللحم المفروم والخضار. ويقول أحد أشهر صناع الكنافة والقطائف، في منطقة السيدة زينب أنه «ورث هذه المهنة عن آبائه وأجداده، ويعمل فيها طول العام، إلا أن موسمه الحقيقي الذي يحقق فيه ربحا حقيقيا يكون في شهر رمضان، نظرا لارتباط هذه الأصناف بالمأكولات في هذا الشهر». ويشير إلى أن «مكسبه ليس كبيرا، خاصة في ظل ارتفاع الأسعار وتكلفة العمالة«، إلا أنه عاد ليؤكد أن»الإقبال الكبير في هذا الشهر يعوض هذه التكلفة».
