تحيى تونس اليوم ذكرى الأربعين لوفاة رجل السينما الطاهر الشريعة، حيث يجتمع عدد كبير من أصدقاء وتلاميذ الأب الروحى للسينما التونسية والسينما العربية والأفريقية فى تونس العاصمة، وتحضرها المخرجة المصرية الكبيرة عطيات الأبنودى. كنت أتمنى حضور الذكرى، ولكن ارتباطى برئاسة لجنة تحكيم مسابقة المهر الإماراتى فى مهرجان دبى الذى افتتح يوم الأحد، ويستمر حتى الأحد القادم، حال دون ذلك، وقد أهديت إلى اسم صديقى الراحل كتابى الذى أصدره مهرجان دبى باللغة الإنجليزية بعنوان «مدخل إلى السينما العربية». وفيما يلى مقتطفات من الكلمة التى سوف تلقيها عطيات الأبنودى اليوم فى الذكرى: كنت من المحظوظين الذين عرفوا الطاهر الشريعة، وقصة صداقتنا ترجع إلى عام 1972، تبادلنا الرسائل ولكننا لم نلتق فى الحياة، إلا عام 1985 فى مهرجان واجادوجو، ثم كنت من المحظوظين الذين التقوا به، واستمتعت بحديثه قبل رحيله مرتين عام 2010، مرة فى تظاهرة «هرجلة» السينمائية فى شهر أغسطس، والمرة الثانية فى تظاهرة أيام قرطاج السينمائية، حيث تم تكريمه وطالعنا على المسرح البلدى بخطابه الجميل كأنه يعرف أنه يودعنا. يبدو لى الآن عندما أستعيد المشاهد المهمة التى أثرت فى حياتى كسينمائية، أجد أنها تبدأ مع أول دعوة لحضور مهرجان قليبية للسينمائيين الهواة عام 1971، مع أول فيلم من إخراجى «حصان الطين»، كان اسم الطاهر الشريعة كثيراً ما يتردد على لسان شباب السينمائيين التونسيين من أعضاء اتحاد نوادى السينما، وفى هذا الوقت حلمت بأن ألقى هذا الرجل الذى أسس مهرجان قرطاج السينمائى، والذى تحمس لكل السينمائيين العرب، وحلمت بأن يأتى اليوم الذى أشارك فيه بأحد أفلامى فى هذا المهرجان. باريس فى 1971، حيث ألتقى بالباحث الاجتماعى التونسى الدكتور الحبيب عطية فى منزل جينيفييف وجانى، كنت قد تعرفت بهما فى قليبية، ويذكر لى الحبيب عطية أنه سمع عنى من صديقه الطاهر الشريعة، وتساءلت كيف لمدير مهرجان كبير للسينما الروائية أن يهتم بسينمائية من الهواة ويحكى عن فيلمها التسجيلى، وهو حتى لم يقابلنى؟ وتجرأت وسألت الحبيب عطية أن يعطينى عنوان الطاهر الشريعة. ومن هنا بدأت المراسلات بيننا، وللأسف الشديد لم أعثر فى ملفاتى إلا على 15 رسالة من الطاهر، ما بين نهاية 1972، حتى أغسطس من عام 1984، أسلمها هدية إلى اللجنة القائمة من قبل وزارة الثقافة للحفاظ على تراث الطاهر الشريعة. أنا لن ألبس الحداد على الطاهر الشريعة، وسأتكلم عنه دائماً بالفعل المضارع، فقد عاش الحياة بطولها وعرضها، وساعد أهل السينما، العربية والأفريقية، بكل ما أوتى من نبل وإنكار للذات، وهو باق بكل ما ترك لنا من مهرجانات وكتابات وأشعار، ومواقف، وباق فى تلامذته، ومريديه كأسوة حسنة نحتذى بها. انتهت مقتطفات كلمة عطيات الأبنودى ورحم الله فقيد السينما الكبير. [email protected]