لا أحد يستطيع أن ينكر أن ما أصاب جهاز الشرطة آلمنا جميعاً، ولا أخفى سراً إذا قلت إن والدى الذى أفنى حياته فى خدمة هذا الجهاز ازداد عليه المرض وهو طريح الفراش بسبب ما حدث لجهاز الشرطة، ولابد أن أذكر أن جهاز الشرطة هو أخى الأكبر الذى تربيت وكبرت معه بحكم عمل والدى، نعم كان جهاز الشرطة بكل درجاته هو ابنه الأكبر، ثم نأتى أخى وأنا بعده فى الترتيب لذلك فقد عرفت هذا الجهاز عن قرب من أول طلبة كلية الشرطة وحتى أعضاء المجلس الأعلى للشرطة، كان هذا فى منتصف الثمانينيات من القرن الماضى حين خرج والدى من العمل العام، ورغم ذلك ظلت العلاقة بيننا وبين أعضاء جهاز الشرطة قوية ولا أبالغ إن قلت عنها إنها كانت أنقى وأطهر. لذلك فقد كنت أستمع لكل ما يعانيه هذا الجهاز العظيم فى السنوات القليلة الماضية رغم وجود العديد والعديد من الضباط الشرفاء والمحترمين. لعل هذه الثورة بداية لتنقية هذا الجهاز العظيم وعودته لأداء دوره الوطنى والبعد عن أى أدوار سياسية. إن احترام جميع أطياف الشعب المصرى يجب أن يأتى على رأس أولويات الجهاز من الآن فصاعداً، وأكاد أجزم أن السواد الأعظم من الضباط الذين لايزالون فى الخدمة قد رأوا أن السياسة لا ترحم وأنه لا قلب لها، وأكاد أجزم أيضاً أن جميع الضباط قد استوعبوا الدرس وأنه لا جدوى من الوقوف أمام إرادة الشعب وأن ضباط الشرطة وجنودهم أول الخاسرين الذين تمت التضحية بهم. لعل ما كان يحدث فى الفترة الأخيرة داخل جهاز الشرطة من التنكيل بالضباط الشرفاء جعل بعضهم يؤثر السلامة والسكوت على ما يراه، غير أن ما حدث سوف يجعلهم يراجعون هذا الموقف. وإنى على يقين أن جهاز الشرطة الآن على بينة من أن الشعب هو مصدر السلطات، وأن الشرطة لن تسمح بتصدير المواقف السياسية لتنحصر فى مواجهات أمنية يكون إخوتى من أسرة الشرطة هم الخاسرين والضحايا فيها.
