نعم نحن المصريين شعب طيب و قلبه أبيض وهذا أمر يقر به الداني و القاصي و لكن للأسف حاول كثيرون اللعب على هذا الوتر من باب أن الطيبه ما هي إلا نتاج سذاجه و قلة وعي و بالتالي يسهل استغلال أصحابها لخدمة أهدافٍ سواء كانت تلك الأهداف مشروعة أو غير ذلك ... و إذا عدنا بالذاكره إلى أحداث كثيرة في الماضي فسوف نستطيع أن نرصد هذه الصوره من خلال العديد و العديد من الوقائع و الأحداث التي كان أبطالها رجال دولة و سياسيين و إعلاميين و شخصيات عامة لعبوا أدوارهم باحترافية يحسدون عليها ، و لكنهم في خضم هذا النجاح المذهل من الكذب و التدليس نسوا أن السحر لابد و أن ينقلب على الساحر يوماً ما... إن الطيبة و الشهامة هي أجزاء أصيلة من المكون المصري إلا أنها لم تكن أبدا دليل سذاجة أو بله ، و حتى لو برزت أحياناً بعض الملامح الدالة على شيء من ذلك فما هي إلا بعض القشورالسطحيه التي جاءت نتاج إفرازات مرحلة حاول قادتها و رموزها الاستهانة بهذا الشعب ، و لكنه مهما امتدت تلك المرحلة و تراكمت تلك الإفرازات فإن التاريخ يؤكد أنها لم و لن تقدح في المعدن الأصيل لهذا الشعب و لن تغير من معالم تكوينه و لذا فإن عمليات التطهير و إزالة تلك العوالق سوف تكون كما هي عادة هذا الشعب مثالاً يحتذى . أقول هذا الكلام من باب وضع الإطار الذي من خلاله نستطيع تحليل الأحداث و استشراف المستقبل... لقد قامت الآله الإعلاميه و الدعائية للنظام السابق على صنفين من البشر ، الأول هو عبارة عن أناس يتمتعون بقدر معقول من المهنية و لكنها وحدها لا تكفي لتلبية أطماعهم فكان من السهل على النظام توظيفهم كيفما شاء و بالتالي فقد قرروا أن يبيعوا أنفسهم للنظام بشكل فج في سبيل تحقيق مآربهم و أطماعهم غير المشروعه... أما الصنف الثاني فهم أشخاص وضعتهم طبيعة عملهم أو حتى بعض مجريات الأحداث في إطار الشخصيات العامه في حين أن مخزونهم الثقافي المنعدم و الضحاله الفكريه التي يتمتعون بها لا تؤهلهم لأن يتحدثوا في الشأن العام ، إلا أن النظام رأى فيهم عكس ذلك ، رآهم تربة خصبة لزرع أفكار و توجهات او حتى تصورات عن أشخاص أو سياسات بما يخدم النظام ليقوموا بدورهم بنشرها بين الناس دونما الحاجه لتوجيهات مسبقة فهم يقومون بذلك في إطار من حب الظهور و الطنطنة بما لا يعلمون أو حتى إحساس بالمسؤولية تجاه جماهير ظنوا أنها بحاجة إلى توجيه من أمثالهم!! و في مناخ كان يتم فيه التضييق على أصحاب الرأي الحر و أهل الخبره و ذوي الرأي و المشورة ، يتعملق هؤلاء الأقزام في نظر أنفسهم و أنظار كثير من العامة و يصيبهم كبر يمنعهم من مجرد الاعتقاد بإمكانية أن تنكسر هذه الصورة الوهمية و للأسف ينتقل هذا الشعور إلى بعض الجماهير الذين يرفضون فكرة كونهم مغيبين إلى مثل هذه الدرجه المهينة خاصة بعد أن تبدأ قشور المرحلة بالتساقط و تتهاوى معها الكثير من المسلمات تحت أضواء الحقيقة التي تغذيها شموس الحريه... إننا إذ نعيش هذه الفترة الانتقالية بما يعتريها من غموض الرؤية لدى البعض في حين نجدها واضحة جلية لدى آخرين و في خضم أصوات تتعالى باتهامات من قبيل محاكم التفتيش و تخوين متبادل و تصنيف الناس إلى عملاء أو جُهَّال أو مغيبين ، في خضم ذلك كله قد نعتقد أن يكون رجل الشارع في حالة من عدم الاتزان تجعل قدرته على تقدير الأمور مشوشه فالظرف استثنائي و الضغوط كثيرة ، إلا أن حواراً على مقهىً متواضع في حي شعبي من شأنه أن يثبت العكس ، فالمعدن الأصيل لهذا الشعب بدأ يبرز إلى السطح و الحكم على الأمور غدا سلساً بسيطا بعيدا عن تعقيدات مختلقه و فلسفات مُصطنعة و تأتي الإجابة على ذلك كله في جملة واحده "يا بيه الراجل تعرفه بمواقفه مش بلبسه و كلامه الشيك" صح ، ما نحن بحاجة إليه هو أن ننزع الأسماء و الأشخاص و التفاصيل غير المهمه عن الأحداث لنقيمها بشكل مجرد و حينها سيكون لهذه الأحكام مصداقية مضاعفة ، و إن لم تكن مصداقية كاملة فالكمال لله وحده و لا يدعيه إلا جاهل فإنه يبقى الوعد الإلهي " فأما الزبد فيذهب جفاء و أما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض"... و عليه فهذا هو الخط الذي يجب علينا عدم الحياد عنه خاصة في هذه المرحلة الانتقالية بأن نطهر وعينا مما قد يؤثر على أحكامنا سواء كان تحت بند الأقوال المرسة أو الحكم على النوايا فكل ذلك يجب أن يختفي من على ساحة الحوار باعتباره سفسطة لا قيمة لها ، وحينها سنرى الوجه الحقيقي للشخصية المصرية الطيبة الشهمه و ستضمحل كل ما اعتراها من آثار السذاجة...