البطاطس تواصل ارتفاعها داخل أسواق كفر الشيخ اليوم    استقرار سعر الدولار مقابل الجنيه المصري في البنوك اليوم    جنون أسعار الحديد والأسمنت اليوم 6 يونيو.. عز رايح علي فين    بوتين يهدد بنشر صواريخ قرب واشنطن وضرب الغرب بالنووي    المستشار الألماني يدلي ببيان حكومي حول الوضع الأمني    وزير الخارجية القبرصي: هناك تنسيق كبير بين مصر وقبرص بشأن الأزمة في غزة    غارت إسرائيلية مكثفة على قرى وبلدات جنوب لبنان    الجيش الإسرائيلي: مقتل مجند في الهجوم الذي استهدف بلدة حرفيش بطائرة مسيرة وإصابة مجندة    موعد مباراة موريتانيا والسودان في تصفيات إفريقيا المؤهلة إلى كأس العالم 2026    طقس الأقصر اليوم.. شديد الحرارة نهارا والعظمى 46 درجة    شاومينج يزعم تداول أسئلة امتحانات الدبلومات الفنية    ليلة في حب سيدة المسرح العربي.. دار الأوبرا المصرية تكرم سميحة أيوب    أول وفاة بشرية مؤكدة بسلالة جديدة من إنفلونزا الطيور في المكسيك    وزير الصحة يبحث مع نظيره بمدغشقر سبل التعاون في مجال الصناعات الطبية    النشرة المرورية.. خريطة الكثافات والطرق البديلة بالقاهرة والجيزة    خذله فطارده لمدة 8 أيام، تفاصيل قصة طالب لجوء مصري مقعد "أرعب" نائبا بريطانيا (صور)    أخبار مصر: موعد إعلان أسعار البنزين الجديدة، تسجيل صوتي مثير للطبيبة المصرية قبل مقتلها في تركيا، مواجهة مصر وبوركينا فاسو    "مش هرجع لك لو آخر يوم في عمري".. انتقام ناري كاد يكلف سيدة حياتها على يد طليقها    ارتفاع أسعار الذهب في بداية تعاملات الخميس 6 يونيو    531 ألف جنيه، إجمالي إيرادات فيلم تاني تاني    متى موعد عيد الأضحى 2024 في السعودية؟.. الجمعية الفلكية تجيب    حدث ليلا.. أول رد لنتنياهو على إصابته بالسرطان ورعب عالمي من متحور أنفلونزا الطيور    ناقد رياضي: قلق من كثرة الزيارات لمعسكر منتخب مصر وتوقعات بخطة جديدة أمام بوركينا    نشرة ال«توك شو» من «المصري اليوم»: خارطة دخول جماهير مباراة مصر وبوركينا فاسو اليوم وقائمة المحظورات.. سفاح التجمع وعلاقته ب«نيبال».. مكالمة من أمريكا تكشف الحقيقة    نجم الإسماعيلي: تلقيت عروضًا من الأهلي والزمالك.. وهذا قراري    حزمة قرارات جديدة من قناة السويس تعرف عليها (تفاصيل)    رجل الأعمال باسل سماقية يحتفل بخطبة ابنته (صور)    «موجوع لفراقك».. محمد صبحي يوجه رسالة مؤثرة للفنانة الراحلة سعاد نصر    لماذا اخفى الله قبور الأنبياء إلا قبر سيدنا محمد؟ أمين الفتوى يجيب    إبراهيم عيسى: تكرار الأخطاء جريمة بحق التاريخ.. لم نتعلم من الأحداث    رئيس جامعة سوهاج يتسلم جائزة مؤسسة الأمير محمد بن فهد لأفضل إنتاج علمي    «بايك» تُعلن التحدى مع «ألكان أوتو» فى مصر    البابا تواضروس يكشف كواليس اجتماع 3 يوليو في وزارة الدفاع    بوسي تستعرض جمالها في أحدث ظهور لها والجمهور يعلق (صور)    البابا تواضروس: سألنا مرسي عن 30 يونيو قال "عادي يوم وهيعدي"    واجبات الحج الأربعة.. معلومات وأحكام شرعية مهمة يوضحها علي جمعة    الأزهر للفتوى: الاجتهاد في السعي على طلب الرزق في الحر الشديد له ثواب عظيم    ملف رياضة مصراوي.. تصريحات صلاح.. مؤتمر حسام حسن.. تشكيل منتخب مصر المتوقع    "بمشاركة نجم الزمالك".. تونس تفوز على غينيا الاستوائية في تصفيات كأس العالم 2026    مصادر: خطة لرفع أسعار الأدوية بنسبة 30%    البابا تواضروس يروى كواليس اجتماعه في وزارة الدفاع يوم 3 يوليو    مسئولون أمريكيون: بايدن أعلن مقترح غزة دون الحصول على موافقة نتنياهو    حظك اليوم برج الأسد الخميس 6-6-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    مهرجان جمعية الفيلم يعرض فيلم «شماريخ» تحت شعار «تحيا المقاومة لتحيا فلسطين» (تفاصيل)    ملخص وأهداف مباراة فرنسا ضد لوكسمبرج الودية    «الرى» تُنشئ 20 محطة مياه وسدودًا لحصاد الأمطار بجنوب السودان    احتراق 25 فدانًا فى الوادى الجديد    هشام نصر يكشف مفاجأة: الزمالك لم يتم التعاقد مع محترف فريق الطائرة حتى الآن    حملة مكبرة لإزالة الإشغالات بشوارع دسوق في كفر الشيخ    تنسيق الثانوية العامة محافظة الشرقية 2024-2025 بعد ظهور نتيجة الشهادة الإعدادية (التوقعات)    منعًا لتلف المحرك.. تعرفي على الوقت الصحيح لتشغيل الثلاجة بعد التنظيف    عيد الأضحى 2024.. الشروط الواجب توافرها عند الذبح    أكرم القصاص: طلبات المصريين من الحكومة بسيطة..والفترة الماضية شهدت انخفاض فى الأسعار    البابا تواضروس: أخبرت نائب محمد مرسي عن أهمية ثقة المواطن في المسئول فصمت    السفارة الأمريكية: إطلاق مبادرة جديدة للقضاء على العنف ضد النساء والفتيات    «سقط من نظري».. البابا تواضروس يروي موقفًا صادمًا مع «مرسي»    أخبار × 24 ساعة.. هيئة الدواء: تسعير الأدوية جبرى وإجراءات ضد المخالفين    السعودية ومصر تعلنان موعد غرة ذي الحجة وعيد الأضحى 2024 غدًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بالصور.. «الخليل» من أرض الأنبياء إلى مدينة الأشباح


تعرضت محافظة الخليل منذ اليوم الأول للاحتلال إلى هجمات استيطانية ومصادرة أراض، كشأن مدينة القدس، ومعظم المحافظات الفلسطينية. بلغ عدد المستوطنات فى الخليل 30 مستوطنة والبؤر الاستيطانية 20 بؤرة، ويواصل المستوطنون تسجيل سيرة دموية، لا أحد يمكنه التكهن بالمدى الذى ستقطعه، إذا ما دام الوجود الاستيطانى فى الخليل ومنذ البداية. سلك المستوطنون المتطرفون بمساندة الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة كل الطرق لتثبيت الاستيطان كواقع دائم، يفرض على المدينة تسوية ظالمة ونهائية، عن طريق الخداع والتزوير والقمع وارتكاب المذابح وحملات التهجير لأهالى المدينة.إليها ذهبنا.. وفى الحرم الإبراهيمى بكينا، وعلى روح سيدنا إبراهيم وسيدتنا سارة وإسحق ويعقوب قرأنا الفاتحة، وعلى المحتل المغتصب دعينا، فاللهم تقبل.إذن هى «مدينة الخليل»، التى حملت هذا الاسم نسبة إلى أبو الأنبياء سيدنا إبراهيم عليه السلام.. على هذه الأرض تزوج من «سارة»، رضى الله عنها، «لينجبا إسحق ويعقوب».. على هذه الأرض عاشوا ودفنوا جميعاً.طوال الطريق لم تفارقنا الأحاديث والكلمات عن روحانية المكان الذى سنهبط فيه بأقدامنا، وعن قدسيته التى لوثها الإسرائيليون.. وعن الحصار اليومى للحرم الإبراهيمى، وكم الصعوبات والمعاناة التى يتعرض لها كل من يحاول الدخول إلى «البلدة القديمة» فى الخليل من تفتيشات وبوابات عسكرية على باب الحرم، وهى تبعد نصف ساعة عن الحرم الإبراهيمى - والكلام على لسان أهل ساكنى المناطق المجاورة - فإن السفر إلى السعودية وزيارة مكة المكرمة والمدينة المنورة أسهل لنا بكثير من دخول مدينة الخليل والصلاة فى الحرم الإبراهيمى.أول انطباع يتسرب إليك عندما تقع عيناك على شوارعها المزدحمة بالبشر ومحالها التجارية المفتوحة والمكتظة بكل أنواع البضائع أنك أمام مدينة تجارية من الطراز الأول.الأصوات بدأت تخفت تدريجياً.. والباعة بدأوا يختفون تماماً.. لا شىء حولنا سوى محال تجارية كبيرة، وقد أغلقت بالضبة والمفتاح، حالة من الهدوء والسكون المريب تحتل المكان، بل تجعلك تشعر بأنك امتطيت آلة الزمان لتعود للوراء، فتجد نفسك وقد وصلت إلى مدينة للأشباح.. لا شىء سوى أنفاسك التى تلاحقك وصوت قدميك وصورة خيالك.- ويبدو أن هذا هو حال البلدة القديمة، منذ مذبحة الحرم الإبراهيمى التى وقعت داخل المسجد، وتحديداً فى يوم 25 فبراير من عام 1994، لقد أغلق اليهود البلدة القديمة، وتم حصارها، وأيضاً تم تقسيم الحرم الإبراهيمى إلى نصفين نصف لهم والآخر للمسلمين.طوال الطريق إلى الحرم الإبراهيمى يزداد الصمت وتحاصرك الكآبة.. تنظر بعينيك إلى المنازل القديمة على الجانبين، فلا تجد سوى قطعة غسيل تدل على أن هناك ساكنين.. ومشهد غريب لفت نظرنا وهو مجموعة من الشباك ذات العيون الضيقة تشبه بالضبط شباك الصيادين، وقد قامت بعمل حاجز بين ساكنى البيوت والمارة.- هذه الشباك صنعها أهل الخليل، وتحديداً أهل المدينة القديمة، لأن المستوطنين اليهود الذين يسكنون تلك المنازل التى طردوا منها سكانها الأصليين من الفلسطينيين يقومون بقذف الحجارة على المارة من المصلين المسلمين الذين يذهبون للحرم الإبراهيمى، وغالباً ما تجد ذلك المشهد، كل يوم جمعة، لذلك أقاموها كحماية من بطش الإسرائيليين. هكذا راح يقول مرافقنا الفلسطينى، أحد سكان الخليل، الذى تبرع وصمم ألا يتركنا لحظة طوال جولتنا. سألناه: هل ما زال فى البلدة القديمة سكان فلسطينيون؟- بالطبع، ولكن هم يعيشون فى جهنم الحمراء، وكأنهم فى سجن وتحت الإقامة الجبرية، ولكن نتوقع أن يقوموا بطردهم أو قتلهم، وهم أنفسهم يتوقعون ذلك، ولكنهم صامدون.لم يقطع كلام مرافقنا ولم يجعلنا نركز معه سوى مشهد الأعلام الإسرائيلية التى بدت فى الظهور فى كل مكان حولنا على البيوت والجدران.. وعبارات باللغة العبرية كتبت على الحائط الرئيسى لجدار الحرم الإبراهيمى الذى بدأنا نراه بأعيننا.طلبت من مرافقنا الذى يتقن العبرية أن يترجم لنا ما هو مكتوب.. فترجم والدم يغلى فى عروقه والشرر يتطاير من عينيه، قائلاً: «الموت لفلسطين.. والموت للكلاب الفلسطينيين.. وتحيا إسرائيل».أما الإمضاء فمن أتباع حركة «كاهانا» اليهودية وبالطبع المتشددة!الحق لم نعرف ماذا نقول له.. فلقد سكت كل الكلام أمام عبارتهم الوقحة، ولكننا وعلى مدخل بوابة الحرم الإبراهيمى، قلنا له:النصر فى النهاية لكم! لم نكن نتصور يوماً ما أننا سندخل مسجداً، بعد أن أخضع لتلك الحالة من التفتيش، وبعد أن نعبر ثلاث بوابات إلكترونية، لا لشىء سوى للزيارة والصلاة، والحقيقة أن هذا بالطبع ليس حالنا فقط، بل حال كل أبناء هذا الشعب.. وكأنهم يعاقبون لمجرد التفكير فى ممارسة شعائرهم الدينية.دخلنا ونحن فى حالة من الاستفزاز الشديد، ربما زادت وتفاقمت ووصلت أضعافاً مضاعفة، عندما خلعنا أحذيتنا، وحطت أقدامنا على أرض مسجد الحرم الإبراهيمى المقسوم إلى قسمين: الأول استولى عليه اليهود، عقب مجزرة الحرم الإبراهيمى، وموصد بأبواب مغلقة ومراقبة إلكترونياً.قبل أن نسأل أجابنا على الفور حارس المسجد، قائلا: «هم يعتبرون أن سيدنا إبراهيم جدهم، وأنهم أولاد الساراوية أما نحن فأولاد الهجراوية.. هم مكانهم هنا، أما نحن فمكاننا عند الحرم المكى، لأننا أولاد هاجر، رضى الله عنها، الزوجة الثانية لسيدنا إبراهيم، ولذلك هم قسموا المسجد جزءين، وأخذوا نصف مقام سيدنا إبراهيم، وأعطونا النصف الثانى». قرأنا له الفاتحة ول«سارة»، رضى الله عنها، ولكل الأنبياء الراقدين، وأخذت أحدثهم فى نفسى: «أليس هناك مخرج من هذا الظلم والتعسف والعدوان.. متى يعود الحق لأصحابه؟ ومتى ترقدون يا أنبياء الله فى سلام حقيقى؟». «عبدالرحمن»، حارس المسجد الإبراهيمى، راح فى حالة شرح مفصل لنا عن تاريخ سيدنا إبراهيم وزواجه وإنجابه وحياته فى «الخليل» إلى مماته.. استمعنا باهتمام شديد، ولكنى شردت منه، ورحت أتأمل أرض الحرم الإبراهيمى الطاهرة التى شهدت أسوأ وأعنف وأقذر مذبحة فى تاريخ «الخليل».مذبحة لا تفرق كثيراً عن مذابح قانا وصابرا وشاتيلا ودير ياسين وغيرها.. وغيرها، لكنها بالتأكيد كانت الأبشع والأحقر، عندما دخل اليهودى المتطرف المجرم «باروخ غولدشتاين»، يوم 25 فبراير 1994، الموافق يوم السبت الخامس عشر من رمضان عام 1427ه، إلى الحرم الإبراهيمى بحذائه المدنس الحقير على المصلين، فى وقت صلاة الفجر، وهم فى أولى ساعات صيامهم. وقبل أن يستكملوا التسبيحة الثانية من سجود التلاوة، دوت أصوات القنابل اليدوية والرصاص فى جنبات الحرم الإبراهيمى الشريف، لتخترق رؤوس المصلين وظهورهم، لتصيب أكثر من 350 بين شهيد وجريح فى أقل من عشر دقائق. راح من راح واستشهد من استشهد، والعجلة دائرة، وستظل دائرة.. والصراع لم ولن ينتهى بعد.. والثأر كبير وطويل.لم أملك فى طريق العودة وأنا أودع الحرم الإبراهيمى وشوارع وحوارى مدينة الخليل سوى أن أتحدث مع نفسى.. فلا أملك سواها.. ولا أملك سوى هذا القلم وتلك الوريقات ودم شهداء آلاف مؤلفة من أبناء هذا الشعب حملت أمانتهم، فلعلها تصل.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.