سوريا..النزاع يحصد الورد ويزرع الشوك

«تعددت الأسباب والموت واحد» عبارة وحدها كافية لتوصيف حال الأطفال السوريين، الذين باتوا أكثر الفئات تضرراً ومعاناة جراء النزاع الدائر فى بلادهم منذ ما يقرب من 3 سنوات، فإن لم يلقوا حتفهم من قصف بيوتهم أو مدارسهم أو المستشفيات التى يعالجون فيها، طالتهم أيدى الأطراف المتنازعة على حد سواء بالقتل أو التعذيب أو الاختطاف أو العنف الجنسى، أو التجنيد القسرى للمشاركة فى العمليات العسكرية.
ومنذ اندلاع الأزمة السورية فى مارس 2011، لقى أكثر من 10 آلاف طفل مصرعهم بسبب استخدام القوات الحكومية والميليشيات المرتبطة بها أساليب قتال عسكرية عشوائية، يضاف إلى ذلك اعتقال هذه القوات للأطفال واحتجازهم تعسفيا وتعذيبهم أو استخدامهم دروعا بشرية فى العمليات البرية، فيما جندت المعارضة المسلحة الأطفال واستخدمتهم فى عمليات القتل أو أداء مهام الدعم.
ومن واقع الأزمة السورية، يتضح أن الأطفال الذى يعيشون بمفردهم فى أماكن الصراع بعد خسارة ذويهم أو اضطرارهم للهروب من المنزل أو النزوح بمفردهم إلى مكان آمن، دون أى احتكاك مع المدارس أو العائلات، هم بشكل خاص أكثر عرضة للالتحاق بالعصابات المسلحة. أما بالنسبة للمهام الموكلة للأطفال المجندين فى سوريا، فهم عادة ما يشكلون القوة العاملة، إذ يعملون على تأمين الخدمات المنزلية، والتجسسية، وكمراسلين وكحراس، إضافة إلى مشاركتهم بالقتل كما أظهرت الفيديوهات الكثيرة.
وحدد تقرير الأمم المتحدة عن (وضع الأطفال فى النزاع المسلح فى سوريا)، الشهر الماضى، المرتكبين للانتهاكات الجسيمة ضد الأطفال، فى قوات النظام السورى والميليشيات المرتبطة بالحكومة مثل الشبيحة واللجان الشعبية (قوات الدفاع الوطنى). كما شمل التقرير الجماعات المسلحة الكردية، والجيش السورى الحر، و«جبهة النصرة» و«أحرار الشام»، وتنظيم الدولة الإسلامية فى العراق والشام (داعش)، وغيرها من الجماعات المسلحة المستقلة أو غير المعروفة. ووفقا للمقابلات التى تضمنها التقرير مع عدد الأطفال وذويهم، فإن فقدان الآباء والأقارب والتعبئة السياسية والضغوط الممارسة من الأقران والأسرة والمجتمع أسهمت فى اشتراك الأطفال فى جماعات تابعة للجيش السورى الحر. وذكر كثير من الصبية أنهم شعروا أن «من واجبهم الالتحاق بالمعارضة». ووفقا للتقرير تم تسجيل حالات تدريب لفتيان تتراوح أعمارهم من 12 إلى 17 عاما وتسليحهم واستخدامهم كمقاتلين أو حراس فى نقاط التفتيش. وامتد الأمر إلى تجنيدهم أو محاولة ذلك فى تجمعات مخيمات اللاجئين فى الدول المجاورة وخاصة من الجماعات ذات الصلة بالجيش السورى الحر أو الجماعات المسلحة الكردية. ووفقا للأرقام المعلنة من الأمم المتحدة، فهناك ما يقرب من مليون طفل لاجئ خارج الحدود السورية. وقال الأمين العام للأمم المتحدة بان كى مون إن «المعاناة التى تكبدها الأطفال فى الجمهورية العربية السورية منذ بدء الصراع كما يوثقها هذا التقرير لا توصف ولا يمكن قبولها». وأكد الأمين العام أن «نقص التعليم وفرص العمل وضغوط الأقران عوامل رئيسية تؤدى إلى تجنيد الأطفال». ولم ترد للأمم المتحدة تقارير تفيد بالتجنيد الرسمى للأطفال على أيدى القوات الحكومية، لكن وردت تقارير عن قيام الجنود وأفراد الميليشيات المؤيدة للحكومة بترهيب شبان صغار، بعضهم دون الثامنة عشرة، كى ينضموا إليهم عند حواجز التفتيش وخلال المداهمات فى المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة والمناطق التى يتنازع الجانبان السيطرة عليها.