انتقدت 29 منظمة حقوقية، النسخة الأخيرة من مشروع وزارة التضامن الاجتماعي لقانون الجمعيات الأهلية، واعتبرتها «تشكل انتهاكًا صارخًا للدستور ولالتزامات مصر الدولية، وستؤدي حال إقرارها لتجريم عمل الجمعيات، وجعلها خاضعة لسيطرة الحكومة والمؤسسات الأمنية». وطالبت المنظمات، ومنها «مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، والاتحاد النسائي المصري، والائتلاف المصري لحقوق الطفل»، في بيان مشترك لها الأربعاء، رئيس الجمهورية بعدم اعتماد هذا المشروع، أو أي مشروع قانون آخر «يتعارض مع الدستور والتزامات مصر الدولية». وأشار البيان إلى أنه سبق وأن أدى تمرير «قانون التظاهر» في نوفمبر 2013 إلى «سجن عدد من أبرز النشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان لمدد تصل إلى 15 عامًا»، وأنه في حال اعتماد مشروع قانون الجمعيات الأهلية «فإنه سيؤدي إلى حبس الحقوقيين المستقلين في مصر لفترات تصل إلى 15 عامًا أيضًا». وأوضح البيان أن عددًا من المنظمات تلقت دعوة من الاتحاد العام للجمعيات والمؤسسات الأهلية تحت رعاية وزيرة التضامن الاجتماعي لحضور الحوار المجتمعي حول مشروع قانون جديد للجمعيات والمؤسسات الأهلية، 26 يونيو الماضي، بمقر الوزارة، مضيفًا «وعلى الرغم من أن الوزارة شكلت في يوليو 2013 لجنة شارك فيها عدد من المنظمات الموقعة، أعدت مشروع أفضل نسبيًا مقارنةً بكل ما طرحته الحكومة من قبل، وكان يمكن البناء عليه بغرض تحسينه وليكون أكثر اتساقًا مع المعايير الدولية، إلا أنه يبدو أن إعداد الحكومة لهذا المشروع لم يكن بغرض إصداره، وإنما لتحسين صورتها لدى المجتمع الدولي». وتابعت المنظمات في بيانها «عرض الوزير الدكتور أحمد البرعي، وزير التضامن الاجتماعي السابق، المشروع على المفوضة السامية لحقوق الإنسان، كدليل على نية الحكومة التي تشكلت بعد عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي، للتحول الديمقراطي وتعزيز دور المجتمع المدني». وأكد البيان أن المنظمات قدمت العديد من المقترحات بما في ذلك مشروع قانون بديل للقانون الحالي «84 لسنة 2002»، فضلًا عن تقديمها مقترحات قانونية وتحليلات لعدد من مسودات القوانين التي طرحت بعد 25 يناير 2011، من أجل لفت انتباه المشرِّعين وجهة الإدارة ممثّلة في وزارة التضامن الاجتماعي، إلى المعايير الدولية وأفضل الممارسات الدولية والعربية في هذا المجال. وأضاف البيان «بات من الواضح بعد قراءة مدققة لمشروع الوزارة لعام 2014، رغبة الحكومة في السيطرة التامة على المنظمات الأهلية، وتحويلها من منظمات غير حكومية إلى كيانات شبه حكومية خاضعة للأجهزة الأمنية والإدارية، وتجعل الحكومة هي المدير الفعلي لها». ونوهت المنظمات إلى أن الحكومة «تعاقب على مخالفة بعض أحكام القانون بعقوبات الحبس لمدد تصل إلى 15 عامًا، والغرامة التي لا تقل عن 100ألف جنيه»، معلقة بقولها «مما يدل على أن المشكلة ليست في عدم معرفة كيفية صياغة قانون حر للجمعيات، بل في انعدام الإرادة السياسية لدى الحكومة والجهات الأمنية لتحرير العمل الأهلي المستقل، والرغبة في تقويضه في الوقت نفسه». واعتبر البيان أن مشروع القانون الجديد «يسعى لوضع المنظمات الأهلية تحت المراقبة اللصيقة والتحكم في نشاطها، ضاربًا عرض الحائط بنص المادة 75 من دستور 2014، والتي تقضي بأن تعمل الجمعيات الأهلية بحرية»، وأن هذا التفكير «يعكس نظرة الحكومة إلى الجمعيات الأهلية على أنها مكاتب يجب أن تعمل تحت سيطرة الحكومة، بل ويجب أيضًا أن تديرها بشكل غير مباشر». ولفت البيان إلى أنه «من المقرر أن تخضع مصر لآلية الاستعراض الدوري الشامل بالأمم المتحدة في شهري أكتوبر ونوفمبر المقبلين، في الوقت الذي تسعى خلاله لإقرار مشروع قانون الجمعيات الأهلية الجديد، الذي يتعارض تمامًا مع التعهدات الدولية التي بادرت بها مصر وقطعتها على نفسها، أو التوصيات التي قبلتها مصر في الدورة الأولى من الاستعراض في 2010». وأوضح أن «الحكومة تعهدت من تلقاء نفسها بتنقيح قانون المنظمات غير الحكومية بما يقلل من دور الإدارة ويمنح تلك المنظمات استقلاليتها، وقبلت توصيات بأن تضمن الدولة حرية تكوين الجمعيات وتعدل القانون 84 لسنة 2002 (قانون الجمعيات والمؤسسات الأهلية)، ووضع إجراءات بسيطة وسريعة وغير تمييزية ولا تخضع لتقدير السلطة الإدارية عند إنشاء المنظمات غير الحكومية، وأن تكون متفقة مع معايير حقوق الإنسان». وحذر البيان من أن تمرير مشروع القانون «سيضم مصر إلى قائمة الدول التي تعاني من أسوأ تشريعات للمجتمع المدني في العالم، مثل أثيوبيا وإسرائيل والصين وبيلاروسيا، وينفي كافة مزاعم التحول الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان التي تدعيها الحكومة المصرية».
