استعد أهالى قرية أبوالغيط التابعة لدائرة القناطر الخيرية فى القليوبية للمشاركة فى الانتخابات منذ الثامنة صباحاً، وكان لافتا أن عدد النساء المشاركات فى التصويت يفوق عدد الرجال. قالت روايح سيد أحمد الصياد أو كما تحب أن يُطلق عليها «الست روايح» «37 سنة»، وهى أمية متزوجة وأم لولدين،: «قمت الصبح صحّيت أولادى وجوزى وقلت له قوم انتخب، قاللى إنه هايروح بعد ما ييجى من الشغل». حين وصلت «الست روايح» إلى مقر لجنة الانتخابات فى القرية وجدت أن الإجراءات أسهل من المرات السابقة، وقالت: «حين وصلت إلى اللجنة بحث أحد المسؤولين عن اسمى على جهاز الكمبيوتر، وحين وجده قال لى إن لجنتى رقم 66، وبالفعل ذهبت إلى اللجنة وسألنى المسؤول فيها عن الختم»، وتكمل ضاحكة: «لأنه عارفنى سألنى كمان عن حماتى وسلفتى مجوش ليه ينتخبوا»، وأضافت: «اخترت الهلال والزيتونة، الهلال رمز منصور عامر، والزيتونة رمز نصر عبدالغنى». وأكدت روايح أن المال هو دافع اختيارها لمرشحيها، وسعادتها بال 50 جنيها كانت غامرة فهى التى تعينها على شراء احتياجاتها بقولها: «منصور عامر كويس جداً وواقف للغلابة وبيديهم شهرية 50 جنيه، وفيه ستات كبيرة فى السن بيوصل سنها ل 100 سنة وأكتر بييجوا عشان خاطر ال 50 جنيه دول، ده أنا شفت النهارده ست كانت بتعيط عشان نسيت البطاقة، ورغم إن منصور مش من بلدنا إلا إنه يوم ما عمل مؤتمر فى قرية شبرا شهاب اللى هو منها، بَعَت لنا عربيات تاخدنا كلنا من أبوالغيط، وكان الصوان يومها كبير قوى ونضيف، والراجل بصراحة قعدنا على كراسى نضيفة، ويومها كان فيه طبل وزمر، ده غير إنه بيجيب لأهل البلد الغلابة حاجات كتيرة فى رمضان، وفى العيد جاب لنا لحمة لغاية البيت وأهو فى الانتخابات دلوقتى بيجيب أكل للناس بتوع اللجان». وأضافت روايح: «إحنا بننتخب عشان بلدنا يبقى لها شنة ورنة، ويبقى فيها حد ناجح، صحيح فيه ناس انتخبناهم قفلوا بابهم بعد ما خلصت الانتخابات، بس دول بطّلنا ننتخبهم لأنهم سحبوا خط الأتوبيس اللى كان هيرحم ولادنا الطلبة من تعب المواصلات وما يخليهومش يضيعوا كل فلوسهم على المواصلات، لكن اللى هاينجحوا المرة دى هيرجعوه إن شاء الله». على عكس «الست روايح» تعارض هانم عبدالقوى، اختيار المرشحين لأسباب مادية، أو نتيجة توصية اللجنة، وقالت: «أصل جوزى قالّى صوتك أمانة روحى انتخبى، وعندما وصلت إلى اللجنة سألونى عن بطاقتى فأعطيتها لهم، فأعطونى بطاقة انتخاب منصور عامر». لم تلتفت هانم التى لم يتجاوز تعليمها المرحلة الإعدادية إلى ما وزعوه عليها داخل اللجنة لكنها لم تبد ذلك أمامهم، وتضيف: «أنا اخترت اللى أنا عايزة أختاره، مش اللى هما عايزينى أختاره، لكن اللى مستغرباله إن المسؤول عن اللجنة كان مصر إنه هو اللى يعلم لى على الورقة، لكن رفضت لأنى مش جاهلة، الراجل كان عايزنى أنتخب الهلال والزيتونة، وأنا كنت عايزة الهلال والجمل». الدافع وراء حرص هانم على أن يكون صوتها حراً بسيط للغاية، أملها فى أن يتجاوز أولادها المرحلة الإعدادية ليحققوا ما لم تحققه هى وليصبح مستقبلهم أفضل، موضحة: «الحزب الوطنى بيقول عشان مستقبل ولادك، وإحنا بلدنا المجارى فيها مبوظة الدنيا، مفيش تعليم كويس، والعيال بيسقطوا، والمدرسين ما بيشرحوش وعايزين يدوا دروس خصوصية وبيدبحونا فيها، واللى يسقط من العيال وعنده ملحق بندفعله 150 جنيه، ده غير الشباب اللى معاهم شهادات عالية ومش بيشتغلوا.. البلد محتاجة حاجات كتير». وقالت نعيمة سيد جابر «64 سنة»، تعول 6 أولاد، وتعمل بائعة خضار فى شوارع أبوالغيط لأنها لا تجد مهنة أخرى تتناسب مع أميتها،: «ما رُحتش أنتخب المرة دى ولا أى مرة قبل كده عشان مش معايا بطاقة وهما لو كانوا عاوزينى كانوا شيعولى البطاقة على البيت». تنادى نعيمة على بضاعتها من البطاطس، يقف رجل يقوم بفرز حبات البطاطس قبل أن يعلن عدم رغبته فى الشراء، فتضرب كفا بكف، وتنظر إلى الزحام فى محاولة لاصطياد زبون ملائم، قبل أن تضيف بيأس: «لو بتوع الانتخابات سألوا فينا بالبطايق هنزحف وننتخب حتى الغريب اللى مش من بلدنا أصله طيب وبيحب الغلابة»، وتكمل: «مش إحنا أهو ما بننتخبش، بس قلبنا على المرشحين، وربنا ما يزعل حد وينجحهم كلهم».
